IMLebanon

  إستعجال روسي لإنتخاب الرئيس… والمجلس والحكومة أمام «إختبار التفعيل»

حال البلد تتقلّب بين الهبّة الباردة والهبّة الساخنة، السياسة معتلّة بتعقيداتها المتراكمة على مدار الساعة، ورئاسة الجمهورية ضائعة بوعود يقطعها البعض، ويتمّ التأكيد على انها لم تفقد صلاحيتها على رغم انها لم تَصدق بعد، وبـ«تفاؤل» يصعد تارة ويهبط تارة أخرى من هناك، وفي اليد تلويح بورقة الشارع، وبتشكيك اكبر من هنالك يخشى فيه المشككون من التداعيات.

السائقون حرّكوا الشارع احتجاجاً على رسوم المعاينة الميكانيكية، وأطلقوا بالشلل الجزئي لمفاصل العاصمة، ما يُشبه الانذار المبكر لتصعيد أكبر في الآتي من الايام، في وجه «الشاحنات السياسية» «المعطّلة» بحمولتها الزائدة من الكيديات والتناقضات، والمعطِّلة معها، كل الآمال وحتى التمنيات ببلوغ مخارج وحلول.

المجلس والحكومة أمام اختبار

وها هو المجلس النيابي المقفل أمام اختبار إعادة فتحه بجلسة تشريعية بمن حضر في الثلث الاخير من تشرين الاول، بعد دخول المجلس عقد الانعقاد العادي اعتباراً من الثلثاء 18 تشرين الأول، وقد أوعز رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الدوائر المجلسية بإعداد العدّة لجلسة تشرين الأول وتحضير جدول الاعمال المتضمن بنوداً ملحّة وضرورية على حد وصفه. وسَتلي هذه الجلسة جلسة انتخابية يعقدها المجلس بغية التجديد لاعضاء لجانه النيابية واعضاء هيئة مكتبه باستثناء الرئيس ونائب الرئيس.

وها هي الحكومة امام اختبار إعادة لملمتها بعد «الرصاصة العونية» التي اصابتها، لكنّ العبرة تبقى في تمكّن مكوناتها من ايجاد الوصفة المناسبة لترميم الحكومة. علماً انّ الخطوة الاولى على طريق إنعاش الحكومة هي في يد رئيسها تمام سلام، وتتمثل بمبادرته الى دعوة مجلس الوزراء الى استئناف جلساته.

التمديد لقهوجي

وفيما جزمت مصادر وزارية بأنّ رئيس الحكومة تمام سلام سيبادر بعد عودته من نيويورك في الساعات المقبلة الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد يوم الخميس المقبل، لبحث جدول الاعمال المؤجل من الجلسة الاولى التي غاب عنها وزراء «التيار الوطني الحر» و»الطاشناق» بالاضافة الى بعض البنود التي استجدّت، ينتظر ان يُشكّل موضوع تأخير تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي بندا أساسيا في هذه الجلسة – اذا عقدت – على ان يليها صدور قرار عن وزير الدفاع سمير مقبل بتمديد ولاية قهوجي حتى 30 أيلول 2017. وحتى لو لم تعقد، فسيبادر مقبل الى إصدار قرار التمديد لقائد الجيش.

وقال مقبل انه سيطرح هذا الموضوع في مجلس الوزراء، لافتاً الى انّ «استحقاق نهاية ولاية قائد الجيش ورئيس الاركان اللواء الركن وليد سلمان في 29 ايلول (الساعة الثانية عشرة ليلاً)، وآخر جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الولاية ستكون يوم 29 الجاري، والموضوع يعود الى رئيس الحكومة».

وأضاف: «اذا دعا رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء سأعمد الى طرح تعيين قائد الجيش ورئيس الاركان، فإذا تأمّن ثلثا اعضاء مجلس الوزراء يقرّ التعيين ونكون قد حَلّينا المشكلة، واذا لم يحصل التعيين ولم ينل الثلثين لا قائد الجيش ولا رئيس الاركان، حينها كوزير للدفاع سأستعمل صلاحياتي بناء على مسؤولياتي الوطنية وسأتخذ القرار المناسب».

بري

رئاسياً، كرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري التأكيد على التفاهمات السياسية لتعبيد الطريق امام رئاسة الجمهورية، فيما اكدت اوساط قريبة موقفه هذا في سياق العودة الى التفاهم على «السلة» التي طرحها، وتحديداً على ما بعد رئاسة الجمهورية، أي قانون الانتخاب، وكل ذلك قد يشكّل البند الاساس في المرحلة المقبلة.

الملف الرئاسي

وحضر الملف الرئاسي في اللقاءات التي اجراها سلام في نيويورك ولا سيما مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالتوازي مع حديث غير مؤكد عن جهود روسية وفرنسية مع الجانب السعودي ربطاً بالاستحقاق الرئاسي اللبناني. وقال سلام: «هناك جهود كبيرة تصبّ في ملف الرئاسة لكن لا شيء جديداً أو ملموساً يؤشّر بأنّ الموضوع أصبح بمتناول اليد».

وقالت مصادر سلام لـ»الجمهورية» إنّ لافروف أبدى خلال اللقاء مع رئيس الحكومة تفهماً لحاجة لبنان لإنتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً الى أنّ جميع الدول المؤثرة في الأزمة السورية ومنها روسيا حريصة على إبقاء لبنان خارج دائرة الخطر على أمنه الداخلي وحدوده وهي متيقظة لأي خطر يمكن أن يتعرّض له، وهذا أمر لا يُعفي اللبنانيين من مسؤولياتهم تجاه الحفاظ على الإستقرار الداخلي وبناء مؤسسات قوية في لبنان.

امّا في الداخل، فإنّ ابرة البوصلة الرئاسية لم تستقر بعد على الاتجاه الذي سترسو عليه، على رغم «انّ الخيارات محدودة»، على حد تعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي اكد بالأمس «انّ الوقت لا يعمل لصالح لبنان، ومن هنا الحاجة الملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية».

موقف «المستقبل»

يأتي كلام المشنوق غداة موقف كتلة «المستقبل» الذي اعاد التأكيد على تبنّي ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، واللافت انّ صراحة هذا الموقف لم تبد كافية لكي يعتبر موقفها هذا موقفاً نهائياً لا رجعة عنه.

وفي هذا السياق، أدرجت جهات سياسية موقف الكتلة في خانة «الموقف الداخلي»، والغاية منه محاولة احتواء جمهور تيار»المستقبل» الذي يتجاذبه ما يشاع عن تحوّل في موقف الرئيس سعد الحريري لناحية التخلّي عن فرنجية وتبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون. فيما وصفته مصادر سياسية اخرى بأنه موقف موقت قابل للتطوير اكثر والتحوّل جذرياً، وذلك ربطاً بالنتائج النهائية للحوار الرئاسي بين الحريري وعون.

واللافت للانتباه انّ مقاربة «التيار الوطني الحر» لموقف «المستقبل»، جاءت بطريقة «صمّ الأذن»، وكأنه لم يسمع به، لأنّ ما يعنيه هو الوقائع المحيطة بـ»الحوار الرئاسي»، التي هي اصدق من كل كلام يقال خارج جدران هذا الحوار، ويفترض ان تؤكد ذلك الخطوات المنتظرة من الحريري في الايام المقبلة. واللافت ايضاً انّ في «التيار» من بات مقتنعاً انّ هناك ممراً إلزامياً لا بدّ للحريري ان يعبره، هو الممر السعودي، قبل اتخاذ قراره النهائي.

حوري

وسألت «الجمهورية» عضو «المستقبل» النائب عمار حوري هل انّ الكتلة تقصّدت من بيانها تمرير رسالة ما لعون؟ فأجاب: «تقصّدنا كل الاتجاهات، فبيان الكتلة واضح جداً ولقد أردنا منه التأكيد انّ مبادرة الرئيس سعد الحريري في دعم ترشيح النائب فرنجية لا تزال على الطاولة، ونفي كل الخبريّات التي ذهبت يميناً ويساراً. وفي الخلاصة، شئنا تأكيد الثوابت التي نسير عليها، أي تأكيد المؤكّد، بعدما حاول البعض رَمي قنابل دخانية باتجاهنا، فأزلناها. وبالتالي، لقد اصبحت الصورة واضحة جداً».

سعادة

ولم يشكّل موقف «المستقبل» مفاجأة في أوساط تيار»المردة» وإن بدا مرتاحاً لتجديد دعم ترشيح فرنجية.

وفي هذا السياق، أدرج الوزير السابق يوسف سعادة بيان «المستقبل» في سياقه الطبيعي والمتواصل، فوزراء ونواب «المستقبل» يكررون مواقفهم الداعمة ترشيح سليمان فرنجية بشكل يومي ودائم، في ظل موجة الشائعات المسرّبة بإمكانية تبديل موقف «المستقبل» ودعم ترشيح الجنرال عون، فجاء البيان ليحسم الموقف. وبالتالي، نحن كنّا ندرك انّ مبادرة الرئيس الحريري ما تزال قائمة والدعم موجود، والتواصل بين «المستقبل» و»المردة» مستمر».

وعن مصدر الشائعات رأى سعادة انّ «كل طرف يرمي التهمة على الطرف الآخر، لكن من المؤكد انّ بعض المحيطين بالعماد عون متفائلون ويعبّرون عن تفاؤلهم في الاعلام والمنتديات السياسية، ما يوحي انهم هم من كانوا خلف بَثّ هذه الاجواء».

وعن إمكانية مشاركة «المردة» في الجلسة الانتخابية في 28 ايلول والجلسة الحكومية المقبلة، أبدى سعادة اعتقاده بـ«انّ جلسة 28 ستكون شبيهة بسابقاتها. امّا بالنسبة الى جلسة مجلس الوزراء المرتقبة، فبيان الوزير روني عريجي كان واضحاً بأنه غاب لجلسة واحدة إفساحاً في المجال أمام المشاورات، وطبعاً سننسّق مع الحلفاء وتحديداً مع «حزب الله».

«القوات»

الى ذلك، قال مصدر قواتي لـ»الجمهورية»: «نحن نلتقي مع تيار «المستقبل» بأنّ التعطيل يأتي من «حزب الله». أما في ما يخصّ باستمرار ترشيحهم للنائب فرنجية، فنعتبر انه وفق موازين القوى والغالبية المسيحية، من البديهي أن يكون مرشحنا العماد عون. أما إذا اختار عون التنازل عن ترشيحه فسنعيد دراسة خياراتنا السياسية. لا شك انّ «المستقبل» لديه مرشح ونحن لدينا مرشحنا».

واستغرب المصدر «كيف يتجاهل البعض ومنهم رئيس مجلس النواب خيار الأكثرية المسيحيّة؟». وقال: «في السابق كان الرئيس بري وآخرون يقولون: فليتفق المسيحيون على اسم مرشح ونحن نمشي به، لكن سرعان ما تبيّن انّ هذا كلام حق يُراد به باطل. ربما لم يقدّروا أنه سيأتي يوم مثل 18 كانون الثاني 2016 يتفق فيه المسيحيون أو القوى الأساسية لديهم على إسم مرشّح، وهذا ما فعلناه عندما رشّحنا العماد عون. نحن و»التيار الوطني الحر» نعتبر القوتان الأساسيتان اللتان تشكّلان الرافعة الأكبر للحياة السياسية على المستوى المسيحي ولم يحترموا خيارنا، وتبيّن انّ الهدف كان الهروب من الاستحقاق الرئاسي وعدم انتخاب رئيس يمثّل المسيحيين».

أضاف المصدر: «نتمنى أن ينتخب العماد عون رئيساً في الجلسة المقبلة لأنّ هذه الخطوة تتلاقى مع وجهة نظرنا الحالية في مقاربة ملف الرئاسة، لكن لا نرى انّ هناك أجواء توحي بذلك، وخصوصاً مع استمرار «حزب الله» بالتعطيل وهو لا يعتبر انتخاب الرئيس من أولوياته ولا من أولويات قوى 8 آذار ولا راعيهم الإيراني. لذلك لن يكون هناك انتخاب رئيس في 28 أيلول».

إعتصام السائقين

وكان السائقون العموميون افتتحوا أمس سلسلة من التحركات الاحتجاجية والمطلبية التي يحفل بها شهر أيلول الجاري، من خلال تنفيذ الاعتصام والتظاهرات المقررة اعتراضاً على احتمال زيادة تعرفة المعاينة الميكانيكية للسيارات والباصات والشاحنات.

وفي هذا الاطار، نفّذوا اعتصاماً امام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح وسط إجراءات أمنية، وطالبوا بإلغاء تلزيم المعاينة الميكانيكية ورفض رفع الرسوم وضرورة إقرار خطة لتنظيم النقل. وأعلن المعتصمون انّ تحركهم أمس هو حلقة في سلسلة، وانهم سيقومون بتحرك جديد الأربعاء المقبل امام مراكز المعاينة الميكانيكية كافة، وأنهم يحضّرون لإضراب شامل وعام.

تزامناً، نفذ سائقو الشمال اعتصاماً في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، بينما قطع السائقون الطرقات في الكولا وعالية والنبطية وبعلبك وطريق عام زحلة الفرزل والطريق الدولية في اتجاه بيروت.

إشتباكات في «عين الحلوة»

وليل أمس، شهد مخيم عين الحلوة توتراً إذ سُمع دوي إنفجار قذائف صاروخية ورشقات نارية وتردّد أنها على خلفية محاولة أقارب الفلسطيني سيمون طه الذي اغتيل منذ أيام إغلاق الطريق واتهامهم بلال بدر بالجريمة، فيما بدأت اتصالات فلسطينية للتهدئة.