IMLebanon

 تشكيلة الثلاثين تتعثر بـ«حقائب» وزراء الدولة… والحريري يتحرّك  

إصطدام الآمال الكبيرة بولادة الحكومة قبل الأعياد، بجدار اقتراح حكومة الثلاثين والمطالبة بحقائب إضافية بعد سقوط صيغة الـ 24 وزيراً، خَلط الأوراق مجدداً وفرَض على الرئيس المكلّف سعد الحريري الانطلاقَ في جولة جديدة من المشاورات كانت كليمنصو مساء أمس محطّتها الأولى المعلَنة بعد لقاء بعبدا أمس الأول. في وقتٍ أكدت كتلة «المستقبل» أنه «لا يمكن إعلان الحكومة من دون تعاونِ غالبية الأطراف»، وشدّدت على «ضرورة التوقّف عن ممارسات، ربّما يقوم بها البعض، لفرضِ شروط تعجيزية أدّت حتى اليوم إلى تأخير تشكيل الحكومة، وهو ما ينعكس خسارةً ترتدّ على الجميع».

عَلمت «الجمهورية» من أوساط معنية بالتأليف أنّ أبرز العقَد التي تعترض تأليفَ حكومة الثلاثين، هي أنّ أربعةً من وزراء الدولة الستّة الذين سيُعيَّنون فيها يريدون إسنادَ حقائب لهم، فيما الحقائب الوزارية كانت قد وُزّعت وفق تشكيلة الـ 24 وزيراً، ولم تعُد هناك أيّ حقيبة شاغرة، وأنّ المعنيّين بالتأليف ردّوا على الجهات السياسية التي تطالب بهذه الحقائب أن تعطيَ هؤلاء الأربعة من حصصِها، لأن ليس هناك حقائب فائضة حتى يتمّ توزيعها.

وكشفَت مصادر تواكب حركة الاتصالات والمشاورات لـ«الجمهورية» أنّ الكلام عن العودة الى نقطة الصفر في ملف التأليف «غير دقيق»، وأنّ العقبات التي يجري البحث عن مخارج لها ليست معقّدة الى درجة العودة الى المربّع الاوّل.

وقالت «إنّ بعض المواقف التصعيدية التي لجأ اليها البعض هدفُها التسويق الداخلي والاستهلاك المحلي، ذلك أنّ التزامات البعض المخارجَ التي رافقَت معالجة عقدةِ الحقائب السيادية وحقيبة وزارة الأشغال متوافرة، وكانت الاتصالات في شأنها منتهية. فقبل أن تَؤول «الأشغال» إلى «المردة» و«التربية» إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي» كانت قد سبقتها كلّ الضمانات للمعترضين والواهبين.

ولذلك بقيَ أنّ المشكلة الجديدة كانت في زيادة عدد التشكيلة الوزارية الى 30 وزيراً، والعملُ جارٍ لإعادة توزيع الحقائب العادية قبل التفاهم على الأسماء الستة الإضافية لـ«وزراء الدولة»، ولن يستغرق الامر اكثرَ من يومين أو ثلاثة لتسوية بعض المواقف ومعالجة بعض المطالب التي فرَضت إعادة نظر في توزيعة الحقائب العادية».

الحريري عند جنبلاط

وفيما تردّدت معلومات عن زيارة له إلى باريس قريباً، زار الحريري مساءً رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري. وحضَر إلى جانب جنبلاط كلّ مِن نجليه تيمور وأصلان وكريمته داليا، والوزير وائل أبو فاعور، والنائبين مروان حمادة، وغازي العريضي والنائب السابق أيمن شقير.

وكانت اللقاءات والاتصالات البعيدة من الأضواء قد نشَطت لحَلحلة العقَد الطارئة، ومنها لقاءٌ عقِد أمس الاول بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري تناوَل بعضَ المخارج المحددة، وكذلك لقاء شهدَته وزارة الخارجية بعد ظهر أمس ضمّ باسيل الى النائب ابراهيم كنعان وملحم رياشي الذي نَقل ملاحظات «القوات اللبنانية» على اقتراحات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في شأن بعض الحقائب.

«القوات»

في هذا الوقت، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» إنّ هناك عقَداً ظاهرة وأخرى غير ظاهرة تَعترض ولادة الحكومة. العقَد الظاهرة هي انّ الحريري قدّم الى رئيس الجمهورية تشكيلةً من 24 وزيراً وليس ثلاثين كما يروّج، وأنّ «القوات» لا يمكن ان تعترض على شيء لم يُطرح، واعتراضُها على التشكيلة الثلاثينية لا يرتبط بخلفية سياسية أو بوضع «فيتو» على فلان أو علّان، اي انّ المسألة ليست في مبدأ التشكيلة الثلاثينية في حدّ ذاته، وإنّما اعتراضها يتّصل بنقطتين تقنيتين مبدئياً ستَحولان دون التأليف:

الأولى، أنّ إضافة 6 وزراء دولة على تشكيلة الـ 24 وزيراً التي تمّت هندستُها بكل تفاصيلها ستؤدي الى اعتراض القوى التي تمّ توزيرها تحت مسمّى «وزراء دولة»، الأمر الذي ظهر للعَيان من خلال رفضِ بعض القوى السياسية مبدأ «وزارة الدولة» ومطالبتها بحقائب.

الثانية، في حال سيُصار إلى إعطاء كلّ وزراء الدولة، أو بعضهم، حقائبَ، فهذا يعني نسفَ تشكيلة الـ 24 وزيراً من أساسها والعودة الى النقطة الصفر، لأنّ الرئيس المكلف هندسَ تشكيلة الـ 24 وزيراً التي قدّمها لرئيس الجمهورية على قاعدة التواصل والتوافق مع القوى السياسية المعنية، وبالتالي الذهابُ الى تشكيلة ثلاثينية يعني نسفَ الأولى ونسفَ كلّ الجهود التي بَذلها منذ تكليفه حتى اليوم، وفي هذه الحال فإنّ الذهاب الى حكومة الثلاثين وزيراً يعني ترحيلَ التأليف الى إشعار آخر، لأنّنا امام خيارَين: إمّا حكومة من 24 وزيراً متكاملة الأوصاف باستثناء بعض التفاصيل والعقَد الثانوية. وإمّا الذهاب الى خيار حكومة ثلاثينية تَستدعي مشاورات جديدة مع كلّ الكتل السياسية، ما يعني عوداً على بدء».

وأضافت: «أمّا العقَد غير الظاهرة التي تعترض الولادة الحكومية فهي عقَد ثانوية يَعمل الرئيسان على فكفَكتها ومعالجتها، وهي لا تتجاوز الثلاث الى اربع في المئة. وهناك تكتُّم على طبيعة هذه العقد، لاعتبارات لدى المعنيّين تتّصل بمعالجتها بعيداً من الإعلام».

وأوضَحت المصادر أنّ «لدى «القوات» علامات استفهام على غرار «التيار الوطني الحر» حتى ولو لم يخرج اعتراضها إلى العلن، وفي ظلّ اعتراض قوي وواسع لدى تيار «المستقبل» حول إسناد وزارة الدفاع الى الوزير السابق يعقوب الصرّاف».

وأشارت الى أنّ «هناك اعتقاداً بأنّ عون بعيد عن هذه المسألة، وثمّة من يحاول إعادة الاشتباك الى خلافات قديمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الأمر الذي لن يتحقّق».

وأكدت أنّ «القوات» لن «توفّر جهداً لإحباط أيّ محاولة من هذا النوع، علماً أنّ رئيس الجمهورية حريص كلّ الحِرص على ان يكون على مسافة واحدة من الجميع، سواء على مستوى التمحور الداخلي أو على مستوى التمحور الخارجي».

وتمنّت المصادر أن «لا يكون هذا التأخير في التأليف من ضمن سياق خطة مبرمجة تهدف الى استنزاف العهد الجديد من جهة وإرساء توازنات سياسية تتنافى مع المرحلة التي أنتجَت انتخاب عون من جهة اخرى».

وكان رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع قد أكد أن «ليس لدينا «فيتو» على أحد، ولا مشكلة لدينا في تشكيلة الحكومة». واستغربَ «كيف أنّ البعض يصوّر أنّ «القوات» ترفض بعضَ الاشخاص»، وقال: «أصارح الجميع بأن ليس لدينا «فيتو» على أحد، لكن في المقابل لن نقبلَ بالتخلي عن أيّ وزير لنا لتوزير شخص من فريق آخر».

وأكد أنّ «القوات» غير متمسكة بتشكيلة الـ 24 أو الـ 30 وزيراً، «ولن نخرّبَ الأرض إذا كانت 24 أو 30». واعتبر أنّ «الحكومة ليست مجلساً تمثيلياً، بل هي جسم تنفيذي يجب أن يكون هناك تآلُف بين أعضائها، في اعتبار أنّ التمثيل يكون في مجلس النواب وليس في الحكومة»، وقال: «رأفةً بالناس يجب أن تكون الحكومة كتلةً متراصّة، فعّالة ومنتِجة».

قانون الانتخاب

وإلى ذلك عاد ملف قانون الانتخاب الى الواجهة مجدداً مع بدء العدّ العكسي لتساقطِ المهَل الزمنية المتعلقة به.

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورةَ «إنجاز وإقرار وقانون عصري للانتخابات على أساس الدوائر الموسّعة والنسبية، إذ لا يجوز لأيّ اعتبار إلزامُ اللبنانيين بالعودة الى الانتخابات ستّة أجيال الى الخلف». ودعا إلى «إعطاء زخمٍ للعهد بالانحياز الى قانون عصري يساهم في وضعِ لبنان على عتبة المستقبل ولا يعيده الى الوراء».

من جهتها، اعتبرَت كتلة «الوفاء للمقاومة» أنّ ما طرَحه الامين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله حولَ اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة «هو ممرٌ إلزامي لقيام الدولة المؤهلة لتحقيق التغيير والإصلاح في البلاد».

أمّا كتلة «المستقبل» فأكّدت «موقفَها الثابت والمتمسّك بالصيغة المختلطة بين النظامين الاكثري والنسبي، وهي الصيغة المرحلية والممكنة نحو تطبيق النسبية الكاملة مع استكمال فرضِ الدولة سلطتَها وحيدةً على كلّ الاراضي اللبنانية».

سعَيد

وقال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «إنّ البلد يتشكّل بشروط «حزب الله»، ففي المعايير الرئاسية حصَل الحزب على ما يريد، وفي المعايير الحكومية يحصل على ما يريد، وفي المعايير الانتخابية سيحصل على ما يريد، وبالتالي لماذا لا نسلّم لبنان بكامله الى الحزب؟».

وتوقّفَ سعَيد عند ما ورد في بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» بأنّ «اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة او الدوائر الموسّعة هو مَمرّ إلزامي لقيام الدولة».

وقال: «هذا ما سيجاريه فيه «التيار الوطني الحر» والقوى السياسية، وبالتالي فإنّ لبنان بدلاً من ان يتشكّل وفق إرادة الدستور وبشروط اللبنانيين، سيتشكّل وفق ارادة الحزب الذي سيفرض غداً شروطه الانتخابية، بعدما فرَض أمس شروطه الرئاسية، ويفرض اليوم شروطه الحكومية». وأكد «أنّ النضال من أجل رفعِ الهيمنة الإيرانية عن لبنان هو مسؤولية وطنية مشتركة وليس مسؤولية فئة لبنانية».