IMLebanon

الكيل السعودي الطافح  

طالب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالأمس من باريس دولة قطر بالتوقف عن دعم جماعات مثل حركة حماس والإخوان المسلمين، للمفارقة لا يعرف وزير الخارجيّة السعودي أنّ حماس هي فرع من تنظيم الإخوان المسلمين، الفرع الفلسطيني، كلاهما تنظيم واحد إنما واحد في غزّة وآخر في مصر، وللتوضيح فقط ليست قطر وحدها هي التي تدعم الإخوان المسلمين، تركيا هي الدّاعم والنّاظم الأكبر لتنظيم الجماعة العالمي، وفي أربعينات القرن الماضي كانت المملكة العربية السعوديّة المموّل الأبرز لجماعة الإخوان في مصر وكان الاحتلال البريطاني لمصر هو الراعي والمؤسس لهذه الجماعة ولمنظومة دولٍ في المنطقة، سياسة دفن الرأس في الرّمال لا تُـجدي نفعاً في لحظة تعيش فيها المنطقة لحظات سوداويّة من مصيرها ومستقبلها!

الوهابيّةُ وفكرها المتطرّف المظلم أصل البلاء، وفكر الإخوان نما كالطفيليّة على جذر الوهابيّة وإمعانها في تكفير كلّ المسلمين الآخرين، وكلاهما أصل التنظير لتنظيم القاعدة وطالبان ومن لفّ لفّهم من التنظيمات المتطرّفة المعاصرة، وكلّهم يرجعون إلى أصل واحد هو الخوارج يتكرّرون في تاريخ المسلمين بألوان مختلفة وتحت مسمّيات شتّى وهم معدن واحد، ولهدفٍ واحد تشويه صورة الإسلام والمسلمين.

لا بُدّ من العودة إلى البداية، والبداية الأفضل من إخوان مصر يجهل كثيرون اليوم مقالة حسن البنا «حامي المصحف» الذي كتب عام 1937 واصفاً الملك «فاروق الأوّل» بأنه حامي المصحف الذي يبايعه الجميع وعلى استعداد للموت بين يديه جنوداً للمصحف وأن الله قد اختاره واصطفاه ملكاً، ثمّ برر»عمر التلمساني» الاستعراض الحافل الذي أقامته «جوالة» الإخوان [الذراع العسكري المقنّع للإخوان يومها] للاحتفاء بالملك فاروق بأنه استعراض لقوة الإخوان أمام الملك لجذب اهتمامه، ولم يكتفِ «حسن البنا» بذلك بل تمادى مطالباً بتتويج «فاروق» وفقاً لمراسم دينية يشرف عليها الشيخ «محمد مصطفى المراغي» شيخ الأزهر آنذاك، ووصف عدم تنفيذ ذلك بالإثم العظيم، وعندما خرجت الجماهير لتهتف «الشعب مع النحاس» هتف الإخوان: «الله مع الملك».

لا فرق بين دولٍ أسسها الاحتلال البريطاني أو «جمعية مكارم الأخلاق» الإخوانيّة التي أسّسها الإنكليز وللمفارقة كلّه تزامن مع هجرة اليهود إلى فلسطين، والمجلس الأعلى للإرشاد العالمي لجماعة الإخوان ما زال قائماً ويعمل بكامل نشاطه حتى اليوم في تركيا، وتاريخ عمالة الاخوان للإنكليز كشفه «شاهد من أهلهم» وهو خليفة مصطفى عطوة عضو الجناح العسكري بالجماعة، والمعروف بربيب مؤسس الإخوان حسن البنا، والمتهم الثالث فى محاولة اغتيال جمال عبدالناصر، وأن حسن البنا كان مجرد واجهة للمجلس الأعلى للإرشاد العالمي عند إنشاء الجماعة، وأن الإنكليز قدّموا للبنّا 500 جنيه استرليني لإنشاء جمعية «مكارم الأخلاق»، ومن روايات عطوة الكثيرة نورد هاتان الحكايتان: «بيان للناس» كتبه حسن البنا ونشرته الصحف المصرية بعد سلسلة عمليات إرهابية قام بها تنظيم الإخوان الإرهابي منذ نشأته، والبيان استنكر فيه حسن البنا أعمال رجاله ورفاق طريقه، ويدمغها بالإرهاب والخروج على تعاليم الإسلام، وبعد يومين فقط من صدور البيان قبض على أحد قادة الجهاز السري وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر! فاضطر البنا إلى كتابة بيان يتبرأ فيه من القائمين بهذا الفعل بعد مفاوضات مع الحكومة، وعنوانه الشهير: «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»!!

أما الرواية الثانية فتتناول عملية اغتيال حسن البنا مؤسس الإخوان، ويحكي مصطفى عطوة: «كنت موجوداً أثناء تخطيط مقتل حسن البنا لأنه من سياسة الجناح العسكري وجود أحد الكوادر ليتعلم كيفية التخطيط لإعداده مستقبلاً؛ وكنت أنا هذا الكادر عندما خطط الإخوان لاغتيال البنا، وقصة الاغتيال أنه عند ذهابه لمقر الجماعة بشارع رمسيس وكان برفقته مجموعة من الإخوان وهو على سلم المقر توقفت سيارة سوداء كاديلاك رقم 3739 ملاكي مصر وتم إفراغ ست رصاصات في صدره وكان ذلك في السادسة إلا خمسة مساء وكل قيادات الإخوان موجودة واقفة، ولم يقم أحد بنقله للإسعاف المركزي الذي يبعد خطوات وادعوا أن مستشفى قصر العيني كان لديه أوامر بعدم إسعافه وظل ينزف على سلّم المقرّ ما يقرب من 61 ساعة من السادسة مساء حتى العاشرة صباح اليوم التالي حتى يتأكدوا أنه عند وصوله للمستشفى يكون قد انتهى فعلاً، ثانياً لم يحضر من قياديي الإخوان أو أعضاء الجماعة جنازته، من قام بدفنه زوجته وبناته وإذا كان صاحب فضل فلماذا لم يذهبوا إلى جنازته وتم دفنه في ترب الغفير في مدافن الصدقة!!

كيل المسلمين والعرب طفح، مثل كيل المملكة العربيّة السعوديّة ولكن ليس فقط من قطر، بل من كلّ التطرّف الديني الغثّ أعيدوا للإسلام اختلاف الرّحمة في الأمّة، فالقضاء على الإرهاب ليس في تخلّي قطر عن دعم حماس والإخوان المسلمين، بل في مراجعة جديّة جريئة تضع فيها المملكة العربيّة السعوديّة حدّاً للفكر المتطرّف محاربة الأفراد الإرهابيّين أو الجماعات الإرهابيّة لن تقضي على الإرهاب، القضاء على كلّ فكر مظلم عنيف هي العملية الجوهريّة للقضاء نهائياً على الإرهاب، وغير ذلك هو ذرّ للرماد في العيون ليس إلا.