IMLebanon

شبيحة «حزب الله»: الفتنة الكامنة «على المفارق»

علامات استفهام حول مراكز الحزب على طول الخط الممتد من بيروت إلى الجنوب والشوف والإقليم

شبيحة «حزب الله»: الفتنة الكامنة «على المفارق»

«بدك مين يغطي زعرانك؟ حشّاش عاطل عن العمل.. أزعر بدك تبيع حالك؟ انضمّ إلى سرايا التشبيح».. «بدك مال حلال إيراني؟ تعا شبّح معنا».. هذا غيض من فيض تعليقات المواطنين عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة رداً على شبيحة «حزب الله» الذين يعيثون فساداً وإفساداً في البلد ويمتهنون إثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين الذين تعاقبوا بالأمس على إدانة اعتداء عناصر الحزب على أهالي بلدة السعديات ليل الثلاثاء الأربعاء، مستعرضين (ص 2) الواقع المليشيوي المرير الذين يضطرون إلى معايشته في عدد من المناطق بفعل تغلغل شبيحة «حزب الله» وعناصر سراياه من «مدمني المخدرات وخريجي السجون» بين الأحياء الآمنة. في حين كشفت معلومات أمنية لـ«المستقبل» عن مسار مشبوه يسلكه الحزب في الآونة الأخيرة ويتجسد باستحداثه مراكز مسلّحة «على المفارق» على طول الخط الساحلي الممتد من بيروت إلى الجنوب وباتجاه الشوف والإقليم، وسط علامات استفهام تُرسم حول الأسباب والغايات الكامنة وراء إنشاء مثل هذه المراكز الحزبية باعتبارها تقع في بيئة أهلية لا توالي «حزب الله» ولا تشكل سوى أوكار موصوفة لإثارة الفتن مع أبناء تلك المناطق.

وبينما يُتوقع أن يثار اعتداء السعديات على طاولة الحوار اليوم في عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لإعادة وضع الأمور في نصابها الوطني باعتبار أن مثل هذه الحوادث تقع في صلب أعمال تأجيج الاحتقان المذهبي بخلاف ما يهدف إليه الحوار، تفيد المعلومات الأمنية أنّ اعتداء شبيحة «حزب الله» على أهالي السعديات إنما أتى على خلفية اعتراض أبناء البلدة على الأداء المذهبي الاستفزازي الذي ينتهجه هؤلاء الشبيحة في المنطقة، سيما منذ إقامة الحزب مركز له تحت مسمى «مُصلّى» دأب شاغلوه من المسلحين على تعمّد استفزاز الأهالي سواءً من خلال الجولات الميدانية التي يقومون بها في أحياء البلدة على متن سيارات رباعية الدفع رافعين شعارات مذهبية بشكل فيه تحدٍ للأهالي أو من خلال الأناشيد التي يبثونها عبر مكبرات الصوت وبعضها يحمل معاني مؤججة للفتنة وأخرى مؤيدة للأسد ولحربه على الشعب السوري.

وليل الثلاثاء بلغ الاستفزاز حدّه مع إقدام عدد من المسلحين يستقلون سيارة على إطلاق النار باتجاه كشك «إكسبرس» لشرب القهوة يملكه أحد أبناء البلدة لحظة تجمهر عدد من المواطنين هناك كما درجت العادة في ليالي رمضان، غير أنّ العناية الإلهية حالت دون وقوع مجزرة في المنطقة فاقتصرت الأضرار على الماديات وسرعان ما فرّ مسلّحو الحزب وانكفأوا إلى داخل «المصلى» حيث ما لبث أن خرجت منه أعداد من المقاتلين المدججين بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مستعينين بمسلحين آخرين انضموا إليهم من مناطق أخرى وبادروا إلى إطلاق النار بشكل عشوائي على المنازل والسيارات والمحال التجارية في السعديات مخلّفين فيها أضراراً وخسائر جسيمة، الأمر الذي اضطر أهالي البلدة إلى الدفاع عن أنفسهم بما تيسّر لديهم من سلاح فردي تصدوا فيه للمعتدين قبل أن تحضر وحدات الجيش وتطوّق المنطقة وتعيد فرض الأمن فيها.

الجيش

ولاحقاً، أصدر الجيش بياناً أوضح فيه أنّ «إشكالاً في محلة السعديات بين أشخاص ينتمون إلى جهات حزبية، تطور إلى تبادل إطلاق نار بالأسلحة الحربية الخفيفة، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، وعلى الأثر تدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة، وفرضت طوقاً أمنياً حول مكان الاشتباك، كما قامت بتسيير دوريات مكثفة وتركيز حواجز ثابتة وظرفية في مختلف أنحاء المنطقة»، وأكد البيان أنّ «الوضع أعيد إلى طبيعته وتستمر قوى الجيش بتنفيذ عمليات دهم بحثاً عن المتورطين في الحادث، وقد أصيب أحد عناصر الجيش بجروح غير خطرة أثناء تنفيذ المهمة«.

تنديد سياسي وحزبي

وعلى الأثر، توالت ردود الفعل السياسية والحزبية المنددة بالاعتداء الميليشيوي على أهالي السعديات بحيث لفت النائب محمد الحجار إلى أنّ ما حصل هو نتاج «مشكلة السلاح المتفلّت الخارج عن الشرعية»، محذراً من «الفتنة المتنقلة التي يذهب إليها «حزب الله» بشكل مباشر أو غير مباشر»، ومطالباً الحزب بإغلاق مراكزه التي «لا هدف لها سوى شحن النفوس وزرع التوتر في أماكن تواجدها». كما دان النائب علاء الدين ترو الاعتداء داعياً «القوى الشرعية إلى ضبط الوضع الأمني ومحاسبة كل من يخل به».

من جهتها، نددت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار «بجريمة السعديات لما لها من أبعاد خطيرة على وحدة لبنان واستقراره وسلمه الأهلي، وطالبت الحكومة والوزارات المختصة باتخاذ التدابير الفورية لوضع حد للتفلّت الأمني المعمم، وتوقيف من قاموا بهذا العمل الجبان الذي اتضح لأهالي المنطقة أنهم من عناصر حزب الله»، مع التنبيه إلى أنّ «هذه الجريمة تحمل مؤشرات خطيرة في محاولة من الحزب «لاستكشاف» القدرة الأهلية للسكان على الدفاع عن أمنهم، ومن جهة أخرى، التحضير للسيطرة على خط الجنوب كما الشرايين الرئيسية في مناطق أخرى، منها ما يمتد من بعلبك إلى جبيل».

كذلك حذر منسق عام جبل لبنان الجنوبي في «تيار المستقبل» محمد الكجك من «المخطط الممنهج» لاستدراج الناس إلى الفتنة من خلال ممارسات سلاح «حزب الله» غير الشرعي، مشدداً على كون هذا «الحزب لم يفهم بعد أنّ البلد لجميع أبنائه» وداعياً الجيش والقوى الأمنية إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تكرار ما حصل في السعديات حفاظاً على أمن واستقرار المنطقة.

بدوره، استنكر وكيل داخلية «الحزب التقدمي الاشتراكي» في إقليم الخروب سليم السيد الحادثة مؤكداً أنّ «توجيهات رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط هي عدم السماح بدخول الفتنة إلى المنطقة من أي جهة كانت»، مع التشديد في هذا المجال على «ضرورة منع جميع المظاهر المسلحة وغيرها التي تسيء للسلم الأهلي ويمكن أن تتسبب بالفتنة». كما أعرب المسؤول السياسي في «الجماعة الإسلامية» في جبل لبنان عمر سراج عن رفض واستنكار الاعتداء على أهالي السعديات مؤكداً أنه بمثابة «اعتداء غير مباشر على كافة قرى الإقليم»، ومحذراً من مغبة «تكرار مثل هذه الاعتداءات لأنّ الشارع في حالة احتقان ويشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة».