IMLebanon

الدستور يجترح الحلّ

عون يعلّق المجلس شهراً وبري يعتبرها «خطوة نحو التفاهم».. والحريري يتفرّغ لتبريد الأزمة

الدستور يجترح الحلّ

لأنه «الكتاب» الضامن لكينونة الوطن وانصهار بنيه، ما خاب لاجئ إليه بحثاً بين فصوله عن حلول تقي اللبنانيين شرّ الخلاف والانقسام.. وهكذا كان بالأمس، من رحم الدستور وتحت كنفه جاء اجتراح الحل لأزمة جلسة التمديد التي كانت مقررة اليوم بالتكافل والتضافر بين الرئاسات الثلاث وكل سعاة التوافق على الخارطة السياسية. فبعد نهار حافل بالاتصالات والمشاورات والجولات المكوكية على خط بعبدا – عين التينة – السراي الحكومي، بادر على مدار ساعاته رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى التفرغ لتبريد الأزمة وسحب فتيل تمددها إلى الشارع، نجحت المساعي الوطنية في إطفاء شرارة التأزم وإخماد قرع الطبول التعبوية مع التوصل ليلاً إلى صيغة دستورية تسووية أتاحت تعليق جلسة التمديد للمجلس النيابي حتى منتصف الشهر المقبل إفساحاً في المجال أمام إبرام تفاهم وطني توافقي يجعل منه تمديداً تقنياً مقروناً بمشروع قانون انتخابي جديد.

وفي وقائع هذا الحل الدستوري، أنّه وللمرة الأولى منذ العام 1926 التي يستعمل فيها رئيس للجمهورية اللبنانية حقه الدستوري في تأجيل انعقاد جلسات مجلس

النواب خلال عقد عادي، أقدم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على استخدام هذا الحق استناداً إلى المادة 59 من الدستور معلناً قراره تعليق جلسات المجلس لمدة شهر ابتداءً من اليوم «إفساحاً في المجال لمزيد من التواصل بين جميع الأفرقاء ومنعاً لاستباحة إرادة اللبنانيين لجهة حقّهم في الاقتراع واختيار ممثليهم، ووضعاً للجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية». وعلى الأثر، تلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الكرة الدستورية معتبراً قرار عون «خطوة في سبيل تأمين مزيد من الوقت للاستفادة منه بالتوصل إلى تفاهم على قانون جديد، طالما نادى الرئيس أن يكون هذا القانون تحت سقف النسبية»، معلناً انسجاماً مع الموقف الرئاسي إرجاء الجلسة العامة التي كان مقرراً انعقادها ظهر اليوم إلى 15 أيار المقبل على أمل من رئيس المجلس بأن يتم التوصل قبل هذا التاريخ إلى «صيغة قانون موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يودي بلبنان للانتحار المؤكد». ولاحقاً تلقى بري اتصالاً هاتفياً من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي هنأه فيه على موقفه.

وكان رئيس الحكومة قد ألغى أمس مواعيده وتفرّغ لإجراء اتصالات متلاحقة مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ومختلف القوى السياسية لإيجاد مخرج لمسألة الاتفاق على مشروع قانون الانتخاب وتفادي أي تداعيات سلبية على البلد. بحيث شكلت السراي الحكومي طيلة النهار «خلية نحل» لحلّ الأزمة ومنع استفحالها مؤسساتياً وميدانياً، فاستقبل الحريري وفوداً من معراب والرابية وكليمنصو قبل أن ينتقل ليلاً إلى بعبدا حيث استعرض مع رئيس الجمهورية آخر حصيلة الاتصالات الجارية من أجل التوصل إلى قانون انتخابي جديد، ليخرج قبيل الساعة الثامنة موعد إطلالة عون المتلفزة من القصر الجمهوري مطمئناً اللبنانيين إلى «العمل لمنع التمديد» باعتباره والفراغ يمثلان «السواد الحالك»، وسط ثقته بقدرة مختلف المكونات الوطنية على «الوصول إلى تفاهمات تنتهي بوضع قانون انتخابي جديد».

«اتفاق أولي»

وليلاً، لاحت في الأفق تباشير التفاهمات التي تحدث عنها رئيس الحكومة، من خلال إعلان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عن توصل الأفرقاء إلى «اتفاق أولي» حول القانون الانتخابي العتيد، كاشفاً أنه يرتكز في جوهره على تأهيل المرشحين وفق النظام الأكثري وانتخاب النواب وفق النظام النسبي، مع إشارته إلى أنّ المشروع دخل مرحلة البحث في بعض التعديلات المقترحة.

وعلمت «المستقبل» في هذا المجال أنّ التركيز ينصب على كيفية احتساب الشرط التأهيلي للمرشحين وسط اشتراط «التيار الوطني الحر» حصره بالفائزين الأول والثاني في مقابل آراء متفاوتة حول هذا الموضوع بين تفضيل أفرقاء تأهّل الفائزين الثلاثة الأول إلى مرحلة الاقتراع النسبي، وتوجس آخرين من نظام التأهيل الطائفي، ومطالبة بعض حلفاء التيار العوني بإدخال بعض التعديلات على هذا النظام.