IMLebanon

أولوية الحكومة: إعادة الثقة واستنهاض الاقتصاد

فرنسا تعوّل على زيارة عون للسعودية.. والأمير محمد بن سلمان يؤكد للحريري «الوقوف إلى جانب لبنان» 

أولوية الحكومة: إعادة الثقة واستنهاض الاقتصاد

حكومياً، إذا ما صدقت التوقعات بانتهاء صياغة مسودة البيان الوزاري في ضوء الأفكار التي كان قد جرى طرحها خلال الاجتماع الأول للجنة البيان، فمن المُفترض أن تعقد اجتماعها الثاني اليوم لقراءة المسودة، بحيث لم تستبعد مصادر اللجنة لـ»المستقبل» في حال إقرارها أن ينعقد مجلس الوزراء «بين العيدين» الأسبوع المقبل لمناقشة الصيغة النهائية للبيان الوزاري وإقراره تمهيداً لرفعه إلى مجلس النواب ونيل «الثقة» على أساسه. وبانتظار الثقة البرلمانية، تستكمل الحكومة الجديدة استعداداتها اللوجستية «تسليماً وتسّلماً» تحضيراً للانطلاق في ورشة «إعادة الثقة بالبلد والنهوض بالاقتصاد» باعتبارها أولوية الحكومة الجديدة حسبما أعلن رئيسها سعد الحريري أمس في حوار مع المستثمرين المشاركين في المؤتمر العالمي السنوي «Global Business Summit«، مـــــــبـــــديـــــاً أمـــــامـــــهـــــــــم استعداد الحكومة «لتقديم كل الحوافز والتسهيلات، ومحاربة الفساد بشتى الوسائل، لتشجيع المستثمرين على العودة» إلى لبنان.

وفي معرض تفنيده «المصاعب والتحديات» التي يواجهها البلد، شدد الحريري

على ضرورة «تطوير خطة اقتصادية على المدى القصير والمتوسط والطويل» لتنمية هذا القطاع الوطني الحيوي، بالتوازي مع الاستعداد لخوض الانتخابات النيابية، مطمئناً المستثمرين إلى زوال الانقسام السياسي العمودي في البلد بشكل يتيح إعداد المشاريع واستحداث التشريعات المُسهلة للاستثمار، مع إشارته في هذا المجال إلى كون حكومته ستعمل على زيادة سرعة الانترنت في لبنان عشرين ضعفاً عما هي عليه اليوم كجزء من خطة شاملة لتطوير القطاع الاقتصادي.

في الغضون، أنهى وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت زيارته اللبنانية أمس بعدما عقد جولة محادثات رسمية شملت الرؤساء الثلاثة ونظيره جبران باسيل، ناقلاً إلى قصر بعبدا والسرايا الحكومية رسالة تهنئة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة، وسط تنويه باريس «باجتياز لبنان مرحلة مهمة في الاتجاه الصحيح»، وتأكيد حرصها على «خصوصية» هذا البلد وضرورة إبقائه بعيداً عن المخاطر الإقليمية المحيطة وخصوصاً تلك المتأتية عن تداعيات الأزمة السورية، التي كان توافق لبنان – فرنسي على وجوب التوصل إلى حل سياسي لإنهائها وإنهاء مأساة وأعباء النزوح الناتجة عنها.

ويبنما أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإيرولت عزمه على تلبية الدعوة الرسمية لزيارة فرنسا بعد الزيارات التي ينوي القيام بها إلى عدد من الدول العربية، لفت الانتباه في سياق متقاطع تعويل فرنسا على زيارة عون المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية من خلال تشديد وزير خارجيتها على أهمية هذه الزيارة والنظر إليها بوصفها «أمراً إيجابياً جداً» كما عبّر إيرولت من عين التينة ومن السرايا الحكومية إثر تبلغه في قصر بعبدا صباحاً نية عون «زيارة السعودية قريباً». في وقت برز مساء أمس تلقي الحريري اتصالاً هاتفياً من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مهنئاً بتشكيل الحكومة الجديدة، ومتمنياً للرئيس الحريري النجاح والتوفيق في مهماته، لما فيه مصلحة وخير لبنان وشعبه، حسبما أوضح المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، لافتاً إلى أنه «تم خلال الاتصال التداول في آخر المستجدات المحلية والعربية، وقد أكد ولي ولي العهد السعودي وقوف المملكة إلى جانب لبنان وحرصها على تقوية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين».

وكان الحريري قد تسلّم من وزير الخارجية الفرنسية خلال استقباله في السرايا الحكومية رسالة تهنئة ودعم من هولاند، مع تأكيد «الدعم الكامل لرئيس مجلس الوزراء الذي لديه مهمة صعبة»، بحسب تعبير إيرولت بعد اللقاء، مضيفاً: «سنعمل كل ما في وسعنا لكي يبقى لبنان خارج النزاع السوري، ونأمل أن يتمكن من مواصلة حواره مع الدول المجاورة ولا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكذلك مع إيران»، مشيراً إلى أن الرسالة التي نقلها إلى المسؤولين اللبنانيين تعبّر عن رغبة فرنسا في أن تكون «مُسهّلاً للحوار في المنطقة».

وعلمت «المستقبل» من مصادر المجتمعين أن الوزير الفرنسي أكد للحريري التزام بلاده بتقديم كل مساعدة ممكنة لدعم لبنان «خصوصاً في ما يتصل بتخفيف أعباء النزوح السوري إضافة إلى مساعدة المؤسسات الأمنية والعسكرية بهدف تثبيت الأمن والاستقرار في البلد»، كاشفةً في السياق عينه أنّ البحث تناول مسألة عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان «وتم التوافق على أنّ تحديد موعد انعقاد المؤتمر سيتم بعد تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة مهماتها«.

في المقابل، نقلت المصادر أنّ رئيس الحكومة جدد أمام إيرولت «مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته في قضية مساعدة لبنان لمواجهة أعباء النازحين السوريين الذين وصل عددهم إلى نسبة عالية قياساً على عدد السكان«، لافتاً إلى كون لبنان نجح حتى الآن في المحافظة على استقراره إلا أنه يواجه «ثلاث تحديات أساسية: معالجة الوضع الاقتصادي ومواجهة أعباء النزوح وحماية البلد من تداعيات الأزمة السورية«، مشيرةً إلى توافق الجانبين على أنّ «الحل السياسي بموجب قرار مجلس الأمن وإعلان جنيف هو الحل الوحيد لأزمة سوريا».

كذلك، شهدت السرايا الحكومية أمس سلسلة زيارات ديبلوماسية عربية وإقليمية وأممية، بحيث استقبل الحريري تباعاً كلاً من السفيرين الأردني والمصري والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، ومستشار وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابر أنصاري الذي أوضح بعد اللقاء أنه نقل للحريري تهنئة بلاده بتأليف الحكومة، مشيداً بروحية «التوافق والانسجام بين الفئات السياسية والاجتماعية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية التي أدت في نهاية المطاف إلى وضع حد للشغور الرئاسي الطويل وولادة حكومة الوفاق الوطني» التي أمل الموفد الإيراني «أن تكون قادرة على حل كافة التحديات والمشكلات التي يعاني منها لبنان في هذه المرحلة».