IMLebanon

الحكومة تتجاوز «البكائية» العونية وتنحاز إلى الناس

حوار 14: برّي إلى مائدة الإفطار مشدداً على الاستقرار.. وتركيز على «السرايا» وحادثة السعديات

الحكومة تتجاوز «البكائية» العونية وتنحاز إلى الناس

بعدما طفح كيل التعطيل الممنهج تقويضاً للمؤسسات على مختلف المستويات وتهديداً لمصالح الدولة وأرزاق الناس، حزم رئيس الحكومة تمام سلام أمره معيداً وضع الأمور في نصاب الواجب والمسؤولية الوطنية بعيداً عن منظومة التباكي الطائفي على «الحقوق» لمصالح سياسية فئوية تلبس لبوس الحرص على هيكل الكيان بينما هي تختزن في جوهر أدائها توجهات «شمشونية» لا تتوانى عن التهديد بتهديم الهيكل فوق رؤوس الجميع على قاعدة «أنا ومن بعدي الطوفان». ومن بين حبائل الشلل الملتفة حول الجمهورية من رأسها إلى ذراعيها التشريعية والتنفيذية، نجح مجلس الوزراء أمس في تجاوز «البكائية» العونية مثلما وصفها سلام، لصالح تمرير قرار حيوي حياتي يحاكي أرزاق المواطنين وهمومهم خصّص بموجبه 21 مليون دولار لدعم فرق كلفة تصدير المنتجات الزراعية والصناعية إلى الدول العربية بتأييد أغلبية أعضاء المجلس في مقابل اعتراض وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، الأمر الذي سارع رئيس «التيار» النائب ميشال عون إلى الردّ عليه بإطلالة «طارئة» من الرابية توعّد فيها الحكومة بـ«انفجار» وشيك إن لم تتراجع عن قرار دعم المنتجات اللبنانية!.

ومساءً، انعقدت الجولة الرابعة عشرة من حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استضاف قبل انعقاد الجلسة وفدي الحوار إلى مائدة الإفطار حيث توجّه بدايةً بكلمة تمهيدية شدد فيها على ضرورة استمرار الحوار وأهميته للمحافظة على الاستقرار خصوصاً بعد الخضات الأمنية التي حصلت في الآونة الأخيرة، لافتاً الانتباه إلى أنّ هذا الحوار يساعد على إبقاء لبنان مستقراً في ظل هذه الفترة الصعبة التي تمرّ بها المنطقة، ثم افتتح الجلسة وانسحب منها فاستهل المتحاورون استكمال جدول أعمال الحوار بحضور المعاون السياسي لبري الوزير علي حسن خليل.

وأوضحت مصادر رفيعة في «تيار المستقبل» أنّ الحديث تطرق بدايةً إلى مواكبة تطبيقات الخطط الأمنية، وأفادت «المستقبل» أنّه جرى التركيز في السياق الأمني على موضوع «سرايا المقاومة» سيما في ضوء الحادثة الأخيرة التي حصلت في بلدة السعديات، وسط تشديد وفد «المستقبل» على وجوب تولي الدولة معالجة الموضوع فكان توافق في هذا المجال على صيغة أمنية رسمية للمعالجة تتشارك في تنفيذها قوى الأمن الداخلي وقوى الجيش من منطلق التشديد والتأكيد على حصرية دور الدولة والمؤسسات الشرعية في تثبيت الأمن والاستقرار في البلد. وقد نبّه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال مقاربة حادثة السعديات في الجلسة إلى أنّ «ما يجري هو محاولة للقضاء على الاعتدال، في وقت لا يمكن مواجهة هذه المرحلة إلا بالاعتدال ولا يحمي لبنان إلا حلف الاعتدال».

ورداً على سؤال، اكتفت المصادر بالإشارة إلى أنّ كلاً من الجانبين في الحوار «أدلى بدلوه» في الموضوع الحكومي فبقي «كل على رأيه»، بينما لم تتم مقاربة الاستحقاق الرئاسي خلال جلسة الأمس على أن يعود المتحاورون إلى الاجتماع مجدداً في 13 تموز الجاري.

بيان الحوار

وإثر انتهاء جلسة الحوار بمشاركة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير المشنوق والنائب سمير الجسر عن «تيار المستقبل»، وعن «حزب الله» المعاون السياسي لأمين عام الحزب حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، وحضور الوزير علي حسن خليل، صدر عن مقر الرئاسة الثانية بيان أوضح أنّ الرئيس بري الذي حضر إلى مائدة الإفطار مع المتحاورين «تحدث في بداية الجلسة عن أهمية هذا الحوار وضرورة استمراره، والذي يشكّل اللقاء الوحيد اليوم في العالم العربي في مواجهة الفتنة المستعرة في أكثر من منطقة«. وأضاف البيان: «جدد المجتمعون التزامهم باستمرار هذا المسار، واستعرضوا الأحداث الامنية التي حصلت مؤخراً، وأكدوا على أهمية اتخاذ الاجراءات اللازمة من خلال الدولة لتثبيت الأمن والاستقرار وحماية السلم الداخلي».

وقائع جلسة الحكومة

بالعودة إلى تفاصيل مجريات جلسة مجلس الوزراء كما روتها مصادر وزارية لـ«المستقبل»، فإنّ رئيس الحكومة كان قد طلب بعد استهلاليته السياسية تمرير قرار دعم المنتجات الزراعية والصناعية بوصفه قراراً يمسّ مصالح وأرزاق المواطنين، غير أنّ الوزير جبران باسيل سارع إلى إبداء رفض اتخاذ الحكومة أي قرار قبل بت مسألة تعيين قائد جديد للجيش وقال: «حقوق المسيحيين مهدورة ونحن نمثل نصف البلد وأصحاب هذه الحقوق ونريد حقنا»، فأجاب رئيس الحكومة بالتشديد على أنّ «هذه البكائية لا علاقة لها أبداً بالواقع» وتوجه إلى باسيل متسائلاً: «أين هي حقوقكم المهدورة؟ أليست حصتكم في الحكومة وازنة؟ هل اتخذ مجلس الوزراء منذ تشكيله قراراً من دون التوافق معكم مسبقاً عليه؟»، وأردف: «نصف الوزراء يعاتبونني على حرصي الزائد على مسايرتكم وفي النهاية أصبح في نظركم آكلاً للحقوق. هذا كلام مرفوض».

ثم خاطب سلام الوزير الياس بوصعب قائلاً: «أرسلتم لي قبل انعقاد الجلسة كتاب اعتراض على جدول أعمالها وهو كتاب لم يحدث أن تلقى رئيس مجلس الوزراء مثله في التاريخ. أنتم تشيدون بصبري لكنني أقول لكم إنّ صبري هو ملك لي وما هو ملك لي أتبرع به لكن ما هو ملك للدولة لا أتبرّع به لأحد، ومخطئ من يفكّر بالتعدي على صلاحيات رئاسة الحكومة. لا أمانع طرح أي مسألة تريدون طرحها على طاولة المجلس لكن إذا كانت الأمور تأخذ منحى تعطيلياً فلا بدّ لي في نهاية المطاف أن أحدد المسؤول عن التعطيل».

بدورهما انبرى وزيرا «حزب الله» حسين الحاج حسن ومحمد فنيش لتأكيد وقوف الحزب إلى جانب المطالب العونية، وعندما أشار الحاج حسن إلى أنّ هذا الموقف يستند إلى الآلية الحكومية المتفق عليها بغياب رئيس للجمهورية، سأله الوزير رشيد درباس: لكن ما هو السبب الكامن وراء غياب رئيس الجمهورية. فأجابه الحاج حسن: عدم انتخابكم مرشحنا للرئاسة (في إشارة إلى عون).

أما الوزير نهاد المشنوق فردّ على الاعتراضات العونية بالتساؤل: هل مسألة تعيين قائد للجيش هي مسألة إجراء أو قرار؟ إذا كانت إجراءً فنستطيع طرح الموضوع فوراً على المجلس أما إذا كانت قراراً فمن الواضح أنه لا يوجد إجماع على اتخاذه راهناً إلا إذا كنتم تريدون فرضه فرضاً على الحكومة.

بدوره، طلب الوزير وائل أبو فاعور الكلام فقال: نحن على علاقات طيبة مع «التيار الوطني» و«حزب الله» وحاولنا تسويق تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش لكننا فشلنا، فماذا نفعل حيال ذلك هل نعطّل البلد، وسأل: ألا نرى ما الذي يحصل حولنا؟ هل من المعقول أن نطلق رصاصة الرحمة على البلد؟

كذلك ردّ الوزير بطرس حرب على قول باسيل إنّ مطالب تياره السياسي تأتي من منطلق الحفاظ على حقوق المسيحيين، منتقداً محاولة احتكار التمثيل المسيحي بالإشارة إلى أنّ «هناك جهات أخرى تمثل أيضاً على الساحة المسيحية».

ثم كانت مداخلة للوزير درباس توجّه فيها إلى الرئيس سلام قائلاً: «أنتم يا دولة الرئيس كما يقول القانون المدني حين يكون الشخص مؤتمناً على مبنى خال آيل للسقوط بمثابة «حارس للجوانب»، وأنا أنصحك بأن ترفع لافتة تقول فيها «هذا مبنى آيل للسقوط» لرفع المسؤولية عنك.

وفي ختام الجلسة، سأل رئيس الحكومة أعضاء المجلس عمن يعترض على إقرار دعم الصادرات الزراعية والصناعية فأبدى خمسة وزراء اعتراضهم، حينها قال سلام: إذاً، موافقة مع تسجيل اعتراض الوزراء الخمسة. ثم رفع الجلسة.