IMLebanon

النفايات: حلول تسابق العرقلة

دعم سعودي للحكومة وديبلوماسي يكشف لـ «المستقبل» عن تحرك مصري لتثبيت الاستقرار

النفايات: حلول تسابق العرقلة

لا تنفك أزمة النفايات المستفحلة في العاصمة تتلمّس بصيص حل يتيح رفع هذا الكابوس الموبوء عن صدور المواطنين حتى تعود لتصطدم بعراقيل مفتعلة تسعى إلى إعادة عقارب الساعة نحو مؤشر التأزيم والنكء بالعواطف الأهلية والمناطقية لغاية في نفوس ممتهني النفخ بالأزمات والارتزاق سياسياً وشعبوياً منها. وبينما لا تزال الحلول الموقّتة التي أقرتها اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة الملف تسابق الزمن في مواجهة مطبات التعطيل والعرقلة، أوضحت مصادر اللجنة إثر اجتماعها أمس لـ«المستقبل» أنّ ما تقرّر من حلول خلال الساعات الماضية «لم يُنفذ منه سوى اليسير عملياً على الأرض تحت وطأة الاعتراضات والتعقيدات الميدانية وغير الميدانية»، مشيرةً إلى أنّ كمية النفايات التي رفعت من العاصمة حتى الساعة لم تتجاوز الألف طن من أصل ثلاثة آلاف وخمسمئة طن كانت قد تراكمت في الشوارع على مدى أيام الأزمة.

وفي معرض تحذيرها من أنّ عدم المسارعة إلى تذليل العقبات التي تعترض الخطوات التنفيذية للحل الموضوع من قبل اللجنة الوزارية، سيؤدي إلى العودة بالأزمة إلى مربّعها الأول، لفتت المصادر الانتباه إلى كون آليات «سوكلين» المكلّفة رفع أكوام النفايات من بيروت كانت قد باشرت عملها منذ ليل الاثنين فتولّت تحميل كميات من النفايات والاتجاه بها نحو موقف مخصّص في منطقة الكرنتينا حيث تقرر أنّ تتجمع الآليات هناك بانتظار إعطائها إشارة الانطلاق باتجاه المكبّات الموقتة التي تحدّدها لجنة معالجة الأزمة، غير أنّ ما حصل في الواقع هو أنّ الآليات والشاحنات المكلّفة تحميل ونقل النفايات ركنت بحمولتها خلال الساعات الأخيرة في موقف الكرنتينا لكن من دون أن يأتيها أي توجيه بعد بالانطلاق نحو الوجهة المحددة لتفريغ النفايات في المكبات الموقتة، الأمر الذي أعاق استكمال عملية رفع النفايات المتبقية في شوارع بيروت نظراً لاستنفاد الطاقة الاستيعابية لمجمل أعداد الآليات وباتت الحاجة ملحّة إلى إيجاد حلول فورية تتيح الإيذان لها بالتوجّه نحو المكبّات المحددة لتفريغ حمولتها تمهيداً لعودتها واستكمال عمليات رفع ونقل كميات أخرى من النفايات المتراكمة. وختمت مصادر اللجنة الوزارية بتأكيد العمل على تكثيف الجهود في سبيل تذليل العقبات والتعقيدات التي ما زالت تعترض طريق إنجاز الخطوات التنفيذية للحل.

وكانت اللجنة التي تعود للاجتماع بعد ظهر اليوم، قد أكدت إثر اجتماعها أمس في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام «على القرارات التي اتخذت ليل الاثنين ومراحل التنفيذ»، مبديةً على لسان وزير البيئة محمد المشنوق «ارتياحها إلى سير العمل الذي سيُستكمل بإجراءات إضافية أعطيت التعليمات بشأنها لغرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار».

الحكومة

أما في مستجدات ملف الأزمة الحكومية، فقد برز كما توقعت «المستقبل» إعلان إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي كان مقرراً انعقادها أمس لاستكمال النقاش بآلية عمل المجلس إفساحاً في المجال أمام إجراء المزيد من المشاورات حول الموضوع، مع الإبقاء على الجلسة الدورية الأسبوعية في موعدها المحدد صباح الخميس. ونقل زوار الرئيس سلام أمس لـ«المستقبل» أنه «يفتح الباب واسعاً أمام الاتصالات والمشاورات بشأن الأزمة الحكومية مع العلم أنّ مؤشرات الحل لم تتضح معالمها حتى الساعة»، لافتةً إلى أنّ رئيس الحكومة يترقب نجاح هذه الاتصالات قبل جلسة الخميس وإلا فإنّ الأمور تتجه إذا استمرّ التأزم على حاله نحو تأكيد عدم قدرته على الاستمرار في دوامة المراوحة الحاصلة على صعيد تعطيل وتكبيل العمل الحكومي، ملمّحةً في هذا الإطار إلى أنّ سلام يعتزم، في حال عدم التوصل إلى حل للأزمة الحكومية خلال الجلسة، حسم توجهاته بين خياريّ «الاستقالة أو الاعتكاف بانتظار تبلور الحل».

دعم سعودي وتحرك مصري

بالتزامن، لفتت أمس الزيارة التي قام بها السفير السعودي علي عواض عسيري لرئيس الحكومة ناقلاً إليه «دعم المملكة لحكومته وأجهزة الدولة كافة» وفق ما أوضح عسيري في بيان عقب الزيارة عبّر فيه كذلك عن حرص السعودية «على أمن لبنان واستقراره ومؤسساته الدستورية وفي مقدمها الحكومة التي تثق بحكمة رئيسها ووطنيته وحرصه على المصلحة الوطنية العليا»، منبّهاً في سياق اعتبار حكومة سلام «صمام الأمان» إلى أنّ «تعريضها للضغط في هذه المرحلة الدقيقة قد ينطوي على عواقب ليست في مصلحة لبنان»، مع الإعراب في السياق عينه عن تجديد السعودية تشجيعها «كافة القوى السياسية اللبنانية على إبعاد لبنان عن التشنجات وتهدئة الساحة الداخلية وتفعيل عمل الحكومة لتتمكن بتضافر جهود وزرائها من إيجاد حلول للأزمة الحالية وتسيير شؤون المواطنين وتسليم الأمانة الى رئيس جديد للجمهورية وفق الأصول الدستورية».

توزاياً، كشفت مصادر حكومية لـ«المستقبل» عن «تحرك مصري حثيث» حصل منذ 3 أيام بعد بيان الخارجية المصرية الذي أبدى دعم القاهرة لاستقرار الحكومة اللبنانية، موضحةً أنّ السفير المصري في بيروت محمد بدر الدين زايد تحرّك باتجاه كافة الأطراف المكوّنة للحكومة من أجل تبريد الأجواء والحثّ على الحفاظ على الحكومة.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر ديبلوماسي مصري رفيع لـ«المستقبل» أنّ «الديبلوماسية المصرية قامت وتقوم باتصالات مع كل الأطراف اللبنانية من دون استثناء نظراً لكون مصر لديها علاقات متوازنة مع جميع الأفرقاء ويهمّها استقرار لبنان وحكومته». ورداً على سؤال، أجاب: «نحن نقوم بتحرّك هادف إلى الحفاظ على تماسك الحكومة وعلى مصالح اللبنانيين لأنّ هدفنا الأساس هو استقرار لبنان وعدم انزلاقه إلى أي مشكلة»، خاتماً بالقول: «من جهتنا نسعى ونحاول، والأمور إن شاء الله تسلك مساراً تبريدياً شيئاً فشيئاً».

[ تجهد بيروت للخروج من أسوأ أزمة بيئية عرفتها منذ سنوات، وما إن بدأت تتخلّص من أكوام النفايات المتراكمة، حتى عادت بعض التحرّكات الاحتجاجية لتبرز في الشارع مُعوّقة استكمال تنفيذ الحلول الموقتة الموضوعة للأزمة، فيما تعود اللجنة الوزارية المكلفة ملفّ النفايات، برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، للاجتماع اليوم بعد أن أكدت أمس الحاجة إلى «إجراءات إضافية» أعطيت التعليمات بشأنها لغرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار. ص 4ـ5 (تصوير حسام شبارو)