IMLebanon

التعطيل على حاله.. وخيارات سلام «مفتوحة»

النفايات: مراوحة في اللجنة الوزارية وبيروت تتبنى «التصدير»

التعطيل على حاله.. وخيارات سلام «مفتوحة»

بينما الدولة تتفكّك والمعطلون ينتشون ابتهاجاً بما اقترفت أيديهم تقطيعاً في أوصال البنية المؤسساتية للجمهورية، بدأت تتجسد باكورة انعكاسات الممارسات التعطيلية التكبيلية لمجلس الوزراء على المصلحة الوطنية العليا بمؤشرات تشي بنفاد صبر الجهات الدولية المانحة جراء تعذر قيام الدولة اللبنانية بالمهام المطلوبة منها حيال اتفاقيات التمويل والمنح المقدمة لها، وهو ما عكسه القرار الصادر عن الوكالة الفرنسية للتنمية (afd) بإلغاء عرضين ماليين لتمويل دعم القطاع التربوي الرسمي اللبناني هما عبارة عن تمويل ميسّر بقيمة 45 مليون يورو ومنحة بقيمة 1,5 مليون يورو. وفي الأثناء، لا يزال التعطيل على حاله مستفحلاً ومستأثراً بالبلد على كافة الصعد والمستويات، فارضاً على رئيس الحكومة تمام سلام إبقاء خياراته «مفتوحة» في حال عدم إيجاد مخارج وحلول جدية لاستمرار عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، كما صارح أعضاء المجلس خلال جلسة الأمس.

إذاً، مشهد الأزمة الوطنية السوداوي يزداد قتامةً تحت وطأة النهج التعطيلي التكبيلي لمؤسسات الدولة، وقد حذر سلام في استهلاليته السياسية أمام مجلس الوزراء أمس من مغبة استمرار هذا النهج لا سيما وأنّ «هناك مجموعة اتفاقيات تتعلق بهبات وقروض معلقة مقدمة إلى لبنان تبلغ قيمتها أكثر من 743 مليون دولار، منبّهاً في الوقت عينه إلى وجود استحقاقات مالية داهمة يشكل عدم الالتزام بها «خطراً على لبنان» سواءً في ما يتعلق بموضوع إصدار واستبدال سندات خزينة أو في ما يتعلق بتأمين الرواتب، ونقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن سلام إشارته إلى أنّ استمرار الوضع على حاله سيؤدي إلى وقف الرواتب في شهر أيلول المقبل.

وإثر مقاربة رئيس الحكومة موضوع ملف أزمة النفايات في الجلسة باعتباره ملفاً حيوياً مُلحاً، فأعلن أنّ اللجنة الوزارية المختصة «تبذل جهوداً كبيرة لكنّ الصراع السياسي القائم حال دون التوصل إلى مخارج» داعياً إلى تعاون الجميع لإيجاد حل لهذه «الآفة» بعيداً عن الصراعات السياسية، طلب الوزير جبران باسيل الكلام فقال وفق ما نقلت المصادر الوزارية: «تطلبون أن نتساعد في موضوع أزمة النفايات على أساس ما تقتضيه ضرورات الشراكة الوطنية، نحن نؤيد ذلك ونرى أنه من الواجب أن نتساعد في حل الأزمة لكن هناك أيضاً شراكة وطنية في مواضيع أخرى نطالب بها لا سيما وأنكم لا تقبلون تعيين شخص واحد بالاستناد إلى هذه الشراكة» في إشارة إلى مطلب «التيار الوطني الحر» تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش.

إلى ذلك، نقلت المصادر أنّ عدداً من الوزراء توالوا على إبداء آرائهم حيال مقاربة أزمة النفايات، مشيرةً إلى أنّ الوزير نبيل دي فريج قال في مداخلته: «بصفتي عضواً في اللجنة الوزارية المعنية بملف الأزمة سمعتُ خلال جلسات اللجنة تعليقات من كافة المناطق، والخلاصة التي خرجت بها في هذا الموضوع هي أنّ وحدة الوطن أصبحت للأسف من وحدة النفايات». وأضافت المصادر أنه حين شدد باسيل على كون «حل مشكلة الشراكة تحلّ كل المشكلات»، رد عليه الوزير بطرس حرب قائلاً: «بتاكلوا البيضة والتقشيرة وبتبكوا على الشراكة».

وأمام تعذر أجواء التوصل إلى حلول عملية لإنهاء أزمة النفايات، أشارت المصادر إلى أنّ الوزير ميشال فرعون اقترح من ناحيته على مجلس الوزراء اعتماد صيغة حل تقضي بشحن النفايات إلى خارج لبنان، غير أنّ هذا الاقتراح لم يتم إخضاعه للنقاش بانتظار ما ستتوصل إليه اجتماعات اللجنة الوزارية.

جلسة مجلس الوزراء التي لم تنتهِ إلى تحديد موعد جديد لانعقاد المجلس كما درجت العادة، تخللها كذلك نقاش حاد بين الوزير أشرف ريفي والوزير حسين الحاج حسن، على خلفية انتقاد ريفي ارتكابات «سرايا المقاومة» المخلة بالأمن مستنكراً في هذا السياق إقدام عناصرها على رمي القمامة أمام منزلي الرئيسين سلام وفؤاد السنيورة قبل أيام بالإضافة إلى واقعة التعدي على الوزير رشيد درباس، وسأل ريفي عما إذا كانت هذه الارتكابات تختزن في طياتها ملامح «7 أيار» جديد، مشدداً في المقابل على أنّ كل هذه المحاولات لن تحقق أهدافها «ونحن لن نمشي لا بالتهديد ولا بالوعيد ولا بأي خيار إلا ضمن رؤيتنا الوطنية».

لجنة «النفايات»: مكانك راوح

ومساءً، انتهى الاجتماع الخامس الذي عقدته اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفايات الصلبة برئاسة سلام في السرايا الحكومية على «الاتفاق على إبقاء اجتماعات اللجنة مفتوحة». وفي حين أشار وزير البيئة محمد المشنوق إلى أنه تم الاستماع خلال الاجتماع إلى التقرير الذي قدمته غرفة العمليات حول كميات النفايات التي رفعت من بيروت والضواحي، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ المراوحة لا تزال على حالها حيث «لا فشل ولا نجاح» في مقاربة حلول الأزمة، مشيرةً إلى أنّ «الوزراء العونيين لا يزالون على موقفهم القائل بعدم إيجاد مواقع متاحة لطمر النفايات في كسروان والمتن، بينما الوزراء الاشتراكيون نبهوا إلى أنّ التأخير الحاصل في إيجاد مثل هذه المواقع سيؤثر سلباً على المناطق الأخرى حيث لن يكون بالإمكان الاستمرار في «المَونة» على الأهالي هناك».

بيروت

تزامناً، برز إعلان المجلس البلدي لمدينة بيروت إثر جلسة طارئة استثنائية عقدها أمس برئاسة بلال حمد عن تبنّيه خيار «تصدير» نفايات العاصمة إلى خارج لبنان. وجاء في البيان الصادر عن الجلسة: «بما أن الحلّ الموقت الذي بدأت بلدية بيروت تنفيذه لن يدوم لفترة طويلة، وبما أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق من قبل مجلس الوزراء على مواقع خارج نطاق بيروت لتأمين حلول لمشكلة نفايات بيروت، وبعد التداول، قرر المجلس البلدي التمني على مقام مجلس الوزراء الإجازة لبلدية بيروت حل مشكلة نفايات بيروت الإدارية عن طريق التعاقد مع شركات مختصة لشحنها خارج الأراضي اللبنانية».