IMLebanon

بري لـ«المستقبل»: تركنا للصلح مطرح

الحكومة تحرّر أموال البلديات والمعاشات والاعتمادات والسندات والهبات.. واتجاه نحو «لا مركزية» النفايات

بري لـ«المستقبل»: تركنا للصلح مطرح

بحسب الأجواء والاتصالات السياسية المتداخلة على أكثر من خط قيادي ومسؤول، يبدو أنّ قرار وزراء «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أمس لم يخرج في جوهره بعد عن إطار «المقاطعة بالتراضي» إذا صحّ تعبير وتقدير المصادر الوزارية لـ«المستقبل» موضحةً أنّ «الوزراء المقاطعين ارتأوا أن يتم تمرير القرارات الملحّة في المجلس بغيابهم على قاعدة إبقاء «ربط النزاع» الحكومي قائماً وإرجاء توقيعهم المراسيم حتى إبرام سلة تفاهم تسووية تشمل الترقيات العسكرية والأولوية التشريعية والآلية الحكومية». وبالانتظار، برز أمس اتصال رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس مجلس الوزراء تمام سلام إثر انتهاء الجلسة التي نجحت في تحرير أموال البلديات والمعاشات والاعتمادات والسندات والهبات، متمنياً عليه التريث في توجيه دعوة جديدة لانعقاد المجلس إفساحاً في المجال أمام توصّل المشاورات إلى حلول تضمن حضور الأطراف كافة، وأكد بري أن خطوته هذه إنما تندرج في إطار السعي إلى إنجاح المساعي الجارية لإصلاح ذات البين الحكومي قائلاً لـ«المستقبل»: «تركْنا للصلح مطرح».

وإذ وصف القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أمس بأنها «ضرورية»، لفت بري في الوقت عينه إلى ضرورة «عدم استمرار الأمور على هذا المنوال» في الحكومة، مضيفاً: «أمامنا فرصة، ولعلنا بالحوار والاتصالات نتوصل إلى حل».

ورداً على سؤال، كشف رئيس المجلس النيابي أنه يفكر جدياً «بالدعوة إلى طاولة تشاورية بين الأفرقاء السياسيين على نسق طاولة حوار الـ2006»، إلا أنه أردف مشدداً على أنه لم يتخذ «قراراً نهائياً بعد» بهذا الشأن لأنّ نجاح هذا الموضوع «يحتاج إلى مشاورات واستشارات لكي لا يواجه بأي دعسة ناقصة».

وعن مسألة الترقيات العسكرية التي يتم الحديث عنها باعتبارها جزءاً من التسوية التي يطالب بها «التيار الوطني الحر»، اكتفى بري بالقول: «من جهتي أبلغت الجميع أنني أوافق إذا حصل توافق، وقبل التوصل إلى هذا التوافق لن أدخل بالموضوع».

تزامناً، لفت الانتباه أمس الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط برئيس تكتل «التغيير والإصلاح« النائب ميشال عون، لإبداء تعويله «على حكمته في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان» وتأكيد «الحرص على استمرار التواصل والتشاور» بين الجانبين. وأوضحت مصادر اشتراكية قيادية لـ«المستقبل» أنّ الاتصال يأتي في إطار «متابعة الاتصالات الجارية في الكواليس السياسية لإيجاد تفاهم مع عون حول موضوع الترقيات العسكرية». 

وبينما أشارت أوساط مواكبة لهذه الكواليس إلى أنّ «أكثر من جهة سياسية وديبلوماسية دخلت على خط المساعي الدائرة في فلك موضوع الترقيات بغية دفع الأمور باتجاه بلورة صيغة توافقية حوله»، أكدت هذه الأوساط لـ«المستقبل» أنّ «معظم القوى السياسية أبدت موافقة مبدئية على هذا الموضوع لكن على أن تكون له جوانب توافقية تكميلية من بينها وقف التعطيل في مجلس الوزراء وإعادة تفعيل عمله».

مجلس الوزراء

وكان مجلس الوزراء قد عقد أمس جلسة منتجة بامتياز اتخذ خلالها قرارات حيوية محورية حرّرت القضايا الأساسية المعلّقة من قيود التعطيل، بغياب الوزراء محمد فنيش، حسين الحاج حسن، جبران باسيل، الياس بو صعب، أرتور نظريان وريمون عريجي. وتوقف رئيس الحكومة في استهلاليته السياسية عند «غياب فريق سياسي عن الجلسة»، معرباً عن «الأمل في استمرار التواصل بين القوى السياسية لإيجاد الحلول والمخارج التي تعيد الجميع الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء وتحمّل المسؤولية المشتركة تلبيةً لحاجات اللبنانيين»، ونقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن سلام قوله في هذا المجال: «صحيح هناك فريق غائب عن الجلسة اليوم غير أننا لا يمكننا إلا أن نعتبره حاضراً معنا وأن نعتبر أنفسنا متكاملين ومتكافلين معه».

أما في ملف أزمة النفايات الذي استحوذ على الشق الأكبر من النقاش خلال الجلسة، فقد لفت سلام إلى وجود «أفكار جديدة يجري تداولها حالياً لحل المشكلة في إطار اللامركزية الإدارية، للبلديات واتحاد البلديات الراغبة في المشاركة في المعالجة«، مشدداً على أنّ «هذه الفكرة تتماشى مع مطالب الكثير من هيئات المجتمع المدني». وفي هذا الإطار، شددت المصادر الوزارية على «أهمية الإنجاز الذي حققته الحكومة (أمس) من خلال نجاحها في تحرير أموال البلديات والإيعاز إلى الوزارات المعنية بإنجاز المراسيم المطلوبة لتوزيع مخصصات البلديات من الصندوق البلدي المستقل بما فيها عائدات الهاتف الخليوي»، مذكرةً بأنّ «هذه العائدات كانت قد طُرحت على طاولة مجلس الوزراء مطلع العام الجاري باقتراح مرسوم يقضي بتحويل قيمة 600 مليار ليرة إلى البلديات غير أنّ الوزراء العونيين اعترضوا حينها بحجة أنّ المرسوم المطروح لم يتضمن الأموال الخاصة بالفترة الزمنية الممتدة من العام 1994 حتى 2001، فأصروا على رفض تمرير المرسوم رغم أنّ وزراء قوى الرابع عشر من آذار اقترحوا وقتئذٍ تمرير المرسوم بصيغته الراهنة لتحرير مبلغ الـ600 مليار على أن يتم تحويل أموال الأعوام الأخرى في ملحق».

وأوضحت المصادر أنّ مجلس الوزراء أقر أمس مبلغ الـ600 مليار ليرة بالإضافة إلى 6 مليارات للقرى التي ليس لديها بلديات، مع الطلب من الاتحادات البلدية وسائر البلديات المعنية تقديم مشاريع خاصة بمعالجة النفايات، مشيرةً إلى أنّ مجلس الوزراء أتم دوره في هذا المجال بما يتماهى مع مطالب البلديات والمجتمع المدني لكنّ الكرة السياسية باتت الآن في ملعب وزراء «حزب الله» و»التغيير والإصلاح» ربطاً بحاجة المراسيم ذات الصلة إلى تواقيعهم.

وفي مقررات مجلس الوزراء الأخرى، الموافقة على مراسيم نقل وفتح اعتمادات لتغطية الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد للموظفين وتأمين التغذية للجيش، وقبول بعض الهبات المقدّمة لبعض الوزارات والمؤسسات الرسمية، وتكليف وزير الأشغال العامة والنقل ووزير العدل إجراء المقتضى لتسمية مكتب محاماة للدفاع عن الدولة في قضية دعوى التحكيم المقامة من عبد الجاعوني ضد الدولة، والموافقة على إجازة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية.

الشارع.. والأمن

وفيما تتجه الأنظار غداً إلى الحشد الشعبي المرتقب في ساحة الشهداء لتبيان مدى نجاح منظميه في ضبط إيقاعه وإبقائه في إطار التحرك المطلبي السلمي المدني بعيداً عن المندسّين والمشاغبين، علمت «المستقبل» أنّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أثار خلال جلسة مجلس الوزراء أمس الموضوع الأمني في الشارع ربطاً بهذه التحركات مؤكداً أنّ الوضع القائم يتطلب مؤازرة الجيش لقوى الأمن الداخلي يوم السبت «ليس خوفاً من المتظاهرين بل من المندسين»، فوافق وزير الدفاع سمير مقبل على تأمين المؤازرة العسكرية للقوى الأمنية لكن من دون أن يصدر قرار بذلك عن مجلس الوزراء بعدما استقرّ الرأي على ضرورة ألا يصدر هكذا قرار بغياب مكون سياسي عن المجلس، لا سيما وأنّ الوزير علي حسن خليل حاول الاستحصال على موافقة «حزب الله» على صدور قرار تكليف الجيش بمؤازرة قوى الأمن الداخلي في ضبط الأوضاع الميدانية أثناء التحركات المطلبية في الشارع، خلال اتصال أجراه على هامش الجلسة، غير أن الحزب رفض الموافقة على الموضوع.

أما على الضفة العونية، فقد تلقى رئيس الحكومة اتصالات من «التيار الوطني الحر» تفيد، بحسب معلومات «المستقبل»، بأنّ «التيار» لن يشارك بتظاهرة الغد في ساحة الشهداء إنما هو يتجه إلى النزول إلى الشارع الأسبوع المقبل في حال عدم التوصل إلى تفاهم سياسي.