IMLebanon

قراءة انتخابية في أرقام صيدا وجزين

انتفاضات عائلية بوجه الثنائيين الشيعي والمسيحي.. وعاصمة الجنوب تستكمل مسيرة إنمائها
قراءة انتخابية في أرقام صيدا وجزين

رأفت نعيم

مفاجآت عدة حملتها نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية من شأن بعضها أن يشكل مؤشراً لتغيير في خارطة قوى سياسية وعائلية في مكان وإعادة تموضع لها في أمكنة أخرى.

فالثنائي الشيعي «أمل« و«حزب الله« واجه تحالفات عائلية في العديد من البلدات والقرى الجنوبية، وتمكن من تفادي هذه المواجهة في بلدات وقرى أخرى فسلمها للعائلات، إلا أن كلا منهما كان يواجه في مناطق نفوذه مع «انتفاضات« صغيرة لرموز قوى عائلية تقليدية أو طامحين للبلدية أو المخترة كما جرى في حارة صيدا حيث أطاح رئيس البلدية الحالي سميح الزين باللائحة المدعومة من تحالف أمل – حزب الله بعدما استقطب ثلاثة من أعضائها.

والثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر« و«القوات اللبنانية« واجه تشكيلاً سياسياً عائلياً في فرعية جزين النيابية وبلديتها، وواجه كل منهما في الوقت نفسه مشكلة مع قاعدته الشعبية والعائلات الرافدة لها، التيار مع آل الحلو الذين أطاحوا برئيس لائحة «نحن جزين« المدعومة من التحالف خليل حرفوش وثلاث أعضاء آخرين على اللائحة، و«القوات« مع بعض كوادرها ومناصريها وعائلات تاريخياً معها بسبب تحالفها مع «التيار«. فضلاً عن عدم رضى قطبي هذا التحالف على نسبة المشاركة المسيحية في الاقتراع.

صيدا

أما صيدا فرغم أن نتائج انتخاباتها البلدية كانت متوقعة وهي فوز لائحة «إنماء صيدا« برئاسة المهندس محمد السعودي والمدعومة من تيار «المستقبل« و«الجماعة الإسلامية« والدكتور عبد الرحمن البزري في مواجهة لائحة «صوت الناس« برئاسة المهندس بلال شعبان والمدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري« و«اللقاء الوطني الديمقراطي« ولائحة «أحرار صيدا« غير المكتملة برئاسة الدكتور علي الشيخ عمار، إلا أن هذه الانتخابات حملت بحسب مراقبين أكثر من مفارقة. منها:

– نسبة المشاركة العالية نسبياً (45%) رغم تأخر انطلاق الماكينات الانتخابية في التحضير لهذه الانتخابات بسبب الاعتقاد الذي ساد عند معظم اللبنانيين قبلها بأن الانتخابات البلدية لن تجري في موعدها ما أثر على حماسة المواطنين في البداية، ورغم تسليم الكثيرين بأن لائحة المهندس محمد السعودي ستفوز في الانتخابات سواء انتخبوا أم لم ينتخبوا.

– الفارق الكبير في الأصوات الذي تمكنت لائحة «إنماء صيدا« برئاسة السعودي من تسجيله والذي بلغ 5521 صوتاً بين الفائز الأخير في اللائحة والخاسر الأول في لائحة «صوت الناس« رغم وجود ثلاث لوائح متنافسة تقاسمت أصوات الناخبين الذين تجاوز عددهم الـ27 ألفاً، ورغم عدم استقدام الناخبين الموجودين خارج لبنان.

– تقارب أرقام ما حصل عليه أعضاء لائحة السعودي من أصوات، ما يدل على تماسك اللائحة من جهة وعدم تعرضها للتشطيب بشكل كبير، والأمر نفسه ينطبق على لائحة «الناصري«. بينما تعتبر أوساط صيداوية أن حصول السعودي على حوالى ألف صوت زيادة على الأصوات التي صبت لصالح لائحته يدل على مدى وحجم الثقة التي يحظى بها لدى معظم الصيداويين وحتى لدى أطراف سياسية لا تتلاقى مع الخط السياسي لداعمي لائحة السعودي.

– بالمقابل علمت «المستقبل« أن أرقام نتائج لائحة «صوت الناس« المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري« و«اللقاء الوطني الديمقراطي« جاءت مغايرة لتوقعات الماكينة الانتخابية للتنظيم وحليفه حيث كانا يعملان على تقليص الفارق قدر الإمكان، علماً أن نتائج هذه اللائحة حملت مفارقة تقدم أحد أعضائها فؤاد الصلح على رئيس اللائحة المهندس بلال شعبان بأكثر من مائتي صوت حيث نال الصلح 8443 صوتاً، كون الصلح معروفاً صيداوياً أكثر من شعبان، وقد أظهر هذا الرقم تراجعاً كبيراً في عدد الأصوات التي استطاع التنظيم تجييرها للائحة المدعومة منه في العام 2010 رغم أنه هذه المرة استعان أيضاً بدعم انتخابي بالأصوات من حليفه «حزب الله« الذي يحرص في الوقت نفسه على علاقة جيدة مع السعودي، بينما لم يستطع حليف «الناصري« المحلي «الحزب الديمقراطي« الشعبي تقديم أي صوت إضافي له رغم استفادة الأخير من تجيير أصوات التنظيم لمصلحة ممثليه في اللائحة.

– فيما طرح نيل رئيس لائحة «أحرار صيدا« الدكتور علي الشيخ عمار 2748 صوتاً أكثر من تساؤل حول العوامل التي أدت الى تسجيله هذا الرقم الذي بحسب الأوساط نفسها لم يكن متوقعاً. علماً أن كثيرين أطلقوا على لائحة عمار اسم لائحة الإسلاميين أو لائحة الأسيريين باعتباره اتخذ من قضية الأسير وموقوفي أحداث عبرا والموقوفين الإسلاميين من المدينة عنواناً لاستقطاب المناصرين والمؤيدين لهذه الحالة والمتعاطفين معها من قواعد العديد من القوى السياسية الموجودة في المدينة.

هذا في الأرقام، أما في الخلاصة وفق الأوساط نفسها، فإن صيدا بانتخابها لائحة إنمائها برئاسة السعودي تكون قد جددت ثقتها بنهج الإنماء الذي يمثله السعودي مدعوماً من تحالف قوي سياسي وإنمائي بين تيار «المستقبل« و«الجماعة الإسلامية« وتحالف إنمائي بينهما وبين الدكتور عبد الرحمن البزري الذي يتمتع بعلاقة صداقة متينة مع السعودي يترجمها البزري بدعم المجلس البلدي الحالي ورئيسه، لكنه أي البزري يفصل بين الإنمائي والسياسي بحكم كونه متحالفاً مع «حزب الله« وحلفائه في صيدا.

وسياسياً، تضيف الأوساط أكد تيار «المستقبل« بدعمه لائحة «إنماء صيدا« برئاسة السعودي أنه ما زال رقماً صعباً جداً في صيدا وفي لبنان رغم كل محاولات إظهاره ضعيفاً في مناطق ثقله الشعبي.

وغداة انتخابات المدينة رأت النائب بهية الحريري أن يوم الثاني والعشرين من أيار شكّل يوماً مميزاً للديموقراطية في صيدا معتبرة أن نجاح لائحة «إنماء صيدا« هو نجاح للمدينة، وأن البلدية المُنتخبة ستعمل لكل المدينة كما عملت البلدية الحالية على تحقيق الإنماء لكل صيدا، ومعربة عن اعتزازها بتسجيل صيدا هذه النسبة العالية من المشاركة التي تعكس مدى حرص أبناء المدينة على القيام بواجباتهم وممارسة حقهم في اختيار المجلس البلدي.

من جهته وصف السعودي انتخابات صيدا بالمعركة الرياضية معلناً أن «البلدية مفتوحة لكل الناس ويدنا ممدودة للجميع». ومتوقعاً تجاوب الطرف الآخر (أي الدكتور اسامة سعد) مع سياسة اليد المدودة التي أعلنها، وأن ينعكس هذا الفوز تعزيزاً للتحالف الداعم للائحة والذي يضم «المستقبل« و«الجماعة« والبزري كاشفاً في الوقت نفسه عن مساهمة «تيار الفجر« المحسوب على «حزب الله« في دعم لائحة إنماء صيدا.