IMLebanon

«هدنة حلب» بين موسكو والأمم المتحدة

يوم ثالث من الغارات الروسية على سوريا إنطلاقا من إيران 

«هدنة حلب» بين موسكو والأمم المتحدة

رفعت الأمم المتحدة صوتها قليلا أمس مطالبه بهدنة لتمرير مساعدات إنسانية ضرورية للمحاصرين في حلب المنكوبة بكل معنى الكلمة بفعل القصف الدائم والغارات الأسدية والروسية التي لا تتوقف، ما أحرج موسكو فأبدت استعدادها لاعلان هدنة اسبوعية لمدة 48 ساعة «اعتبارا من الاسبوع المقبل».

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف: «نحن مستعدون لاعلان هذه الهدنة الانسانية لمدة 48 ساعة اعتبارا من الاسبوع المقبل من اجل افساح المجال امام ايصال المساعدات الى سكان حلب».

واعتبر كوناشينكوف ان ذلك يشكل «مشروعا رائدا» يهدف الى «التأكد من وصول التموين الى المدنيين في المدينة بكل امان». وأشار الى ان «الموعد والوقت الدقيقين سيحددان بعد تلقي الامم المتحدة المعلومات حول تحضير القوافل والضمانات من جانب شركائنا الاميركيين بانها ستنقل بامان».

وهذه الامدادات تتعلق بحسب قوله بالاحياء الشرقية في حلب الخاضعة لسيطرة الفصائل والقسم الغربي الخاضع لسيطرة قوات النظام عبر استخدام طريقين مختلفين.

احدى القوافل ستنطلق من مدينة غازي عنتاب التركية عبر طريق الكاستيلو وصولا الى القسم الشرقي من حلب، والثانية ستسلك الطريق شرق المدينة وصولا الى حندرات ثم طريق الكاستيلو لتبلغ الاحياء الغربية.

واضاف المتحدث الروسي ان روسيا مستعدة للتحرك بالتعاون مع الحكومة السورية لضمان امن القوافل اثناء مرورها عبر الاراضي الخاضعة لسيطرتها لكن «تنتظر ضمانات مماثلة من جانب الولايات المتحدة من اجل المرور عبر الاراضي الخاضعة لما يسمى المعارضة المعتدلة».

ورحب مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا بالقرار الروسي، اذ افاد بيان صادر عن مكتبه ان «المبعوث الخاص يرحب باعلان الاتحاد الروسي والفريق الانساني للامم المتحدة مستعد الان للتحرك استجابة لهذا الحدث».

وكان دي ميستورا دعا الى هذه الهدنة الانسانية الاسبوعية لمدة 48 ساعة في حلب. واعلن عدم تمكن اي قافلة انسانية من دخول المدن المحاصرة في سوريا منذ شهر بسبب المعارك.

وقال: «الامم المتحدة تعتمد على روسيا للقيام بدورها ولا سيما بجعل القوات السورية المسلحة تنضم الى الهدنة ما ان يبدأ سريانها»، داعيا «كل الذين لديهم اتصال او تاثير على المعارضة المسلحة لا سيما الولايات المتحدة (…) الى ضمان احترام المعارضة للهدنة الانسانية من 48 ساعة».

اضاف دي ميستورا لوسائل الاعلام في جنيف: «خلال شهر، لم تصل اي قافلة الى المناطق المحاصرة». وشدد على القول «لم تصل اي قافلة. لماذا؟ بسبب المعارك».

واوضح ان المساعدة الانسانية لم تصل منذ 30 نيسان، اي منذ 110 ايام، الى مدينتي مضايا والزبداني اللتين يحاصرهما النظام في محافظة دمشق، والى منطقتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المقربتين من النظام في محافظة ادلب اللتين تحاصرهما فصائل اسلامية.

لذلك كان الاجتماع الاسبوعي لمجموعة العمل حول المساعدة الانسانية الذي يعقد كل خميس قصيرا كما قال، ولم يستمر «اكثر من ثماني دقائق».

واعلن الوسيط الاممي «قررت، مستخدما صلاحيتي بصفتي رئيسا للجنة العمل، ان اعلن ان لا سبب يحملنا على عقد اجتماع حول المساعدة الانسانية ما لم يحصل تحرك على الصعيد الانساني في سوريا». واشار الى ان هذه البادرة «رمزية» ودلالة على «الاحترام» فيما يصادف اليوم الجمعة، اليوم العالمي للاغاثة الانسانية. لكنه اوضح ان اجتماع الاسبوع المقبل ما زال مدرجا في جدول الاعمال.

ودعا الاتحاد الاوروبي الى «وقف فوري» للقتال في مدينة حلب. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في بيان ان «الاتحاد الاوروبي يدعو مع الدول الاعضاء فيه الى وقف فوري للقتال في حلب لافساح المجال امام اجلاء حالات طبية وايصال المساعدات واصلاح البنى التحتية الاساسية من مياه وكهرباء».

ودعت موغيريني باسم الدول الاعضاء الـ28 في الاتحاد الاوروبي كل الاطراف الى «ضمان رفع الحصار بالكامل والسماح بوصول مساعدة انسانية الى مختلف انحاء البلاد للذين يحتاجونها». وقالت انه في الوقت نفسه «يجب على كل الاطراف الدولية الوفاء بالالتزامات التي حددتها المجموعة الدولية لدعم سوريا في ايار لاعلان وقف اطلاق النار من اجل السماح بوصول المساعدات الانسانية» وذلك في اشارة واضحة الى روسيا حليفة النظام السوري.

ميدانياً، قالت وزارة الدفاع الروسية امس إن قاذفات من طراز «توبوليف 22 إم 3« بعيدة المدى وقاذفات مقاتلة من طراز «سوخوي 34« ضربت أهدافا في محافظة دير الزور السورية. وأضافت أن القاذفات انطلقت من قواعد في روسيا وإيران ودمرت ستة مواقع قيادة وعددا كبيرا من المقاتلات والمعدات العسكرية.وقالت الوزارة إن جميع الطائرات الروسية عادت لقواعدها بعد الضربات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس«: «تشن الطائرات السورية والروسية عشرات الغارات يوميا على محافظة ادلب وريف حلب الغربي لمنع الفصائل من ارسال تعزيزات الى مواقعها في جنوب مدينة حلب».

وعلى الرغم من الغارات الكثيفة، أعلن الثوار صباح أمس استعالدة كافة النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام وميليشياته بريف حلب الجنوبي، وتكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.

وأفادت حركة أحرار الشام الإسلامية، إحدى مكونات غرفة عمليات جيش الفتح، بأن الميليشيات الموالية للنظام حاولت التقدم على محور القراصي، ودارت اشتباكات عنيفة مع الثوار استمرت لساعات، أفضت إلى استعادة الثوار على كامل النقاط التي تقدمت إليها تلك الميليشيات.

وأكد ناشطون مقتل وإصابة العشرات من عناصر الميليشيات على محور القراصي، كما دّمر الثوار خلال الاشتباكات دبابتين وجرافة عسكرية وسيارة للميليشيات، إثر استهدافها بصواريخ موجهة.

كما أعلن فيلق الشام في بيان نشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، التصدي للمحاولة السادسة للميليشيات للتقدم نحو تلة المحروقات وقرية العامرية بريف حلب الجنوبي، واستعادة قرية العامرية بالكامل بعد أن تقدمت إليها الميليشيات صباح اليوم، مؤكداً مقتل العشرات من عناصر الميليشيات.

وميدانياً أيضا، قالت وحدات حماية الشعب الكردية السورية في بيان إنها «لن تصمت» على هجمات طائرات النظام السوري أمس على الحسكة وصفتها بأنها اعتداء سافر. وقالت الوحدات في البيان «نحن في وحدات حماية الشعب لن نصمت على تلك الهجمات الهمجية السافرة ضد شعبنا وسنقف بحزم لحمايته. كل يد ملطخة بدماء شعبنا ستحاسب على ذلك بكل الوسائل المتاحة والممكنة.» ومثلت الضربات الجوية التي وردت في تقارير صادرة عن وحدات حماية الشعب وعن المرصد السوري لحقوق الإنسان أول استخدام لطائرات حكومية ضد المناطق التي يسيطر عليها الأكراد من مدينة الحسكة في شمال شرقي سوريا. ولم يصدر تعليق من الجيش السوري.