IMLebanon

واشنطن لموسكو: مساعدات حلب قبل التعاون العسكري

الهدنة المترنحة في مجلس الأمن وقوة أميركية خاصة تدعم العملية التركية

واشنطن لموسكو: مساعدات حلب قبل التعاون العسكري

أسبوع على اتفاق وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف حول وقف النار في سوريا، كان كافياً ليبدأ هذا الاتفاق بالترنح قبل أن يُعرض أمام مجلس الأمن الدولي أمس. وفيما اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع فريقه الخاص بالأمن القومي لتقويمه، رفضت واشنطن التعاون عسكرياً مع روسيا في ضرب بعض فصائل المعارضة قبل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة ولا سيما حلب، قابل ذلك اتهامات روسية لواشنطن بعدم التعاون بشأن فصل الفصائل المعارضة «المعتدلة» عن الأخرى «المتطرفة»، وتأكيدات بأن الاتفاق لا يشمل مصير بشار الأسد ولا المرحلة الانتقالية.

فقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لن تتعاون عسكرياً مع روسيا في سوريا ما لم يسمح نظام الأسد بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي إن كيري ندد في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي بـ«التأخير المتكرر وغير المقبول في وصول المساعدات الإنسانية» إلى ضحايا الحرب في سوريا.

وتابع كيربي في بيان أن كيري نقل تلك الرسالة في اتصال هاتفي أكد خلاله أن واشنطن تتوقع أن تستخدم موسكو نفوذها لدى الأسد «للسماح للقوافل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بالوصول إلى حلب ومناطق أخرى في حاجة للمساعدة«. وتابع قائلاً إن «الوزير (كيري) أوضح أن الولايات المتحدة لن تقيم مركز التنفيذ المشترك مع روسيا إلا إذا تم الوفاء بالبنود المتفق عليها بشأن إيصال المساعدات الإنسانية» في إشارة لاتفاق روسي – أميركي تم إبرامه قبل أسبوع. 

ووفقاً لذلك الاتفاق تقرر وقف الأعمال القتالية منذ غروب شمس الاثنين الماضي على أن تتدفق المساعدات الإنسانية من دون قيد إلى سوريا، وإذا تم الوفاء بهذين الشرطين لمدة سبعة أيام متتالية، فستنشئ الولايات المتحدة وروسيا لجنة مشتركة لتنسيق الضربات ضد تنظيم «داعش» وجبهة النصرة التي أصبح اسمها الآن جبهة فتح الشام واللتان لا يشملهما وقف إطلاق النار.

وقال كيربي إن البلدين اتفقا على أهمية تمديد وقف الأعمال القتالية الذي بدأ يوم الاثنين على الرغم من تواصل بعض أعمال العنف، لكنه أضاف أن كيري «عبر عن قلقه من التأخيرات المتكررة وغير المقبولة في وصول المساعدات» خلال محادثته مع لافروف.

وقال الكرملين إنه يستخدم نفوذه في محاولة لضمان أن ينفذ النظام السوري اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، وإنه يأمل أن الولايات المتحدة ستستخدم أيضاً نفوذها لدى جماعات المعارضة المسلحة.

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً حول سوريا للاطلاع على تفاصيل اتفاق الهدنة في سوريا الذي تفاوضت عليه روسيا والولايات المتحدة وتقويم ما إذا كان سيدعمه.

وسيجتمع أعضاء مجلس الأمن في جلسة مغلقة. ويتعين بموجب الاتفاق على كافة الأطراف تيسير إيصال المساعدات إلى مدينة حلب، بعدما بدأ العمل بوقف إطلاق النار الاثنين في 9 أيلول. وما أن يتم إيصال المساعدات والتأكد من صمود الهدنة، تبدأ روسيا والولايات المتحدة التعاون لضرب المتطرفين في سوريا.

أمّا وزارة الخارجية الروسية فقالت إن لافروف حض كيري على الوفاء بوعده فصل المعارضة السورية المعتدلة عن جبهة النصرة و»الجماعات الإرهابية» الأخرى. وأضافت أن لافروف أكد في المحادثة الهاتفية أيضاً على ضرورة نشر «الحزمة الكاملة» لاتفاق وقف إطلاق النار بسوريا.

وفي تصريح نقلته «روسيا اليوم» عن وكالة «سبوتنيك» رأى لافروف أن شعبية الأسد في ازدياد مستمر بين مواطنيه برغم تأكيدات الغرب أن أيامه صارت معدودة. وقال: «الأولوية بالنسبة إليهم، (أي للغرب)، إزاحة الدكتاتور الأسد كما هم يصفونه فقط لأنهم اعتقدوا سنة 2011 أنه سوف يسير بسرعة على درب القذافي وأن أيامه أصبحت معدودة، فيما لا يزال صامداً طيلة ست سنوات وأخذ يتمتع بشعبية أكبر بين مواطنيه الذين يرون فيه ضماناً لمنع وقوع سوريا بيد الإرهابيين وانهيارها كدولة».

وبشأن اتفاق الهدنة، قال لافروف إن الأولوية الرئيسية في هذه الاتفاقات تتمثل في تنفيذ الولايات المتحدة «تعهداتها القديمة بالفصل ما بين المعارضة السورية المتعاونة معها، وجبهة النصرة وأمثالها، وذلك إن لم تكن المماطلة في تنفيذ هذه الالتزامات نابعة من إرادة جهة معينة في واشنطن تريد تحييد الضربة عن هؤلاء الإرهابيين». 

وأضاف: «وفي ما يتعلق بجبهة النصرة، فإن لدينا الكثير من الشكوك الجدية بشأنها. لقد تسلمنا من الجانب الأميركي أخيراً قائمة تضم المنخرطين في اتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي يحتم عدم استهدافهم، فيما يتصدر القائمة المذكورة أحرار الشام». وتابع: «الولايات المتحدة مترددة في الإفصاح عن فحوى الاتفاقات الروسية ـ الأميركية حول سوريا، فيما نحن مستعدون لإطلاع الجميع عليها (…) نسعى في الوقت الراهن إلى الإعلان عن فحوى هذه الاتفاقات، إذ لا نريد السير على طريق الديبلوماسية السرية. شركاؤنا الأميركيون مترددون في الوقت الراهن في الإفصاح عن هذه الاتفاقات خلافاً لما يُعرف عنهم، وذلك نظراً لتمسكهم بالرؤى الديموقراطية لتسوية المشاكل، فيما الديموقراطية نفسها تحتم العلانية».

وما لم يقله لافروف مداورة، أعلنه نائبه ميخائيل بوغدانوف أمس بلا مواربة، كاشفاً أن اتفاق موسكو وواشنطن حول سوريا لا يشمل مصير الأسد ولا المرحلة الانتقالية في سوريا.

ونقلت وكالة «نوفوستي» عن بوغدانوف قوله «إن الاتفاق الروسي – الأميركي الذي تم التوصل إليه في جنيف في 9 أيلول لا يتضمن مصير الأسد أو العملية الانتقالية في البلاد لأن ذلك مسألة سورية بحتة»، معتبراً أن «مجموعة دعم سوريا» قد تبنت وثائق مهمة بهذا الشأن بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.

كذلك قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشينكوف في بيان «مع أن وقف إطلاق النار يستند الى اتفاق ثنائي، فإن طرفاً واحداً يتقيد به فعلياً«. وأضاف «مع أن الاتفاق الروسي ـ الأميركي حول وقف المعارك في سوريا يدخل يومه الرابع، فإن مسألة قدرة المعارضة المعتدلة على احترامه تبقى مفتوحة«. وتابع «كل محاولات الشركاء الأميركيين لكي يثبتوا للعالم أن لديهم سيطرة ولو محدودة على «أعضاء المعارضة» هؤلاء في سوريا باءت حتى الآن بالفشل».

أما العمليات التي ينفذها الجيش السوري الحر في شمال حلب فقد تواصلت بدعم تركي وسجلت أمس تقدماً ميدانياً، وجديدها تأكيد الولايات المتحدة وتركيا أن قوة خاصة أميركية دخلت إلى المنطقة لدعم المعركة ضد «داعش» خصوصاً قرب بلدتي أعزاز والراعي، قبل أن تنسحب من بلدة الراعي بسبب رفض مقاتلي المعارضة. 

وإنسانياً، لم تدخل أي شاحنة مساعدات من القافلة التي لا تزال تنتظر في منطقة على الحدود السورية ـ التركية، فيما تراجعت روسيا عن إعلانها أول من أمس انسحاب قوات الأسد من طريق الكاستيلو، لتقول أمس إن تلك القوات عادت بعدما كانت انسحبت، وهو أمر نفته المعارضة تكراراً وأكدت أن أي انسحاب لم يتم بالأصل.

وهاجمت قوات الأسد حي جوبر الدمشقي واستهدفت الحي بثلاثة صواريخ أرض ـ أرض، إلى جانب القصف بعدد من قذائف الهاون، وجددت تلك القوات هجومها على بلدة في الغوطة الشرقية، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي استهدف المنطقة، الأمر الذي أدى إلى استشهاد أول مدني. وفي حلب، استشهد مدني وأصيب خمسة آخرون ليل الخميس ـ الجمعة نتيجة استهداف قوات الأسد حي الزبدية شرقي مدينة حلب بالقناصات والرشاشات الثقيلة. وأغارت طائرات النظام الحربية على قرية في ريف المحافظة الجنوبي، ما أدى لجرح امرأة وطفليها. كما جرح عدد من المدنيين بقصف نفذه سلاح الجو الروسي على بلدة في ريف إدلب الجنوبي.

وقالت الشبكة السورية في تقرير نشرته أمس إنها وثقت ارتكاب نظام الأسد 61 خرقاً للهدنة خلال الساعات الـ72 الأولى من تنفيذها، أي منذ مساء يوم الاثنين الماضي وحتى مساء الخميس، توزعت على النحو التالي: 13 خرقاً في درعا، و12 خرقاً في كل من ريف دمشق وحماة، و8 خروقات في القنيطرة، و5 في حلب، وفي كل من حمص وإدلب، و3 في اللاذقية.

وفي سياق ميداني آخر، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف ديفيس أمس أنه «استجابة لطلب تركي، تمت الموافقة على أن ترافق قوات أميركية خاصة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المقبولة فيما تواصل تحرير أراضٍ من تنظيم «داعش» في منطقة على الحدود مع سوريا قرب جرابلس والراعي وحول هذه المنطقة». وأفاد مسؤول عسكري أميركي بأن هذه القوة تضم بضع «عشرات» العناصر.

وقال الجيش التركي في بيان إن القوات الخاصة الأميركية تدعم عملية تنفذ بين مدينتي أعزاز والراعي. وأوضح أن مقاتلي المعارضة السورية المدعومة من أنقرة يتقدمون جنوباً في عملية جديدة وأن خمسة من مقاتلي المعارضة وخمسة من «داعش« قتلوا في المنطقة.

ولكن إثر معارضة شديدة من بعض الفصائل السورية المعارضة، انسحبت القوات الأميركية بمرافقة قوات تركية من بلدة الراعي، إلا أن فضائية «العربية» أكدت أن تلك القوات لا تزال في سوريا قرب الحدود مع تركيا.

وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية مقتل القيادي الكبير في تنظيم «داعش» وائل عادل حسن سلمان الفياض الذي يعتبر «وزير إعلام» التنظيم المتطرف في قصف جوي لقوات التحالف في 7 أيلول قرب مدينة الرقة في سوريا.

وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك إن هذا القيادي في التنظيم «داعش» كان «يشرف على انتاج شرائط الفيديو الدعائية التي تتضمن مشاهد إعدامات وتعذيب»، وكان «متعاوناً مقرباً« من القيادي الثاني في التنظيم أبو محمد العدناني الذي قتل في غارة في 30 آب الماضي.