IMLebanon

ماكرون «الأول» في السباق إلى الإليزيه

لوبن تتأهل إلى جولة الحسم.. وتكتل يميني ويساري لإسقاط مشروعها

ماكرون «الأول» في السباق إلى الإليزيه

باريس – مراد مراد

غابت المفاجآت عن الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، وكما توقعت استطلاعات الرأي منذ أسابيع، تأهل مرشحا الوسط واليمين المتطرف ايمانويل ماكرون ومارين لوبن الى الجولة الثانية الحاسمة التي ستشهدها فرنسا في السابع من أيار المقبل، مع تقدم سجله ماكرون الذي حل أولاً في السباق إلى الإليزيه، بعدما أظهرت التقديرات الأولية للنتائج أمس تقاسم المرشحين الرئيسيين الصدارة بنحو 23 في المئة من إجمالي الأصوات لكل منهما.

وبلغت نسبة المشاركة في هذه الجولة 77 في المئة من إجمالي الناخبين الفرنسيين. وبُعيد إقفال صناديق الاقتراع في الثامنة مساء بتوقيت باريس، صدرت

استطلاعات آراء إغلاق صناديق الاقتراع وعممت نتائج أولية على شكل نسب مئوية جاءت كما يلي: مرشح حركة «آن مارش» الوسطية ايمانويل ماكرون 23 في المئة (على الأقل) من إجمالي الأصوات، مرشحة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف مارين لوبن (بين 21 و23 في المئة)، مرشح حزب «الجمهوريين» اليميني المعتدل فرانسوا فيون 19 في المئة (على الأقل)، مرشح حركة «فرنسا غير الخاضعة» اليسارية المتشددة جان لوك ميلانشون 19 في المئة، مرشح الحزب الاشتراكي – اليساري المعتدل بنوا هامون 7 في المئة، مرشح حزب «نهضة الجمهورية» اليميني المعتدل نيكولا ديبو- انيان 5 في المئة، والمرشحون الباقون جاك شوميناد وجان لاسال وناتالي ارتو وفرانسوا اسيلينو وفيليب بوتو راوحت نتائجهم بين 0,5 و2 في المئة من اجمالي الأصوات.

واحتشد أنصار ماكرون هاتفين «ماكرون رئيساً» قبل أن يعتلي مرشحهم المنصة ويشكر جميع الناخبين الذين منحوه ثقتهم، ويقول بصدد حركته السياسية اليافعة التي لم تكمل عامها الأول، إنه «في أقل من عام تمكنا معاً من تغيير وجه السياسة في فرنسا. لقد قال الشعب الفرنسي اليوم كلمته. اخترتم اليوم التغيير والخروج عن الأحزاب التقليدية التي حكمت البلاد منذ أكثر من 30 عاماً».

وأضاف ماكرون «إن صوتكم اليوم هو صوت لفرنسا وأوروبا». وتابع «آمل أن أكون رئيسكم المقبل، رئيساً لكل الفرنسيين في وجه التهديد القومي المتطرف». وشدد على أنه «لا يوجد إلا فرنسا واحدة، ونحن سنعمل معاً على إعادة بناء الوحدة الأوروبية. إنها مهمة صعبة لكننا قادرون معاً على إنجازها». وختم ماكرون جازماً «سيكون الفوز من نصيبنا. عاشت الجمهورية. عاشت فرنسا».

وكان الناطق باسم حملة ماكرون أعرب عن فرحة مؤيديه بالنتيجة قائلاً «إننا نفتح صفحة جديدة في تاريخ فرنسا السياسي».

وعلى الفور دعا جميع السياسيين المعتدلين يميناً ويساراً (مثل رؤساء الوزراء السابقين آلان جوبيه وجان بيار رافاران ومانويل فالس ورئيس الوزراء الحالي برنار كازونوف والمرشحان الخاسران الجمهوري فرانسوا فيون والاشتراكي بنوا هامون) الناخبين الى الالتفاف حول ايمانويل ماكرون في جولة الحسم من أجل إلحاق الهزيمة بمشروع اليمين المتطرف وزعيمته مارين لوبن.

وبنظر استطلاعات الرأي والمراقبين وخبراء السياسة الفرنسية فمن شبه المؤكد أن ماكرون (39 عاماً) سيكون الرئيس المقبل للجمهورية الفرنسية خلفاً للرئيس الحالي فرانسوا هولاند، لأن غالبية الناخبين الذين يصوتون عادة لليمين المعتدل واليسار والوسط سيصوتون جميعاً له مما يجعل درب لوبن للفوز في السابع من أيار مسدودة تماماً. وأمس أكد قصر الإليزيه في بيان أن الرئيس فرانسوا هولاند اتصل بماكرون وهنأه على النتيجة.

ووصفت مارين لوبن نتيجة الأمس بالـ«تاريخية». أضافت «لقد أنجزنا الخطوة الأولى»، وأشارت الى أن «المنظومة السياسية في فرنسا حاولت بشتى الوسائل خنق الجدل السياسي الكبير الذي يجب أن يحدث في هذه الانتخابات. والآن هذا النقاش الكبير سيحصل أخيراً. وعلى الفرنسيين اغتنام هذه الفرصة التاريخية».

وختمت لوبن خطابها داعية الشعب الفرنسي للتصويت من أجل التغيير والتحرر من قيود السياسة التقليدية فقالت «لقد حان الوقت لتحرير الشعب الفرنسي، أنا مرشحة الشعب. إن بقاء فرنسا أصبح على المحك أكثر من أي وقت مضى».

وتوضح نتيجة الأمس نقمة الفرنسيين الواضحة على الحزبين التقليديين «الجمهوريين» و«الاشتراكي» اللذين تبادلا السلطة بين انتخابات رئاسية وأخرى على مدى أكثر من 3 عقود، وهذه المرة خرج مرشحاهما فيون وهامون من المعركة الديموقراطية من الجولة الأولى. وفي حال فوز ماكرون في جولة الحسم في 7 أيار المقبل سيصبح أول رئيس في تاريخ فرنسا يدخل الإليزيه من دون شغل أي مقعد منتخب (سواء في البرلمان أو في أي مجلس بلدي)، إذ إنه لم يكن يوماً نائباً ولم يُنتخب لأي منصب في السابق. كما أن خبرته في الحياة الحكومية وإدارة الشؤون العامة لا تتعدى سنتين أمضاهما وزيراً للاقتصاد بين عامي 2014 و2016.

ولا شك في أن لوبن ستحاول جهدها خلال الأسبوعين المقبلين التخفيف من وجهات النظر المتطرفة أملاً في إقناع بعض الناخبين بأنها جديرة بتحمل مسؤولية كبرى كرئاسة الجمهورية الفرنسية. ولا شك أنها ستركز على موضوع الأمن المتفلت الذي أدارته بشكل فاشل الحكومات التقليدية المتعاقبة. وهذا برأيها «ما حول فرنسا الى مسرح للعمليات الإرهابية من شتى الأنواع والأشكال»، كما أنها ستذكر الناخبين وبخاصة اليمينيين منهم بأن منافسها ماكرون كان حتى الأمس القريب عضواً في الحزب الاشتراكي وكان وزيراً في حكومة مانويل فالس، لتحاول تحت هذا الشعار إقناع الناخبين الراغبين في التغيير بالتصويت لها.