IMLebanon

«حزب الله» ينعى المختلط: مشروع الاشتراكي «مضيعة للوقت»

«سبق وشاهدتُ لبنان من الفضاء وها أنا اليوم على أرضه» بهذه العبارة عبّر رائد الفضاء الأميركي الدكتور دونالد توماس الآتي من وكالة «ناسا» عن سعادته أمس لحظة أن وطأت قدماه الأرض اللبنانية، مع تقديمه نصيحة مكوكية إلى اللبنانيين: «الأرض تبدو من الفضاء ضعيفة لذلك علينا العمل للمحافظة عليها والمهم أن يعلم الإنسان أنه يعيش مع إنسان آخر على هذه الأرض». حبذا لو ينظر اللبنانيون بمعظمهم إلى أرض وطنهم من منظار توماس فيحافظون عليها، لكن ما خفي على رائد «ناسا» عن هذه الأرض كان أعظم.. فما لم يلحظه من الفضاء سيعاينه عن كثب اليوم ليرى كيف أن المدار اللبناني الذي كاد أن يبتلعه «ثقب الشغور الأسود» ونجح بأعجوبة في تجنّبه، عاد راهناً ليدور في فلك قاتل من الفراغ التشريعي يتجاذبه ويهدد بابتلاعه بعد 20 يوماً تحت وطأة انعدام الجاذبية التوافقية في البلد. وبينما يتناقص عدّاد 15 أيار يوماً بعد آخر، لم تلمع في الأفق السياسي بعد بارقة تفاؤل بقرب التقاء الأفرقاء على أرضية مشتركة لقانون الانتخاب العتيد، سيما وأنّ عملية وأد المبادرات لا تزال هي الطاغية على الساحة الانتخابية، وآخر تجلياتها بالأمس خروج «حزب الله» لنعي كل مشاريع قوانين المختلط بين الأكثري والنسبي، مع استهداف فجّ وصريح للمشروع الوليد الذي قدّمه «الحزب التقدمي الاشتراكي» ولم يرَ فيه الحزب أكثر من «مضيعة للوقت».

ففي حين كان وفد من الحزب الاشتراكي يضم تيمور جنبلاط والوزير أيمن شقير والنائبين غازي العريضي ووائل أبو فاعو يشرح مضمون مشروعه الانتخابي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في بيت الوسط، تلقى هذا المشروع «فيتو» مباغتاً من كتلة «حزب الله» البرلمانية باعتباره مشروعاً يفتقر إلى المعايير الواضحة كما رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في معرض إبدائه رفض الحزب لأي قانون انتخابي يقوم على صيغة المختلط، متسائلاً خلال لقاء سياسي في الجنوب: «ما هو المعيار الذي يتيح للمرشحين أن يترشحوا وفق النسبي أو الأكثري في القانون الذي طرحه الحزب التقدمي الاشتراكي، والذي يقضي بأن ينتخب المواطنون 64 نائباً وفق القانون الأكثري، و64 نائباً وفق القانون النسبي؟»، وأردف مضيفاً: «لا يستطيع أحد أن يمنع مرشحاً ما من الترشح وفق الأكثري أو النسبي، وإن كان جميع المرشحين الآخرين ترشحوا وفق قانون آخر، وبالتالي هذا تضييع للوقت فضلاً عن المماطلة». ليخلص رعد إلى كون «الخيار الوحيد الذي يضمن خلاصنا في هذه المرحلة هو إيجاد قانون جديد ينبغي التوافق عليه ويعتمد مبدأ النسبية الكاملة، وإن لم نستطع إنجاز هذا القانون خلال 15 يوماً، فحينها يجب أن ندعو الجميع للاتفاق على مواصفات القانون الجديد الذي نريده أن يقوم على أساس النسبية الكاملة، ونبحث في تفاصيله ونظامه في ما بعد، فيكون هناك تأجيل تقني» للانتخابات النيابية، بمعنى تشديد «حزب الله» على وجوب إقرار التمديد التقني للمجلس ريثما يتم التوافق على القانون العتيد.

تزامناً، وبينما كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على ملف قانون الانتخاب لـ«المستقبل» أنّ المشاورات الجارية بشأن هذا الملف «تسير على قدم وساق بعيداً عن الأضواء والإعلام»، معتبرةً أنّ النقاش بات يتركز على خيارين: إما «التأهيلي» وفق النظامين الطائفي والنسبي أو مجلس نيابي نسبي و«مجلس شيوخ» طائفي، أكدت مصادر «عين التينة» من جهتها لـ«المستقبل» أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري بات في طور وضع اللمسات الأخيرة على مشروع القانون النسبي الذي يعتزم طرحه في الفترة الأخيرة الفاصلة عن مهلة 15 أيار، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ بري يتريث في الإعلان عن مشروعه ريثما تنضج نتائج مشاوراته بهذا الخصوص مع مختلف الأفرقاء.

العقوبات الأميركية

في الغضون، برز أمس تحذير رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من التداعيات السلبية لمشروع قانون العقوبات المالية الأميركية المُرتقب صدوره عن الكونغرس، منبهاً أمام وفد مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان «تاسك فورس فور ليبانون»، الذي جال أمس على الرؤساء الثلاثة، إلى أنّ هذا المشروع الذي يجري إعداده «لفرض عقوبات جديدة على أحزاب ومؤسسات وأشخاص لبنانيين سيلحق ضرراً كبيراً بلبنان وشعبه، ولا يأتلف مع العلاقات اللبنانية – الأميركية التي يحرص لبنان على تعزيزها في مختلف المجالات»، وسط تشديد عون في المقابل على أنّ «لبنان يجري الاتصالات اللازمة للحؤول دون صدور القانون، ويرحب بأي جهد تبذله مجموعة العمل الأميركية في هذا المجال».

المياومون.. عود على بدء

ميدانياً، عاد ملف مياومي الكهرباء بشكل مفاجئ ليطغى على شريط الأحداث اليومية مع تداعي المياومين إلى تنفيذ اعتصام أمس أمام وزارة الطاقة والمياه حيث أحرقوا الإطارات المطاطية أمام مدخلها ومنعوا الوزير سيزار أبي خليل من دخول وزارته قبل أن ينتقلوا لاحقاً لقطع الطريق أمام مؤسسة الكهرباء وإقفال أبوابها. وسرعان ما اتخذت الأمور منحى تصعيدياً من المُفترض أن يتوالى فصولاً خلال الساعات الأخيرة خصوصاً في ظل نفي المكتب الإعلامي لوزير الطاقة نيته عقد اجتماع اليوم مع وفد المياومين السابقين وإعلان المياومين في المقابل الاستمرار في تحركهم اليوم حتى إقرار الوزارة بمطالبهم.

وبالتزامن، لفت تحرك مطلبي مماثل أمام وزارة الشؤون الاجتماعية نفذه المتعاقدون مع الوزارة وعمدوا خلاله إلى إقفال أبوابها اعتراضاً على قرار الوزير بيار بو عاصي إنهاء مشروع «البرنامج الوطني لرصد التحركات السكانية» باعتباره يُشكل هدراً على المالية العامة ويُشجع ما وصفه بو عاصي «البطالة المقنعة». وبعد ساعات من الهرج والمرج أمام مبنى الوزارة بين المتعاقدين المعترضين وعدد من مستشاري الوزير، لم تُفتح أبواب الوزارة إلا بعد الموافقة على طلبهم مقابلة بو عاصي، غير أنّ الاجتماع الذي عقده مع وفد المتعاقدين لم يخرج بأي نتيجة إيجابية ترضيهم تحت وطأة تبلغهم من وزير الشؤون إصراره على المضي قدماً بقراره وعدم التراجع عنه.