IMLebanon

الحريري يلتقي خادم الحرمين: شكراً السعودية

لبنان يتسلّم طلائع السلاح الفرنسي وزعيم «المستقبل» يبحث في واشنطن سبل تعزيز دعم الدولة

الحريري يلتقي خادم الحرمين: شكراً السعودية

بخلاف ما يشتهي المؤتمنون على استيراد الثورة الإيرانية الأمّارة بتفكيك الكيانات الوطنية العربية من خلال تصدير وتسليح مجموعات وفيالق عاملة على تنكيس مفهوم سيادة الدول وتحويله مرادفاً خاضعاً مرتهناً للأجندات الإقليمية، كان لبنان أمس على موعد مع جملة أحداث ومحطات تتقاطع في ما بينها عند رسم عبارة وحيدة في الأفق الوطني الرسمي والشعبي موسومةً بطابع العرفان والتقدير: شكراً السعودية. فبينما توجّه رئيس الحكومة تمام سلام في بيان «باسم اللبنانيين جميعاً بخالص الشكر إلى المملكة» مؤكداً الحرص على تمتين العلاقة بين البلدين «وإبعادها عن كل الشوائب»، عبّر الرئيس سعد الحريري خلال لقائه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في قصر اليمامة أمس عن الشكر على «حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره وعلى ما قدّمته من دعم للجيش اللبناني»، في وقت كانت المؤسسة العسكرية تتسلّم في مطار رفيق الحريري الدولي طلائع شحنات السلاح الفرنسي المموّل بموجب هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية، بحضور وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره اللبناني نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي والسفيرين السعودي علي عواض عسيري والفرنسي باتريس باولي وسط حفل رسمي وعسكري حاشد أشاد خلاله المتحدثون باسم الدول الثلاث بأهمية الهبة السعودية والشراكة الحاصلة بنتيجتها بين بيروت والرياض وباريس لتعزيز قدرات الدولة اللبنانية في مواجهة الإرهاب ومختلف التحديات التي تواجهها عسكرياً وأمنياً سواءً عند الحدود أو في الداخل.

إذاً استقبل الملك سلمان في مكتبه في قصر اليمامة الرئيس الحريري في حضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان. وأوضح المكتب الإعلامي للحريري أنه «عبّر خلال الاستقبال عن الشكر لخادم الحرمين الشريفين على حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره وعلى ما قدمته من دعم للجيش اللبناني لزيادة درجة جاهزيته وقوته لمواجهة الإرهاب والدفاع عن حدود لبنان، خصوصاً أنّ الجيش اللبناني تسلّم اليوم (أمس) أولى المساعدات العسكرية ضمن مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار قدمتها له المملكة العربية السعودية».

.. إلى واشنطن

ومن الرياض توجّه الحريري أمس إلى واشنطن في زيارة تستمر أكثر من أسبوع ويعتزم خلالها عقد سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين للتباحث معهم في التطورات والمستجدات على المستويات الإقليمية والدولية فضلاً عن استعراضه مع الإدارة الأميركية سبل تعزيز التعاون بين البلدين لا سيما لناحية دعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية.

حفل التسليم والتسلّم

وكان لبنان الرسمي قد احتفل صباحاً في القاعدة الجوية لمطار رفيق الحريري الدولي بوصول الدفعة الأولى من الأسلحة الفرنسية المقدمة للجيش بموجب اتفاقية الهبة السعودية، والتي تضمنت تزويد الفوج المضاد للدروع شحنة «مزاحف وصواريخ «ميلان» حديثة الصنع من شأنها تحقيق نقلة نوعية في أداء الجيش خلال مختلف الظروف القتالية» وفق ما أوضح قائد الفوج العميد الركن جانو حداد في معرض تفنيده أهمية هذه الشحنة.

وفي حين شدد مقبل خلال الحفل على أنّ «انتصار لبنان في مواجهة الإرهاب يعتبر انتصاراً أيضاً لكل الدول القريبة والبعيدة المهددة بهذا الإرهاب الذي لا يرتبط بدين أو بجنسية»، أعرب لودريان عن أنه « في ظل الفوضى المحيطة كان لا بد لأصدقاء لبنان وحلفائه أن يجندوا قواهم للمساهمة في تحصين أمنه واستقراره»، خاصّاً بالذكر في هذا المجال «الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وخادم الحرمين الملك سلمان اللذين جمعتهما مع الجمهورية الفرنسية الإرادة للمساهمة في هذا المجهود» من خلال الاتفاقية السعودية الفرنسية لتسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار. وإذ كشف عن وصول الشحنة التالية من الأسلحة الفرنسية «الشهر المقبل» في إطار شحنات ستصل تباعاً إلى بيروت على مدى الأشهر الـ48 المقبلة، لفت وزير الدفاع الفرنسي إلى أنّ وصول الشحنة الأولى يجسد «بداية لحقبة جديدة تدخل لبنان وعلاقاته الدفاعية الثنائية مع فرنسا في بُعد جديد». 

بدوره، وضع السفير السعودي عملية تسليم وتسلّم شحنة السلاح الفرنسي في إطار كونها «رسالة لمن شكّك في صدق المملكة وإخلاصها في هذه الهبة»، وقال في المناسبة: «الرسالة للبنان هي أننا ننظر إليه كحكومة وكشعب ولا نتأثر بما يصدر عن أجزاء بسيطة في هذا البلد، فعلاقة المملكة بلبنان فوق كل ما سمعنا من مهاترات للأسف تدعو إلى الفتنة. نحن ندعم الجيش الذي هو درع لبنان ويحمي كل لبناني ونحمي الشرعية (…) هذه سياسة المملكة التي تدعم الحكومات ولا تدعم غيرها»، مضيفاً: «إنها رسالة صدق ومحبة من القيادة السعودية للشعب والحكومة والشرعية في لبنان، وأي جزء قد ضلّ الطريق من هذه الفئة نحن لا نوليه أي اهتمام ولا نعتبره».

سلام: نعتز بالعلاقة

مع المملكة

ولاحقاً، جال وزير الدفاع الفرنسي على كل من رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء تمام سلام في عين التينة والسرايا الحكومية حيث استعرض لودريان مراحل تسليم الأسلحة الفرنسية بموجب الهبة السعودية. وبعد اللقاء أصدر سلام بياناً لمناسبة تسلّم الجيش الشحنة العسكرية الفرنسية الأولى توجّه فيه «باسم اللبنانيين جميعاً بخالص الشكر إلى المملكة على مبادرتها الأخوية التي تعكس حرصها الدائم على لبنان وعزّه ومنعته»، وأضاف: «إننا نؤكد بهذه المناسبة اعتزازنا بالعلاقة الأخوية التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية وحرصنا على تمتينها وإبعادها عن كل الشوائب. كما نؤكد أنّ الشعب اللبناني لن ينسى من وقف معه في الشدائد ولن يبادله إلا المحبة والتقدير والوفاء». كذلك شكر رئيس الحكومة الجمهورية الفرنسية ورئيسها فرنسوا هولاند «الذي أظهر دائماً صداقة حقيقية تجاه لبنان وشعبه».

وبعد قيام وزير الدفاع الفرنسي بزيارة لكتيبة بلاده العاملة في إطار قوات الأمم المتحدة المؤقتة «يونيفل» في مقر قيادتها في بلدة دير كيفا في الجنوب مؤكداً أمام الضباط الفرنسيين أنّ «أمن لبنان ليس فقط مهماً للمنطقة بل أيضاً لأوروبا»، أولم السفير باولي في قصر الصنوبر مساءً على شرف لودريان قبيل مغادرته بيروت بحضور ممثلين عن بري وسلام وحشد سياسي وديبلوماسي وعسكري وأمني واقتصادي وإعلامي، وكان للضيف الفرنسي كلمة مطوّلة خلال حفل الاستقبال تطرق فيها إلى جملة عناوين استراتيجية تتمحور حول الأوضاع في المنطقة مع التركيز على عمق العلاقات والروابط التي تجمع بين فرنسا ولبنان.