IMLebanon

اشتباك بري ـ عون يهزّ الحوار و«الترقيات»

احتكاك في أسلاك «الكهرباء»: معامل متعثرة وتجاذب مالي

اشتباك بري ـ عون يهزّ الحوار و«الترقيات»

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والتسعين بعد الاربعمئة على التوالي

عاصفة مفاجئة هبت أمس على طاولة الحوار وتسوية الترقيات العسكرية، تحت وطأة الاشتباك الكهربائي ـ ذي البطانة السياسية ـ الذي اندلع بين «الرابية» و«عين التينة»، وما رافقه من مواقف حادة للعماد ميشال عون الذي هدد بالانسحاب من الحوار، بعدما اشتبه بإضافة بند استفزازي الى مشروع التسوية، يتعلق بتعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، الامر الذي دفعه الى رسم المعادلة الآتية: «لا مدير لقوى الامن قبل تعيين قائد الجيش».

وقد فاجأ تلويح عون بمقاطعة الحوار أوساط «عين التينة» التي لفتت الانتباه الى ان تسوية الترقيات ليست في الاساس جزءا من جدول أعمال الحوار، وإن يكن إقرارها سينعكس إيجابا عليه، مشيرة الى ان «الجنرال» خاض بالامس معركة وهمية ضد بند افتراضي في التسوية، علما ان تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، لم يُطرح خلال المشاورات، سوى مرة واحدة من احدى شخصيات «المستقبل»، إنما من دون ان يبنى على ذلك.

وشددت الاوساط على انه لم تكن هناك نية في الاصل لفتح معركة مع عون، «بل ان بري أقرب الى وجهة نظره في المفاوضات الجارية حول تسوية الترقيات، ما يجعل الهجوم الذي شنه الجنرال على وزير المال علي حسن خليل مستغربا في هذا التوقيت».

ويبدو ان عون ليس متحمسا لدفع أي ثمن، من أجل أي تسوية كانت، من شأنها ان تختزل أهدافه ومطالبه بمجرد ترقية للعميد شامل روكز، قد يجري تأويلها وإعطاؤها البعد الشخصي، وهو الذي يعتبر ان المعركة التي يخوضها أوسع وأكبر من ذلك بكثير.

وهناك من يهمس في أذن عون بانه ليس مضطرا لقبول تسوية مختَزَلة وتقزيم معركته الى «ترقية»، وإذا كان الامر يتعلق بمستقبل روكز وحقوقه، فان الفرص مفتوحة امامه، وفي حال لم يُعيّن لواء يمكن ان يصبح وزيرا.

وبرغم اهتزاز مشروع التسوية، إلا انه لم يسقط، بل ان الاتصالات استمرت لمعالجة عقبتي الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب، بعدما أبدى الرئيس سعد الحريري موافقته عليه.

وفي السياق ذاته، واصل وزير الصحة وائل أبو فاعور مشاوراته في أكثر من اتجاه لتذليل العقبات التي لا تزال تحول دون «تسويق» تسوية الترقيات، وذلك تمهيدا لانعقاد مجلس الوزراء في الأسبوع المقبل.

وقال أبو فاعور ان ما نشر في «السفير»، أمس، حول السلة المتكاملة للتسوية كان دقيقا للغاية باستثناء البند المتعلق بتعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي، مؤكدا لـ «السفير» أن هذا البند لم يكن ضمن التسوية المطروحة، ومشيرا الى أنه سيواصل في الساعات المقبلة اتصالاته، خصوصا مع الرئيس سليمان ورئيس «الكتائب» سامي الجميل.

الحريري يستعيد «المبادرة»

وفي موقف لافت للانتباه، اعتبرت «كتلة المستقبل» بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السينورة ان تحقيق توافق سياسي في بعض الشؤون قد يشكل حزام أمان اضافيا في هذا الظرف بالذات، على طريق اعادة الاعتبار للمؤسسات وللدستور، مجددة في هذا الخصوص تأييدها للمواقف التي يتخذها الرئيس سعد الحريري.

وشدد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على انه «اذا كانت الترقيات العسكرية هي جزء من الاستقرار السياسي وجزء من صحة العمل الحكومي فالرئيس الحريري يوافق بالتأكيد على الترقيات».

ويبدو واضحا ان الحريري يحاول استعادة المبادرة في تياره، بعد «اللامركزية» التي طبعت مواقف قياداته مؤخرا، خصوصا حيال مسألة الترقيات العسكرية التي أظهرت تمايزا بين الحريري والسنيورة، بحيث أتى بيان الكتلة أمس ليؤكد الانتظام تحت سقف رئيس التيار، بعدما كان السنيورة قد ذهب بعيدا في اجتهاداته.

سليمان و «الكتائب»

في المقابل، لا يزال الرئيس ميشال سليمان معترضا على التسوية المقترحة، عبر وزرائه في الحكومة، لاسيما وزير الدفاع سمير مقبل، المعني الاول بالتعيينات العسكرية والترقيات، كون اقتراح الترقية يصدر من وزير الدفاع ليمرّ عبر الامانة العامة لمجلس الوزراء ثم يصل الى طاولة الحكومة للتصويت او التوافق عليه.

وردا على احتمال حصول ضغوط لإقناع سليمان بقبول التسوية، قالت أوساط كتلته لـ «السفير»: قد يسحقوننا.. لكنهم لن يأخذوا توقيعنا.

طعن بالتمديد لقهوجي!

الى ذلك، وفي خطوة غير مسبوقة، تقدم العميد المتقاعد حبيب اسكندر بمراجعة امام مجلس شورى الدولة، طلب فيها إبطال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وعلمت «السفير» ان مخابرات الجيش استدعت اسكندر ليل أمس الى التحقيق، خصوصا ان هذه الخطوة غير مألوفة في تاريخ المؤسسة العسكرية.

بري «ينتفض»

وعلى وقع الاحتدام السياسي، أكد الرئيس بري امام زواره أمس ان أزمة النفايات لم تعد تُحتمل، ملاحظا ان القرارات التي اتخذت لمعالجتها لم تُنفذ، حتى الآن، «وهذا أمر غير مقبول وليس له أي تفسير».

ونبه الى ان الوضع الناتج عن تراكم النفايات بات لا يطاق، مشددا على ان المطلوب المباشرة فورا في تطبيق الخطة التي تم الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، ولو بالحزم و «الحزمين» إذا اقتضى الامر.

واعتبر ان الحرص الذي يبديه الرئيس تمام سلام يجب ان يكون له حدود، داعيا الى وضع حد لسياسة الانتظار، «وإذا كان البعض يتخوف من ان تتحول الحكومة الى تصريف الاعمال، فأنا أقول ان تصريف الاعمال هو بالتأكيد أفضل من الوضع القائم».

ودعا الى الكف عن التفاوض في ملف النفايات، مشيرا الى انه من غير الجائز ان تتعطل الخطة لمجرد ان قلة هنا او هناك تعارضها، ومحذرا من ان ما تبقى من هيبة الدولة أصبح على المحك، «وإذا كنا غير قادرين على تنفيذ قرار فما الجدوى من وجودنا؟».

وأكد بري ان الاولوية هي لمعالجة أزمة النفايات، «وقبل الانتهاء منها، لن اقبل بان يكلمني أحد من السياسيين في أي ملف آخر، لا ترقيات ولا غيرها، لان دولة تعجز عن إزالة الزبالة ليست مؤهلة للخوض في أي شأن».

وأضاف: صرنا نستحي من الذهاب الى طاولة الحوار، لاننا نمر في الطريق بين أكوام النفايات، متسائلا عما إذا كان يُعقل ان الدولة لا تمون على قطعة أرض من أملاكها، لتطمر النفايات فيها.. ما هذا؟

وتابع: ان ما يحصل لا يقبله عقل ولا منطق، «وبعد شوي بدي شارك شخصيا في الحراك»، إذا بقي الواقع المزري على حاله.

يشار الى ان اجتماعا عقد مساء امس في وزارة الزراعة استمر حتى منتصف الليل ضم الوزيرين اكرم شهيب ونهاد المشنوق مع عدد من الخبراء البيئيين، تناول البحث فيه بنود الخطة التي اعلنها شهيب لمعالجة ازمة النفايات والتحفظات بشأنها، وقال شهيب بعد الاجتماع انه تم التفاهم في شأن معظم النقاط، فيما اشار الخبراء البيئيون الى انهم سينقلون نتيجة الاجتماع الى الحراك المدني.

احتكاك كهربائي

وكانت شرارة التوتر المتجدد بين بري وعون قد اندلعت خلال اجتماع لجنة الاشغال والطاقة الذي تخلله سجال حاد بين خليل ووزير الطاقة آرتور نظاريان وبعض مستشاريه، على خلفية واقع الكهرباء ومسار مشاريع «الطاقة»، وسط تساؤلات تنتظر أجوبة واضحة عمن يتحمل المسؤولية عن تأخير تنفيذ معمل «دير عمار 2» وتركيب المولدات العكسية في معملي الذوق والجية؟

وأبلغت مصادر وزارة المال «السفير» ان الاموال المتعلقة بمشاريع وزارة الطاقة تُدفع وفق الاصول منذ 11 شهرا، بناء على قرار مجلس الوزراء، موضحة انه قد يحصل تأخير أحيانا، لكن لا أبعاد سياسية له، بل هو تأخير إجرائي يحصل مثله مع الاموال المستحقة لوزارة الاشغال او لمجلس الانماء والاعمار.

وأوضحت المصادر ان القضية في الاساس تقنية – فنية، وكل ما فعله الوزير خليل في لجنة الاشغال انه رد بالوثائق والوقائع على الاتهامات التي كان أحد مستشاري وزير الطاقة أرتور نظاريان قد وجهها الى وزير المال، حول عرقلته مشاريع الطاقة.

ولفتت المصادر الانتباه الى انه يجب الاخذ بعين الاعتبار ان وزارة المال معنية بتسديد الحقوق المالية للبلديات، وما ترتبها من مبالغ طائلة، وبالتالي فان الوزارة تعتمد التوازن في الانفاق، والوزير علي حسن خليل هو المسؤول الوحيد عن جدول الصرف.

وبعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح» اتهم عون وزارة المال بعدم دفع الاموال لمتعهدي وزارة الطاقة موضحا انه كلف رئيس لجنة الموازنة استدعاء وزير المال لطرح تساؤلات وشكاوى المواطنين عليه، إضافة إلى «شبهات» أخرى، تسببت بكلفة مالية إضافية.

ولاحقا رد خليل على عون متحديا إياه وهو الذي «تعود على التحديات الخاسرة، ان يعلن عما هي الشبهات التي لم يتكلم عنها، ليبنى على الامر مقتضاه».