IMLebanon

مناقصة الخلوي تفتح قطاع الاتصالات أمام إسرائيل؟

 

من سيفوز بمناقصة إدارة رخصتَي الخلوي؟

في 8 تشرين الأول الجاري يُفتَرَض أن يُعلن اسم الفائز. لكن ذلك سيفتح الباب أمام إشكاليات عدة، كان يفترض معالجتها قبل الوصول إلى الموعد المحدد لفض العروض.

قطاع الاتصالات ليس قطاعاً اقتصادياً بحتاً. أهميته، لا بل خطورته، تكمن في بعده الأمني. لذلك، فإن أي مقاربة للقطاع تتخطى علاقته الجوهرية بالأمن الوطني هي مقاربة ناقصة. هذا معيار تضعه كل الدول التي تحترم سيادتها الوطنية.

في وزارة الاتصالات تأكيد أن المناقصة «تخضع للقوانين اللبنانية، لا سيما قانون مقاطعة إسرائيل»، لكن ذلك لا يستوي مع قبول ثلاث شركات اتصالات (في المناقصات) على علاقة بإسرائيل، هي «أورانج» الفرنسية، «فودافون» الإنكليزية و «داتاكوم» الألمانية.

وإذا كانت حملات مقاطعة إسرائيل حول العالم قد بدأت تفعل فعلها، خصوصا في القارة الأوروبية، ردا على الجرائم وحملات الاستيطان الاسرائيلية، فإن شركة «أورانج» التي تملك شركة «موبينيل» المصرية نالت نصيبها من هذه المقاطعة أيضاً. كما تعرضت لضغوط كبيرة من حملة مقاطعة إسرائيل في مصر لفض شراكتها مع شركة «بارتنر» الإسرائيلية.

فالحملة المصرية، أعلنت أن شركة «أورانج»، إضافة إلى بنائها محطاتها في المستوطنات الإسرائيلية، تدعم وحدتَين عسكريتَين في الجيش الاسرائيلي، إحداها اقتحمت رفح وقتلت 250 فلسطينيا، وقدمت دقائق مجانية لجنود الاحتلال أثناء حرب غزة الأخيرة، ودعمت الجيش بمحطات تقوية متحركة. وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن قائد وحدة عسكرية أن «منصة إيزوز» الخاصة بـ «أورانج» «وفرت لجنودنا دعمًا هائلاً خلال مهاجمة منازل تحصن فيها عناصر من حماس في بلدة دير البلح وتسويتها بالأرض».

أين لبنان من دور شركة شريكة في قتل الفلسطينيين؟ وأين هو من شراكة «أورانج» مع الاحتلال الإسرائيلي؟

إذا لم يكن ذلك كافياً لإقناع البعض، فأين لبنان من حماية أمن مواطنيه اللبنانيين، خصوصا أنه لا يتوقع من شركة منغمسة بالمصالح الإسرائيلية الى هذا الحد أن تلعب دورا حيادياً في الحرب الأمنية المحتدمة بين لبنان وإسرائيل.

صحيح أن الشركة الفرنسية ترد على منتقديها بالتأكيد أن الشراكة تقتصر على استخدام علامتها التجارية، لكن الأكيد أيضاً أن الرئيس التنفيذي للشركة، وبعد أن أعلن من مصر استعداده لفض الشراكة مع «بارتنر» عاد ورضخ للضغط الإسرائيلي، معلناً أن «أورانج باقية في إسرائيل»، مضيفاً: «نحن نحب إسرائيل»، فكيف سيصرف هذا «الحب» في لبنان؟

سؤال على المعنيين بالمناقصة الإجابة عنه، علماً أن «أورانج» الإسرائيلية تصر على تقوية البث باتجاه الأراضي اللبنانية، وهو ما يعرفه معظم أهالي الجنوب، الذين يلتقطون إرسالها من قراهم. وعليه، هل ثمة من يتخيل كيف سيكون الوضع مع تداخل إشارات البث للشركتين اللبنانية والإسرائيلية؟ وحتى مع افتراض أن لبنان قادر على ضبط أمن الشبكات، وهو ما يستبعده معظم العاملين في القطاع، هل ثمة من يضمن تخلي إسرائيل عن هذه «الفرصة الأمنية»؟

لم ترقَ علاقة «داتاكوم» و «فودافون» مع إسرائيل إلى مستوى علاقة «أورانج» بها، لكن الظن بهما واجب. فالشركة الإنكليزية تملك فرعاً هناك أيضاً. كما تقدم خدمات الملاحة لعدد من الشركات الإسرائيلية. أما شركة «داتاكوم» («داتش تيليكوم») فترتبط بمشاريع مع جامعات إسرائيلية، لا سيما منها جامعة بن غوريون. لكن الأهم بالنسبة للبنان، أنه عايش تجربة مباشرة مع الشركة التي كانت تدير «ألفا»، خصوصاً أن المديرة التنفيذية لشركة «فال ديتي» وممثلة الشريك الألماني «داتش تيليكوم» انيكي بوتر غادرت في العام 2008 لبنان، من دون إبلاغ وزارة الاتصالات وإدارة الشركة والموظفين. حينها تردد أن قسماً من «الداتا» قد اختفى، كما تم التطرق إلى دور مشبوه لها في حرب تموز 2006.

الحرص واجب، والقطاع الذي يشكل كنزاً استخبارياً بالنسبة للأجهزة الأمنية في الداخل، هو أيضاً كنز استخباري لإسرائيل التي تثبت التجربة أنها لم تترك وسيلة إلا وحاولت من خلالها اختراق الشبكات اللبنانية. المشكلة الأساس، بحسب خبير اتصالات مطلع على ملف الخروقات الإسرائيلية، أن الدولة اللبنانية لا تزال تتعامل مع الموضوع باستخفاف. وعليه، فإن على المعنيين الإجابة على السؤال التالي: هل يمكن تطوير القطاع من دون سد الثغرات الأمنية، أم أن الأولوية تبقى للصفقات، ولو على حساب أمن اللبنانيين؟(راجع ص 3)