IMLebanon

إسرائيل «تنكفئ» نفطياً: التنقيب قرب لبنان مؤجل؟

خرق بَرّي معادٍ قرب «مزارع شبعا».. ومهلة لاحتواء الموقف

إسرائيل «تنكفئ» نفطياً: التنقيب قرب لبنان مؤجل؟

بينما يحترف لبنان المتخبّط في أزماته فنّ إضاعة الوقت، تسعى اسرائيل الى أن تملأه على طريقتها التوسّعية والعدوانية. فقد صعّد العدو الموقف في منطقة مزارع شبعا ومحيطها، وأمعن في خرق السيادة الوطنية، بمحاولته شقّ طريق عسكرية في داخل الأراضي اللبنانية في خراج مزارع شبعا المحتلة، وتحديداً في منطقة الشحل مروراً بمحاذاة بركة النقار، الأمر الذي أدى الى استنفار ميداني، على ضفتي الحدود.

أما بحراً، فإن اسرائيل أعطت إشارة الى خضوعها لقواعد اللعبة التي رسمتها المقاومة، مع قرارها بعدم التنقيب عن النفط والغاز في نقاط بحرية متنازع عليها مع لبنان، تجنّباً لأي مواجهة إقليمية محتملة.

وقد أثار الخرق الإسرائيلي البرّي الفاضح، في منطقة «المزارع»، توتراً حدودياً كبيراً، دفع الجانب اللبناني الى تسجيل اعتراض شديد لدى قيادة القوات الدولية («اليونيفيل»)، فيما عُلم أن مهلة 24 ساعة أعطيت لـ «اليونيفيل» من أجل معالجة الوضع ووقف الأشغال الإسرائيلية المتمادية، وإلا فان تحركاً شعبياً سيحصل في اتجاه قوات الاحتلال، على الأرض، لمنعها من مواصلة أعمال شق الطريق.

والمفارقة، أن السحر انقلب على الساحر أثناء انتهاك العدو للسيادة اللبنانية، حين انزلقت جرّافة إسرائيلية خلال عملية التجريف واصطدمت بناقلة جند عسكرية معادية، ما أدى الى سقوط إصابات عدة في صفوف جنود الاحتلال، سارعت سيارات الإسعاف وإحدى الطوافات الى إجلائهم من المكان، تحت مراقبة العيون اللبنانية.

وفي المعلومات، أن العدو يحاول استحداث الطريق، خارج الشريط الشائك، بمسافة تمتد قرابة كيلومترين طولاً وتتراوح بين 50 و100متر عرضاً، في داخل الأراضي اللبنانية، مع الإشارة الى أنه سبق للبنان أن تحفّظ على الخط الأزرق الذي يمرّ خلف السياج الشائك بعمق 50 الى 60 متراً في الأراضي المحرّرة، ما يعني أن هذه المنطقة هي في الحد الأدنى، متنازع عليها، ولا يحق للعدو بأي شكل من الأشكال اختراقها أو التصرف بها.

ويبدو أن العدو الإسرائيلي كان قد أبلغ قيادة القوات الدولية، قبل فترة، بنيّته استحداث الطريق، فرفضت، لكنه أصرّ على المضي في «ورشة التوسّع».

وقد حذّرت جهات لبنانية قائد «اليونيفيل» أمس من التداعيات التي يمكن أن تترتب على الخرق الإسرائيلي الذي يشكّل قضماً لجزء من التراب اللبناني، مؤكدة أن القوات الدولية تتحمل مسؤولية معالجة الواقع المستجد، وإلا فإن الموقف قد يتطور نحو الأسوأ، ما لم يتم تداركه سريعاً.

وعُلم، ان «رسالة التنبيه» أخذت على محمل الجد في الناقورة، وسط خشية لدى قيادة القوات الدولية من ردود الفعل التي يمكن ان يتسبب بها التمدد الاسرائيلي خارج نطاق السياج الشائك، في منطقة شبعا المعروفة بحساسيتها الحدودية والعسكرية.

وتفقّد المنطقة قائد اللواء التاسع في الجيش اللبناني العميد الركن جوزف عون، وقائد القطاع الشرقي في «اليونيفيل» الجنرال الفريدو بيريث دي اغوادو، وقائد الكتيبة الهندية العقيد ديرندرا سينغ، للاطلاع ميدانياً على الأشغال الإسرائيلية تمهيداً لوضع تقرير مفصّل ورفعه الى السلطات المعنية.

مكابح اسرائيلية في البحر

الى ذلك، وبعد أيام قليلة من الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في بنت جبيل، لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لانتصار تموز 2006، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن الحكومة الإسرائيلية، وتجنّباً لتفجير الموقف مع لبنان، عمدت إلى منع التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها.

وكان نصرالله قد ضمّن خطابه رسالة تحذير «نفطية» الى العدو الاسراِئيلي، بقوله: اليوم نحن لدينا فرصة، وبسبب نتائج حرب تموز، وبسبب الردع المتبادل، كل الناس تعرف انه يوجد هنا نفط ويوجد هناك نفط، واضح؟ وهنا يوجد غاز وهناك يوجد غاز، وهنا ستعمل منشأة بالأراضي اللبنانية، وهناك توجد منشأة بالأراضي الفلسطينية، وفهمكم كفاية. وأضاف: لبنان اليوم في وضع قادر على أن يحمي نفطه وغازه، وكل ما عليه هو أن يأخذ قراراً ليستخرجهما، ويحل مشكلاته الاقتصادية والمعيشية والمالية.

ومن الواضح، أن عبارة «فهمكم كفاية» أدّت غرضها، وبالتالي، نجحت المقاومة في تحقيق توازن ردع مع إسرائيل، دفعها الى لجم اندفاعتها النفطية الاستثمارية، عند الحدود البحرية مع لبنان، خصوصاً في النقاط المتداخلة.

وأفادت «يديعوت أحرونوت» أن هذه المنطقة (المتنازع عليها) تنطوي على احتمالات عالية بوجود مخزون غاز يدخل إلى داخل المنطقة اللبنانية، مشيرة إلى أن الفحوصات التي أجريت على أرضية البحر بيّنت أن قسماً كبيراً من الخزان القائم قبالة رأس الناقورة يمتد خلف الحدود إلى داخل لبنان، وإسرائيل تفضّل عدم الدخول في مغامرة متفجّرة كهذه.

وأوضحت الصحيفة أن وزارة الطاقة الإسرائيلية صادقت مؤخراً على خريطة جديدة تقرر المناطق المستقبلية المسموح التنقيب عن الغاز والنفط فيها داخل المياه الاقتصادية الحصرية في البحر المتوسط. وقد شطبت هذه الخريطة معظم التصاريح القديمة، عدا المناطق التي يوجد فيها غاز بشكل مؤكد.

ويمكن في الخريطة الجديدة العثور على ترخيص مثير للاهتمام ما زال قائماً، وهو يقع على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. وهذا الترخيص يسمى «ألون د» وتملكه شركتا «ديلك و «نوبل إنرجي». سبق أن أعلن في الماضي عن أن إسرائيل تمنع تنفيذ عمليات تنقيب في نطاق هذا الترخيص بسبب قربه من الحدود البحرية، ليتبين حالياً السبب الحقيقي وراء ذلك وهو الخشية من تفجير الموقف مع لبنان و «حزب الله».

وخلافاً لـ «ألون د»، فإن هذه المشكلة لا تشمل حقلي «تمار» و «لفيتان» الواقعين في عمق المياه البحرية الإسرائيلية.

وقد أظهرت الفحوصات السسمولوجية أن البنية الجيولوجية تحت الأرض في هذا الموقع يمكنها أن تحوي مخزوناً كبيراً من الغاز، وهو يقع بالضبط على ذات الأرضية التي اكتشف فيها حقلا «تمار» و «لفيتان».

وأوضحت «يديعوت» أن فحص الخرائط السسمولوجية يظهر أن قسماً كبيراً جداً من بنية المخزون تقع داخل الأراضي اللبنانية. وعندما طلبت الشركات صاحبة الترخيص بدء التنقيب، تم التوضيح لها أن هذا لن يحدث قريباً، برغم احتمالات أن يقرر اللبنانيون البدء منفردين بالتنقيب في منطقتهم واعتبار الحقل كله ملكهم.

وأشارت الصحيفة إلى وجود نزاع على الحدود مع اللبنانيين في البحر. لذلك فإن رسم الخريطة الجديدة أشار إلى ثلاثة «بلوكات» تنقيب، حيث تظهر المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وترخيص «ألون د» لا يدخل ضمن هذه المنطقة، لكن هناك خشية من أن العثور على الغاز فيه سيفجّر صراعاً مع اللبنانيين هو ما يمنع التنقيب حالياً.