IMLebanon

لماذا رفض «حزب الله» الاجتماع بشكري؟

عون يسعى لتعطيل جلسة الخميس.. و«الحلفاء» مُربكون!

لماذا رفض «حزب الله» الاجتماع بشكري؟

كتب المحرر السياسي:

الأبواب الرئاسية مقفلة أمام جميع المرشحين حتى الآن. لا استثناءات، برغم محاولات بعض اللاعبين المحليين إحداث خرق في جدار محكم الإغلاق.. خارجيا بالدرجة الأولى.

أما الخارج، فلا يملك نظرة موحدة ازاء لبنان. الأميركيون ليسوا مستعدين لتشغيل محركاتهم أبعد من حماية الاستقرار. الفرنسيون يعوّلون على اجتماعاتهم مع كل من الايرانيين والسعوديين في الخريف المقبل. الروس لا يقاربون ملف لبنان الا من خلال نظرتهم الى موجبات المعركة التي يخوضونها على أرض سوريا، حتى أن من كان يراهن على اجتماعات تعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أيلول المقبل، خاب رهانهم، بعدما تقرر إرجاء اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان.. حتى إشعار آخر!

وحدهم المصريون، ولأسباب اقليمية لا تقنع الرأي العام المصري نفسه قبل الرأي العام اللبناني، قرروا الانضمام الى «مسرحية الوقت الضائع»، لعلهم يصنعون «مبادرات» ولو «إعلامية» وعلى «الطريقة البلدية». هم بحاجة الى تظهير قصة «الدور الاقليمي» برغم عدم تحررهم من المساعدات الخليجية وخصوصا السعودية والاماراتية، ولذلك، قرروا أن يجسوا نبض القيادات اللبنانية.

قرع المصريون أبواب الرئيس نبيه بري. هم كانوا قد سمعوه في القاهرة يعوّل على عودة دور مصر العربي القيادي المحوري. أيضا شدد على أهمية دور الأزهر. أخذ على الايرانيين والمصريين أنهم لم يقوموا بمبادرات تؤدي الى تطوير العلاقات وجعلها نموذجا لكل العلاقات العربية والاسلامية.

عندما قرر وزير خارجية مصر سامح شكري زيارة بيروت، كان حريصا على إطلاق مبادرة ما. حاول فريق السفارة في بيروت ترتيب عشاء سياسي يضم جميع أركان طاولة الحوار، بمن فيهم سمير جعجع وأمين الجميل. اصطدموا بتحفظ رئيس مجلس النواب. اعتبر أنه عدا أسبابه الأمنية القاهرة، ثمة إشكال بروتوكولي: تلبية دعوة كهذه ستفرض تلبية أية دعوة مماثلة في المستقبل. كان لا بد من الاعتذار.. السبب الفعلي الذي جعل بري يتحفظ ويدفع باتجاه تأجيل موعد الزيارة، هو التوقيت. فقد اختار شكري بيروت ثاني محطة له بعد تل أبيب!

أما المفارقة المضحكة المبكية، فتتمثل في إلحاح السفارة المصرية على تأمين موعد للقاء بين سامح شكري وأحد قياديي «حزب الله»، حتى أن سفير مصر تواصل مباشرة لأجل ذلك مع الوزير حسين الحاج حسن الذي استمهل، قبل أن يعطي جوابه النهائي بالاعتذار عن عدم لقاء وزير خارجية مصر!

أما المقصود بالمفارقة، فيتمثل بتزامن السعي للاجتماع بـ «حزب الله» مع إصدار القضاء المصري أمرا في اليوم نفسه بالتحقيق مع القيادي الناصري حمدين صباحي ورئيس «حزب مصر القوية» عبد المنعم أبو الفتوح بتهمة التخابر مع «حزب الله» اللبناني، و «الحرس الثوري الإيراني»!

أما التتويج الفعلي لزيارة سامح شكري، فيمكن الاستدلال عليه من خلال إبراز عيّنة من نقاشات العشاء السياسي «الموعود» في دارة السفير المصري في دوحة عرمون. قال شكري اننا نريد مساعدة اللبنانيين في إطار أي حراك اقليمي، فمن أين نبدأ؟ قال له ميشال سليمان ان لا شيء قابل للحل ما دام هناك سلاح غير شرعي يؤدي الى إنتاج دولة ضمن الدولة. أكمل فؤاد السنيورة بالوتيرة ذاتها، داعيا الى ممارسة ضغوط دولية واقليمية على ايران بوصفها وحدها القادرة على «المونة» على السيد حسن نصرالله!

لم يغادر سمير جعجع السكة نفسها، معتبرا أن هناك جهة لبنانية وحيدة لا تريد الانتخابات الرئاسية. لم يأت على ذكر تبنيه لترشيح «الجنرال». سارع كل من روني عريجي وعلي حسن خليل الى الرد، وخصوصا على ميشال سليمان. وكعادته، عرض جبران باسيل لمعادلة الرئيس الماروني القوي، متجاهلا الانتقادات القاسية التي تناولت حليفه «حزب الله». أما العماد ميشال عون، فقد أثار مسألة الميثاقية والشرعية. كرر أكثر من ثلاث مرات أمام الضيف المصري أن جوهر الأزمة أننا أمام مجلس نيابي فاقد للشرعية وغير دستوري منذ سنتين ونصف سنة، وهي العبارة التي تلخص جوهر الأزمة القائمة بينه وبين رئيس مجلس النواب منذ أكثر من سنتين حتى الآن.

انتهى العشاء وكأن شيئا لم يكن. غادر سامح شكري. في اليوم التالي، جاءت أسئلة الديبلوماسيين الغربيين، وخصوصا الأميركيين (كانوا قد أوعزوا لصندوق النقد الدولي بإقراض مصر 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات)، عن نتائج تلك الزيارة الملتبسة، أكثر تعبيرا عن وظيفتها الحقيقية..

ماذا بعد؟

لأن الأبواب الرئاسية مقفلة، يتعاظم التأزم السياسي، فيجد تعبيرات له في معارك التعيينات العسكرية والأمنية والنفايات الطائفية والمناقصات المريبة.. ولا بأس بزيارات «استطلاعية» أو زيارات دعم واضحة كتلك التي يقوم بها للبنان، اليوم، قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال جوزيف فوتيل، ويتخللها لقاء اساسي مع قائد الجيش العماد جان قهوجي.

في غضون ذلك، وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يعدل «التيار الوطني الحر» موقفه من التعيينات. ألح «التيار» على حلفائه في «8 آذار» أن يتضامنوا معه في مقاربة الوضع الحكومي في ضوء قرار تمديد ولاية اللواء محمد خير في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع، وهو قرار سيسحب نفسه على باقي التعيينات العسكرية، وخصوصا في موقع قيادة الجيش (تثبيت قهوجي لسنة واحدة وأخيرة)، إذ إن معظم القوى السياسية، باستثناء «التيار الوطني الحر» ترفض معادلة الفراغ ولو لدقيقة واحدة في هذا الموقع الحساس.

الخيارات التي يناقشها «تكتل التغيير» في اجتماع نوابه ووزرائه، اليوم، تتراوح بين تعطيل جلسة الحكومة المقررة الخميس و «العصيان المدني» مرورا بعدم التوقيع والتظاهر. لكن ثمة إشكالية تعيق بلورة توجه واضح في الرابية، وهي ناجمة عن عدم تبلغ موقف حاسم سواء من القيادة السعودية أو من سعد الحريري برفض تبني ترشيح «الجنرال». الالتباس المستجد يكمن في موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان قد أفاض في جلسته الأخيرة مع وزير الخارجية جبران باسيل في دارة هادي حبيش، بعرض ما يعتبرها أسبابا موجبة لتبني ترشيح ميشال عون. لكن ماذا بعد الموقف الأخير للمشنوق، وهل يحمل في طياته «بشائر حريرية وسعودية» بعكس الاتجاه الذي كان ينادي به، أم أنها مجرد «مساحة تحليلية» لوزير الداخلية؟

لننتظر قرارات «تكتل التغيير» اليوم. أما لسان حال الحلفاء «فإن الفراغ الأمني لا يستطيع أحد تحمله».