IMLebanon

هدايا «التيار»: سلة رسائل.. وضمانات

عون مطمئن.. وبري: الحكومة «جبنة معتّقة».. و«المردة»: لا تراجع

هدايا «التيار»: سلة رسائل.. وضمانات

عماد مرمل

تحركت المياه الحكومية الراكدة خلال الساعات الماضية، على وقع بعض «الحصى السياسية» التي ألقيت فيها، إنما من دون ان تكون كافية حتى الآن لتوليد «الطاقة»، وإنهاء «الاشغال» في البنية التحتية للحكومة المرتقبة.

وقد تقاطع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه بري أمس، عند إطلاق إشارات إيجابية، مرفقة بشيء من التحفظ الاحتياطي، فيما بدا «تيار المردة» خارج تغطية «ترددات التفاؤل»، مع تأكيد أوساطه انه لم يتلق بعد عرضا وزاريا مرضيا، في وقت يتم التداول بإمكان ان ترسو»التربية» في نهاية المطاف عند ضفاف بنشعي، بقوة دفع من بري.

لكن بري لا يزال ينتظر بدوره التسليم بمطالبه المعروفة ومن أبرزها الاحتفاظ بحقيبة «الاشغال»، فيما المفارقة ان «القوات اللبنانية» تفترض ان هذه الحقيبة حُسمت لها، بل هي توحي بان الوزير المرشح لاستلامها يكاد يباشر في فلش الزفت وردم الحفر قبل ان تصدر مراسيم تشكيل الحكومة رسميا.

أما العلاقة بين عون والنائب سليمان فرنجية فلا تزال اسيرة رواسب الحرب الرئاسية، في انتظار ان يتم تبادل «الثقة المخطوفة»، في وقت يعتبر عون انه فعل ما هو مطلوب منه وأكثر، حين أطلق المبادرة «الابوية» لاحتضان اصحاب الهواجس.

واكد عون أمس انه «لا خوف من التأخير في تشكيل الحكومة، وهذا امر عابر»، آملا في ان «تتشكل قريباً لتحقيق الاهداف التي حددناها وفي مقدمها محاربة الفساد الذي ينهش قدرات الدولة».

ولعل الكلمة المتلفزة للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف مساء الجمعة المقبلة ستحمل معها الكثير من الاجوبة، في مواجهة سيل من التساؤلات المتصلة بموقف الحزب وخياراته، على صعيد العلاقة مع الحلفاء ومستقبل التوازنات الداخلية التي يعاد صياغتها بعد وصول عون الى الرئاسة.

بري يخشى «الكونفيدرالية»

أما بري، فأوضح امام زواره امس ان عجلة تشكيل الحكومة عادت للدوران بوتيرة أفضل، مشيرا الى ان هناك تحريكا للاتصالات، ولكن «ما تقول فول ليصير بالمكيول».

وشدد بري على ان التحدي الاهم هو قانون الانتخاب، مشيرا الى ان الحكومة تصبح مجرد تفصيل قياسا الى هذا التحدي. واضاف: الحكومة صارت كالجبنة المعتّقة، وكل طرف يحاول ان يقتطع جزءا منها، أما قانون الانتخاب فهو الاساس في تكوين السلطة وبنيان الدولة.

وتابع: من هنا، أشدد باستمرار على أهمية وضع قانون جديد للانتخابات، وفق النسبية، وقد توافقنا مع التيار الوطني الحر على أكثر من صيغة في هذا المجال.

وأشاد بري بموقف باسيل بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» حيال رفض «الستين» والتمسك بوضع قانون جديد على أساس النسبية، قائلا: أنا أؤيد كلام باسيل، ليس 50 بالمئة وإنما 100 بالمئة، ومن يوجه الينا تحية نرد عليها بأحسن منها.

ونبه بري الى ان البقاء على هذا المنوال من هدر الوقت وتأخير تشكيل الحكومة سيقودنا الى الأسوأ المتمثل في كونفيدرالية الطوائف التي ينتجها قانون الستين، ولو كنا ضمن جغرافيا واحدة.

تطمينات باسيل

وكان باسيل قد وزع أمس «هدايا ميلادية» أقرب الى «سلة» رسائل وضمانات، توزعت في كل الاتجاهات، معبرا بشكل او بآخر عن مناخ رئيس الجمهورية. وبعدما، كان «التيار الحر» قبل الرئاسة يطلب الضمانات، ها هو اليوم يوحي بانه أصبح في موقع من يمنحها لمن يحتاج اليها.

ولعل أهم الرسائل البرتقالية التي أطلقت امس من الرابية هي تلك الموجهة الى «حزب الله» و «حركة أمل»، بعد محاولة بعض القوى السياسية خلال الفترة الماضية، التسويق لمقولة ان صراعا شيعيا ـ مسيحيا قد نشأ على ضفاف العهد الجديد، فأتى كلام باسيل ليعيد تثبيت جذور تفاهم مار مخايل ويمد جسرا مع بري الذي أكد ان من يوجه الينا تحية، نرد عليها بأحسن منها.

وليس صعبا الاستنتاج بان «التيار» أراد من خلال إعادة تظهير ثوابت العلاقة مع المقاومة، التأكيد بان تفاهمه مع «القوات» لم يأخذه الى موقع مضاد استراتيجيا، وان وظيفته المركزية هي استعادة حقوق المسيحيين في الدولة، لا إعادة الامتيازات الى المسيحيين، كما يخشى المرتابون في دوافع مصالحة معراب.

وأبعد من العلاقة مع الثنائي الشيعي، حاول باسيل ان يحتوي هواجس القلقين من وجود نية مبيتة عند «التيار الحر» للاستقواء بالتحالف مع «القوات» من أجل الإبقاء على قانون الستين واستثماره في اصطفافات فئوية عازلة للآخرين، فكان اقتراحه بفصل مسار تشكيل الحكومة عن قانون الانتخاب، وتأكيده التمسك بالنسبية، على الرغم من ان «الستين» يمنح تحالف «التيار» و»القوات» الفرصة لاكتساح المقاعد المسيحية.

كما أعطى باسيل إشارة إيجابية في اتجاه بنشعي عبر إبداء الحرص على تمثيل «تيار المردة» في الحكومة الجديدة، وإن يكن في مكان آخر قد غمز من قناة «المردة» حين اعتبر ان التعاطي مع المقاومة والتلطي خلفها من اجل مقعد ومكسب، خيانة للمقاومة، وهو الامر الذي رد عليه مقربون من فرنجية بالقول ان المطلوب هو ألا يستقوي «التيار الحر» بـ «حزب الله» لحرماننا من حقيبة اساسية.

وقد اختصر أحد قياديي تكتل «التغيير والاصلاح» وظيفة خطاب باسيل بالقول انه يرمي الى إزالة هواجس القلقين وسحب الذرائع المستخدمة للتصويب على «التيار الحر»، سواء عبر الجزم بان حكومة الـ24 وزيرا تتسع للجميع خصوصا على مستوى 8 آذار، او عبر التبرؤ من «الستين» ورفض الاستسلام لـ «إغواء» تحالفاته.

وأكد القيادي ذاته ان فرنجية مدعو الى التعاطي مع رئاسة الجمهورية بشيء من البراغماتية والمرونة وإظهار الاستعداد لفتح صفحة جديدة كما فعل «الكتائب» في مرحلة ما بعد جلسة الانتخاب، وعندها سيلقى فرنجية كل التفهم والتجاوب من الجنرال، لافتا الانتباه الى انه إذا كانت المشكلة الحقيقية تنحصر في حقيبة وزارية فهي قابلة للحل.

واشار المصدر القيادي في «التكتل» الى ان عون تقصّد ان تكون مبادرته الاخيرة عمومية، عبر دعوة كل من لديه هواجس الى إيداعها رئيس الجمهورية، لافتا الانتباه الى ان تخصيص رئيس «المردة» بدعوة مباشرة لزيارة القصر الجمهوري، كان سينطوي على اتهام مبطن بان فرنجية هو من يعرقل تشكيل الحكومة وبالتالي لم تكن هناك مصلحة في شخصنة المسألة على هذا النحو.

وكان باسيل قد أكد بعد اجتماع «التكتل» ان اولى ثوابت «التيار» هي العلاقة بحزب الله، وان الخلاف المسيحي ـ الشيعي لن يحصل، وسيفشل كل من يعمل في هذا الاتجاه، من 8 او 14 اذار، وعلاقتنا مع «حزب الله» هي في أقوى حالاتها، انما بند بناء الدولة في التفاهم هناك خلاف عليه بالأولوية.

وأضاف: نحن ضد الثنائيات، وقد اتفقنا مع «القوات» على عودة المسيحيين الى الدولة وليس على عودة الدولة الى المسيحيين، ولا رجوع الى ما قبل 1975 ومن يخاف علينا من الشرود نقول له لا تخف.

وأكد الاتفاق مع «المستقبل» على شراكة وطنية عنوانها ميثاقية اتفاق الطائف، ولن نذهب مرة اخرى الى صدام معه. وأعرب عن التطلع الى تفاهم اعمق مع «التقدمي الاشتراكي» من اجل وحدة الجبل وقوته. واشار الى ان «حركة امل» هي الاقرب الينا بالاعلان السياسي او المانيفست السياسي، «ومستعدون للعمل معهم منطلقين من الواقع الطائفي الذي نحن فيه بغية التأسيس لدولة المواطنة».

ثوابت «المردة»

في المقابل، ابلغت أوساط قيادية في «المردة» «السفير» ان الايجابيات التي اتسم بها كلام باسيل تبقى نظرية، في انتظار ترجمة الأقوال الى أفعال، من خلال منح «المردة» الحقيبة التي يستحقها، مشددة على انه «ليس المهم ان نتمثل في الحكومة ولكن كيف سنتمثل».

وأكدت الاوساط ان «من يراهن على عامل الوقت لدفعنا الى التراجع عن مطلبنا هو مخطئ»، مؤكدة انه من غير المقبول كسر سليمان فرنجية، فقط لان هناك من يريد ان يعطي «القوات» حصة أكثر مما تستحق.

واعتبرت الاوساط انه ليس صحيحا ان «المردة» يستظل او يستقوي بـ «حزب الله» و «حركة» أمل لينتزع حقه الوزاري وبالتالي لا يجوز ان يُطلب من الحزب الضغط على الوزير فرنجية ليعدل موقفه، لان المسألة هي مسيحية ـ مسيحية.

واشارت الى ان «التيار الحر» هو المُطالَب بألا يستقوي بـ «حزب الله» لحرمان «المردة» من حقيبة أساسية.

ورأت الاوساط انه ليس منصفا ان تتم محاولة منح «القوات» حقائب «الاشغال» و «الاعلام» و «الشؤون الاجتماعية» الى جانب نائب رئيس الحكومة والوزير المشترك ميشال فرعون، بينما تُعرض علينا «الثقافة» او «الزراعة» او «العمل»، مؤكدة ان «المردة» لا يزال عند موقفه هو الحصول على واحدة من الحقائب الآتية: «الاشغال» او «الطاقة» او «الاتصالات.