IMLebanon

ألان جوبي الأوفر حظاً في انتخابات الجمهوريين

تظهر استطلاعات الرأي في فرنسا منذ ان بدأت حملة الانتخابات الأولية لحزب الجمهوريين، وموعد اجرائها في دورتين يوم ٢٠ و٢٧ تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تقدم ألان جوبي، رئيس الحكومة السابق في عهد جاك شيراك، على منافسه الأساسي الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وأهمية هذه الانتخابات ان المرجح ان يكون الفائز هو رئيس فرنسا القادم لأن الرئيس الاشتراكي الحالي فرانسوا هولاند الذي قد يكون المنافس للفائز عن حزب الجمهوريين ضعيف في استطلاعات الرأي وفرصة عودته الى الرئاسة ضئيلة جداً اضافة إلى ان الحزب الاشتراكي منقسم. اما مرشحة اليمين المتطرف رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» مارين لوبن فقد تحظى بشعبية في اوساط اليمين المتشدد الرافض للهجرة والمسلمين وللاتحاد الأوروبي واليورو. ولكنها من المستبعد ان تحصل على اكثرية الأصوات لأن الشعب الفرنسي من اليسار الى اليمين المعتدل سيتصدى لها اذا وصلت الى الدورة الثانية من الانتخاب الرئاسي المقررة في ٧ ايار (مايو) من السنة المقبلة. ناهيك بأن خلافها العميق مع والدها جان ماري لوبن التي طردته من الحزب قسم صفوف هذا اليمين المتطرف. واليوم الفرصة اكبر لمجيء ألان جوبي رئيساً لفرنسا. وجوبي كما وصفه يوماً شيراك هو «الأفضل بيننا» كرجل دولة بكل معنى الكلمة. فقد سبق له ان تولى مناصب عدة في أحلك الظروف. وكان رئيس حكومة شيراك في بداية عهد الأخير. وحاول ادخال اصلاحات ضرورية للاقتصاد الفرنسي لكنه عجز بسبب اضرابات النقابات التي شلت البلد ١٥ يوماً ولم يتحملها شيراك وتراجع عن دعمه له فيها. فلم تنجح ومن ثم دخلت فرنسا في دوامة التعايش مع الحزب الاشتراكي والمصاعب المنبثقة منها. وجوبي اليوم جاهز لإصلاح فرنسا وجمع صفوف اليمين والوسط واليسار. وبعض خصومه يريدون النيل من شعبيته فينعتونه بـ «علي جوبي» لأن خطابه معتدل حيال قضية الإسلام في فرنسا ويميّز بين الإرهابيين والمسلمين. وطريقة معالجته لمشكلة الإسلام في فرنسا ذكية ومدركة لمصلحة بلد قانونه علماني ويقيم فيه حوالى ٦ ملايين مسلم ينبغي احترامهم والتعامل معهم على قدم المساواة مع بقية افراد الشعب الفرنسي. فجوبي شخصية هادئة ورصينة ومتطلبة مع الذين يعملون معه. ومن يعرفونه من قرب يقدرون براعته وذكاءه وثقافته الكبرى وانفتاحه على العالم. وبعض خصومه يثير موضوع سنه البالغ ٧١ سنة ليحاولوا النيل من صورته مع أنه في صحة ونشاط جيدين.

مما لا شك فيه انه اذا تم انتخاب جوبي فقد تكون مهمته داخلياً صعبة ومعقدة ولكنه سيعيد الى فرنسا موقعها العالمي. صحيح ان فرانسوا هولاند اتخذ مواقف جيدة على صعيد السياسة الخارجية خصوصاً في ما يخص الحرب في سورية. إلا ان صوت فرنسا كان باستمرار ضعيفاً في اوروبا وعلى صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة. اي دولة ضعيفة اقتصادياً ومالياً تعاني من ضعف التأثير في الصعيد الخارجي. فهولاند اساء ادارة البلد داخلياً مع فرضه ضرائب باهظة على جميع طبقات الشعب وأيضاً على الشركات. فكلفة التوظيف في فرنسا ارتفعت الى نسب جعلت الشركات تقلل من التوظيف ما ادى الى البطالة. ووعد جوبي بتصحيح كل ذلك وسيعمد الى القيام بورشة عمل كبرى اذا وصل الى الرئاسة. ومنافسه الحالي نيكولا ساركوزي أخطأ في خوض حملة انتخابية مجدداً في الحزب الجمهوري خصوصاً ان كل نتائج انتخابات الرئاسة الماضية في سنة ٢٠١٢ اشارت الى ان جزءاً من الذين انتخبوا هولاند اراد منع تجديد رئاسة ساركوزي. فطبع الأخير وشخصيته جعلا الناس حتى المحيطين به يستاؤون من توتره الشديد وعدم احترامه لهم. ولكن ساركوزي مصر على العودة وله عدد من المؤيدين في الحزب ولكنه عموماً لا يحظى بتأييد شعبي كبير خارج الحزب والانتخابات الأولية مفتوحة لناخبين من خارج الحزب ينتمون الى قيم الجمهوريين.

يملك جوبي كل المواصفات ليكون رئيساً مميزاً لفرنسا. فخبرته العالمية نتيجة عمله كرئيس حكومة سابق الى وزير خارجية في عهد فرانسوا ميتران الذي كثيراً ما اشاد به ثم وزير للدفاع تؤهله للعب دور كبير على الساحة العالمية واستعادة موقع الرئاسة الفرنسية الذي فقدته منذ نهاية عهد جاك شيراك.