IMLebanon

قانون الانتخاب: اللقاء الرباعي يناقش «المختلط» ومشروع باسيل نسخة عن «الستين» للدوائر المسيحية

  – محمد شقير

يقول مصدر سياسي رفيع مواكب لأجواء الاجتماع الأخير للجنة الرباعية المؤلفة من «تيار المستقبل» و «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» و «حزب الله» المخصص للبحث في قانون انتخاب جديد والذي يفترض أن يستكمل في جلسة لاحقة، إن المجتمعين لم يتوصلوا إلى قواسم مشتركة تدفع في اتجاه التوافق على الخطوط الرئيسة للقانون الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، وإن أي كلام عن التوصل إلى اتفاق ليس في محله ولا يعكس حقيقة المواقف، وأي تفاؤل يصنف في خانة حرق المراحل واستباق النتائج التي ما زالت عالقة، ويتابع المصدر متسائلاً: وإلا لم اتفقوا على أن يكون للبحث صلة، أي بعد التشاور مع الأطراف غير الممثلة في الاجتماع وتحديداً القوى المسيحية من خارج تفاهم «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني» وأيضاً «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط.

ويؤكد المصدر السياسي نفسه لـ «الحياة»، أن الشيء الوحيد الذي توافق عليه اللقاء الرباعي المؤلف من الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض، ونادر الحريري مدير مكتب رئيس الحكومة سعد الحريري، ومعهم فريق من الخبراء والتقنيين، يكمن في أن النقاش بات محصوراً في البحث في قانون المختلط الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي.

ويوضح أن حصر مقاربة قانون الانتخاب الجديد في المختلط يعني أن الصيغ الأخرى التي كانت مطروحة سحبت من التداول، وأبرزها مشروع القانون الأرثوذكسي الذي ينص على أن كل طائفة تنتخب نوابها في البرلمان على قاعدة الالتزام بمبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، واحتمال إدخال تعديلات على قانون «الستين»، واعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب في صيغ عدة والتأهيل في القضاء والترشح في الدائرة الانتخابية بسبب الخلاف على النسبة المئوية التي يجب أن ينالها المرشح ليكون في عداد المؤهلين لخوض الانتخابات، فـ «حزب الله» اقترح بأن تكون 10 في المئة من أصوات المقترعين في القضاء في مقابل إصرار «التيار الوطني» على رفع هذه النسبة إلى حدود 20 في المئة ما يتيح قطع الطريق على وصول نواب مسيحيين حلفاء للحزب إلى الندوة البرلمانية.

أي مختلط يرى النور؟

ويكشف المصدر عينه أن مقاربة المختلط المطروح للنقاش من قبل اللجنة الرباعية لم تكن متقاربة كما يروج بعضهم. ويعزو السبب إلى التباين الواضح في توزيع المقاعد النيابية على الأكثري بين الطوائف الرئيسة. ويقول على سبيل المثال، إن «التيار الوطني» يطالب بانتخاب 23 نائباً على الأكثري جميعهم من الموارنة إضافة إلى ماروني آخر في كسروان الفتوح سينتخب على النسبي مع أنه ساقط «عسكرياً» لمصلحة الأكثري في حال تحالف «القوات» و «التيار الوطني».

ويضيف المصدر أن «ملائكة» قانون الستين حاضرة في طرح «التيار الوطني»، خصوصاً في دوائر المتنين الجنوبي والشمالي وكسروان وجبيل، إضافة إلى أقضية جزين وزغرتا وبشري، والكورة والبترون، والدائرة الأولى في بيروت (الأشرفية).

ويرى أن طرح «التيار الوطني» توزيع المقاعد النيابية على الأكثري في غياب ممثل «القوات» عن اجتماع اللقاء الرباعي شكل نقزة لدى أكثر من طرف في اللجنة مع أن تداعياته لم تظهر إلى العلن.

وهكذا، – وبحسب المصدر نفسه – فإن «التيار الوطني» يطالب بتطبيق النظام الأكثري في الدوائر المسيحية الصافية أو تلك التي فيها طوائف أخرى من غير المسيحيين لا يشكل وزنها الانتخابي أي تبديل في النتائج المرجوة من هذا التوزيع.

ويعتبر أن تحالف «التيار الوطني» و «القوات» في جبل لبنان وجزين والبترون والكورة وبشري يمكن أن يسيطر على غالبية المقاعد النيابية، فيما يترك لـ «تيار المردة» بزعامة النائب سليمان فرنجية احتمال السيطرة على زغرتا.

هل هو إلغاء للمسيحيين الآخرين؟

ويسأل المصدر عن مصير الأحزاب المسيحية الأخرى والمستقلين من المسيحيين في ضوء وجود شعور عارم بأن مثل هذا التقسيم للدوائر الانتخابية يمكن أن يشكل إلغاء لهم أو يؤمن لهم حضوراً رمزياً في البرلمان، ما يعني أنهم سيكونون الحلقة الأضعف في البرلمان العتيد. إضافة إلى أن تحالف الرابية – معراب يمكن أن يخوض معركة إثبات وجود في زغرتا ضد «المردة» ربما بالتحالف مع ميشال رينيه معوض؟

كما يسأل عن الأسباب الكامنة وراء إصرار باسيل على حصر هذه الدوائر بالنظام الأكثري، وهل لإصراره على موقفه علاقة مباشرة بإعادة تكوين السلطة في لبنان مع انتخاب برلمان جديد؟

كما أن باسيل، وإلى حين تبيان موقف «القوات» من طرحه، يريد تطبيق قاعدة أن لا مكان لأحد في حصته، مع إصراره على تقاسم ما للآخرين معهم، أي أنه يطالب باعتماد النظام النسبي في توزيع المقاعد المسيحية في الدوائر الانتخابية حيث الغلبة للمسلمين وهذا ما يتبين بوضوح في بيروت الثالثة (المزرعة – المصيطبة) والثانية (الباشورة) وأيضاً في جميع دوائر البقاع وطرابلس وعكار والشوف وعاليه.

وفي المقابل، فإن باسيل، وربما بالتنسيق مع «القوات»، يقترح انتخاب 14 نائباً لكل من السنّة والشيعة على أساس الأكثري في مقابل 13 نائباً استناداً إلى النسبي.

أي أن باسيل يتطلع إلى تطبيق مبدأ «المناصفة» في توزيع المقاعد الخاصة بالسنّة والشيعة (أي ما مجموعه 54 مقعداً) على النظامين الأكثري والنسبي كما يتطلع إلى معاملة الدروز بالمثل أي 4 مقاعد على الأكثري موزعة على بيروت الثالثة والبقاع الغربي والشوف وعالية في مقابل 4 مقاعد أخرى موزعة على النسبي في القضاءين الأخيرين وبعبدا ومرجعيون – حاصبيا.

وبالنسبة إلى الأرثوذكس يقترح باسيل توزيع 6 مقاعد على الأكثري و8 مقاعد على النسبي، فيما يساوي بين الكاثوليك والدروز في توزيع المقاعد، إضافة إلى مطالبته بالمناصفة في توزيع المقاعد الأرمنية أي ثلاثة على الأكثري وثلاثة على النسبي، ويترك المقعدين العلويين في طرابلس وعكار ليتم اختيارهما استناداً إلى النسبي.

هل هكذا تعالج هواجس جنبلاط؟

لذلك، يؤكد المصدر نفسه لـ «الحياة» أن هواجس جنبلاط حيال قانون الانتخاب كانت حاضرة في اللقاء الرباعي ولم ينجح باسيل في تبديدها أو التخفيف من وطأتها، سواء من خلال تقديم «رشوة» له يبدي فيها استعداده لضم الشوف وعاليه في دائرة انتخابية واحدة تمهيداً لأن تتشكل منهما محافظة مستقلة عن جبل لبنان، أم عبر «تنازله» وإنما من كيس «اللقاء الديموقراطي» عن مطالبته بانتخاب النواب الدروز وعددهم ثمانية على أساس النسبي وتوزيعهم بالتساوي على الأكثري والنسبي.

ويكشف المصدر هذا عن أن بعض أعضاء في اللقاء الرباعي سألوا ما إذا كانت مثل هذه التوزيعة للمقاعد الدرزية تفي بالغرض المطلوب وتؤدي إلى تبديد هواجس جنبلاط، خصوصاً أن المقعدين لكل من الشوف وعاليه توزعا مناصفة بين الأكثري والنسبي.

ويضيف أن أكثر من مشارك في هذا اللقاء سأل عن الأسباب الكامنة وراء عدم الالتزام بوحدة المعايير في توزيع المقاعد. وإلا لماذا طبق المعيار الأكثري في أكثر من دائرة بينما أخل به في الشوف وعاليه التي تعتبر واحدة من المناطق التي يشعر فيها الدروز بأن لديهم تأثيراً في القرار السياسي.

ويعتبر أن لجوء باسيل إلى سياسة عنوانها إصراره على أن يكيل بمكيالين في توزيع المقاعد النيابية يشكل خرقاً للميثاقية لأنه ينم عن تعامله مع الدروز على أنهم ليسوا مكوناً سياسياً وطائفياً من المكونات الرئيسة التي كانت وراء قيام دولة لبنان، إضافة إلى تصرفه حيال المسيحيين الآخرين وتصنيفهم على أنهم «أقلية» ستذوب من خلال اعتماد النظام الأكثري في المناطق المسيحية الصافية أو شبه الصافية وإلا ما هو تفسيره لالتزامه قانون الستين في تثبيت هذه الدوائر في قانون الانتخاب الذي عرضه في اللقاء الرباعي.

وعليه، فإن البحث في قانون انتخاب لا يزال في أول الطريق، مع تأكيد المصدر المواكب أن ما طرحه باسيل سيواجه صعوبة في تسويقه ليس من قبل زملائه في اللقاء الرباعي فحسب، وإنما من جانب القوى المسيحية الأخرى والعشرات من النواب ممن لم يطلعوا عليه لكنهم رأوا في تريث رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التعليق عليه إشعاراً بأن هناك ضرورة لانتظار مشروع القانون الذي ستتقدم به الحكومة.

المحاذير والبطاقة «الحمراء»!

وتبقى الإشارة إلى أن رد الفعل الأولي على اقتراح باسيل ينطلق من وجود شعور عارم بأن رئيس «التيار الوطني»، في غياب ممثل عن «القوات» في اللقاء الرباعي، اصطدم بمعارضة عبر عنها كل مشارك في اللجنة بطريقته الخاصة من دون أن تكون لها ارتدادات سلبية في العلن، خصوصاً من «المستقبل» الذي يحاذر الدخول في أزمة مع الثنائي المسيحي، لكنه في الوقت نفسه بعث بإشارات «حمراء» أثناء النقاش من مثل أن هذا المشروع في حاجة ماسة إلى التعديل بسبب افتقاده وحدة المعايير في توزيع المقاعد النيابية.

إضافة إلى ثبات الرئيس بري على موقفه – وكما نقل عنه أحد النواب – وخلاصته أنه لن يحيد قيد أنملة عن تفهمه لهواجس جنبلاط وسيأخذها في الاعتبار، كما أن مجموعة من النواب كانوا توصلوا من خلال تدقيقهم في الجداول الخاصة بتوزيع المقاعد على الأكثري والنسبي إلى قناعة بأن باسيل يطمح من خلال مشروعه إلى تأمين الثلث الضامن في البرلمان الجديد، والتقليل من حجم التمثيل النيابي للمسيحيين الآخرين.

ومع أن رئيس حزب «القوات» كان زف إلى اللبنانيين بشرى التوصل قريباً إلى قانون انتخاب، فإن مجريات النقاش تشير إلى أنه لا يزال بداية الطريق وأن تحقيق تقدم ملموس يتوقف على مدى استعداد الثنائي المسيحي إلى تقديم «تسهيلات» أقلها في توزيع المقاعد بدلاً من أن ينتقي من «الستين» ما يناسبه.

كما أن هناك ضرورة للتعاون لتصحيح التمثيل المسيحي الذي لا اعتراض عليه من الآخرين – كما يقول المصدر – إنما شرط أن لا يشعر الأطياف الأخرى بالقهر الذي كان يشكو منه.

فهل يدخل جعجع على خط التفاوض ويعمل على تعديل ما طرحه باسيل بعد أن اختبر معظم من هم خارج التحالف الثنائي أن مشروع حليفه غير قابل للحياة، لا سيما أن عدم المساس بتوزيع المقاعد الشيعية، باعتبار أن غالبيتها الساحقة مضمونة لتحالف «أمل» – «حزب الله»، لا يعني أنه لا يخفي قلقه من البعد السياسي لمشروع وزير الخارجية، في ضوء عدم ارتياحه، الذي أبقاه قيد الكتمان، من تلويح رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه «يفضل الفراغ على التمديد للبرلمان أو إجراء الانتخابات على أساس الستين مع أن الأخير في صلب مشروع «التيار الوطني» الذي يدفع في اتجاه ترحيل اعتماد النسبية عن المناطق المسيحية الصافية.

وبالنسبة إلى حفظ مقاعد نيابية للمرأة في قانون الانتخاب، علمت «الحياة» أن تمثيلها في البرلمان نوقش على هامش اجتماع اللقاء الرباعي وقوبل بتأييد المجتمعين، على أن يوضع في صلب أي مشروع لقانون جديد سواء على أساس النسبي أم الأكثري وهكذا فإن وجود المرأة في البرلمان يضمنه القانون في الدوائر المختلطة باعتبارها فائزة حتى في المقعد المخصص لها حتى لو أن منافسيها من الرجال نالوا أصواتاً أكثر منها.