IMLebanon

كل لبنان في السراي الكبير: حكومة سلام ضمانة الوحدة الوطنية

كل لبنان في السراي الكبير: حكومة سلام ضمانة الوحدة الوطنية

خطاب تهدئة للحريري غداً ونصر الله لحوار بين المستقبل و«الحرّ» وخوف مسيحي من الفدرالية

في اليوم الأوّل «لاستراحة المحارب» التقطت أطراف الحكومة أنفاسها، وانبرى كل طرف لإعادة قراءة الموقف أو تقييمه، حيث غلب على مواقف الفريق العوني وبعض حلفائه منطق التبرير والشرح والتفسير، فيما كان وزير هذا الفريق جبران باسيل يتخبّط في مؤتمره الصحفي، فينتقل من قضية التعيينات التي هي اساس الأزمة المفتعلة داخل مجلس الوزراء إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث يعتبر نفسه المعني اكثر من سواه بهذه الصلاحيات، مع العلم ان لا صيغة تنفيذية لممارسة مجلس الوزراء الوكالة في ظل شغور منصب الرئاسة الأولى، بقدر ما المسألة رمزية معنوياً وليست مجسدة بوزراء أو بأشخاص.

وفي اعتقاد خصوم باسيل في «التيار الوطني الحر» أن ما افتعله في مجلس الوزراء أمس الأوّل، من تطاول على الرئيس تمام سلام، ومن ثم نزوله إلى الشارع لمخاطبة مناصريه مدعياً تحقيق انتصار، بأنه فاتورة يسددها من أجل الوصول إلى رئاسة التيار خلفاً لعمه، في الانتخابات التي ستجري في أيلول المقبل، في وجه منافسه المحتمل ابن شقيقة جنرال الرابية النائب آلان عون.

اما في السراي، فبدا الموقف مختلفاً بالكامل: كل لبنان أتى ليعلن موقفاً شاجباً لما تعرض له الرئيس تمام سلام من تطاول، ومؤيداً لخطواته بعدم تعريض الدولة للتعطيل، أو موقفاً منوهاً بحكمته في إدارة الدولة في هذه المرحلة التي يمنع فيها العماد ميشال عون وحلفاؤه انتخاب الرئيس، تارة بحسابات التمديد للمجلس، وتارة لغياب قانون الانتخاب الذي يصفونه بالعاجز، وتارة أخرى للاستفادة من الحرص الوطني على عدم تعريض الاستقرار للاهتزاز، فضلاً عن الحرائق في عموم المنطقة.

وما لمسه هؤلاء الزوار هو أن الرئيس سلام يعطي الأولوية للتوافق، ولكن ليس على حساب شل مجلس الوزراء، وهو لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف بتعطيل مجلس الوزراء، كما انه، وبقدر حرصه على كرامة جميع الوزراء، فهو لن يرضى بالتطاول لا على كرامته كرئيس لمجلس الوزراء، ولا على كرامة مقام مجلس الوزراء.

مواقف داعمة لسلام

ومن أبرز المواقف التي رفضت عناوين الحملة العونية على الرئيس سلام وما يمثل، الموقف الذي أعلنه الرئيس ميشال سليمان بعدما زار السراي على رأس كتلته الوزارية المؤلفة من الوزراء: الدفاع سمير مقبل، والمهجرين أليس شبطيني والرياضة عبدالمطلب حناوي، حيث قال بوضوح: «لا يمكن القبول بأن الرئيس سلام يأخذ صلاحيات المسيحيين، أو يمثل «الداعشية السياسية» واصفاً مثل هذا الكلام بالمعيب، مذكراً بأن رئيس الحكومة قاطع الانتخابات النيابية عام 1992 انسجاماً مع عدم مشاركة فئة من المسيحيين فيها، واصفاً الرئيس سلام بأنه «رجل التوافق»، معتبراً ان التوافق لا يعني الإجماع او المقاطعة او التعطيل، رافضاً التشهير بالجيش وقائده، لافتاً إلى أن «الفيدرالية هي كانتون جبل لبنان فهل نحن فرحون به»، مجدداً الثقة برئيس الحكومة وإدارته للجلسات.

وفي السياق نفسه، أكّد وزير الاتصالات بطرس حرب هذا المنحى وقال: «أنا كمسيحي لا اقبل أن تتحوّل العملية إلى سوق مزايدات التجارة بالهوية المسيحية»، مشيراً إلى أن من دعا الى التظاهرات لا يعبّر عن رأي اكثرية المسيحيين.

أما اتحاد العائلات البيروتية، فنصح «الشاردين في شوارع العاصمة بالعودة إلى رشدهم»، ونصحهم أيضاً بألا يجربوا صبر جمهور الرئيس سلام، مشيراً إلى أن السراي خط أحمر، على حد تعبير رئيس الاتحاد الدكتور فوزي زيدان.

اما وفد «لقاء بيروت الوطني» فعبّر باسمه النائب والوزير السابق محمّد يوسف بيضون بأنه جاء للتعبير عن مشاعر التضامن مع الرئيس سلام.

وفي الإطار نفسه، أكّد وفد الأمانة العامة والمجلس الوطني لقوى 14 آذار برئاسة مُنسّق الأمانة الدكتور فارس سعيد بأنه جاء للتأكيد على الثقة الشعبية برئيس الحكومة، وانه الضمانة الوحيدة التي يجب الحفاظ عليها للحفاظ على الدولة اللبنانية، مؤكداً «نحن ضد الانفعال».

المشنوق

ومن وزارة الداخلية، ردّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على العماد ميشال عون، مشيراً إلى أن الرئيس سلام «قامة وطنية لا شيء يطالها، سواء أكان كلاماً أم فوضى أم تسيّباً طائفياً»، واصفاً ما ذهب إليه الفريق العوني من دون أن يسميه «من أن بيئة الاعتدال داعشية سياسية»، بأنه نوع من التهور بني عليه حراك سياسي وشعبي في واحدة من أبشع صور الاستنفارات الطائفية في تاريخ لبنان، من دون ان يكون لها أي أفق سياسي جدي، متسائلاً: كيف يستقيم عنوان الشراكة في الحكومة مع خيار التفرد في اختيار رئيس الجمهورية أو تعيين قائد للجيش، أو أي قرار يرى هذا التيار أنه يخصه سياسياً وطائفياً. لافتاً إلى أن المبالغة في رفع المظلومية المسيحية لا تخدم إلا المغالين في المظلوميات السنّية والشيعية، مشيراً في مجال آخر إلى «أننا لن نتراجع عن تصحيح الخلل في الخطة الأمنية في أي منطقة في لبنان، غامزاً من قناة سرايا المقاومة التابعة لحزب الله، في إشارته إلى أننا لن نقبل «بمعادلة مجرمون بسمنة ومجرمون بزيت»

الحريري

في السياق نفسه، ستكون للرئيس سعد الحريري إطلالة سياسية مهمة، خلال الإفطار المركزي الذي يقيمه تيّار «المستقبل» في «البيال» وفي العديد من المناطق اللبنانية، حيث ستذاع الكلمة في الوقت نفسه في خلال جميع هذه الإفطارات.

وكشف مصدر مطّلع لـ«اللواء» أن الرئيس الحريري سيركّز في خطابه على التهدئة السياسية في البلاد، وعلى ضرورة الالتفات إلى الوضع الاقتصادي، لافتاً إلى أن الخطاب سيكون شاملاً يتناول فيه كل التطورات الحاصلة في المنطقة ولبنان، مدعماً بالوقائع، وبلهجة هادئة، معلناً التمسك بالحكومة وبالحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار واتفاق الطائف.

فرنجية

في المقلب الآخر، أي في فريق 8 آذار، خطا رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية خطوة كبيرة في اتجاه الافتراق عن العماد عون، على الرغم من محاولته التقليل من حجم الخلاف معه، وتأكيده بأن السياسة واحدة، إلا أنه سجّل عليه طرحه للفيدرالية المرفوضة والتي من شأنها أن تؤزم الوضع، متمنياً أن تكون «زلّة لسان»، كاشفاً بأن ما جرى في الشارع من تظاهرات واصطدام مع الجيش، وفي مجلس الوزراء، لم يكن متفقاً عليه، قائلاً بأن المطلوب لاستعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية ليس الإنتقاص من صلاحيات رئاسة الحكومة، بل أن نحفظ كل الرئاسات.

وأبرز فرنجية خلافه مع الوزير باسيل، في خلال الاجتماع الذي عُقد في الخارجية، حيث تبلّغ منه قرار النزول إلى الشارع، معتبراً هذا الأمر مرفوضاً، إذ يفترض أن تكون القرارات منسقة لا أن نتبلغها قبل ساعات، «فنحن نحترم موقفه لكن نختلف معه على الوسيلة».

وعن علاقته بباسيل، قال: «إن من يكلفه عون مجبر على التعاطي معه حتى لو كان خشبة».

نصر الله

على أن إطلالة الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله، خلال الاحتفال بيوم القدس كانت فرصة أو مناسبة لتبديد شكوك عون تجاه حلفائه، الذين لم يجاروه في لعبة الشارع، ولا في موضوع الحكومة، إذ أعلن نصر الله أنه «لن نتخلى عن حلفائنا، وبالذات عن حليفنا العماد عون والتيار الوطني الحر»، لكنه قال «إن خياراتنا مفتوحة للحفاظ على التحالف».

وكشف نصر الله أن عون لم يطلب من حزب الله المشاركة معه في التحركات الشعبية، لأنه يتفهم طبيعة المسؤوليات وحجم المهام التي يتحملها الحزب في هذه المرحلة، فضلاً عن أنه يعرف أنه ليس من الحكمة أن يُشارك حزب الله في هذه التحركات.

وإذ لفت إلى ضرورة أن يبقى موضوع انتخاب رئيس الجمهورية أولوية لدى الجميع، والاتفاق على آلية واضحة لعمل الحكومة من أجل حسم هذا النقاش، أكد أن لا عون ولا أحد من حلفائه يريدون تعطيل عمل الحكومة أو إسقاطها، لأننا ندرك أن إسقاط الحكومة يعني أن البلد ذاهب إلى الفراغ، وكلنا نريد أن تعمل الحكومة بشكل صحيح وضمن الدستور وبما يُعزّز الشراكة، داعياً إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لانطلاق عمل المجلس، مراهناً على حنكة وحلم الرئيس نبيه برّي، مشدداً على أن قدر اللبنانيين هو الشراكة والعيش معاً، والحل يكون بالحوار والتلاقي وعدم الرهان على المتغيّرات الإقليمية والدولية.

واقترح في هذا الخصوص أن يبدأ تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» حواراً ثنائياً ثم ننضم إليه جميعاً لنعززه ونقويه ونشرعنه في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب.