IMLebanon

الحكومة في مهب الخلافات السياسية.. والحوار بين المستقبل وحزب الله مهدّد!

الحكومة في مهب الخلافات السياسية.. والحوار بين المستقبل وحزب الله مهدّد!

سجالات عقيمة ومشادات.. وحرب يعتكف.. والمشنوق يؤكّد: نحن ندفع ضريبة الدم بمواجهة داعش

بقلم المحرر السياسي

على طريقة: «تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي» انعقدت جلسة مجلس الوزراء على مدى ثلاث ساعات أمس، من دون التوصّل إلى أية نتيجة، لدرجة ان أحد الوزراء وصفها بأنها «جلسة عقيمة.. كما دخلنا خرجنا».

وصلت الحكومة إلى الحائط المسدود، فهي لم تخرج بقرارات ولم تحدد موعد جلسة جديدة، ورفعت امرها إلى «المعالجة السياسية» وإلى ما يمكن ان تسفر عنه «الغرف المغلقة»، أو الصالونات محلياً وخارجياً، في وقت تحتدم فيه المواجهات العسكرية من مدن اليمن إلى دمشق وبغداد مع العودة إلى الاحتكام إلى مظاهر القوة وعمليات التفجير، بعدما تهاوت المبادرات السياسية والدبلوماسية الواحدة تلو الأخرى، لا سيما المبادرتان الإيرانية والروسية.

استبق النائب ميشال عون ما يمكن ان يعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في خطابه في الذكرى التاسعة لوقف العمليات العسكرية في حرب تموز 2006، ليس لجهة توجيه رسالة تقدير وتضامن مع النائب عون قبل اقل من ثلاث ساعات من اطلالته عبر محطة «المنار» لرد التحية بمثلها وحسب، بل لإعادة طرح فكرة ان المخرج للأزمة المستعصية في مجلس الوزراء تكون من خلال الحوار بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وإن كانت الأفكار التي طرحها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم تبلور حتى تاريخه أية فرصة للتوصل إلى أية ارضية مشتركة تفسح في المجال امام معالجة خارج قاعات السراي تؤدي الى عودة جميع الوزراء إلى الطاولة، بعد جلسة أيقن جميع الوزراء الذين شاركوا فيها انها الأخيرة على الأقل خلال ما تبقى من هذا الشهر.

وتوقع مصدر نيابي ان لا يخرج السيّد نصر الله في خطابه اليوم، والمحكوم بحسابات المكان والزمان، لا سيما رمزية المكان (وادي الحجير) حيث ستتأثر هذه النقطة بجانب لا بأس به من الخطاب، عن ما هو معتاد من مواقف حزب الله، سواء التي صدرت عن لسانه أو التي ينطق بها الوزراء في مجلس الوزراء والنواب عبر المناسبات التي يشاركون فيها.

والأخطر في جلسة الأمس، ان «الطاسة» ضاعت، وبدا كل وزير يغني على ليلاه.

وذكرت الجلسة بساعاتها الثلاث بمؤتمرات الحوار، سواء اللبنانية أو الإقليمية التي غالباً ما تؤول إلى الفشل، وتعقبها جولات من التأزم والصدام:

1- بالنسبة لوزيري عون: الياس بو صعب وجبران باسيل، كان الهم الأساسي منع الجلسة من إقرار آلية وإصدار أي قرار أو توقيع أي مرسوم، وعبر السجال الذي دار بين وزير الاتصالات بطرس حرب وبو صعب الذي وصفه حرب بأنه «بلا اخلاق» عن ان وزيري التيار العوني كان همهما محاكاة ما حدث في الشارع يوم الأربعاء.

2- من الكلام غير المتوقع ما أعلنه وزير حزب الله حسين الحاج حسن من ان الحزب يؤيد وصول النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وأن الحوار مع المستقبل لم يؤد إلى نتيجة، الأمر الذي طرح سؤالاً على لسان أحد الوزراء عن جدوى استمرار الحوار بين المستقبل و«حزب الله».

ولم يكتف الحاج حسن بإعلان هذا الموقف بل قال صراحة: «نحن ندعم عون داخل مجلس الوزراء وخارجه»، وفسر هذا الموقف بأنه قد يكون يمهد لمشاركة حزب الله لاحقاً في التحركات العونية في الشارع.

3- احرج وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الوزير العوني جبران باسيل عندما قال له: ما تثيرونه من نقاش لا يمت بصلة إلى الواقعية السياسية، ولا علاقة له بالمرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة، وشعاراتكم أمس كانت غير واقعية في الشارع، بما في ذلك حملتكم على قائد الجيش العماد جان قهوجي.

وأكد: «نحن ندفع دماً ضد «داعش» وأنتم تتفرجون وتحللون دم الآخرين».

وتوقف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي وصفه زميل له بأنه كان «نجم الجلسة» عند الشعارات المعيبة التي أطلقت على مقربة أمتار من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقال للعونيين: «هل اقمتم حساباً لخروج الرجل من قبره، وقال لكم عيب ما يحصل». وأشار إلى ان مشكلة التيار العوني باتت مع الطائفة السنّية بأمها وأبيها، وهذا ما يفسّر كلام باسيل لـ (وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد) ظريف بدعم الأقليات.

4- آثر وزير الدفاع سمير مقبل إعلان موقفه خارج القاعة، حتى لا يدخل في اشتباك كلامي يؤدي إلى تبادل الشتائم، لا سيما وأن الوزيرين العونيين يعتبرانه «بطل» المشكلة عبر قراره بالتمديد سنة للقادة العسكريين الثلاثة، وقال في مؤتمره الصحفي: أود أن أعلم الرأي العام أن المؤسسة العسكرية قد تتعرّض إلى أزمة تموين وغذاء ورواتب، الأمر الذي يؤثر سلباً على دورها.

5- وفي إطار المناحات والاستغاثة بحكومة مأزومة، وصفها وزير العمل سجعان قزي بتصريح لـ«اللواء» بأنها «باتت في حاجة لمن يلمّها»، دق وزير المال علي حسن خليل ناقوس الخطر في ما خص الرواتب لموظفي القطاع العام وبرّأ ذمته من الأزمة المحدقة بالموظفين إذا لم يتم فتح اعتمادات مالية إضافية.

وفي سياق السجالات والمداخلات حضر البابا فرنسيس الأول على لسان الوزيرين درباس ونبيل دو فريج الذي اعتبر أن مرجعيته البابا، وهو عضو في تيّار المستقبل كمسيحي لاتيني، لكن الصورة التي رفعها الوزير السابق نقولا صحناوي جعلت من دو فريج عضو في «الدولة الإسلامية».

6- إلى وضع القرف هذا، أعلن الوزير حرب أنه لن يُشارك في أي جلسة من جلسات مجلس الوزراء ما لم يعود سلطة تنفيذية قادرة على اتخاذ قرارات، ولن يكون شاهداً على إسقاط دور الدولة، في حين ذكّر وزير العدل أشرف ريفي الوزير بوصعب بأن «حكومتكم مدّدت لقائد الجيش في المرة الأولى»، في إشارة إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وبين كرّ وفرّ بين الوزراء، طفح الكيل لدى الرئيس تمام سلام الذي عاش طوال الجلسة حالاً من الانزعاج، ولم يرَ مناصاً من رفع الجلسة من دون تحديد موعد لجلسة جديدة، وهو كان أثار في مستهلها موضوع النفايات الذي اعتبره موضوعاً وطنياً يحتاج إلى تعاون الجميع، مبدياً تخوفه من دوّامة التعطيل والعجز، معتبراً أنه من دون تفاهم سياسي لا يمكن معالجة موضوع النفايات، محذراً من أن حالة الشغور الرئاسي والشلل في مجلس النواب قد تتسلل إلى مجلس الوزراء.

لقاء الحريري – جنبلاط

وفي شأن سياسي آخر، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الرئيس سعد الحريري في مدينة بوليو سورمير في الجنوب الفرنسي، وجرى بحث لتطورات الوضع في المنطقة وسبل حماية الاستقرار في لبنان وتذليل العقبات التي تعترض عمل مؤسساته الدستورية، بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري.

ولم يشأ جنبلاط التحدث لمراسل «اللواء» في باريس بشارة البون عن تفاصيل لقائه مع الحريري الذي تخلله عشاء، أو التعليق على الحراك الديبلوماسي السعودي والإيراني على الصعيد الإقليمي، مبدياً رغبته الالتزام حالياً بموقف «المتفرج» حيال ما يجري في الداخل اللبناني، وحرصه على عدم الدخول في سجالات أو الردّ على الاستفزازات والتحديات التي يحاول البعض إثارتها في الشارع.