IMLebanon

برّي يدعو الأسبوع المقبل لطاولة حوار حول «الهواجس المسيحيّة»

برّي يدعو الأسبوع المقبل لطاولة حوار حول «الهواجس المسيحيّة»

الحريري أول المؤيِّدين وجعجع يتريَّث.. وباسيل يُؤكّد التظاهر الجُمعة

المتفق عليه بعد تظاهرة السبت 29 آب التي تعدّ أكبر تجمّع شعبي، بعد انتفاضة الاستقلال عام 2005، أن في البلد أزمة: وهي أزمة بالغة الخطورة وليست سهلة الحل، وأن المخارج محكومة بحسابات سياسية دقيقة محلياً وإقليمياً وربما دولياً.

فبينما تتجه الأنظار إلى استئناف التحرّك مساء غد الثلاثاء بعد انقضاء مهلة الـ72 ساعة لتحقيق المطالب المتعلقة باستقالة وزير البيئة محمّد المشنوق، ومحاسبة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وإيجاد حل بيئي وصحّي للنفايات وحصول إنتخابات نيابية شرعية، جاء إعلان الرئيس نبيه برّي في مهرجان النبطية الذي أقامته حركة «أمل» في الذكرى 37 لتغييب الإمام موسى الصدر، والذي شهد حضوراً شعبياً مفاجئاً قُدّر بعشرات الآلاف، أنه بصدد توجيه دعوة لرؤساء الكتل النيابية بين 1 و10 أيلول المقبل للحوار يُشارك فيه الرئيس تمام سلام، وينحصر جدول أعماله بسبعة مواضيع هي، حسب الترتيب الذي ذكره بري: البحث في رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل مجلس الوزراء، ماهية قانون الانتخابات، ماهية قانون استعادة الجنسية، مشروع اللامركزية الإدارية، ودائماً موضوع دعم الجيش اللبناني.

ومع أن الرئيس برّي وصف هو شخصياً مبادرته بأنها «محاولة متواضعة» و«نداء لإغاثة هذا الوطن»، فأنها، وإن شكّلت محاولة لسحب ملف الأزمة من الشارع، من دون أن تتقاطع معه، إلا أن بنود جدول الأعمال شكلت عناوين للهواجس المسيحية، من رئاسة الجمهورية إلى إستعادة الجنسية، وبدا المشهد، كما صوّرته «اللواء» في عدد السبت الماضي، «سباق بين المبادرات والمغامرات»:

1- منظمات المجتمع المدني الآخذة بالتكاثر على غرار «جمعيات العلم والخبر»، أو الأحزاب التي لا يتجاوز عدد المنتسبين إليها عدد أصابع اليد، ماضية في حراك الشارع، وسط مخاوف متزايدة من حصول صدامات في المرحلة المقبلة، لأن المطالب التي أعلنت عنها حملة «طلعت ريحتكم» بإسم المتظاهرين الذين قدّروا بعشرات الآلاف، غير ممكنة التحقيق، لا في أسبوع أو أسبوعين، ولا في شهر أو شهرين، أقلّه بالنسبة لاستقالة وزير البيئة الذي أعلن استمراره في تحمّل المسؤولية رافضاً حل البلديات لرفع النفايات، أو لمحاسبة وزير الداخلية الذي كان استبق الدعوة لمحاسبته بالإعلان أن نتائج التحقيقات بإطلاق النار على المتظاهرين يومي السبت والأحد الماضيين ستُعلن الأربعاء المقبل، علماً أن كل هذه المطالب، أو معظمها، تنتظر ملء الشغور الرئاسي الذي برز خلاف كبير حوله بين من يطالب بانتخابات رئاسية من الشعب أو انتخابات نيابية تسبق إنتخاب الرئيس، أو إنتخاب رئيس بتسهيلات إقليمية ودولية من قبل المجلس الحالي.

وفي أجندة التحركات في الشارع، عودة حملة «طلعت ريحتكم» مساء الثلاثاء إلى ساحة الشهداء، وتأكيد «التيار الوطني الحر» على لسان رئيسه الوزير جبران باسيل أنه يتحضّر للنزول إلى الشارع يوم الجمعة في 4 أيلول.

2- دوائر رئاسة المجلس النيابي، بدءاً من اليوم الإثنين، وبانتظار الإثنين المقبل، وهو الموعد المتوقّع لبدء جلسات الحوار التي توسعت لتشمل ليس المستقبل وحزب الله فقط، بل سائر مكوّنات الحكومة والأطراف السياسية ذات الصلة بالأزمة.

وقال مصدر نيابي مطّلع على المعطيات التي أدّت إلى إعلان المبادرة لـ«اللواء» أن الإعلان أتى بعد أن لمس رئيس المجلس تشجيعاً عربياً وإقليمياً ودولياً للسير في هذا الخيار، لاحتواء التدهور الحاصل في الساحة السياسية، وبعدما بات التمزّق الذي يهدّد لبنان أمراً واقعاً، مع «إنتشار الإدارات المحلية وحكومات الظل الطائفية والمذهبية والجهوية» على حدّ تعبير الرئيس برّي نفسه، الذي أعلن رفض حركة «أمل» لكل أشكال الفدرلة والتقسيم بدءاً على «فدرالية الكهرباء».

ويضيف المصدر أن المخاطر المحدقة باستمرار «حكومة المصلحة الوطنية» بعد خروج وزراء عون و«حزب الله» من التضامن الوزاري، يستدعي تشكيل مظلة سياسية لحماية الحكومة بوصفها «حارسة الإستقرار»، وعدم التفريط بالحد الأدنى من التوافق، لأن حركة الشارع من الصعب السيطرة عليها إذا ما استفحلت.

وشكّل الموقف الإيجابي الذي عبّر عنه الرئيس سعد الحريري، سواء في ما خصّ المواقف التي أعلنها الرئيس برّي وهي التمسّك بالحكومة وتفعيل عمل المجلس، أو الدعوة للحوار مع البنود المعلنة أول خطوة على صعيد ترجيح موعد قريب لانطلاق جلسات الحوار.

ولاقى هذا الموقف التيار العوني، عبر تأكيد أوساطه لـ«اللواء» أنه يدرس المبادرة التي أعلن عنها الرئيس برّي، وهو يتجه ليس للترحيب بها في موقف التكتل الأسبوعي غداً، بل للإعلان عن المشاركة بها.

وفي تقدير مصادر سياسية أن معظم الكتل الممثلة في المجلس النيابي، سواء أكانت ممثلة في الحكومة أم خارجها ستشارك في هذه الجلسات، مشيرة إلى ان اتصالات ستجري بين رئاسة المجلس و«القوات اللبنانية» لمعرفة موقفها بالتفصيل، والرد على الاستفسارات التي يمكن ان يطلبها الدكتور سمير جعجع الذي بدا متريثاً تجاه المبادرة.

اما «حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي فقد وضعا في أجواء المبادرة قبل إعلانها، وهما سيشاركان في كل جلسات الحوار، وفي الموعد الذي سيقترحه الرئيس برّي، وهذا الموقف هو نفسه موقف كتلتي الأرمن والنائب ميشال المرّ والكتائب.

وكان الوزير سجعان فزي قد آعلن أن حزب الكتائب ينظر بإيجابية إلى مبادرة الرئيس بري بشأن الحوار المقترح، فيما أعلن الوزير وائل أبو فاعور: ندعم ونؤيد دعوة الرئيس بري للحوار ونرى فيها بصيص أمل وقد أتت بالوقت المناسب.

المشاركون

من سيشارك في الحوار؟

من الثابت انه إلى جانب الرئيسين برّي وسلام فان ما لا يقل عن 16 أو 17 شخصية ستشارك في هذا الحوار، في مقدمها الرئيس فؤاد السنيورة، والنواب ميشال عون، وليد جنبلاط، محمّد رعد، ميشال المرّ وطلال ارسلان وسليمان فرنجية، والرئيس نجيب ميقاتي، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل.

والسؤال: هل سيقتصر الحضور على من اسماهم الرئيس برّي «قادة» الكتل النيابية ولو لم يكونوا نواباً بالإضافة إلى كتل مثل نواب زحلة وكتلة نواب «القرار الحر» وكتلة حزبي البعث و«القومي السوري»؟

ومن الممكن أن تتبلور مشاركة المكونات الأخرى في ضوء توضيح هل قادة الكتل النيابية هم رؤساء، أم أن الأمر خاضع للاعتبارات الحزبية وليس النيابية بحد ذاتها.

وثمة سؤال آخر يحتاج إلى اجابة: هل إن النائب عون سيحضر شخصياً إلى جانب جنبلاط وجعجع أم سيختار هؤلاء مَن ينوب عنهم.

اما في جدول الأعمال، فالالتباسات أكثر من أن تحصى، وإن كان التعويل على إمكانية مقاربة انتخابات الرئاسة، ليس من زاوية المواقف المعلنة، بل من وجهة التوافق على رئيس تلتقي عنده كل المكونات.

ورفض مصدر مقرّب من الرئيس برّي الغوص في المنهجية التي سيتبعها، معتبراً انه بمجرد انعقاد الجلسة الأولى، فان هذا يُشكّل انجازاً لصالح الحوار والاستقرار.