IMLebanon

الضربات الروسية لبنانياً: سقوط الترقيات وترنح النفايات

الضربات الروسية لبنانياً: سقوط الترقيات وترنح النفايات

14 آذار تجدّد رفضها القفز فوق بند الرئاسة .. وسليمان يحذر من تحويل الجيش إلى قالب جبنة

ترنّحت التسويات والنفايات، ولا تُخفي مصادر سياسية واسعة الإطلاع أن هذا الترنّح ترتّب على الضربات الجوية الروسية في سوريا، في ظل صمت إيراني مطبق، وتوجّس عربي من النتائج التي من شأنها أن تُحدث خللاً في المعادلات القائمة في المنطقة، وترقّب أميركي يتوزّع بين التوريط الروسي في الحرب وتحاشي وقوع احتكاك في الجو، بعد معلومات ترددت عن أن إحدى الغارات أصابت مجموعات سورية معارضة درّبتها وسلّحتها الولايات المتحدة.

وإذا كان الرئيس تمام سلام الذي عاد إلى بيروت من نيويورك خلد إلى الراحة، بانتظار أن يلتقي اليوم الوزيرين نهاد المشنوق وأكرم شهيّب ومعهما العقبات التي تواجه خطة النفايات التي أقرّتها الحكومة، وما يمكن القيام به لمعالجة هذه العوائق، وإلا فإن لكل حادث حديث، وفقاً لمصدر مقرّب من الوزيرين اللذين اجتمعا أمس للتداول في حصيلة المشاورات الجارية، لا سيما ما توصل إليه الوزير المشنوق مع رؤساء بلديات واتحادات البلدية في عكار، فإن مصادر قريبة من الملف تتخوّف من إنهيار خطة الوزير شهيّب، في ضوء تولّد قناعة لدى وزير الزراعة أن المهمة التي أخذها على عاتقه بدت معقّدة أكثر مما تصوّر.

ووفقاً لهذه المصادر نفسها، فإن الحلول لأزمة النفايات آخذة بالتلاشي في ضوء الفرق الشاسع ما بين الأقوال ووضع العصي في الدواليب على الأرض، فالمعنيون سياسياً بالمطامر المقترحة، سواء في عكار أو برج حمود أو البقاع يواجهون وضعاً إنقسامياً على الأرض وشدّ حبال يجعل من كلام الليل يمحوه النهار:

1- ففي عكار تتحكّم المصالح المتضاربة سياسياً وبلدياً وإنمائياً بالموافقة حيناً والمعارضة أحياناً ضمن توزيع أدوار، في ما خصّ مطمر سرار، على الرغم من تعهد وزير الداخلية بتحويل مكب سرار إلى مطمر صحي، والموافقة على إعطاء البلديات والمجتمع المدني حق المراقبة والمحاسبة.

2- وفي البقاع تطالب الفعاليات والبلديات في عنجر والمصنع بعدم حصر المطمر بالبقاع الأوسط، بل يجب أن يكون هناك مطمر آخر في البقاع الشمالي، بحيث يتوزع العبء البيئي في كل المناطق ولا يقتصر على فئة أو منطقة واحدة.

3- وحسب معلومات هؤلاء المعنيين، فإن تكتل الإصلاح والتغيير يقف وراء البلدات والهيئات الرافضة لمطمر برج حمود، مما يعني أن الرفض سياسي وليس بيئياً.

4- حتى بالنسبة لمطمر الناعمة الذي تلحظ الخطة 7 أيام لإعادة تشغيله فقط، ما تزال حملات الحراك المدني تتصلب في رفض إعادة تشغيله.

وهذه المعطيات بددت القناعة لدى الوزير شهيّب والقوى البيئية الداعمة لخطته، من أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن تضارب المصالح والمزايدات المذهبية والمناطقية وشدّ الحبال السياسي، وضعا الخطة على طريق شائك، الأمر الذي جعل اللقاء اليوم بين الرئيس سلام والوزيرين المعنيين لا يبحث في ساعة الصفر، بل في ثني الوزير شهيّب عن رغبته في التخلّي عن هذه المسؤولية، خصوصاً وأنه يعتزم، بحسب ما كشفت معلومات، الطلب من رئيس الحكومة مؤازرة من الجيش وقوى الأمن لرفع النفايات من الشوارع والطرقات وإيصالها إلى المطامر المخصصة لذلك في الناعمة وسرار والمصنع.

الترقيات

وعلى جبهة الترقيات، الوضع ليس بأفضل حال من النفايات، ففضلاً عن المقاربات المتباعدة للتعيينات من وجهة دستورية أو قانونية أو عسكرية محضة، فإن تراجع الجهود الديبلوماسية، لا سيما الأميركية منها، وهو تراجع مفاجئ، رفع من فرص التشدّد داخل المكونات الوزارية والمعارضة أصلاً لها إلى التشدّد الذي بلغ حدّ الرفض، الأمر الذي قرأته المصادر العونية بأنه محاولة «لتحطيم ميشال عون» ودفعه إلى الاصطدام بطاولة الحوار.

وفي معلومات «اللواء» أن تراجع الضغط الديبلوماسي الأميركي وغيره عن السير «بتسوية العميد شامل روكز» أبلغ ليل أمس الأول إلى كل من الرئيس ميشال سليمان ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، وإلى قائد الجيش العماد جان قهوجي، ما يفسّر الموقف المتصلّب والرافض بشدة لهذه التسوية من جانب «اللقاء التشاوري» الذي اجتمع أمس في دارة الرئيس سليمان بمشاركة مباشرة من النائب الجميّل. علماً أن هذا التراجع المفاجئ تزامن مع ما نُسب إلى الرئيس نبيه برّي من أن «حزب الله» لم يعد يهتم بأي تسوية في هذه المرحلة، بانتظار تبلور الأمور في سوريا بعد التدخل العسكري الروسي المباشر.

واستبعد مصدر نيابي في قوى 14 آذار لـ«اللواء» أن يؤثر الإنقلاب المفاجئ لمسار تسوية روكز على وضعية الحكومة، باستثناء بقائها في وضعية تصريف الأعمال، لكنه لاحظ أن الخطر على الحكومة ممكن أن يأتي من حزب الكتائب الذي يتعرّض لضغوط شعبية لإنهاء مشكلة النفايات في مناطقه، كاشفاً بأن الحزب أبلغ المعنيين أن بقاء الحكومة أو رحيلها لم يعد يعنيه بشيء.

ووصف المصدر بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» الذي اتهم «تيار المستقبل» بالإرتهان لجهات خارجية والإنقلاب على ما يتم الإتفاق عليه في الحوارات الداخلية وتحميله مسؤولية الشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة، بأنه «إفتراء واضح»، نافياً أن يكون «المستقبل» تراجع عن «تسوية روكز»، مؤكداً عدم مسؤولية الرئيس سعد الحريري أو الرئيس فؤاد السنيورة عمّا نشر من تسريب لبنود التسوية، موضحاً بأن إضافة بند تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي جاء من جهة ليست معروفة من قبل «المستقبل»، وربما جاء من جهة تريد تخريب هذه التسوية، فكانت قد علمت بطريقة ما برغبة المدير العام الحالي اللواء إبراهيم بصبوص بإعفائه من مهماته لأسباب شخصية، وبالتالي فإن هذا البند المتجدد ليس شرطاً، لكنه قد يكون مفيداً لكل الأطراف.

وجدّد المصدر التأكيد بأن «المستقبل» لا يمانع حتى الساعة من السير في التسوية تحت سقف الدستور ووفق آلية عمل مجلس الوزراء، مشيراً إلى انه إذا وافق وزراء عون، كإفتراض، على التصويت على التسوية بالأكثرية، باعتبار انها لا تحتاج إلى أكثرية الثلثين، فإن هذا الأمر يجب أن ينسحب على جميع الجلسات.

وتوقع المصدر بأن تشهد الحكومة من الآن وحتى 15 تشرين أول لحالي، موعد إحالة روكز على التقاعد، مرحلة من الشد والرخي، وبعد ذلك يمكن أن تدخل الحكومة فعلياً مرحلة تصريف أعمال، وإن لم يقدم الرئيس سلام استقالته فعلياً.

وكان اللقاء التشاوري الذي انعقد في دارة الرئيس سليمان قد أكد بصريح العبارة ضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن سياسة المراضاة والمحاصصة، مجدداً رفضه أي تسوية على حساب هيكلية الجيش والتراتبية العسكرية فيه، فيما سأل الرئيس سليمان الذي ترأس بعد ذلك الخلوة الخامسة للقاء الجمهورية، عمّا إذا كان يجوز أن يتحوّل الجيش إلى «قالب جبنة» تتقاسمه المحاصصة السياسية، لافتاً إلى ضرورة عدم إدخال بنود جدول أعمال الحوار الوطني، وبخاصة عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي في تسويات جانبية.

طاولة الحوار

وعكست إشارة الرئيس سليمان هذه، إلى ضرورة إبعاد ما يثار من أحاديث عن تسويات عن طاولة الحوار، بقصد تحصين هذا الحوار، لكي يُركّز مداولاته على انتخاب رئيس الجمهورية للخروج من الأزمات المتراكمة، على أن يلي ذلك تشكيل حكومة جديدة، لتأتي الانتخابات النيابية فور إقرار قانون انتخابي نسبي وعمري.

وفي هذا السياق، علمت «اللواء ان قوى 14 آذار التي اجتمعت مساء أمس في «بيت الوسط» على مستوى القيادات، اتخذت قراراً وصف بأنه حازم ونهائي، وهو عدم البحث في أي موضوع على جدول أعمال الحوار، إلا بعد بت موضوع رئاسة الجمهورية، وبالتالي فإن هذا الموقف يعني رفض القفز من بند رئاسة الجمهورية، إلى البنود الأخرى، ومنها البحث بقانون الانتخاب والذي طرحه النائب ميشال عون، بحيث تكون الأولوية للانتخابات النيابية وليس لرئاسة الجمهورية.

ونفى مصدر شارك في اجتماع «بيت الوسط» لـ«اللــواء» أن يكون هذا الموقف يعني الانسحاب من الحوار في حال أصرّ فريق 8 آذار على السير ببقية البنود إذا لم يؤد الحوار إلى اتفاق على رئاسة الجمهورية، وإنما يعني ان الحوار سيكون من طرف واحد، وعلى حدّ تعبير المصدر هذا يعني «أحكوا لحالكم».