IMLebanon

خلافات «النُصرَة» والنظام تبطئ التبادل.. لكن المفاوضات قائمة

خلافات «النُصرَة» والنظام تبطئ التبادل.. لكن المفاوضات قائمة

فرنجية يكتفي بلقاء باسيل حالياً .. وقانون الإنتخاب أمام «لجنة التناقضات» اليوم

لم يقطع تعثّر عملية تبادل العسكريين اللبنانيين الـ16 المحتجزين لدى «النصرة» «الأمل الرسمي» بإيصال العملية في الأيام القليلة المقبلة إلى ما وصفه الرئيس تمام سلام والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم «بالنهاية السعيدة».

وقال مصدر مقرّب أن إلغاء الرئيس سلام زيارته التي كانت مقرّرة اليوم إلى باريس للمشاركة في قمّة المناخ العالمية، تندرج في إطار أن جهود التسوية ما تزال قائمة، وأن ملف التبادل واجه صعوبات، لكنه ما يزال على الطاولة.

وفي السياق نفسه صبّ بيان المديرية العامة للأمن العام عندما تحدث عن إنجاز العملية، نافياً ما تردّد عن «شروط مستجدة للتبادل».

المهمّ بالنسبة للمصدر، أن المفاوضات لم تفشل ولم تسقط في طريق مسدود، خلافاً لما آلت إليه مجريات ساعات ما بعد ظهر أمس، والتي قضت بمغادرة اللواء إبراهيم شتورة، حيث كان يُدير عملية التفاوض من هناك، بالتزامن مع عودة قوافل المساعدات للنازحين السوريين من عرسال إلى اللبوة، من دون أن تنتقل إلى بيروت، بعد بروز عرقلات من قبل المفاوض عن «النصرة».

وأشار هذا المصدر إلى أن الجانب اللبناني رفض الابتزاز أو إنهاكه بمطالب مستجدّة لم تكن في صلب عملية التفاوض في الأشهر العشرة الماضية التي أعقبت خطف العسكريين في 2 آب من العام الماضي.

وكانت وكالة «فرانس برس» نسبت إلى مصدر أمني أن صفقة التبادل تأخّرت جرّاء «مطالبة جبهة «النصرة» السلطات اللبنانية بالإفراج عن سجناء جدد لم تكن أسماؤهم مدرجة على القائمة التي تمّ التفاوض حولها».

وفي الإطار نفسه، نسبت الوكالة نفسها إلى مصادر أمنية أن الصفقة الحالية التي كادت على وشك أن تتم، وهي ما تزال قائمة، تتضمّن:

1- إفراج «النصرة» عن 16 عسكرياً محتجزين لديها.

2- إفراج السلطات اللبنانية والسورية عن سجينات وسجناء أبرزهم جمانة حميد (المتهمة بقيادة سيّارة مفخخة إلى الضاحية الجنوبية وهي من عرسال) وسجى الدليمي وهي عراقية وزوجة سابقة لأبي بكر البغدادي زعيم «داعش»، وهي أوقفت في العام 2014، وعلا العقيلي زوجة أحد قياديي جبهة «النصرة» والموقوفة منذ العام 2014 أيضاً، إضافة إلى شقيقة أبي مالك التلي أمير جبهة «النصرة» في منطقة القلمون، وهي مسجونة في سوريا.

3- السماح لجرحى سوريين بالإنتقال إلى عرسال للعلاج، ونقل جرحى من الزبداني إلى تركيا عبر مطار بيروت.

4- إدخال شاحنات مؤن إلى جرود عرسال حيث يتحصّن مقاتلو «النصرة».

وإذا كانت الوقائع الميدانية دلّت على التزام الجانب اللبناني بالشق المتعلق به في صفقة التبادل، وهي كانت عملية مضنية، باعتبار أن السجينات والسجناء بعضهم لدى السلطات اللبنانية والبعض الآخر لدى السلطات السورية، فإن شروط «النصرة» الجديدة لم تكن واقعية لا سيّما وأنه ليس بالإمكان شمول الصفقة أشخاصاً صدرت أحكام قضائية بحقهم مثل الشيخ مصطفى الحجيري المعروف «بأبو طاقية».

أما في ما يتعلق بالإنسحاب من قريتي فليطة والمعرة وتسليمهما إلى «النصرة»، فإن الطلب لم يكن وارداً أصلاً، لكن الجديد الذي أدّى إلى تعثّر المفاوضات فقد برز نتيجة خلافات سورية – سورية بين النظام و«النصرة» حول المطلوب إطلاقهم  ثمناً للصفقة.

ومهما كان من أمر، فإن الرئيس سلام الذي آثر عدم الانتقال إلى باريس والبقاء في بيروت لمتابعة الجهود المبذولة للإفراج عن العسكريين، لم يشأ الدخول بتفاصيل العملية، داعياً إلى انتظار الساعات المقبلة لتبيان نتيجة هذه العملية، مشدداً على أولوية إنهاء هذا الملف الإنساني، لافتاً، حسب زواره، إلى أن السعي الجدّي لإنهاء هذا الملف لم يتوقف يوماً، مذكّراً بأنه سبق أن مررنا بأيام تفاؤلية لكن لم نصل إلى نتيجة.

التسوية

ووسط الترقّب الذي عاشه أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح، والساعات العصيبة التي عاشها المفاوض اللبناني في ما خصّ إيصال مفاوضات استعادة العسكريين إلى نهاية سعيدة، شكّل الاتصال الذي جرى بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية إشارة طيّبة إلى أن التسوية التي جرى التداول فيها في اجتماع باريس ما تزال قائمة.

ويأتي هذا التطوّر على وقع «سجال تويتري» بين النائب وليد جنبلاط الذي ذكّر المسيحيين المتشدّدين بمعادلة «مخائيل الضاهر أو الفوضى» ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي ردّ عليه، كما تولّى المستشار الإعلامي للنائب ميشال عون الردّ على جنبلاط عبر «الفايسبوك».

ولاحظت قناة «المستقبل» أن المعارضة القوية لانتخاب فرنجية من قِبَل القوى السياسية المسيحية تُضعف حظوظ فرنجية الرئاسية، كما أن إعلان الرئيس الحريري ترشيحه رسمياً لا يبدو قريباً، كما تردّد قبل يومين، لأن سلّة التوافقات والتفاهمات لم تنضج بعد، فيما كشفت قناة O.T.V أن رجل الأعمال جيلبير شاغوري سيقوم بزيارة عاجلة إلى بيروت لمعالجة ما وصفته «بالإنتكاسة» والتداعيات الناتجة عن وساطته الباريسية، معتبرة أن قانون الانتخاب عقبة تواجه النائب فرنجية ولا أحد يستطيع تجاوز «عامود الفلك» ميشال عون.

في هذا الوقت، رأت النائب بهية الحريري في مواقف أدلت بها في «بيت الوسط» أن الرئيس الحريري قدّم العديد من التنازلات لمصلحة لبنان، معتبرة أنه من الخطورة بمكان استمرار الشغور في الرئاسة الأولى، فيما أكد أمين عام تيّار «المستقبل» من التبانة في طرابلس أن الكرة ليست في ملعبنا، وأن مصلحة اللبنانيين أهم منّا جميعاً، ولا كلمة تعلو على كلمة الرئيس الحريري في تيّار «المستقبل».

وفيما تردّد أن فرنجية زار مساء أمس رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في منزله في البترون، ووضعه في أجواء لقائه الرئيس الحريري في باريس، ربما تمهيداً للزيارة المرتقبة له إلى الرابية للقاء عون، رأى مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» أن موضوع التسوية تعثّر قليلاً، لكنه ما زال قائماً، مستبعداً أن يتأثّر في حال تأخّر الإعلان الرسمي عن الترشيح، طالما أنه ليس هناك من خيار آخر، خاصة وأن الظروف لم تعد تحتمل بقاء الفراغ الرئاسي أكثر من ذلك، على حدّ تعبير الرئيس سلام.

ولفت المصدر إلى أن «بيضة القبّان» في المعادلة المسيحية هي موقف حزب الكتائب الذي إذا ما سار في التسوية، حسب ما يتوقّع المصدر، من شأنه أن يؤمّن تغطية مسيحية، باعتبار أنه حزب مسيحي تاريخي، وفرنجية هو واحد من الزعماء الأربعة الذين توافق عليهم الأقطاب في بكركي.

وأشار إلى أن الكتائب تحتاج إلى ضمانات للموافقة على فرنجية، وأبرزها في قانون الانتخاب على أساس أن يكون لبنان 36 دائرة وفق النظام الأكثري، كاشفاً بأن الصراع حالياً هو حول قانون الانتخاب، خاصة بعد المعلومات التي ذكرت أن الرئيس الحريري وفرنجية توافقا على العودة إلى قانون الستين ضمن التسوية الكاملة التي تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي.

قانون الإنتخاب

تجدر الإشارة إلى أن لجنة قانون الانتخاب ستبدأ اليوم أولى اجتماعاتها في مجلس النواب والتي يفترض أن تناقش مسألتين أساسيتين هي النظام الانتخابي الأمثل وتقسيم الدوائر.

وبحسب مصادر اللجنة، فإنها ستبدأ اليوم بالاتفاق على آلية عملها وتوقيت انعقادها أسبوعياً أو مرتين في الأسبوع، علماً أن النصاب حُدّد بستة أعضاء من أصل عشرة منعاً لتعطيل انعقادها، وستكون اجتماعاتها بعيداً عن الإعلام، أي لا تصريحات علنية لتسهيل التوافق.

أما في مضمون العمل، فإن اللجنة ستبدأ نقاشاتها من الصفر، بحسب ما أوعز الرئيس نبيه برّي، أي عدم تبنّي أي من الاقتراحات والمشاريع المطروحة وعددها 17 إقتراحاً ومشروع قانون، وإن كان كل فريق سيتمسّك بطرحه السابق، بين النسبية المطلقة، أو النظام المختلط أي النسبي والأكثري، وهو ما سبق أن طرحه «المستقبل» و«القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي، علماً أن القوى المسيحية ترفض بالمطلق العودة إلى قانون الستين.

الحوار الثنائي وجلسة الإنتخاب

ولم يستبعد مصدر نيابي مطّلع، أن يُثار موضوع التسوية في الحوار الثنائي الذي يُستأنف مساء اليوم في عين التينة بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، خصوصاً وأن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله كان قد بادر إلى طرح مشروع التسوية الكاملة ولاقاه الرئيس الحريري في منتصف الطريق عندما اقترح البدء بانتخاب رئيس للجمهورية وأتبع ذلك بخطوة لقاء فرنجية في باريس.

ووصف المصدر جلسة اليوم، وهي الجلسة رقم 21 بين الطرفين، بالمفصلية، خصوصاً وأنها يُفترض أن تكشف موقف الحزب من موضوع ترشيح فرنجية وهو الذي لا يزال يتريّث لغاية الآن، إنسجاماً مع موقف حليفه عون.

أما بالنسبة إلى الجلسة رقم 32 لانتخاب رئيس الجمهورية الأربعاء المقبل، فتوقّع المصدر أن تكون متميّزة بجو ساخن نسبياً، وأنها ستختلف عن الجلسات السابقة، وإن كان الحضور النيابي سيبقى على الواقف من دون نصاب كالمعتاد، لكن الجديد فيها أن الحائط الذي كان مقفلاً فُتحت فيه ثغرة.