IMLebanon

لبنان يلتزم الإجماع العربي .. خطوة تلاقيها السعودية بعدم التخلي عن اللبنانيين

لبنان يلتزم الإجماع العربي .. خطوة تلاقيها السعودية بعدم التخلي عن اللبنانيين

الحريري يُطلق وثيقة الوفاء للمملكة .. وباسيل يدافع عن أخطائه بأخطاء جديدة

الرئيس الحريري يوقع على وثيقة التضامن مع المملكة العربية السعودية (تصوير: جمال الشمعة)

«بيان التسوية» الذي أدلى به الرئيس تمام سلام، بوصفه ممثلاً للحكومة ومتكلماً باسمها، ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، وفقاً لما ينص عليه الدستور، كشف عن حرص لبناني غير قابل للأخذ والرد بالحفاظ على علاقاته العربية، ومع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، على قاعدة وحدة الروابط والمصالح والانتماء، والوفاء للدور الريادي الذي لعبته المملكة ولا تزال في الوقوف بجانب لبنان، دعماً لوحدته الوطنية، ودعماً لمواجهة المخاطر التي يتعرّض لها، وحرصاً على استقراره السياسي والأمني والاقتصادي.

وأكد نجاح مجلس الوزراء في التوصّل إلى صيغة التسوية التي أعادت تصويب العلاقة بين لبنان واشقائه، وإزالة «أي شوائب قد تكون ظهرت في الآونة الاخيرة»، على حدّ تعبير البند رابعاً من بيان مجلس الوزراء، اجتياز لبنان قطوعاً صعباً، استدعى جلسة ماراتونية بما لا يقل عن سبع ساعات، وابقى البلد واستقراره ووحدة قراره في «دائرة الامان»، الأمر الذي وصفه مصدر وزاري شارك في الجلسة «بالانجاز الوطني التاريخي»، وعلى قاعدة العقل اللبناني الذي ينتج التسويات على خلفية «لا غالب ولا مغلوب»،  وعلى قاعدة «وحدة المصالح اللبنانية والعربية، وتخفيض سقف الاندفاعات في لعبة المحاور الجارية وانعكاساتها السلبية على النسيج الداخلي اللبناني، والذي تعبر الحكومة، كسلطة إجرائية عن ضوابط تفاعله الداخلي ومع المحيط.

وبالتزامن مع قرار مجلس الوزراء الذي تمنى على رئيسه اجراء الاتصالات اللازمة مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وترتيب مواعيد جولة على هذه الدولة، على رأس وفد وزاري لبناني يحمل الموقف اللبناني الثابت بالوقوف إلى جانب المملكة ويطالب قيادتها بإعادة تقييم الموقف، انطلاقاً من التصحيح الذي قامت به الحكومة، والمواقف التي اعلنها رئيسها، وغالبية القيادات والشخصيات اللبنانية من مسؤولين وشخصيات سياسية وقادة كتل، وتأسيساً على ما صدر عن مجلس الوزراء السعودي أمس، وفيه «تأكيد على عدم التخلي عن الوقوف إلى جانب لبنان والاستمرار في مؤازرته، وأن المواقف المؤسفة (في إشارة إلى موقف وزير الخارجية جبران باسيل) وغير المبررة لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين، وتتجاهل كل المواقف التاريخية الداعمة للبنان خلال الأزمات التي واجهته اقتصادياً وسياسياً».

ومع ان مجلس الوزراء السعودي شدّد على ما أعلنه المصدر السعودي المسؤول بشأن وقف مساعدات المملكة بتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فإنه أكّد ان المملكة تحرص دائماً على تعزيز العلاقة المميزة التي تربطها بالشعب اللبناني الشقيق، وعلى تعزيزها وتطويرها.

وإذ ذكّر المجلس بأن نصيب الجمهورية اللبنانية كان وافراً من الدعم والمساندة، لاحظ ان مواقف المملكة قوبلت بمواقف لبنانية مناهضة على المنابر الإقليمية والدولية، في ظل مصادرة ما يسمى بـ«حزب الله» اللبناني لإرادة الدولة، فضلاً عن المواقف السياسية والإعلامية التي يقودها ما يسمى «حزب الله» في لبنان ضد المملكة العربية السعودية وما يمارسه من إرهاب في حق الأمة العربية والإسلامية (راجع الخبر في مكان آخر).

وثيقة التضامن

والمحطة الثانية في يوم الدعم اللبناني الطويل، كانت في إعلان الرئيس سعد الحريري من «بيت الوسط» عن «وثيقة التضامن مع الإجماع العربي والوفاء للدول العربية الشقيقة»، في لقاء نُظّم مساء أمس، بعنوان «الوفاء للمملكة ومجلس التعاون»، حيث أكد الرئيس الحريري أن لبنان سيبقى وفياً لعروبته وأشقائه، ولن نسمح بسقوطه في الهاوية الإيرانية أو تسليمه لمشروع الفتنة وتقسيم المنطقة، مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عدم التخلي عن لبنان والاستمرار في دعمه واحتضانه.

وتضمنت الوثيقة التي وقّع على نصّها الحضور، على أن تستكمل التواقيع لجمع أكثر من مليون توقيع، مناشدة الملك سلمان عدم التخلي عن لبنان، فضلاً عن البندين التاليين:

1- التزام لبنان شعباً ودولة واجبات الإجماع العربي.

2- رفض الحملات المشوّهة لصورة لبنان والمسيئة لعلاقاته الأخوية مع الأشقاء في السعودية ومجلس التعاون.

لقاء اليرزة

أما المحطة الثالثة، فكانت في دارة الرئيس ميشال سليمان في اليرزة والتي جمعته إلى الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط، حيث حضرت جلسة مجلس الوزراء ووثيقة التضامن مع المملكة في اللقاء، فضلاً عن الأداء غير الإيجابي للوزير باسيل.

وجرى في اللقاء التأكيد على العلاقات التاريخية والمصيرية مع المملكة والتمسك بإعلان بعبدا، وأكد الرئيس سليمان أن الإجماع العربي كان مطلباً لبنانياً منذ تأسيس الجامعة العربية، وعلاقاتنا مع السعودية قديمة وتتخطى الهبات، وعلى إيران أن تتفهمنا فنحن عرب وفي الجامعة العربية. في حين طالب جنبلاط بالالتفات إلى زيادة الدين والبطالة والعجز المالي، والنزول إلى مجلس النواب لانتخاب واحد من المرشحين الثلاثة، معتبراً أن الأمر سهل ولتكن لعبة ديموقراطية.

أما الرئيس الحريري فكرر الإشادة بالجهد الكبير الذي قام به الرئيس سلام، منتقداً موقف وزير الخارجية بعد جلسة مجلس الوزراء الذي اعتبر أن الوحدة الوطنية أهم من الإجماع العربي، واصفاً موقفه (أي باسيل) بأنه «تصرّف وكأن شيئاً لم يحصل، وهو داخل الجلسة لم يتكلم، وأن تعامله مع الدول غير مسؤول، وهذا مسيء للبنان إذا أكملنا بهذه الطريقة»، معتبراً أن «الخروج عن قرار الحكومة هو خطيئة بحق لبنان واللبنانيين».

جدل باسيل

وكان باسيل قد خرج عن الإجماع الوزاري الذي تمثّل بالبيان الذي أذاعه الرئيس سلام، فآثر أن يعقد مؤتمراً صحفياً، اعتبر فيه أن ما وصفه «بالصرخة السياسية المفتعلة التي تلت الموقف السعودي بوقف الهبة»، هدفه رخيص وداخلي (في إشارة إلى الاستحقاق الرئاسي)، وأعلن انحيازه إلى الوحدة الوطنية إذا خيّرنا بين الإجماع العربي والوحدة.

لكن الرئيس سلام ردّ عليه، عبر مكتبه الإعلامي، مؤكداً أن بيان مجلس الوزراء صدر بإجماع الوزراء المشاركين في الاجتماع بمن فيهم الوزير باسيل نفسه، معلناً أن أي خروج عن هذا النص هو من قبيل الاجتهاد الشخصي ولا يعبّر عن موقف لبنان الرسمي.

وأوضح بيان المكتب الإعلامي «أن عناوين السياسة الخارجية للبنان، وخصوصاً ما يتعلق منها بالعلاقات مع الدول العربية الشقيقة، حددت بوضوح لا لبس فيه في البيان الصادر عن مجلس الوزراء والذي تلاه رئيس مجلس الوزراء بوصفه المتحدث باسم الحكومة وفقاً لما ينص عليه الدستور».

غير أن باسيل عاد لاحقاً وأعلن تأييده لبيان مجلس الوزراء بكل مضمونه، غامزاً من سبب صدوره، مشيراً إلى أنه «يتفهّم أن الإجماع يتطلب خفض السقوف السياسية، مع أنه لم يكن يتوقع هذا القدر من الانخفاض السريع من قبل بعض أطراف الحكومة».

وبين كلام باسيل وردّ الرئيس سلام، دخل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس على الخط مؤكداً من «بيت الوسط» أن باسيل حرص على ألا يغادر جلسة مجلس الوزراء إلا بعد الوصول إلى البيان النهائي كي لا يُساء التفسير، معلناً أن البيان صدر بالإجماع وبدون أي تحفظ، حتى أن وزير الداخلية نهاد المشنوق، عندما تحفّظ على نقطة واحدة اقتضى هذا الأمر إعادة البحث لمدة ساعتين ونصف الساعة إضافية».

مجلس الوزراء

فماذا جرى في مجلس الوزراء؟

مصدر وزاري أوضح لـ«اللواء» أن المجلس نجح بالخروج بموقف واحد تمّت صياغته بالإجماع بفضل إصرار الوزراء جميعاً على الخروج بهذا الموقف.

وكشف ان الصياغة الأولى للبيان وضعها الرئيس سلام، ثم جرى إدخال تعديلات وصياغات جديدة عليها من قبل لجنة من الوزراء ضمّت علي حسن خليل ووائل أبو فاعور وحسين الحاج حسن، الذين اجتمعوا خارج القاعة واجروا اتصالات مع مرجعياتهم خلال المداولات بينهم.

وتركز النقاش في الصياغة الأولى على الفقرة المتعلقة بالإجماع العربي في القضايا المشتركة، بما لا يمس بالوحدة الوطنية، وعندما عاد الوزراء إلى القاعة، وجرت قراءة الفقرة، اعترض الوزير نهاد المشنوق على الصيغة، وهو ما أخر صدور البيان أكثر من ساعتين، إلى ان تمّ فصل تعبير الوحدة الوطنية عن الإجماع العربي، بعد ان استبدلت كلمة «يمس» بكلمة «يصون»، كما ادخلت كلمة «القضايا المشتركة» إلى الإجماع العربي نتيجة إصرار الوزير أبو فاعور، وكذلك تمّ إدخال كلمة «الدول الصديقة» إلى جانب الدول الشقيقة، بإصرار من الوزير الحاج حسن.

وبطبيعة الحال لم تخل الجلسة التي امتدت لأكثر من سبع ساعات من مطالعات سياسية من قبل الوزراء الذين ادلوا جميعاً بمداخلات في السياسة الخارجية، كما لم تخل من سجالات أبرزها مع الوزير أبو فاعور الذي توجه إلى الوزير الحاج حسن قائلاً: «انت مشغول بالك على الأكثرية في اليمن، فماذا نفعل بالاكثرية في سوريا؟».

اما الوزير درباس فانه توجه بدوره إلى الحاج حسن قائلاً: «انت رجل قوى الحجة والشكيمة، وكذلك الوزير نهاد المشنوق، ولكن ماذا نفعل لو امطرت الدنيا وأنت ترتدي قميصاً، هل نلعن المطر أم نضع غطاء سميكاً لاتقائها.. هذه هي حالنا الآن مع المشكلة؟».

وكشفت المصادر ان الجلسة افتتحت بكلمة للرئيس سلام دعا فيها الوزراء إلى تقديم ملاحظات حيال موضوع الجلسة الاستثنائية، موضحة ان فريقي «حزب الله» و«المستقبل» عرضا لموقفهما المغاير للآخر، ففي الوقت الذي كرّر فيه وزيرا الحزب محمّد فنيش وحسين الحاج حسن الموقف من المملكة العربية السعودية وتدخلها في احداث اليمن وتأثيرها على مسار الأوضاع في البحرين وسوريا، كان فريق «المستقبل» يكرر تداعيات انغماس الحزب في سوريا ووقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب لبنان في أحلك الظروف.

وأشارت المصادر إلى ان وزراء تدخلوا للتأكيد على أهمية المصلحة اللبنانية ووقف التراشق والعودة إلى الحياد والاهتمام بحاجات المواطن اللبناني الذي وفق وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لا يسأل عن الوجود المسلح لحزب الله في سوريا ولا الوجود العسكري السعودي في اليمن، إنما عن اقتصاده ومعيشته، مؤكداً أهمية قيام اتفاق على ضرورة عدم المس بالمملكة والدول العربية.

اما وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، فشدد لـ«اللواء» على أهمية قيام تغيير في السلوك، معتبراً بيان الحكومة بأنه «بداية رحلة طويلة»، وقال انه اعترض داخل الجلسة على عدم ذكر لبنان في مداخلات وزيري حزب الله، وسأل: ماذا تفعل إيران على طاولتنا؟

أمون في قبضة الجيش

أمنياً، حقق الجيش اللبناني انجازاً مهماً في عملية نوعية، عندما نجح في توقيف أحد أخطر المطلوبين الارهابيين وهو اللبناني محمد أحمد أمون الملقب «بالبريص»، وذلك بعد تعقب سيارته في بلدة عرسال ومعه مجموعة من المسلحين، مما أدى إلى تبادل إطلاق نار بين الدورية والمسلحين أسفرت عن إصابة اثنين من المسلحين وفرار آخرين.

وأمون مطلوب بعدد كبير من الوثائق الموجودة لدى الجيش اللبناني والقوى الامنية، ابرزها: تفخيخ سيارات، احتجاز عسكريين، الهجوم على مراكز الجيش في عام 2014، خطف عسكريين في عام 2014، إضافة إلى التفجيرات الاخيرة التي وقعت في بلدة عرسال، خطف أشخاص واثارة الرعب في البلدة، وهو المسؤول الاول عن جمع المعلومات عن الجيش اللبناني ودورياته والعسكريين في بلدة عرسال.