IMLebanon

«الموزاييك النيابي»: عون رئيساً بـ48٪ من أصوات المسيحيين

«الموزاييك النيابي»: عون رئيساً بـ48٪ من أصوات المسيحيين

مصادر خليجية لـ«اللــواء»: تحفظ سعودي وخليجي على تولي مرشّح حزب الله رئاسة الجمهورية

المنحى الإيجابي لوصول النائب ميشال عون إلى قصر بعبدا، ما يزال ثابتاً، لكنه ليس وحده سمة الوضع المتغير في لبنان، بحيث يشكل 31 تشرين أوّل تاريخ تحوّل في ما خص الرئاسة الأولى وسائر مؤسسات الدولة، وما يرتبط بها من استقرار ووضع اقتصادي واجندات ما بعد انتخاب عون، لا سيما قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة، وهو ما وصفه الرئيس نبيه برّي من جنيف «بالجهاد الأكبر».

فعلى مسافة أيام قليلة، رست المعطيات الرئاسية على ما يلي:

1- ان الجلسة الانتخابية الاثنين المقبل ثابتة في الانعقاد والنصاب ومشاركة كل الكتل في رقم يكاد يقترب من 126 نائباً (لأن هناك معلومات بأن النائب عقاب صقر قد لا يأتي).

2- ان النائب عون، ما لم يطرأ شأن ذو جلل، هو رئيس جمهورية لبنان الثالث عشر في هذه الجلسة.

3- ان مواقف الكتل واضحة ومعلنة ومحددة مسبقاً، وإن كان ثمة رتوش قيد التظهير في وقت لا يتعدى مساء الأحد، كتلة عون النيابية قررت بعد اجتماعها أمس الذهاب إلى الجلسة، وهي تضم 21 نائباً لانتخاب رئيسها عون (إلا إذا اعتبر النائب اميل رحمة من كتلة لبنان الحر الموحّد «المردة») فتكون الكتلة 20 نائباً، وكتلة «القوات اللبنانية (8 نواب) ملتزمة بالاقتراع للنائب عون، وكتلة حزب الطاشناق (نائبان) ستنتخب عون، فيكون عدد النواب المسيحيين الذين سيقترعون لمصلحة عون 28 نائباً (باعتبار ان النائبين عباس هاشم وفادي الاعور هما في عداد الكتلة لكنهما ليسا مسيحيين)، يضاف الىهذا الرقم النائب نقولا فتوش ووزير السياحة ميشال فرعون والنائب الأرمني سيرج طورسركيسيان، فيرتفع العدد إلى 31 من أصل 64 نائباً مسيحياً، أي دون عدد نصف النواب المسيحيين في المجلس، مع العلم ان نواباً في كتلة «المستقبل» من المسيحيين (عاطف مجدلاني، نبيل دو فريج، باسم الشاب، هادي حبيش)، سيصوتون لعون، لكن ضمن الدعم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، ومن غير الواضح من من مسيحيي «اللقاء الديمقراطي» سيصوت للنائب عون.

وعليه، فبالكاد يصل عدد النواب إلى 48 في المائة.

وبالنسبة لكتلة «المستقبل» فمن المفترض ان تجتمع برئاسة الرئيس الحريري الجمعة لإصدار بيان أو قرار بتأييد عون، أو تجنّب هذه النقطة في ظل الاعتراض القوي من نواب بارزين في الكتلة في مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس المجلس فريد مكاري وآخرين جاهروا بعدم انتخاب عون.

اما كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي لا يتوقع ان تخرج عن الاصطفاف السياسي الحاصل، فإن الأجواء المحيطة بموقفها بعد اجتماع مجلس قيادة الحزب الاشتراكي تتجه إلى تركيبة صوتية توزع الأصوات، إذا ما استقر الرأي على سحب مرشّح اللقاء هنري حلو، بين حزبيين لمصلحة عون، ومحايدين لمصلحة الورقة البيضاء أو التزام الحياد الإيجابي.

اما صورة توزع الأصوات في ما خص النائب سليمان فرنجية فهي تتشكّل مسيحياً من مجموع من النواب الموارنة يتوزعون على الشكل التالي: 4 من كتلة النائب فرنجية + النائبان بطرس حرب ودوري شمعون، يضاف إليهم نواب من الارثوذكس والكاثوليك منهم: ميشال المرّ، أسعد حردان، مروان فارس وربما نايلة تويني.

اما نواب الكتائب (5 نواب موارنة) فهم لن يصوتوا لا لعون ولا لفرنجية.

اما توزيعة الكتل الإسلامية الأخرى، فإن كتلة الرئيس نبيه برّي التي تضم 12 نائباً شيعياً وكاثوليكياً واحداً (ميشال موسى) فهي جاهرت بأنها لن تصوت لمصلحة عون، خلافاً لما اعلنته كتلة «حزب الله» (13 نائباً بينهم 11 شيعياً وسنيان) ستصوت لمصلحة عون.

وهكذا يتضح ان ما يقرب من نصف الشيعة لن يصوت لعون.

وعلى صعيد توزيع الأصوات السنية، فإن ما لا يقل عن نسبة بين 30 و35 بالمائة لن تصوت لعون من الكتلة السنية في البرلمان وعددها 27 نائباً.

وضمن هذه الحسابات للموزاييك النيابي المفتوح على احتمالات عدّة، يجهد النائب فرنجية لتكبير حصته معتمداً على الرئيس برّي واحزاب 8 آذار والنواب المتمردين على كتلهم فضلاً عن المستقلين، فيما ينشط نواب من 14 آذار لاستعادة ما يصفونها «بلائحة الشرف» عام 2004 في وجه التمديد القسري للرئيس السابق اميل لحود، عبر «الكتلة البيضاء» التي تضع الورقة بلا اسم، باعتبار ان المرشحين ينتميان إلى 8 آذار.

المشهد الإقليمي

دولياً، وفيما حاولت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد الوقوف على حقيقة التفاهمات الجارية وموقع عون بعد انتخابه رئيساً لجمهورية لبنان، بين التحالفات الداخلية والمحاور الإقليمية، في ظل عدم الاطمئنان لمستقبل العلاقة بين عون و«حزب الله» ومصير العقوبات المالية ضد الحزب، على خلفية مشاركته في الحرب السورية، رحّبت إيران، على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي بأي اتفاق يتوصل إليه اللبنانيون في إطار انتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أنه أمر يحظى بأهمية كبيرة لدى إيران.

وقال قاسمي: «إن توصل الأحزاب اللبنانية إلى نقطة مشتركة واتفاق حول رئاسة الجمهورية يعتبر أمراً مباركاً ويدعو إلى التفاؤل والسرور، مؤكداً دعم بلاده وترحيبها بأي اتفاق في هذا الصدد، ومن شأن الاتفاق النهائي الذي تمّ التوصّل إليه بعث رسالة إيجابية إلى المنطقة عموماً.

عربياً، تبيّن أن لا صحة لما تردّد عن مجيء موفد سعودي إلى بيروت، لمواكبة الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً وأن مصدر المعلومات كانت الرابية للإيحاء بأن المملكة العربية السعودية تبارك انتخاب العماد عون.

لكن، رغم الصمت المحيط بالموقف السعودي الرسمي، فإن مصادر خليجية مطلعة أكدت لـ«اللواء» أن ثمّة تحفظاً سعودياً وخليجياً على تولي مرشّح «حزب الله» والمحور الإيراني منصب رئاسة الجمهورية في لبنان، وهو البلد المعروف بعلاقاته التاريخية مع المملكة ودول مجلس التعاون، والذي يقوم نظامه أساساً على معادلات سياسية وداخلية رفيعة، أثبتت التجارب السابقة أن أي خلل فيها يخلّ بالاستقرار.

وأكدت المصادر أن الدول الخليجية لن تتدخل في المسار الانتخابي المقرّر في 31 تشرين، ولكن سيبنى على الشيء مقتضاه في ضوء التطورات التي ستعقب انتخاب عون.

المشهد السياسي

وفي المشهد السياسي، فقد توقفت الأوساط المراقبة عند ما أعلنه أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» إبراهيم كنعان، من أن الدورة الأولى لجلسة الانتخاب عقدت منذ سنتين ونصف، وبالتالي فمن المفترض أن ندخل إلى الدورة الثانية، مشيراً إلى أن نصاب الانعقاد هو الثلثان والانتخاب بالأكثرية المطلقة، أي 65 نائباً، وهو الأمر الذي قد يثير إشكالات في مستهل الجلسة إذا ما اعتبر الرئيس برّي أن محضر الجلسة الأولى أُقفل، وأن الدعوات الـ46 كانت لعقد «جلسة» وليس «لدورة».

ومن العلامات السلبية والتي من شأنها أن تشكّل غيوماً سوداء أو رمادية في الأفق، كلام الرئيس برّي في جنيف عن «الجهاد الأكبر» والحاجة إلى قانون جديد على أساس النسبية، فانتخاب الرئيس على ضرورته غير كافٍ، متخوفاً من أن تكون الأزمات الجارية في المنطقة قد جعلت من لبنان منزلاً في حديقة والنار تشتعل من حولنا، معتبراً أنه من الضروري إحياء المؤسسات التي عطلناها بأيدينا.

في هذا الوقت، كانت الأجواء المحيطة «بحزب الله» تفيد أنه بعد انتخاب عون، بصرف النظر عن الأصوات التي سيحصل عليها، أن تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري سيكونا من أصعب التحديدات التي تواجه البلاد والرئيس العتيد.

وتشرح هذه الأجواء القريبة من «حزب الله» مسارات التحديد الحكومي بالإشارة إلى أن تشكيلة الحكومة والاتفاق على البيان الوزاري سيأخذان وقتاً، وأن خلاف ذلك يقتضي تفاهم الرئيس الذي سيكلّف وهو الرئيس الحريري مع الرئيس برّي حول الطبخة الحكومية وقانون الانتخاب الذي على أساسه يجب أن تجري انتخابات عام 2017 في حزيران المقبل، وهذا يقتضي، مناقشة تشكيل الحكومة مع مختلف الأطراف في ما خصّ الحقائب وتوزيعها حتى لا يكون برّي في صفوف المعارضة جدّياً، الأمر الذي يتعذّر معه تأليف حكومة.

ولجهة البيان الوزاري، تدعو أجواء «حزب الله» إلى مقاربة المسائل انطلاقاً من بياني حكومة الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام.