IMLebanon

مانشيت:تشنُّج سياسي إنتخابي في لبنان… والمرّ يلتقي محمد بن زايد

أمام الدوّامة الانتخابية الجارية والمراوحة عند نقطة الصفر، انخفض إلى الحد الأدنى، منسوب الأمل في التوافق على قانون جديد في المدى المنظور، وارتفعت في المقابل كلّ السقوف السياسيّة إلى الحد الأعلى، وزَرع كلّ طرف شجرةً و»عربَش» بموقفه النهائي عليها، وأقفلَ كلَّ سبلِ النزول عنها. يأتي ذلك، في وقتٍ كان لبنان يتلقّى دعماً سعودياً مباشراً عكسَه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان. ومن جهةٍ ثانية، استقبلَ وليّ عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسَ مؤسّسة الإنتربول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر، وعرَض معه التحضيرات الجارية لإطلاق سبعة مشاريع أمنية عالمية في أبو ظبي الشهر المقبل ضمن شراكةٍ استراتيجية بين الإمارات ومؤسّسة الإنتربول. كما التقى المر كلّاً من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ سيف بن زايد آل نهيان.

سياسياً، النتيجة الأكيدة التي أفرَزها الدوران في الدوّامة الانتخابية، هي أنّ القانون الانتخابي العتيد ما زال على رفّ انتظار أن تصل القوى السياسية الى قاسم مشترك، والتوافق في ما بينهم، وهو ما جدّدت المملكة العربية السعودية التأكيد عليه في الساعات الماضية.

السبهان لـ«الجمهورية»

وأكّد الوزير السبهان «حرصَ السعودية على وحدة لبنان، ووحدة الصفّ بين اللبنانيين». وقال لـ«الجمهورية»: «لبنان من الدول المهمّة لدى المملكة، التي تسعى ان تكون علاقاتها السياسية مميّزة مع لبنان، كما هي علاقات الشعبَين السعودي واللبناني».

وإذ أكّد السبهان أنّ السفير السعودي الجديد في لبنان سيكون قريباً في بيروت، نوَّه بأدوار الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط. ولفتَ الى انّ الاستحقاق النيابي في لبنان شأنٌ لبناني بحت، آملاً أن تكون الانتخابات مراعيةً لمصالح لبنان واللبنانيين، وألّا تكون مجحفة في حقّ ايّ مكوّن لبناني. وأكّد انّ المملكة تدعم كلّ توجّه وأيَّ قانون انتخابي يحقّق العدالة للجميع».

وكان السبهان قد زار أمس، برفقة القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد البخاري وسط بيروت والتقى هناك رئيسَ مجلس الوزراء سعد الحريري والرئيس تمام سلام ووزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة. وزار مساءً الرئيس نجيب ميقاتي، على أن يلتقي اليوم رئيسَ مجلس النواب نبيه بري وآخرين، قبل ان يغادر عائداً إلى الرياض.

وعلمت «الجمهورية» أنّ لقاء الرئيس الحريري بالوزير السبهان في وسط بيروت لم يكن مقرّراً سابقاً، بل كان بمحضِ الصدفة، ذلك أنّ وجود الوزير السبهان في احد المقاهي القريبة من مبنى المجلس النيابي في ساحة النجمة، تزامنَ مع خروج الرئيس الحريري من جلسة الأسئلة والأجوبة التي كان يعقدها المجلس في هذا الوقت، لأخذِ استراحة قصيرة في المقهى نفسِه، وبوصولِ الحريري الى المقهى المذكور، تقدّمَ من الوزير السبهان وتبادلا التحية والمصافحة والمجاملات، وشكرَه على هذه المبادرة وما لها من انعكاسات على أكثر من مستوى، أبرزُها الثقة باستعادة لبنان الأمنَ والاستقرار.

وتوقّف مراقبون عند رمزية زيارة السبهان إلى وسط بيروت، بوصفها تنطوي على اهمّية كبرى، حيث تُقرأ في ثناياها رسالة واضحة في اتّجاه الخليجيين عموماً والسعوديين خصوصاً بأنّ لبنان بلد آمن. ومفتوح أمام الجميع وخصوصاً أمام العرب ودول الخليج. ولفتت مصادر في تيار المستقبل الى اهمّية الزيارة وقالت: يجب ألّا تُقرَأ من منظار شخصي أو ظرفي، بل من منظار سياسي، لِما تحويه من دلالات.

تشنّج سياسي… وانتخابي

إنتخابياً، الصورة قاتمة، والدوّامة فرَضت واقعاً سياسياً متشنّجاً مفتوحاً على احتمالات شتّى، وقد عبّر عن نفسه بتراشق إعلامي على الحلبة الانتخابية بين بعبدا والسراي الحكومي وبين بعبدا والمختارة. وجديدُه ما صَدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون أمس، بإدراجه حديثَ البعض عن إلغاء الطائفية السياسية في خانةِ المزايدة، غامزاً هنا من قناة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من دون أن يسمّيه. فيما كان اللقاء يعبّر في المقابل عبر الوزير مروان حمادة عن رفضِ ما سمّاه «تقسيمنا وتقاسمنا».

وإذا كانت مقاربة قانون «الستّين» من قبَل القوى السياسية تنعاه بشكل حاسم وتتعاطى معه بوصفه أمراً صار من الماضي، إلّا أنّ المشكلة تتبدّى في تمترسِ كلّ طرفٍ خلف «صيغته» التي يعتبرها الأمثلَ والأكثر ملاءمةً للواقع اللبناني، فيما هي تتضارب مع الصيَغ الأخرى التي تشبهها، إنّما بتفصيلٍ مختلف وبتفضيل لدائرة على دائرة ولطرف سياسي أو مذهبي على آخر، وهو ما عكسَته اجتماعات اللجنة الرباعية التي يفترض أن تعاود اجتماعاتها مع عودة وزير الخارجية جبران باسيل من سَفرته الافريقية.

«الكتائب»

وأكّد مصدر كتائبي مسؤول أنّ الحزب يقارب ملفّ قانون الانتخاب من زاوية ضرورة ضمان التمثيل الصحيح والشامل لكلّ شرائح المجتمع اللبناني.

وقال المصدر لـ«الجمهورية»: «المطلوب هو تحسين التمثيل اللبناني وليس حصراً تحسين التمثيل المسيحي، ما يتطلّب احترام مستويَين من التنوع والتعدّدية وهما: احترام التعددية الوطنية من خلال احترام مبدأ المناصفة المسيحية – الإسلامية شكلاً ومضموناً، واحترام التنوّع والتعدّدية داخل كلّ مِن المذاهب المسيحية والإسلامية.

كذلك المطلوب في هذه المرحلة هو تعميم التعددية والتنوّع على كلّ النسيج الوطني اللبناني، وليس تعميم الأحاديات والثنائيات على الطوائف اللبنانية، خلافاً لمبدأَي التنوّع والتعددية اللذين لا يتحقّقان من خلال اختزال تمثيل أيّ شريحة بمكوّن واحد او مكوّنَين».

واعتبر «أنّ تحقيق التوازن الوطني الصحيح يكون من خلال أوسعِ تمثيلٍ ممكن لشرائح المجتمع اللبناني في السلطة التشريعية، وليس من خلال صيغٍ تؤدّي إلى تضييق هامش التمثيل».

موازنة .. وضرائب

في هذا الجوّ، ينعقد مجلس الوزراء في بعبدا اليوم، وليس مستبعَداً أن تكون ارتدادات التشنّج قد جمّعت رياحاً سياسية عاصفة، وخصوصاً أمام بعض الامور التي كانت سبباً في إشعال فتيل التشنّج، وعلى وجه الخصوص موضوع تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، الذي رفضَ رئيس الجمهورية البحثَ بتعيينها لارتباطها بقانون الستّين الذي يرفضه.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق قد يعيد اليوم طرح موضوع الهيئة تطبيقاً لأحكام القانون الانتخابي الذي يوجب ذلك، فضلاً عن المهَل الانتخابية التي بات الدخول إليها قريباً جداً.

وفيما تردَّد أنّ مشروع الموازنة العامة للعام 2017 الذي ستُباشر الحكومة درسَه في جلستها اليوم، قد يُشعل فتيلَ نقاشٍ مطوّل وقابِل للاحتدام حولها لتضمّنِ المشروع لائحةً طويلة من الضرائب والرسوم في محاولةٍ لخفضِ العجزِ في المالية العامة، وتمويل سلسلة الرتب والرواتب.

حيث تُطرح تساؤلات حول إمكان مرور هذا المشروع بضرائبه وما إذا كان سيواجه معوقات خصوصاً وأنّ أصواتاً بدأت ترتفع من الاقتصاديين احتجاجاً، كما أنّ رئيس الجمهورية، سبق أن أعلن أن لا ضرائب جديدة، بل إنّ معالجة وضعِ المالية العامة يتمّ من طريق مكافحة الفساد ووقفِ الهدر.

خليل

وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية»: للمرّة الأولى منذ سنوات، الموازنة تناقَش لتقرّ نتيجة الإرادة السياسية الجامعة بين كلّ القوى، وأنا حريص ان تكون متوازنة فيها بداية إصلاح ولا تمسّ الطبقات الفقيرة، وأتمنّى من خلالها ان نبدأ بإصلاح النظام الضريبي»؟

وحول الضرائب الـ 27 التي تضمَّنها مشروع الموازنة أكّد خليل «أنّ المالية لم تُدرج أيّ ضريبة جديدة سوى تلك التي أقِرّت في جلسات المجلس عند مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، وما تمّت إضافتُه هو ضرائب على أرباح المصارف والشركات الكبرى والعمليات العقارية لغير ذوي الدخل المحدود، وبما أنّني أدرجتُ السلسلة ضمن الموازنة فكان من الطبيعي أن أدرِج معها الضرائب التي أقِرّت في المجلس النيابي لتمويلها».

ضرائب..

إلى ذلك، ومن خلال قراءة أوّلية لمشروع الموازنة يتّضح أنّ الإيرادات الإضافية المقدّرة جرّاء الرسوم والضرائب الجديدة تصل إلى 2436.2 مليار ليرة.

تشمل لائحة الضرائب والرسوم مجالات وقطاعات متعددة، من أبرزها رفعُ الضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 5 إلى 7 في المئة. ومن المعروف انّ المصارف سبق ان اعترضَت على هذه الزيادة. كذلك فعلَ مواطنون متقاعدون يعتاشون من فوائد التعويض الذي حصَلوا عليه في نهاية الخدمة.

كذلك تشمل الضرائب الأملاكَ المبنية، استثمارَ المياه الجوفية، رسومَ استهلاك على استيراد المازوت بمعدّل 4%، رسوم سير إضافية، فرض غرامة على إشغال الأملاك العمومية البحرية أو النهرية أو الأملاك التي تقع على خط سكك الحديد تحدّد قيمتها بما يعادل ثلاثة أضعاف قيمة الرسوم المتوجبة على الإشغالات المماثلة المرخّص لها، رفع معدّلِ الضريبة على القيمة المضافة إلى 11 في المئة، فرض رسمِ خروج على المسافرين بطريق البر بقيمة 5000 ليرة، وكذلك فرض رسمِ خروج على المسافرين بطريق الجو، فرض نسبةِ 1,5 في المئة من القيمة التخمينية في ما يتعلق برخَص بناء أو إعادة بناء أو إضافة بناء في جميع المناطق… (تفاصيل ص 10-11-12).