IMLebanon

تجميد المراسيم يُمرِّر جلسة اليوم.. وتعليمات لـ«فتح» بالحسم في عين الحلوة

كل المؤشرات تدل إلى أن لبنان دخل في مرحلة جديدة، الحراك في الشارع أصبح من يوميات اللبنانيين ويتجه إلى مزيد من التوسع والتصعيد في ظل غياب المعلومات الدقيقة عن الأهداف الحقيقية الكامنة وراء هذا الحراك والمدى الذي يمكن أن يبلغه، فيما الحكومة محاصرة بين مطرقة التعطيل وسندان الشارع ويصعب التكهن بمصيرها الذي انحصر بمصير جلساتها، وذلك تماماً كما حصل مع جلسة اليوم لجهة تجميد المراسيم الـ 70 التي تمّ توقيعها كمدخل أو مقايضة لتمرير هذه الجلسة بالحد الأدنى وتجنّب المزيد من التأزيم، ولكن ترحيل الأزمة أو «المشكل» لا يعني فرملة التصعيد أو انحساره مع دعوة تكتل «التغيير والإصلاح» مناصريه إلى المشاركة في تظاهرة بعد غد السبت، وغياب الأفق للحلول أو للتبريد السياسي. وفي موازاة مؤشرات التصعيد لا يمكن تجاهل ثلاثة عوامل تصبّ في خانة إبقاء الوضع تحت السيطرة: حِرص «حزب الله» و»المستقبل» على مواصلة حوارهما، والبيان الصادر عن اجتماعهما الأخير يؤكد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار. العامل الثاني تمثّل بمداخلة الوزير محمد فنيش في مجلس الوزراء التي دلّت على نيات الحزب بالتهدئة، حيث اقترح «إنشاء لجنة شبيهة بلجنة البيان الوزاري لإيجاد حلول للأزمة السياسية»، مبدياً استعداده لمناقشة أي «صيغة أفضل». العامل الثالث يتصل بتدوير معظم القوى السياسية الزوايا بغية إبقاء الأمور تحت السيطرة.

كلّ الأضواء مسلطة اليوم على السراي الحكومي حيث تُعقد جلسة عادية لمجلس الوزراء يمكن وصفها بالمفصلية، وسط ترقّب ما سينتج عنها من قرارات، وساحة رياض الصلح التي استمرّ فيها الحراك المدني أمس وقد غابت المواجهات وأعمال الشغب، في ظل توقعات بأن يبلغ ذروته السبت.

مصادر سلام

وأكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الجمهورية» انّ الجلسة قائمة في موعدها وبجدول الأعمال الذي وجّهت على اساسه الدعوة اليها. ولم تنفِ المصادر أهمية وحجم الإتصالات الجارية منذ ايام والتي سبَقت وأعقبت جلسة الثلاثاء الماضي لإمرار جلسة اليوم بالحد الأدنى وبتّ عدد من الملفات والقضايا الأساسية التي لا تنتظر توافقاً سياسياً ما زال صعباً. وقالت «انّ سلام منفتح على كل حوار لا يؤدي الى الخروج عن الآليات الدستورية ولا يمس الصلاحيات ولن يقفل الباب على اي حوار من هذا النوع».

بداية حلحلة

وعشية الجلسة التي سيحضرها وزراء «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، نشطت الاتصالات التي انطلقت من عين التينة بمبادرة حملها وزير المال علي حسن الخليل بتكليف من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى رئيس الحكومة مباشرة بعد جلسة امس الاول تقضي بإعادة النظر بآلية توقيع المراسيم وسحب المراسيم السبعين العادية التي كانت في طريقها الى النشر في الجريدة الرسمية، فتجاوب سلام مع هذا المطلب واعداً بإعادة هذه المراسيم الى طاولة مجلس الوزراء، وقاد خليل حركة اتصالات واجتماعات باتجاه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وُصِفت بالايجابية والمثمرة. وتُرجمت اولى بوادرها بإرجاء عون مؤتمرَه الصحافي الذي كان مقرّراً ان يعقده امس الى غد الجمعة، إفساحاً في المجال لهذه المساعي.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاتفاق الذي سوّق له خليل مع وزراء «التيار» والحزب يقضي بأن تعود آلية توقيع المراسيم العادية الى ما كانت عليه سابقاً، أي موافقة وتوقيع 24 وزيراً نيابةً عن رئيس الجمهورية، على ان تصدر قرارات مجلس الوزراء بموافقة الغالبية.

وفي المعلومات انّ سلام وقبلَ طرح جدول اعمال الجلسة، ولا سيّما منها البنود الملِحّة سيفتح النقاش على آلية توقيع المراسيم والعمل الحكومي للاتفاق عليه قبل الشروع في مناقشة الجدول.

أوساط الرابية

وقالت اوساط الرابية لـ«الجمهورية» انّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ستكون مؤشراً الى الاتجاه الذي ستسلكه الامور، وتؤكد انّ لدى عون كلاماً كثيراً وكبيراً سيقوله في مؤتمره، إذ إنّ المشكلة لا تتعلق بالمراسيم فقط بل هناك مواضيع اساسية سيسلّط الاضواء عليها ويعلن موقفه منها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون كان أوفدَ أمين سر «التكتل» النائب ابراهيم كنعان الى بكركي صباح امس الاوّل، حيث اجتمع مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لساعة ونصف الساعة بعيداً من الاعلام، وناقش معه مسألة المراسيم. وقد أكّد الراعي اهتمامه الشديد بمتابعة الموضوع مع الجهات المعنية، وقد أجرى لهذه الغاية اتصالاً هاتفياً به.

كذلك ارسلَ كنعان نسخة عن هذه المراسيم الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي وعد بدوره بمتابعة الموضوع.

كنعان

ومساءً قال كنعان لـ«الجمهورية»: «لا يجوز اللعب بالقضايا الميثاقية التي تتعلق بصيغة العيش المشترك تحت ايّ ظرف كان، انتقاد أداء كتلة ما أو وزير ما شيء، وتجاوُز صلاحيات رئاسة الجمهورية ومصادرة صلاحيات الرئيس شيء آخر، الفَرق كبير ولا يمكن تبريره، إذ إنّ المراسيم العادية يوقّعها حصراً رئيس الجمهورية ولا ينوب عنه في حالة الشغور إلّا جميع اعضاء الحكومة، وفي حالتنا الـ 24 وزيراً، وهذا الامر كما غيره من المواضيع الميثاقية والدستورية، لا يحقّ لأي كان وخصوصاً للوزراء المسيحيين المشاركين في هذه الحكومة ان يتنازلوا عنها، إذ إنّ في ذلك مسؤولية كبيرة امام مَن يمثّلون».

مصادر بكركي

وأوضحَت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «البطريرك الماروني يناقش قضية المراسيم مع الأحزاب المسيحيّة كافة، ويتشاوَر في شأن معالجة الوضع، لأنّ هذا الأمر من صلاحية الوزراء المسيحيين الموجودين حالياً في الحكومة».

حرب

وعشية الجلسة، زارَ وزير الاتصالات بطرس حرب السراي الحكومي وأوضح انه تداول مع سلام في أجواء جلسة اليوم «وتبادلنا معه الاقتراحات المتاحة لمعالجة الأزمات القائمة».

وقال حرب لـ«الجمهورية»: «سنَبحث في جلسة اليوم في جدول الأعمال، وعلينا الخروج من الجدل العقيم في مجلس الوزراء، وقرّرنا ان يجتمع المجلس ويتّخذ قرارات، فإذا قرر الفريق الآخر الانسحاب كما فعل سابقاً لعدم موافقته على موضوع ما، ففي رأيي انّ الجلسة يجب ان تستمر».

وعن المراسيم قال: «هناك محاولة لإيجاد تسوية ما، ولكنّ هذه التسوية ليست على حساب لا كرامة مجلس الوزراء ولا على حساب الدستور».

ولفتَ حرب الى انّ «هناك محاولات دائمة لإعادة لمِّ شملِ مجلس الوزراء، ونأمل في ان تنجح هذه الجهود، أمّا إذا فشلت فلا بد لمجلس الوزراء من ان يجتمع ويقرر، وإذا كان لدى البعض رغبة في تعطيله، وهو قادر على ذلك، فمعناه انّ على المجلس ان يذهب الى بيته وليتحمّل عندئذ كلّ طرف مسؤولياته».

«14 آذار»

وفي المواقف، اعتبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار انّ خريطة الطريق والافكار التي طرحها جعجع للخروج من الأزمة «أصبحَت اليوم متداولة في داخل 14 آذار وخارجها، وهذه الخارطة تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية كمدخل إلزامي من أجل تغيير هذه الحكومة التي قصّرَت في وضع حلّ لأزمة النفايات، ومن ثمّ تشكيل حكومة جديدة، وبعدها إنتخاب مجلس نيابي جديد».

وعصر أمس زار منسّق الامانة العامة النائب السابق الدكتور فارس سعيد معراب وعرضَ مع جعجع «الأوضاع الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد»وتداولا «بالخطوات الواجب اتّخاذها من أجل الدفاع عن الشرعية اللبنانية إلى جانب تفهّمهما المطالب المدنية المطروحة اليوم».

إيران

وأوضحَت ايران موقفها من التطورات، وقالت المتحدثة باسم الخارجیة مرضية أفخم: «إننا نؤکد علی العمل لِما یضمن مصالح لبنان والحفاظ علی السلام والامن والوحدة والانسجام الداخلي.

وأضافت: «من المهم جداً تشجیع الاطراف اللبنانیة علی التمسّك بالحوار لحلّ الأزمة من دون تدخّل الآخرین فی شؤون بلادهم الداخلیة. وأعربَت عن أملها بالتوصّل الی آلیّة مناسبة لتعزیز الوفاق الوطني.

الأمم المتحدة

بدورها، أكّدت المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ انّ الامم المتحدة تدعم لبنان بقوّة، وتعمل من اجل تثبيت الاستقرار والامن والسلام. وأملت كاغ التي زارت الرئيس امين الجميل وبري ووزير المال علي حسن خليل ومسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» السيد عمار الموسوي في «ان يتمكّن لبنان قريباً جداً من الوصول الى حلول للمسائل العالقة بطرُق ديموقراطية».

وفي المعلومات انّ كاغ اكّدت دعمها مساعي الوزير خليل لتمرير جلسة مجلس الوزراء اليوم، وهي أشارت أمام مَن التقتهم إلى أنّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يشجّع هكذا حوار، وأكّدت حرص الامم المتحدة على استمرار عمل الحكومة.

الأزمة تزداد تعقيداً

على صعيد آخر، تبدو أزمة النفايات وكأنّها من دون سقف، وتزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. وبعد إلغاء نتائج المناقصات والعودة الى المربّع الأوّل، استجدّ موضوع الإضراب الذي ينفّذه عمّال سوكلين خوفاً على مصيرهم بعد انتهاء العَقد مع الشركة، وحلول شركات بديلة محلها.

وقد امتنع العمال عن لمّ النفايات من شوارع بيروت لليوم الثالث على التوالي، في ظلّ الضبابية التي تسود مصيرَهم. عِلماً أنّ القدرة الاستيعابية في معامل سوكلين وصلت الى حدّها الأقصى، بما يعني انه حتى لو عاد العمّال عن إضرابهم لا مكان لتجميع لنفايات.

ويأتي إضراب العمال نتيجة عدم إدراج المسؤولين لبَند في دفتر شروط مناقصات النفايات، يؤمّن استمرارية العمل لما بين 1700 و1800 عامل نظافة وسائق شاحنة يعملون في «سوكلين».

«عين الحلوة»

وليلاً، أفاد مندوب «الجمهورية» في الجنوب علي داود أنّ «اشتباكات اندلعت في مخيم عين الحلوة بمختلف أنواع الأسلحة»، مؤكداً أنّ «الهدنة سَقطت وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين «فتح» و»جند الشام» على خلفية اعتقال «فتح» شخصاً من «جند الشام» مِن آل دبوس وتسليمه الى الجيش اللبناني، وهو يقف وراء بعض عمليات الاغتيال التي طاوَلت ضبّاط «فتح» في الفترة الاخيرة مع الارهابي بلال بدر، وعلى الأثر اندلعت الاشتباكات».

ولفت إلى أنّ «الاسلاميين المعتدلين والمتشددين يقاتلون «فتح»، والاشتباكات تدور في حي الصفصاف والشارع الفوقاني وبستان القدس. وتحاول جماعة «جند الشام» الالتفاف من بستان القدس على معاقل «فتح» في منطقة البركسات. كذلك، تدور اشتباكات في حي عكبرة داخل المخيم وتُسمع أصداؤها حتى الاوتوستراد الشرقي في صيدا، فيما اتخَذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية على الطرُق المؤدية الى المخيم وعزّز من دورياته تحسُّباً لأيّ تطورات أمنية.

وقد شنّت عناصر من «جند الشام» هجوماً على مقر القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في الشارع الفوقاني وتمكّنوا من إصابة ضابط فتحاوي يدعى عاطف العلي في رقبته إصابةً بالغة وقد نقِل الى مستشفى النداء الانساني حيث توفّي متأثراً بجراحه.

وقد أعطِيت الأوامر لـ«فتح» من السلطة الفلسطينية في رام الله بضرورة حسم المعركة وإنهاء الظاهرة الشاذة المسمّاة «جند الشام» ولو اقتضى الأمر استقدام عناصر فتحاوية من مخيمات بيروت والشمال وصور.

وتشارِك قوات «اللينو» الذي يقود الحركة الإصلاحية في «فتح» في المعركة بعدما استشعرَت الخطر وهي تشتبك من مواقعها مع «جند الشام» في حي حطين. فيما استهدفت «جند الشام» من حيّ الطوارئ بالأسلحة الرشاشة وقذائف الـ»أر بي جي» تعميرَ عين الحلوة وهي منطقة خارج سيطرة «فتح» والجيش اللبناني.