IMLebanon

العقدة الرئاسية تُراوِح والتصعيد في الشارع مستمرّ… والحكومة تُنجِز النفايات

انتهت جلسة الحوار الأولى امس الى ما كان متوقّعاً بلا مفاجآت. ولولا المشادّة الحادّة بين رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ووزير الاتصالات بطرس حرب لكانت اقتصرَت الجلسة على المداخلات المعلومة التي تعكس آراء فريقَي النزاع والتي انقسمَت أخيراً بين فريق يرى أنّ المدخل الإلزامي للخروج من الأزمة الوطنية يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما يبَدّي الفريق الآخر الانتخابات النيابية كأولوية. ترحيلُ الجلسة إلى الأربعاء المقبل أشَّرَ إلى وتيرة الجلسات التي سيَعتمدها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهي بمعدّل جلسة أسبوعياً مبدئياً. ولم يُعلم بَعد ماهية موقف قوى 14 آذار في حال وصول الحوار في الجلسات اللاحقة في الموضوع الرئاسي إلى الحائط المسدود لجهة ما إذا كانت ستَنسحب من الحوار في حال الانتقال إلى البنود الأخرى. وغياب عنصر المفاجأة في الحوار انسحبَ أيضاً على الشارع الذي نجَح بالحشد على رغم الظروف المناخية، ولكن من دون أن ينجحَ أيضاً بتحقيق أيّ خَرق في ظلّ وجود هدف مركزي غير معلَن، وفقَ ما يَبدو، يَرمي إلى مواصلة الضغط لدفع وزير البيئة محمد المشنوق إلى الاستقالة، في خطوةٍ تشكّل، بالنسبة إلى قادة الحراك المدني، ديناميةً سياسية تفتَح الباب أمام تحقيق خطوات أخرى، غير أنّ هيبة الجيش اللبناني ودورَه حالَا دون الشغَب وأبقَيا الأمور تحت السيطرة. إلّا أنّ العنصر الجديد الوحيد أمس في كلّ المشهد السياسي هو نجاحُ مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي بإقرار مشروع الوزير أكرم شهيّب لحلّ أزمة النفايات، واللافت أنّ الدعوة لمجلس الوزراء أعقبَت جلسة الحوار تقيّداً بما قيل سابقاً أنْ لا جلسات قبل الحوار.

الحِرص على الحوار وإنجاحه يصطدم بعقبة أساسية وهي العقدة الرئاسية التي لا مؤشرات إلى إمكان حلّها أو القفزِ فوقها، فيما مِن الواضح أنّ الحوار يشكّل ترجمة عملية لقرار كبير يرمي إلى كسر حلقة الجمود التي، في حال استمرارها، ستؤدّي لا محالَ إلى إسقاط النظام السياسي في الشارع، وبالتالي كان لا بدّ، تلافياً لمزيد من الانهيار، من خطوةٍ تعمل على تفكيك الألغام القائمة بدءاً من النفايات مروراً بآليّة العمل الحكومي وصولاً إلى تشريع الضرورة، ما يؤدّي إلى تبريد الاحتقان في الشارع وتفويتِ الفرصة على المندسّين الذين يريدون استغلالَ وجعِ الناس لتسديد ضربتهم ضد اتفاق الطائف.

فالخَيار كان بين الاستسلام للوضع القائم الذي سيقود البلاد عاجلاً أم آجلاً نحو الانفجار، وبين مواجهته من خلال الحوار والعمل على تفكيك الأزمات التي تجَمّعت وأدّت إلى هذا الاستنفار، ولا شكّ في أنّ اتفاق الحكومة على خطة شهيّب هو بداية الغيث في ظلّ وجود قرار دولي-إقليمي-محلّي للحفاظ على الاستقرار، وهذا التطور الحكومي الإيجابي لا يمكن فصله عن الحوار والمناخ الذي رافقَه، حيث يمكن إدراج ما تحقّقَ في خانة هذا الحوار.

وقائع الحوار

في غمرة التخَبّط الداخلي بفِعل التأزّم السياسي الحاصل، ووسط ترتيبات وإجراءات أمنية غير مسبوقة في محيط ساحة النجمة، حضَر الملف الرئاسي طبَقاً دسماً على طاولة المتحاورين الذين لبّوا، باستثناء رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، دعوةَ رئيس مجلس النواب نبيه بري فجَلسوا معاً بَعد طول فراق بغيةَ مناقشة البنود المطروحة على جدول الأعمال، إلّا أنّهم لم يتمكّنوا بعد أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، من إحداث أيّ خَرق في البَند الأوّل، أي رئاسة الجمهورية، وظلّ كلّ طرَف على موقفه، فتفرّقوا مجدّداً بعدما رفعَ بري الجلسة ضارباً موعداً جديداً للقاء جديد يوم الأربعاء المقبل في 17 أيلول الجاري.

برّي

وكان برّي قد قال في بداية جلسة الحوار: «نحن نجتمع لنحاول وضعَ حلول عادلة ومخارج صحيحة، وهذا الأمر يحتاج إلى توحيد المواقف لا إلى حوار الطرشان». وأضاف: «الوطن يناشدكم الاتّفاق متمنّياً أن لا يكون قد فاتَ الوقت وأن نتمكّن مِن رسم خارطة طريق لعبور الاستحقاق الرئاسي وإطلاق عمل التشريع لوضعِ القوانين الرئيسية التي ترسم صورةَ لبنان غداً وإخراج السلطة التنفيذية مِن واقع التفكّك وتنشيط أدوارها.

وقال بري إنّ كلّ البلاد العربية أو أكثرها هي بحاجة لحوار، عدا ذلك فإنّنا سنَنتظر أن يأخذ أحد بيدنا إلى إحدى العواصم ليتمّ إبلاغنا المخرجَ الذي نوافق عليه وتعليق لبنان على مسمار في حائط الشرق الأوسط إلى لحظة إنفجار جديد، فهل نستحقّ لبنانَنا؟ واعتبَر أنّ «هذا الحوار هو الامتحان الذي تجيب نتائجه على هذا السؤال وهو الذي يجب أن يمكّنَنا معاً من رسم خارطة طريق للمستقبل القريب والمتوسط والبعيد».

وبعد كلمة برّي، توالى المحاورون على الكلام، وركّزَت كلّ كلماتهم على الشأن الرئاسي، فكان أوّل المتكلمين رئيس الحكومة تمام سلام الذي تحدّث شارحاً واقعَ الحال وكيف أنّ المشكلات تزايدت منذ العام الماضي وحتى اليوم وانعكسَت سلباً على العمل الحكومي وسائر المؤسسات، مشدّداً على أنّ انتخاب رئيس جمهورية من شأنه أن يفتح الباب لكلّ المعالجات.

ثمّ تكلّمَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مشَكّكاً بشرعية المجلس وقانونيتِه، وتحدّث عن ضرورة تصحيح التمثيل والرجوع إلى الشعب إمّا عبر انتخابات رئاسية منه بَعد تعديل الدستور أو عبر إقرار قانون انتخابي قائم على النسبية يُنتِج مجلساً شرعياً ينتخب بدوره رئيسَ البلاد.

السنيورة

وكانت مداخلة للرئيس فؤاد السنيورة وصَفها أحد المتحاورين بأنّها وَضعت النقاط على الحروف، شارحاً كيف يتمّ تعطيل انتخاب الرئيس، من دون أن يردّ على عون. وتمسّك السنيورة في مداخلته بانتخاب رئيس جمهورية كأولوية في مقابل مطالبة البعض بانتخابات نيابية قبل الرئاسية. وقال: «ربّما ثمّة مَن يطالب بترتيبٍ آخر غير أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، والذي يقول بأولوية انتخابات نيابية وفقَ قانون يقرّه المجلس الحالي.

السؤال الذي يجب التوقّف عنده: لماذا يحقّ لهذا المجلس وضع قانون انتخابي أو أن يعدّل الدستور ولا يُسمَح له بانتخاب رئيس للبلاد، عِلماً أنّ المجلس النيابي أوصى بعدم إصدار قانون انتخاب جديد، في ظلّ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، حِفظاً لحقّ رئيس الجمهورية بإبداء الرأي والاعتراض على تفاصيل القانون، وحِرصاً أيضاً على حقوق المسيحيين في أن يظلّوا طرفاً أساسياً من خلال مشاركة رئيس الجمهورية في جميع القرارات الأساسية في البلاد. وحصَلت مشادّة بين عون والوزير بطرس حرب الذي ردَّ على طروحاته. وتدخّلَ برّي وأوقفَ السجال.

وأمّا الرئيس نجيب ميقاتي فاعتبَر في مداخلته أنّ «وظيفة هذا الحوار اليوم، تتلخَّص ببناء الوطن وإنقاذ المواطن وحماية الجمهورية وصونِها، وفي الحدِّ الأدنى التفاهم على تفسير مشترَك للدستور وحسن تطبيقه».

وقال: «لنضَع معاً الآن أولويات الإنقاذ المنشود، ونَبتدع المخارج والحلول، ونبدأ التنفيذ، قبل أن ينفد وقت العقل، وتخرج الأمور عن السيطرة، ويتعرَّض لبنان إلى خطر الفوضى والانهيار».

وبدوره شدّد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري على أولوية الانتخابات الرئاسية، فقال: «إذا توصّلنا إلى اتفاق في شأن انتخابات الرئاسة نوَفّر على أنفسنا مناقشة بندَين آخرين لأنّهما يُحَلاّن تلقائياً، وهما بَندا استعادة عمل مجلس النواب واستعادة عمل مجلس الوزراء».

وأمّا رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل فقال إنّ التطورات أثبتت أنّ إيصال مرشح من 8 أو 14 آذار هو أمرٌ مستحيل، وبالتالي من غير المسموح استمرار الفراغ، وحانَ الوقت لانتخاب رئيس اليوم قبل الغد.

وكذلك كانت مداخلة للنائب طلال أرسلان الذي أشار إلى أنّ ما يجري أوقفَ عمل المقاومة ضد إسرائيل. ثمّ كانت مداخلة لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي أكّد أنّ مرشّحَنا للرئاسة هو العماد عون، سائلاً الفريق الآخر عن مرشّحه.

أمّا رئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية فتحدّث بكلام عام، وقال إنّ هناك مرشّحين كثراً لرئاسة الجمهورية، من دون أن يسمّي أيّ مرشّح.

وكذلك كانت مداخلة لنائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر لاقَت استحساناً لدى المتحاورين.

ولوحِظ أنّ النائب وليد جنبلاط أمضى طيلة الجلسة مستمعاً، ولم تكن له أيّ مداخلات، وقد حذَت مجموعة من المتحاورين حذوَه في الاستماع.

وكشفَ أحد أقطاب الحوار لـ«الجمهورية» أنّ سؤالاً مركزياً ارتسَم خلال الحوار على وجوه الجميع، وهو: هل يمكن الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية في ضوء هذه المواقف المتباعدة؟

وقال: إنّ الجواب على هذا السؤال ينبغي أن يتبلوَر في جلسة الحوار المقبلة أو في أكثر من جلسة، خصوصاً أنّ الرئيس بري يَدفع بقوّة لكي يتوصّل المتحاورون إلى اتّفاق على بند الرئاسة.

وأكّد أنّ أجواء الحوار كانت جدّية، لافتاً إلى أنّ الجميع يتحسّسون أهمّية نجاحه في تحقيق الغايات المرجوّة منه، وأنّ تحديد الجلسة يوم الأربعاء المقبل أريدَ منه، على رغم ضغوط الأزمة المتفاقمة، إتاحة الفرصة لكلّ فريق لمراجعة مواقفِه استعداداً للجلسة المقبلة، علّها تحدِث ثغرةً تؤدّي إلى التقريب بين المواقف.

جعجع

وبعد رفعِ جلسة الحوار، سألَ جعجع عبر «تويتر»: هل بإمكان أحد أن يقول لي ما كانت نتيجة كلّ ساعات الحوار التي حصَلت؟

وكان جعجج كرّر من قطر القول إنّه «لا ينقصنا حوار الآن، لأنّه يَحرف الأنظار عن مشكلتنا الأساسية وهي انتخاب رئيس للجمهورية، فالحوار لن يحلّ أيّ شيء»، وأكّد «أنّنا نريد رئيساً فعلياً وجدّياً، يعرف أن يقول نعم أو لا حين يجب، وأن يكون مؤمناً ببناء دولة في لبنان، لن نقبلَ برئيس كيفما كان بَعد الآن، الرئيس العتيد يجب أن يملك برنامجاً معيّناً لنعرفَ ما الذي سيفعله خلال ولاية حكمِه».

الحراك المطلبي

ولاقى الحراكُ المدني طاولةَ الحوار بتظاهرةٍ شاركت فيها هيئة التنسيق النقابية، ورشقَ خلالها المتظاهرون مواكبَ النواب المشاركين في الحوار بالبَيض، قبل أن ينتقلوا مساءً إلى ساحة الشهداء للاعتصام فيها والمطالبة بوقفِ الهدر وإعداد قانون للانتخابات التشريعية يعتمد النسبية.

وأُلقِيت كلمات طالبَت وزيرَ البيئة بالاستقالة، وبمحاسبة وزير الداخلية وكلّ مَن اعتدى على المتظاهرين، وإطلاق سراح المعتقلين. ثمّ توَجّه المتظاهرون إلى وزارة البيئة للتضامن مع الشبّان المضربين عن الطعام.

ومع انتهاء التظاهرة التي دعا إليها الحراك الشبابي أمس في وسط بيروت، وجَّه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تحيّة الى ضبّاط وعناصر قوى الأمن الداخلي، على مناقبيتِهم في مواكبة وحماية المتظاهرين سِلمياً. وأبدى ارتياحه الكبير لعدم تسجيل أيّ حادث يُذكر. كما وجَّه وزير الداخلية تحيّة كبيرة إلى المتظاهرين الذين قدّموا مشهداً حضارياً، وأبدوا إرادة كبيرة بجعل تحرّكِهم سقفُه القانون وحدوده السِلم الأهلي».

مجلس وزراء

وفي تطوّر إيجابي انتهَت الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء إلى إقرار خطة الوزير شهيّب لمعالجة أزمة النفايات، وقد أعلن شهيّب إعادة دور البلديات في هذا المجال، مع مراقبة الوزارات المعنية، وأشار إلى الموافقة على اعتماد مطمرَين صحّيين في منطقة سرار في عكار، ومنطقة المصنع في السلسلة الشرقية، واعتماد معمل معالجة النفايات في صيدا ومكب برج حمود، والعمل مع مجلس الإنماء والإعمار على تأهيل مكب رأس العين- صور، وكذلك الموافقة على نقل نفايات بيروت وجبل لبنان إلى مطمر الناعمة لمدة 7 أيام، على أن يبدأ بعدها بالتخضير والزراعة وإنتاج الكهرباء والتي قد تصل إلى 7 ميغاوات تُوزَّع مجاناً على القرى المجاورة.

وأوضح أنّه لن ترسل أيّ نفايات الى مكبّ برج حمود إلّا بعد إزالة جبل النفايات، مثلما حصل في صيدا والنورماندي كما أعلن تكليفَ مجلس الإنماء والإعمار اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأهيل المواقع المقترحة وفقاً للإرشادات الفنية.

وتقرّر أيضاً، إبلاغ المشغل الحالي عدمَ تجديد عقود الكنس في بيروت وجبل لبنان. والموافقة على المراسيم المقترَحة من وزيرَي المالية والداخلية والبلديات، على توزيع حصص البلديات من واردات الخلوي دون حسم. وقال إنّه تمّت الموافقة على تخصيص سِلفة خزينة بقيمة 150 مليار ليرة لمنطقة البقاع أسوةً بمنطقة عكّار.

وكانت مصادر واسعة الاطّلاع كشفَت لـ»الجمهورية» الظروفَ التي واكبَت الدعوة التي وَجّهها سلام إلى عَقد الجلسة الاستثنائية من أمام مبنى مجلس النواب قبل انعقاد جلسة الحوار، فأوضَحت أنّ سلام كان يَنوي توجيه دعوته الى هذه الجلسة منذ مساء أوّل أمس الثلاثاء لكنّ الاتصالات التي واكبَت هذه الفكرة أدّت الى تأجيلها.

وقالت المصادر إنّ سلام عندما شاء توجيه الدعوة قصَد الفصلَ نهائياً بين أعمال هيئة الحوار وعمل مجلس الوزراء عقبَ التفسيرات العديدة التي اعتبرَت انّ الهيئة هي البديل الشرعي عن باقي المؤسسات الدستورية، وهو يرفض هذا المنطق، وساعدَه في ذلك المواقف الضاغطة التي أطلقَها عدد من الأفرقاء، وخصوصاً قيادة الكتائب التي ربَطت استمرارَها في الحكومة بوزرائها الثلاثة بالتعبير عن المعالجة الجدّية لملف النفايات.

فالتقرير النهائي الذي أعدّه الوزير شهيب كافٍ لبَتّ الموضوع، وسانَد الرأي وزراء تيار «المستقبل» والوزراء المستقلّون الذين عبّروا صراحة عن تأييدهم لخطة اللجنة التقنية باعتبارها تقريراً عِلمياً خالياً من التأثيرات السياسية، وهي ستشَكّل المعبر الأنسب لمواجهة الأزمة بعد سقوط مشاريع التلزيم والمناقصات التي أعطَت الملف أبعاده الاستثمارية أكثر من أبعاده الوطنية.

ولفتَت المصادر الى انّ إصرار سلام على هذا الأمر دفعَ ببرّي وقيادات سياسية اخرى الى تفَهّم موقفه فدَعوه للتريّث الى أن كان المخرج بأن يوجّه الدعوة قبَيل اجتماع الهيئة وإنْ شاءَ مِن على عتبة المجلس النيابي، فكان ما كان ولم يتمكّن الوزراء المقاطعون من رفض الدعوة، فحَضروا جميعاً ولا سيّما وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر والطاشناق والمردة – على رغم غياب الوزيرين جبران باسيل ومحمد فنيش بموجب تفاهم مسبَق قيل إنّه نسِج على طريقة الغياب المقصود عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي خصّصت للملفات الداهمة المالية والإدارية وتلك المعنية برواتب موظفي القطاع العام .

وفسّرت مصادر وزارية خطوة المقاطعين بأنّها جاءت في سياق عدم قدرة أيّ طرف على مواجهة الضغوط التي مارسَها المعتصمون في الفترة الأخيرة، فكان لا بدّ مِن التراجع عن بعض الشروط الشكلية وخصوصاً تلك التي أعطت الأولوية للبحث في آليّة العمل الحكومي وصلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة أمام حدث يشبه النتائج الكارثية لأزمة النفايات التي كادت تفجّر البلد ما لم يجرِ استيعاب الفورة الشعبية وغضَب الناس.

وفي هذه الظروف التأمت الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء لبَتِّ بندِِ واحد اختصرَته الدعوة بأزمة النفايات، بحضور جميع الوزراء باستثناء باسيل وفنيش. كما غابَ وزير الاقتصاد آلان حكيم بداعي السفر.

«حزب الله» في بكركي

وفيما كان المتحاورون يَصولون ويجولون في أسباب الشغور وسُبل الخروج منه وتحديد الأولويات، كان «حزب الله» يعلن من بكركي أنّ الشخصية المؤهلة لرئاسة الجمهورية هي عون، وشدّد على أهمّية الحوار لحلّ الأزمات.

وقال رئيس المجلس السياسي في الحزب السيّد ابراهيم أمين السيّد بَعد لقائه على رأس وفد من الحزب البطريركَ الماروني مار بشارة بطرس الراعي: «رؤيتُنا أنّ العماد عون هو الجدير، مع احترامنا وتقديرنا لأيّ شخصية من اللبنانيين، لأنّنا حين نعَبّر عن رؤيتنا أنّ العماد عون يَحمل هذه الجدارة لا نَعني بذلك عدمَ احترام الشخصيات الأخرى».

وأضاف: «نحن أيّدنا ترشيحَ الجنرال عون ولكنْ لم نرشّحه، هو مرشّح، وعندما يكون هو مرشّح للرئاسة نحن ندعم هذا الترشيح مِن ضمن هذه الرؤية، ولكن ليس صحيحاً أنّ العماد عون لا يريد أن يكون رئيساً للجمهورية ونحن أقنَعناه بأن يكون رئيساً».