IMLebanon

تحالف عون وجعجع: الغاء الآخرين على الساحة المسيحية

مهما أرادا ان يقللا من خسارتهما او تصوير الامر وكأنه «بروفا» للانتخابات النيابية المشتركة يمكن القول ان تحالف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يكن على على قدر آمال المسيحيين بحسب مصادر مسيحية، بعد الخسائر التي منيا بها اثر انقضاضهما في معاركهما على الآخرين انطلاقا من كونهما يمثلان 86% من المسيحيين، اذ كانت المواجهة بين عائلات مركزية القرار لاحزاب مسيحية في مقابل عائلات سياسية مناطقية، اي إقطاع جديد مقابل «ميني» إقطاع.

فقد كان مرتقبا أن يندفع عون وجعجع في اتجاه تعزيز الدور المسيحي والحضور الاداري في المؤسسات على غرار ما هو الواقع عند الثنائية الشيعية سواء كان ذلك الان ام قبل تفاهمهما ام العمل للاتفاق على رئيس للجمهورية للحفاظ بالشكل على ما تبقى للمسيحيين، لكن ما تبين تضيف المصادر، أن خطتهما كانت بهدف الغاء الآخرين على الساحة المسيحية، لا بل اظهر اتفاق معراب بين عون وجعجع وما تبعه من اندفاع مشترك لالغاء القوى السياسية والمستقلين بأن هذه المصالحة كان ممكن أن تحصل في السابق، او عندما قرع عليه عون باب معتقله في وزارة الدفاع ليعرض عليه تحالفا يطوي الماضي، اذ ان الاستمرار في المواجهة السياسية بين عون وجعجع لم يكن أكثر من محاولة استقطاب شعبية على حساب البيئة المسيحية لكون حساباتهما السلطوية تماهت بسرعة ضد الحلفاء قبل الخصوم. ولم يدلا على منطق احتضان يعيد الى الذاكرة مواقف الرئيس الراحل كميل شمعون، ويمكن القول ايضا أن اعتبار المصالحة كان يتطلب هذا النوع من التحضيرات لم يكن في مكانه وهو ما دلّت عليه زيارة العماد عون الى المختارة وتغاضيه عن الأجراس الموجودة في أقبيتها، في حين أن بين المسيحيين وبين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من أحداث وتهجير يفوق ما حصل بين القوات والتيار، ومع ذلك حصلت المصالحة منذ سنوات، وبات عون حريصا على هذه العلاقة.

وكذلك كانت خطوة عون باتجاه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري اثر زيارته له في فرنسا، بحيث تجاوز عون والحريري كل ما بينهما من اتهامات وحملات عنيفة.

وكذلك بدت العلاقة بين جنبلاط وجعجع جيدة من خلال المآدب المتبادلة بينهما رغم ما حصل بين القوات والاشتراكي في الجبل بحيث رسخا مصالحتهما قبل المصالحة المسيحية – المسيحية.

حتى ان جعجع لا يتوقف عن التغريد ووصف جنبلاط وبري «بالأصدقاء»، قبل عقد المصالحة مع عون التي كان مشهدها مبالغا فيه.

وقد دلت الوقائع على أن تحالف عون – جعجع كان هدفه الاطباق على القوى المناهضة لهما مسيحيا في مقابل مهادنتهما لكل من حزب الله وحركة أمل، الاشتراكي والمستقبل في معاقلهم وبلدات تمددهم. وهو ما دل عليه تلقيهما السريع على هؤلاء على حساب الخيارات السياسية الاستراتيجية لهما.

ففي دير القمر انقض عون وجعجع على رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون حارس النهج الشمعوني تحت أنظار الزعيم الدرزي، ولم يواجها جنبلاط في أي بلدة أخرى، لكن خسارة شقيق النائب جورج عدوان تدل على ان الاعتراض هو على ممثلي القوات في المناطق وليس على حزب القوات على غرار ما هو الامر في اكثر من منطقة حيث كبد فريق جعجع القوات خسارات كان ممكناً تفاديها.

أما في الحدت فانتصر العونيون على القوات اللبنانية ولم تكن شعارات المصلحة المسيحية حاضرة.

وكانت للتحالف تضيف المصادر المسيحية هزائم مشتركة في المتن الشمالي امام النائب ميشال المر ومسقط رأس عرابي تفاهم عون – جعجع امين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل ملحم رياشي، الذي تحالف مع المر في بلدته الخنشارة، بحيث إن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لم يحصلا في المجالس البلدية وتلك التي شهدت تسوية ما يوازي نصف المجلس البلدي بل انتقدا رؤساء بلديات وشنا حملات عليهما ثم تهافتا للحصول على عدة مقاعد لا يشكل عددها تعطيلا للقرار الرئاسي البلدي اذا ما أرادا الإصلاح والمحاسبة في موازاة خسارتهما في عدة بلديات كانا توقعان انتصارهما فيها قياسا الى نسبة 86% من التأييد المسيحي. فكان الفوز النسبي للمر ثم للنائب سامي الجميل الذي ربح مع الرابحين ولم يخسر مع الخاسرين.

أما في جونيه، فنجح العميد المتقاعد شامل روكز في ادارة معركتها محققا مكاسب على القوات اللبنانية بحيث تفرق الحلفاء في مدينة الموارنة، وتمكن روكز ان يحقق نقاطا عسكرية على جعجع في حضور العماد عون كسلاح ثقيل للمعركة عشية الاقتراع في مقابل صمت ملتبس من جعجع في معركة زرع فيها خمسة مرشحين ملتزمين، بحيث يكون روكز سجل نقطة على جعجع الذي ساهم في ابعاده عن قيادة الجيش اللبناني، في حين كان مرتقباً أن يشكل فوز القوات اللبنانية في جونيه بداية انخراطها في نسيج المنطقة في ظل اشكالية حضورها داخل بيئة شبه مغلقة.

سجلت اوساط سياسية على جعجع مآخذ تكمن في انقلابه على حلفائه في اللائحة بحيث أراد اسقاط نعمة افرام كمرشح رئاسي مستقبلي وكذلك الانتقام السياسي من النائب السابق فريد هيكل الخازن نتيجة علاقته بالنائب سليمان فرنجية ثم ضرب النائب السابق منصور البون نظرا الى برودة العلاقة معه رغم زيارته معراب مرارا مع مرشح القوات في المنطقة شوقي الدكاش اذ كان التصويت الهزيل للقوات ليضعها امام خيارين او انها «نفخت» حالها ام لم تجيش للتحالف البلدي المتوضعة داخله على ما بدا، في حين ان الخسارة كانت ايضا امام حزبي الكتائب والاحرار، وذلك في موازاة خسارة عون وجعجع في غوسطا أمام تحالف العائلات.

وفي البترون رفض الوزير جبران باسيل ادخال القوات الى اللائحة لكن ذلك لم يمنع القوات من الابقاء على التحالف مع التيار الوطني الحر للانقضاض على الوزير بطرس حرب لاعتبارات قواتية بعضها له صلة بمرحلة اعتقال «الحكيم» وعدم حماسة حرب للدفاع عنه وتصفية حسابات بالنيابة عن باسيل.

لكن نتيجة البترون خلصت الى اظهار توزع القضاء حزبيا بين باسيل وحرب مع انحسار لدور قواتي كان يمثله النائب أنطوان زهرا.

واذا كاننائب رئيس مجلس النواب النائب فريد مكاري حسم أمره في بلدته ضد التحالف الثنائي وحقق فوزا عليه، فإن معركة القبيات خلصت الى خسارة التحالف العوني – القواتي امام النائب هادي حبيش ومخايل الضاهر.

وبذلك فإن التحالف العوني – القواتي ما كان لينجح في زحلة انتخابيا وليس شعبيا لولا حزب الكتائب وما يمثله رئيس البلدية أسعد زغيب من شعبية. اذ أتى التحالف الرباعي ليعزز الأصوات لهذا المحور، وبدا في هذا الاطار بأن التيار والقوات غابا كليا عن متابعة الحضور المسيحي في طرابلس وصيدا مفضلين كما دائما مواجهة أهل البيت، لكون الثنائي عون جعجع أرادا التركيز على تحجيم الآخرين وامتلاك الحصرية المسيحية.

فقد اعتبر عون تقول المصادر المسيحية، ان النتائج ستعزز اسهمه الرئاسية وراح جعجع يراهن على ارضاء عون حاليا لوراثته لاحقا في حال تفكك تياره او ايضا لضمان ذاته مرشحا بدعم باسيل وروكز دون تقديره انه يستعيد مع عون مقولة «قلب الطاولة من الداخل» التي لم تعط ثمارها، بحيث تكون تجربته مع عون حسب مراقبين «لا أولي ولا آخراً» اذ لن تكون له حصة نيابية واسعة كما يتوقع، لا سيما ان عون لن يضمه الى لوائحه في كل من جزين وبعبدا وجبيل لأن حزب الله ابلغه انه لن يصوّت للقوات اللبنانية.

ولا يختلف الواقع المسيحي عما هو عند المستقبل الذي شكلت الانتخابات البلدية تفككا لواقعه وانكشافا لشعبيته المتراجعة اذ كان لا بد من عقد هدنة سياسية بين الرئيس سعد الحريري مع الوزير السابق عبد الرحيم مراد برعاية وزير الداخلية نهاد المشنوق من خارج موقعه الوزاري بل كصديق مشترك للجانبين. وكذلك كان الأمر في بيروت الذي كشفت فيها شعبية الأحزاب المسيحية وكذلك تيار المستقبل التقدم لصالح بيروت مدينتي، وشكل التفاهم الذي عمل له الوزير ميشال فرعون حفظا لماء وجه هذه القوى التي لم تكن لتقوى على مواجهة مستقلة على ما دلت النتائج في المناطق المسيحية.

لا بل ان الحريري اضطرالى التحالف حسب اوساط سياسية بيروتية مع فؤاد مخزومي الذي لم يستقبله يوما نتيجة علاقته بالقيادة السورية وحزب الله، وكل ذلك دون محاسبة من قبل الحريري لأي من فريقه البلدي على مدى مجلسين بلدان للعاصمة تميزا بالفساد والتمييز المذهبي على ما تدل لوائح المساعدات الاجتماعية التي كانت توزع على ابناء بيروت ومناطقها.

أما في طرابلس فكانت الضربة الكبرى التي أصابت تيار المستقبل نتيجة مكابرته وعدم استماعه الى مآخذ قواعده وازدواجية سياساته، والمضي في تحالف قاهر لابناء الشمال، فكانت خسارة الجناح الشمالي لتيار المستقبل الذي أيد موقف الوزير اشرف ريفي من خلال التعبير الاخير وهو الامر الذي بات يطرح نفسه عن كيفية استنهاض الرئيس الحريري لذاته سياسيا بعد نتيجة الانتخابات البلدية وعما اذا كان سيلجأ الى اعادة النظر في قرارته وحماسة فريق عمله كما حصل في الخيارات الرئاسية.

ولم ينجُ التحالف الشيعي من حراك رافض لمنطق الفوقية على ما دلت لوائح رافضة لأسلوبه وأدائه، لكن الانتخابات البلدية شكلت محطة حملت ايضا رسالة شعبية لتحالف حزب الله – حركة أمل الذي سعى لتصوير فوز لوائحها استفتاء جديدا لمصلحتهما، في حين ان جنبلاط تمكن من التفاعل مع الحراك البلدي دون خسارات تسجل علىيه او على نجله تيمور.