IMLebanon

..«يا عيب الشوم»

وزراء عون سمعوا في مجلس الوزراء ما قاله اللبنانيون في بيوتهم..

..«يا عيب الشوم»

بينما كانت سبل حماية لبنان وتذليل العقبات التي تعترض عمل مؤسساته الدستورية محوراً رئيسياً في النقاش خلال لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في فرنسا، كانت سبل تدمير لبنان وتكريس العقبات أمام مؤسساته محور الأداء العوني في بيروت حيث انقض وزراء «التيار الوطني الحر» على آخر المؤسسات العاملة في الجمهورية ممعنين في خنق المؤسسة التنفيذية وتكبيلها وزجّها في زنزانة التعطيل إلى جانب رئاسة الجمهورية المخطوفة والسلطة التشريعية المقيّدة. 

ولأنّ الكيل طفح من الدلع البرتقالي المرتمي في بيئة «حزب الله» الحاضنة للتعطيل، بشهادة الوزير حسين الحاج حسن الذي كرّر أمس لازمته الأسبوعية في مجلس الوزراء بالتأكيد أنّ «الحزب يقف مع التيار الوطني داخل المجلس وخارجه»، شهدت جلسة الأمس تظاهرة وزارية منتفضة على العبثية الاستئثارية العونية سمع فيها وزراء الرابية ما قاله اللبنانيون في بيوتهم أمس تعقيباً على مشهد التحريض الطائفي المبتذل بعناوينه وشعاراته ويافطاته الفتنوية بعبارة مختصرة: «يا عيب الشوم».

وبينما قالها صراحةً الوزير رشيد درباس في مداخلته رداً على الوزير جبران باسيل، توالت الغالبية العظمى من الوزراء على قولها كذلك كل على طريقته تعليقاً على ما تخلل التظاهرة العونية في ساحة الشهداء من ابتذال تحريضي عشية انعقاد الحكومة وعلى النهج التعطيلي العوني السائد في البلد، بينما بادر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى إبداء الأسف إزاء «استمرار دوامة التعطيل» وما تعكسه من «عجز في القدرة على اتخاذ القرارات حيال الأمور الضاغطة وأبرزها ملف النفايات والموضوع المالي والرواتب وسندات الخزينة». في وقت دقّ وزير المالية علي حسن خليل «ناقوس» الرواتب قائلاً وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل»: «أنا لست بصدد صبّ الزيت على النار لكن من واجبي أن أعلمكم بأنّ هناك موظفين في وزارة الثقافة لم يقبضوا رواتبهم الشهر الفائت، والدور آتٍ على وزارات أخرى وعلى السلك العسكري، لذلك أنا أطلب مجدداً المبادرة إلى إقرار نقل اعتمادات مالية لدفع الرواتب». غير أنّ وزراء «التيار الوطني» رفضوا الأمر.

النفايات

وكانت جلسة مجلس الوزراء قد استهلها سلام بكلمة افتتاحية تناول فيها «مشكلة النفايات التي صار لها لون طائفي ومذهبي ومناطقي»، مشدداً في المقابل على كونه «موضوعاً وطنياً بامتياز لن يجد حلاً إلا بإجراءات وطنية يشارك فيها الجميع بعيداً عن الاستغلال السياسي»، مع تحذيره من أنّ الأزمة ستبقى مستعصية «ما دام المناخ السياسي العام في البلاد على ما هو».

ثم طلب وزير البيئة محمد المشنوق الكلام فنبّه إلى أنّ «الدولة التي لا تستطيع أن تجد مطمراً في أراضيها الأميرية في أي مكان من لبنان أو في أي منطقة من دون لون لا طائفي ولا مذهبي تكون دولة غير قادرة على متابعة هذا المشوار«، ولفت إلى أنّ كل أعضاء مجلس الوزراء «في الهوا سوا» في هذا الملف الذي سيتفاقم «إذا لم تلتزم القوى السياسية مسؤولية المعالجة بصيغة وطنية وبيد واحدة«. وعن مناقصات بيروت والمناطق للنفايات أبلغ المشنوق مجلس الوزراء أنّ هذا الموضوع سينتهي يوم الاثنين المقبل على أن يتم إعلان النتائج الثلاثاء. 

درباس

وفي وقائع الجلسة التي تنقل محضرها «المستقبل» للرأي العام، فقد توجّه الوزير درباس في كلمة وجدانية إلى المجلس بالقول: «ترعرعتُ في منزل أهلي على انتماء وطني لا ديني، وقمت بتربية أولادي على المنوال نفسه بحيث أنّ ابني لم يعلم أنه مسلم إلا بعدما بلغ من العمر عشر سنين لكن بالأمس عندما شاهد ما شاهده في ساحة الشهداء (خلال التظاهرة العونية) شعر باستفزاز كبير»، وأردف: «هل تعلم يا معالي الوزير باسيل كم 100 ألف من الناس مثل ابني استفززتم أمس، نزّلتم ألف شخص إلى الساحة وحتى لو كنتم مليوناً هذا ليس بالشيء المخيف لكن ما هو المخيف هو كلامكم الذي لا يملك أدنى حسّ من الاستشعار بعواطف الناس على مقربة من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وسأل: «ألم تستحوا، ألم تخشوا أن يخرج الشهيد من قبره ليقول لكم «يا عيب الشوم»؟»، مضيفاً: «إذا الرئيسان تمام سلام وسعد الحريري أصبحا بنظركم «داعش» يعني أنكم تقولون لكل السنّة أنهم «داعش» وأنكم ضدهم جميعاً، ومن ثم تكلموننا بمنطق الأقلية والأكثرية»!.

وتابع درباس متوجهاً إلى باسيل: «أنت وزير خارجية لبنان أم وزير خارجية الأقليات، ومن قال لك إنّ وزير الخارجية الإيراني أتى لعندك كي ينصر الأقليات؟ أنت قلت له أنصرني على السنّة لكن لعلمك أنت ذاهب إلى مكان لن يلاقيك فيه أي أحد في العالم، لا بل أنت أسأت لعلاقات لبنان بدول عربية شقيقة متناسياً بأنك تنطق باسم الحكومة اللبنانية، فهل تشاورت مع رئيس الحكومة قبل أن تقول ما قلته خلال لقاء الوزير الإيراني؟» وأضاف: «أنت يا معالي الوزير تخوض حرب أقليات وأكيد لن تربح منها إلا جلب الخراب على البلد. لا تكلمنا بعد اليوم بالأحجام، فلو أنك وحدك في الحكومة لا نستطيع أن نتخطاك لكنك أنت أيضاً لا يمكنك تخطي 23 وزيراً. تتحدث عن انهزام المسيحيين في لبنان والعالم إذا انهزمتم لكنني شخصياً لم أسمع قداسة البابا يعلن الاستنفار لأمر مماثل. تفترض أنّ وزير الدفاع سمير مقبل تجاوز مجلس الوزراء بقرار التمديد للقادة العسكريين، ألم تتجاوز أنت المجلس بحلفك مع إيران وافتعالك مشكلة بين لبنان والعرب؟».

وعندما اعترض الوزير الياس بوصعب على كلامه واصفاً إياه بأنه «موقف طائفي ويتعرض لقداسة البابا»، اكتفى درباس بالردّ عليه قائلاً: «يا عيب الشوم«.

دي فريج

بدوره، استهلّ الوزير نبيل دي فريج مداخلته باستعراض صورة عبر هاتفه الجوّال لليافطة العونية التي حرّفت علم «تيار المستقبل» وجعلته علماً لتنظيم «داعش» الإرهابي، وقال: «أنا مسيحي لاتيني مرجعيتي السفير البابوي في لبنان لكنني عضو في «تيار الدولة الإسلامية – إمارة لبنان»، وأردف: «طالما عرّفتُ عن نفسي فإنني أكتفي بالتذكير بما قلته للوزير باسيل في الجلسة الماضية للحكومة رداً على قوله للوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور بأن التيار العوني كان مستعداً بالقبول بأي اسم جديد لموقع رئاسة أركان الجيش، لناحية تشديدي حينها على أنّ كلامه هذا خطير ويمس بالصيغة ويذكرنا بمشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي يوصل إلى التطرّف».

تجدر الإشارة إلى أنّ دي فريج علّق لاحقاً في حديث تلفزيوني على مجريات جلسة مجلس الوزراء بالإشارة إلى أنه بعد تعطيل الوزراء العونيين تأمين الرواتب للموظفين والجيش وحل أزمة النفايات «إذا استطاع العماد عون النوم الليلة فيكون بلا ضمير».

ريفي

ورداً على ادعاء باسيل بأنّ «تيار المستقبل أكل حقوق المسيحيين ويحول دون وصول أي من المرشحين الأربعة الأقوياء إلى سدة رئاسة الجمهورية بينما «التيار الوطني» لا يستطيع أن يمون في أي موضوع متصل برئاسة الحكومة»، قال ريفي: «تبدو ذاكرتك ضعيفة يا معالي الوزير، ألستم أنتم بالذات من أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري؟» وأضاف: «أنا لا أهاجم بالطائفية بل بالسياسة، أنتمي لخط سعد الحريري الذي أكد على لبنان أولاً وعلى المناصفة وضد المثالثة، ويوم تسلّمت الأمن الداخلي كانت مشاركة المسيحيين أقل من 30% وسلمتها عندما تركت بأكثر من 40%، وفي مباراة القضاة نجح 20 مسيحياً و13 مسلماً ووافقت عليها. لا أقبل الدخول في سجال طائفي، لقد سمعنا البارحة كلاماً مسيئاً في التظاهرة وأؤيد ما قاله الوزير درباس وأقول للوزير باسيل: يوم أسقطتم سعد الحريري عملتم جرحاً في الأوساط السنّية وعندما تسمحون لأنفسكم بذلك فلا تلقوا علينا المواعظ«.

شبطيني

من ناحيتها، طلبت الوزيرة أليس شبطيني الكلام فقالت: «كل ما أثاره الوزير باسيل كان يمكن حلّه لو كان لدينا رئيس جمهورية. أما بشأن ما قاله عن منع وصول المرشحين المسيحيين الأربعة الأقوياء للرئاسة فلم يذكر لنا من يعرقل انتخاب أحدهم«، وأضافت: «الشراكة تكون في الوطنية، لقد عطلوا الدولة أشهراً وأخّروا تشكيل الوزارات بسبب الرغبة بفرض تعيين وزير معين، وكذلك الأمر يوم كان مطروحاً تعيين رئيس مجلس قضاء أعلى عطلوا القرار أكثر من سنة، وإذا كنا يجب أخذ فرضهم الأمور عند كل تعيين فهذا أمر سيعطل الدولة«.

حرب يعتكف

أما الوزير بطرس حرب الذي أعلن اعتكافه عن حضور جلسات مجلس الوزراء ربطاً بالتعطيل المستمر لانتاجيته، فقال في مداخلته: «أنا أخجل كمسيحي من الشعارات والكلام عن حقوق المسيحيين التي يطلقها البعض. كالقول مثلاً إنّ «حزب الله« هو الذي يحمي الوجود المسيحي. هذه ذمّية كاملة للمسيحيين. نحن المسيحيون لا نحتاج لحماية أحد. توافقنا هو الذي يحمينا ودولتنا تحمينا وكل رهان آخر يؤدي إلى وضعنا في الخطر. لقد مررنا بالتجارب في الماضي حيث أبدلنا الدولة بقوى ذاتية غير شرعية، فماذا كانت النتيجة: إضعاف الدولة وتعرض الوجود المسيحي للخطر. يجب ألا ننسى الماضي وعِبره«.

وأضاف: «نعم لقد تراجع دورنا المسيحي في الدولة لأن السياسة السورية في لبنان كانت ترمي إلى إبعاد المسيحيين عن القرار السياسي والإدارة. هيمنتهم، وما هجر المسيحيين من الدولة وما دفعهم إلى الاستنكاف عن الانخراط فيها. وللتدليل كل مباراة لدخول الدولة يشترك فيها 5000 متبارٍ منهم 500 مسيحيون والباقي مسلمون. هذه الظاهرة يجب معالجتها ولا تعالج بالصراخ واستثارة الغرائز الطائفية. نعالجها بالهدوء وبالتعاون في ما بيننا وليس بالاتجار بحقوق المسيحيين. نحن لا نقبل أن يتم تجاهل أي مكون سياسي أو وطني في الحياة السياسية ولا سيّما مكون مسيحي، إلا أن ذلك لا يعني أن أي فريق يدلي بأنه يتم تجاهله يحق له فرض رأيه على كل الآخرين، هذا أمر مرفوض ونحن نعمل وفق دستور محدد لا يمكننا مخالفته لإرضاء أحد على حساب المصلحة العامة. لا يجوز لمن يضرب الدستور ويعطله ويعطل الانتخابات الرئاسية ويفرغ موقع الرئاسة المسيحي أن يزعم أنه يدافع عن حقوق المسيحيين. بداية حماية حقوق المسيحيين بانتخاب رئيس مسيحي ولا يمكن حماية حقوق المسيحيين بضرب مجلس الوزراء ومجلس النواب وتعطيلهما. الكلام عن عدم انتخاب أحد المرشحين الأربعة الأقطاب رئيساً غير صحيح. الصحيح أن العماد عون يرفض أن ينتخب 3 من الأربعة المذكورين ولا يقبل إلا بانتخابه هو أو لا أحد سواه، فهو لم ولا يقبل بسمير جعجع ولا بسليمان فرنجية ولا بأمين الجميل فهل هو الوحيد الممثل للمسيحيين؟ إن التجارة بحقوق المسيحيين أمر غير مقبول. وأنا المسيحي لا أقبل أن يزايد أحد عليّ في حماية حقوق المسيحيين، والزعم أن الوزراء الذين ينتمون إلى كتل نيابية لهم حقوق أكثر من آخرين فهو غير صحيح ومخالف للدستور. كلنا هنا متساوون في الحقوق والواجبات والمسؤوليات«.

ثم توجّه حرب إلى الوزراء العونيين بالقول: «كنتُ مع التعيين في المراكز الأمنية وكنتُ أعلنت أنني أؤيد العميد شامل روكز لاعتبارات متعددة أولها أنه ضابط كفوء. لكن يوم طرح وزير الدفاع الأمر للتعيين من رفضه؟ أنتم رفضتم طالبين التوافق على من نعيّن قبل طرح الموضوع. لم نتوافق فهل نمنع التعيين؟ المفروض حسب التقاليد أن يكون لرئيس الجمهورية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة حسب الدستور، اسم مرشح لقيادة الجيش يطرحه على مجلس الوزراء وأنتم فرّغتم الرئاسة فكيف وبأي حق ترفضون أي اسم غير الذي ترشحون؟. أنتم عطّلتم قرارات التعيين ما دفع وزير الدفاع إلى اتخاذ القرار الذي يجنب الجيش الفراغ. وهذه المسألة لا تحصل للمرة الأولى لقد قمتم بها يوم كنتم في السلطة والوزير الذي وقّع قرار تأخير تسريح قائد الجيش كان من تكتل «التغيير والإصلاح«. كفانا مناورات وتهديدات وتهويلات، ألم تشعروا بعد أن الشعب في وادٍ وأنتم في وادٍ آخر؟. بالأمس حضرتم وجهدتم للقيام بتظاهرة ظنناها مليونية فجاءت بعدد قليل لم يتجاوز عدد المشاركين فيها الـ1500 شخص. ألم تفهموا الرسالة؟ الناس يريدون حلولاً لمشاكلهم، يريدون الأمن يريدون حل مشكلة الزبالة، يريدون دفع رواتب الموظفين يريدون عدم خسارة القروض والهبات، يريدون دفع ديون لبنان، وأنتم تريدون السلطة«.

وختم: «في الخلاصة كفانا اتجاراً بحقوق المسيحيين أنتم تضعون المسيحيين في خطر. عدم انتخاب رئيس مسيحي يضع المسيحيين في خطر تضربون الأصول الدستورية والديموقراطية لفرض إرادتكم علينا. فمتى كان الانتخاب نتيجة توافق؟« إنّ ذلك يُسقط نظامنا القائم على الانتخاب. ومتى كان واجب انتخاب من يدّعي أنه الأقوى مسيحياً؟ تاريخ الجمهورية يؤكد أنه لا علاقة للتمثيل بالانتخاب، فسليمان فرنجية الجدّ لم يكن أكثر تمثيلاً من كميل شمعون وبيار الجميّل أو ريمون إده، وفؤاد شهاب لم يكن أكثر تمثيلاً من كميل شمعون وبشارة الخوري ولم يكن أكثر تمثيلاً من حميد فرنجيّة. الخلاصة أنكم تحاولون فرض ميشال عون على اللبنانيين خلافاً لأحكام الدستور وهذا ما لن نوافق عليه. لقد تمّ تشكيل حكومة لمدة أشهر معدودة بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية، عطلتم الانتخاب للمرة 27 واضطررنا للبقاء لتسيير أمور البلاد واليوم تريدون تعطيل مجلس الوزراء وتحويله إلى نادٍ للمناقشة. عليكم أن تفهموا أن مجلس الوزراء ليس نادياً بل هو سلطة تنفيذية تتخذ قرارات، ويوم يعجز عن ذلك لا يعود مجلس للوزراء، وتتوقف أمور البلاد والعباد. أنا شخصياً لا أقبل أن أكون شريكاً في هذه اللعبة ولن أسكت عليها لأنني إذا فعلت أكون مشاركاً فيها. لا أستطيع أن أكون شاهد زور على ما يجري. فإما أن يعود مجلس الوزراء للعمل كمجلس وزراء يتخذ قرارات لتسيير أمور البلاد وإما لا حاجة لاستمراره ويبدو أن النية ليست موجودة لتفعيل عمله. لذلك أبلغ مجلس الوزراء أنني سأعتكف وأمتنع عن حضور جلسات الحكومة إذا كانت ستبقى كما هي، وسأنصرف إلى تصريف أمور وزارتي لأن ليس لدي وقت لإضاعته«.

المشنوق

أما آخر المداخلات فكانت للوزير نهاد المشنوق الذي قال متوجهاً إلى الوزير بوصعب: «أنت مسموع أكثر من كاظم الساهر مشغول بالك أنّ صوتك لا يسمع، على كل حال من الواضح وأنا أخاطب الزميل جبران باسيل كل هذا الكلام الذي تفضل به لا ينتمي الى الواقعية السياسية ولا ينتمي الى المرحلة التي نعيشها، يمثل أو لا يمثل، لا أحد يناقش التمثيل ولا أحد يناقش الأحجام، من يدخل الى مجلس الوزراء يدخل بعدد وزرائه، وعندما كان هناك رئيس للجمهورية كل الوزراء متساوون بالتصويت، لا أحد يمكن أن يقول إنه يمثل أكثر من غيره وبالتالي أنا أصوّت أكثر من غيري، بغياب رئيس الجمهورية تناط صلاحياته لمجلس الوزراء مجتمعاً وليس للتمثيل المسيحي الذي ليس هو موضع نقاش ولا موضع خلاف، على الأقل بعدد النواب لا تحتاج الى مناقشة من يمثل وكيف يمثل. الأمر الثالث الذي يتعلق بالواقعية السياسية أن كل الشعارات التي رفعت بالأمس عن الشهداء وعن الأحياء، ولن أدخل بنقاش طائفي، أيضاً شعارات غير واقعية. يوجد قوى سياسية كبرى في البلد غير «المستقبل لا توافق لا على فلان قائد جيش، مع احترامي للناس، ولا على العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. لماذا لا يوجه لها أية كلمة؟ ما هذه الوطنية العظيمة وما هذه الواقعية الأعظم التي تحصر الخلاف بلون العلم الأزرق و«داعش«. اسمحوا لي أن أقول لأول مرة بعد سنة ونصف وأنا وزير للداخلية، نحن دفعنا دماً وأنتم تتفرّجون على «داعش«، أنا بالذات دفعت دماً أنتم ماذا فعلتم؟ طبعاً برعاية دولته وموافقته، لو سمحت لي دولة الرئيس، بكل عمل قمنا به، في كل مكان في لبنان وبخاصةً في المناطق التي تنتمي الى «تيار المستقبل«، لأنه بصراحة خطة البقاع التي لا تنتمي الى «تيار المستقبل« فضيحة وليست خطة، اياً كان المسؤول عنها، الآن ليس وقت تحديد المسؤوليات، عندما نريد أن ندفع الدم لا يحق لكم أن ترفعوا هذه الأعلام لأنكم بهذا تتصرفون بلا مسؤولية وتحللون دم الآخرين. هذا كلامٌ لا علاقة له بالطائفية، ولا علاقة له بالوطنية، ولا علاقة له بالمسؤولية، والأهم بالنسبة لي بعد أن نضع كل ذلك جانباً لا علاقة له بالواقعية«. 

وأضاف: «أنتم تعلمون جيداً أنّ هناك ثلاث قوى سياسية رئيسية على هذه الطاولة لا توافق على ما تريدون، وهذا معلن ومثبت منذ ليلة تأجيل التسريح، يا سيدي أنت تعلم بذلك وأنا أعلم بذلك، وقلت لك ذلك في مكتبي، وقلت لك بالأسماء وقلت لك من هي الدول الكبرى والصغرى بالأسماء وبالوقائع التي لم أقلها لغيرك يا معالي الوزير، من باب التعقل ومن باب الاحترام، ومن باب الواقعية، لا أحد يحلم ويأخذ البلد معه، ويتجه بالقليل من الأحلام كافٍ، لأن الحياة ليست جميلة بدون أحلام، ولكن أيضاً بكثير من الواقعية ولا تحل المشكلة، ولن تحل لو رفع مئة علم و100 لون لن نحصل على شهادة منكم ولن تحصلوا على شهادة منا إلا عندما يتم الاتفاق. لماذا اللف والدوران؟ لن يعيّن فلان ولن ينتخب فلان بهذا الأسلوب، مع احترامي ليس لأنني أنا لا أريد، أنا أقول كلاماً واقعياً كلنا نعلمه وكلنا نعلم من هو المسؤول عنه وكلنا نعلم من هو المشارك به في الداخل والخارج. القليل من الهدوء والقليل من الواقعية على الأقل لنستكمل مشوار البلد وليس لاستكمال مشوارنا، ما هذا الهم إذا أنت لم تصبح وزيراً وأنا لم أصبح نائباً؟ ما هذه القضية الكبرى؟ أو الوزير باسيل وصل الى الموقع الفلاني أو لم يصل لن يغير شيئاً بمسار البلد. هل نحن نستطيع أن نتفاهم على خطوات عدة الى الأمام، وبدون رفع هذه الشعارات الطائفية الحادة التي لن نصل بها إلى نتيجة لانتخابات غداً، ولا نحن سنأخذ أصواتكم ولن تأخذوا من أصواتنا، وأصلاً أنا أستغرب كيف يمكن البحث بهذا الوقت قانون الانتخاب. قانون الانتخاب في الدول الديموقراطية التي عمرها 200 سنة يستغرق سنتين من النقاش، بقوى متقاربة متجانسة، والآن نطرح قانون انتخاب؟ هل نستطيع أن نقوم بتجمع من ألفي شخص، بالأمس توقفت السيارات المفخخة قبل أن نصل الى قانون انتخاب، أين نعيش؟ الآن نريد أن نعيد الحقوق والواجبات؟ نحن نعيش في مرحلة انتقالية فلنصل الى نهايتها. أية حقوق وأية واجبات؟ وهذا الكلام لا علاقة له بالعدد، أنا أحيي الزميل نبيل دي فريج على أنه فعلاً لو نحن أيضاً طلبنا من الناس التجمع لحصلنا على أقل منكم، نحن لدينا 32 نائباً وليس 27 لا شيء يزعل أحداً لأن الناس في مكان آخر وأولوياتها مختلفة، همّ النفايات وهمّ 743 مليون دولار هبات… لماذا؟ النفايات لـ»المستقبل« ضد تيار سياسي آخر، الهبات لـ»حركة أمل« ضد «الحزب التقدمي الاشتراكي«، ما هذا الكلام؟ على الأقل يا سيدي أنتم في الماضي قلتم حتى في مجلس النواب تشريع الضرورة، يا سيدي فلنتبع في مجلس الوزراء تشريع الضرورة، لنمشّي القليل من الأمور أمام الناس أو أن نستقيل، الآن نناقش تعديل الدستور؟! من منّا يقرر؟ بماذا؟ كلنا هنا لا نقرر بشيء، من هذه الكبائر والعظائم التي تطرح، أقول الأمور الكبيرة، كبائر الارتكابات، نحن «شاطرين« بالكبائر فقط (ممازحاً) أرجوكم أمام الجميع، أخرجوا من العموميات وأخرجوا من هذه الأفكار التي لا توصل إلى مكان، لا توصلنا ولا توصلكم، نحن نمر بمرحلة انتقالية وليس بمرحلة تقريرية، ولا بمرحلة تغييرية، ولا بمرحلة وضع أسس جديدة، نحن بمرحلة انتقالية أخذنا مسألة اسمها هذه الحكومة التي تمثل الدولة وتمثل الناس على قدر ما تستطيع أن تحملها وتحمل هذه المرحلة لنهايتها إذا أمكنها أن تحملها، بصراحة أكثر وأكثر، ليس أنه لن تستطيعوا بل جميعنا لن نستطيع مع رئيس حكومة قادر على هذا القدر من الصبر، الحمد لله أنه بهذا الظرف وجد الرئيس سلام لنستطيع أن نمر بهذه المرحلة«. 

وختم: «فليسمح لي الزملاء المعنيون، لو كان التمثيل بالأحجام لكان أغلب المسؤولين في الدولة الآن غير موجودين، وأنت تعلم ذلك وأنا أعلم ذلك، على هذه الطاولة وعلى طاولات أخرى لن يكونوا موجودين، بل يكون هناك أشخاص آخرون، ولكن التمثيل بالحكمة والعقل والوعي والقدرة على الاستيعاب، عندما يكبر الحجم يمكن أن تستوعب أكثر وليس أن تواجه أكثر وترفض أكثر وتخرّب أكثر. من الذي صفته التمثيلية أعطته مكانه، بالعدد أو بالتمثيل، من كل الطوائف؟ إذاً، أنت لم تحسب جيداً، أعد حساباتك. كلهم يمثلون لأن الآخر يقبل بهم ولأن من قبلهم ومن أكبر منهم يقبل بهم. أنا أتكلم عن مواقع المسؤولية الرئيسية التي تقارنها، مَن أحضرنا نحن الإثنين هو القدرة على التفاهم على الحكومة، وليس أسماؤنا التي ليست أهم بكثير من أسماء غيرنا«.

مجلس الأمن

على صعيد منفصل، أفادت مصادر ديبلوماسية «المستقبل» أنّ مجلس الأمن الدولي بدأ أمس مشاورات حول مشروع قرار فرنسي بشأن التمديد لمهمة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب لبنان سنة جديدة بدءاً من تاريخ انتهاء ولايتها الحالية في نهاية آب الجاري.

وأوضحت المصادر أنّ المشروع الفرنسي يتضمّن مقدمة سياسية ثم يشمل في صلبه معايير التجديد التقني لليونيفيل من دون أي مقاربات جديدة ذات أبعاد سياسية باعتبار أنّ مجلس الأمن كان قد أصدر بياناً رئاسياً حول لبنان في آذار الفائت تضمن المواقف الدولية تجاه الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان.

ورداً على سؤال، لفتت المصادر إلى أنّ التصويت على مشروع القرار الفرنسي يتم بعد 24 ساعة من تاريخ إدراجه على ما يعرف بـ»الورقة الزرقاء»، متوقعة أن يتم ذلك الأسبوع المقبل.