IMLebanon

على دروب الشهامة

لماذا رغب العميد في اصدار كتابه الآن، وفي هذه الأيام بالذات، وهو جاهز منذ أيام؟

هل لأن الشهر الحالي، هو فرصة للتاريخ، أم لأن التاريخ يكتب في اللحظات الحاسمة؟

ربما أراد اللواء انطوان بركات، ان يورد حكايات قديمة، جرت من الفياضية حتى واشنطن، للدلالة على ان لبنان هو بلد الوحدة، لا مكان فيه للتجزئة، وانه وطن الحرية لا بلد الديكتاتورية.

على دروب الشهامة عرف اللبنانيون خلاصة الارادة اللبنانية، بين إبن زغرتا وإبن البسطة. ولبنان عرف المخاطر، وشاهدها اللبنانيون بأمّ العين، وواجه الثورة المضادة على أبواب الوحدة الضائعة.

لكن اللواء بركات نقل مخاوفه يومئذ، أي قبل أكثر من نصف قرن، الى رئيس الشعبة الثانية العقيد انطوان سعد، وطلب اليه بحكم العلاقة التي تربطه به، ابلاغها الى الرئيس فؤاد شهاب، مقترحاً اتخاذ الاجراءات السريعة، لمعالجة الوضع قبل انفجاره.

يومئذ، كان الرئيس شهاب، مدركاً خطورة الانقسام الطائفي على وحدة لبنان ومصيره.

وكان لا بد من قرار يحسم ويطرد التردد.

كأن اليوم هو البارحة.

تمام سلام يقود لبنان، ويبعده عن الهاوية، والخلافات ضاربة أطنابها بين المصيطبة والرابية.

أزمة حكم. مشكلة نفايات في البلد، ووزير البيئة محمد المشنوق، يعالج المحنة ولا نهاية لها.

قبل نصف قرن وأكثر، كان والده عبدالله المشنوق، يروي في مذكراته، انه قال بعد فوزه بالانتخابات العام ١٩٦٠، ان فوزك بالنيابة، وأنت ترفع شعار الاحصاء والمنافسة ليس أمراً عادياً، انه في نظر اللبنانيين الثورة نفسها التي لم تحققها العام ١٩٥٨.

وتساءل فؤاد شهاب يومئذ، هل نعود الى لبنان الصغير.

وسأل الرئيس شهاب عبدالله المشنوق: هل تعرف معنى لبنان الصغير يا عبدالله؟ انه محاولة لخلق اسرائيل ثانية.

كان سرور انطوان بركات كبيراً، لدى اعلان فؤاد شهاب، عن حكومة رباعية أمسكت بزمام الأمور، وبداية لبنان السير على طريق التعافي.

هذا هو لبنان الذي يكتب فيه وعنه انطوان بركات.

وهذا هو لبنان الذي قاده الرئيس سليمان فرنجيه والرئيس صائب سلام.

إنه لبنان التفهم والتفاهم.

لبنان الواحد لا اللبنانان.

يروي انطوان بركات، في كتاب كتب نصوصه الزميل حسان فيكتور الخوري، أن درب الشهامة قادته الى أن يقوم ابن زغرتا وابن البسطة معا، وفي احلك الظروف بطي الصفحات المؤذية لوحدة لبنان.

خلال الحرب على لبنان، مثل اللواء انطوان بركات أدوارا رائعة في الذود عن وحدة بلد مهدد بالانقسام.

وخلال الحقبات الأخيرة، يقف لبنان امام اخطر التحديات.

لكنه يبقى وطن الحريات.

وهذا هو الوطن الذي حلم به انطوان بركات، صنعه من خلال ايمانه بأن الجيش زوده طوال سنوات، بعقيدة الايمان بأن القانون هو مدرسة الرجولة والاصالة.

في خلال الاحداث رفض انطوان بركات ثلاث مرات قراراً بتعيينه قائداً للجيش اللبناني، بموافقة سليمان فرنجيه، لأنه أي التعيين من جانب واحد في لبنان.

كان قراره انه طوال حياته، ظل امينا على الرسالة، وحافظا للجيش، وأبياً على المخاصمات.

ولبنان الواقف على اهبة الخروج من ازمة كبرى، يظل بلد الوحدة، وعنوانا لما ارساه الجدود والاقرباء، وما حافظ عليه القادة الافذاذ.