IMLebanon

تسوية الترقيات تتعثر في أروقة الحوار.. وعون «يبشّر» بالنسبية

تسوية الترقيات تتعثر في أروقة الحوار.. وعون «يبشّر» بالنسبية

جنبلاط يهاجم «الحنبلية السياسية».. والسنيورة: لا تزايدوا عليّ

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والثمانين بعد الأربعمئة على التوالي.

لامست طاولة الحوار في جلستها الثالثة جوانب عملية في النقاش حول مواصفات رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب، قياساً الى المرتين السابقتين، وإن تكن النتيجة الفعلية الوحيدة التي خرج بها المتحاورون بالأمس لم تتعد حدود الاتفاق على تزخيم الحوار من خلال عقد جلسات متلاحقة أيام 6 و7 و8 تشرين الاول المقبل، بمعدل جلستين كل يوم، بينما اقترح النائب وليد جنبلاط، على طريقته الساخرة، استكمال الحوار في جزيرة سيشل!

ويمكن القول إن العماد ميشال عون فرض إيقاعه على جلسة البارحة، عبر اقتراح «الجنرال» إجراء انتخابات نيابية وفق القانون الأرثوذكسي أو النسبية على اساس 15 دائرة (مشروع حكومة نجيب ميقاتي معدلا)، يليها انتخاب رئيس الجمهورية، وهو اقتراح تلقفه الحلفاء والرئيس نبيه بري الذي وجد في جزئه الثاني تطوراً إيجابياً يمكن البناء عليه، فيما دعا رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى الاتفاق أولاً على مبادئ قانون الانتخاب ثم ننتقل الى الاستحقاق الرئاسي.

وإذا كان ممثلو «قوى 14 آذار» على الطاولة، وفي طليعتهم الرئيس فؤاد السنيورة، قد تمسكوا بإعطاء الاولوية لانتخاب رئيس الجمهورية، معتبرين أن طرح عون يهدف الى التسويف والمماطلة في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، إلا أن مصادر شاركت في جلسة الحوار أكدت لـ»السفير» ان صيغة «الجنرال» يمكن ان تشكل ثقبا، قابلا للاتساع، في جدار الازمة السياسية الشاملة.

أما «الخلوة الرديفة» التي ضمت بري والرئيس تمام سلام والسنيورة وعون ورعد والنائب وليد جنبلاط، فلم تنجح في إتمام التسوية الثلاثية الأبعاد التي تشمل الترقيات العسكرية وتفعيل عمل الحكومة وفتح ابواب مجلس النواب، برغم انها كانت شبه مختمرة.

وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» ان السنيورة أصرّ على رفض صيغة الترقيات، كما هي مطروحة، معتبرا انها تعبث بتركيبة الجيش، وانه لا يصح تطبيق قانون الدفاع الصادر في العام 1979 فيما يوجد قانون آخر صادر عام 1984، فرد عليه عون لافتا الانتباه الى انه لا توجد أي إشكالية قانونية على هذا الصعيد، إذ ان قانون 84 يلحظ انه في انتظار صدور مراسيمه التطبيقية يُعتبر قانون 79 (الذي يسمح بزيادة عدد الألوية من خمسة الى ثمانية) بمثابة المراسيم التطبيقية.

وأثار السنيورة مسألة صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، منبها الى ان إقرار آلية عمل الحكومة على قاعدة ان معارضة مكونين تكفي لمنع صدور قرار إنما هو بمثابة تعد على الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة، فرد عليه الحاضرون ومنهم النائب وليد جنبلاط بأن النقاش «ليس دستوريا بل نحن نحاول التوصل الى تفاهم سياسي لتفعيل نشاط المؤسسات وأولها الحكومة».

وقال أحد المشاركين في الخلوة لـ»السفير» إن المفاجئ في موقف السنيورة انه يتعارض مع ما كان قد وافق عليه وفد «تيار المستقبل» الى الحوار مع «حزب الله» في عين التينة، في شأن تسوية الترقيات، الامر الذي يؤشر الى وجود أكثر من اتجاه في داخل التيار الأزرق نفسه.

السنيورة: لا تزايدوا علي

ولكن السنيورة نفى نفيا قاطعا مسؤوليته عن عرقلة التسوية الموضعية خلال الخلوة القيادية التي تلت جلسة الحوار، مشيرا الى انه حصل تقدم في النقاشات لكنه لم يكتمل.

وأكد السنيورة لـ»السفير» ضرورة الاحتكام الى الدستور والقانون حصرا للبت في الترقيات العسكرية وآلية عمل مجلس الوزراء التي يفترض ان تقوم على اساس التوافق أولا، فإذا تعذر، يتم اللجوء الى التصويت كما يلحظ الدستور، لافتا الانتباه الى ان رئيس الحكومة يستطيع بحكمته ان يقدر الموقف الذي يجب اتخاذه، بحيث انه قد يجد في حالات معينة ان هناك مصلحة في تأجيل أمر ما، حتى لو كان يعترض عليه مكون واحد فقط.

ورفض السنيورة المزايدات عليه في مسألة النسبية، معتبرا ان ما قاله العماد عون حول امتعاضه عندما طرح (الجنرال) مشروع النسبية على طاولة الحوار ليس صحيحا، ومتسائلا: هل أصبح العماد عون من قارئي الفنجان؟

ولفت الانتباه الى انه هو الذي ألّف، عندما كان رئيسا للحكومة، لجنة فؤاد بطرس التي طرحت النسبية، «وقد توليت يومها حماية هذه اللجنة، كما أننا في تيار المستقبل اتفقنا مع القوات اللبنانية والنائب وليد جنبلاط على نسبية جزئية في هذه المرحلة».

وأضاف: «نحن لسنا ضد النسبية الكاملة من حيث المبدأ، لكن هل يمكن تطبيقها بنزاهة عندما لا تكون كل الخيارات والإرادات حرة، بسبب ضغط السلاح الموجود بحوزة البعض، وحين يقول الرئيس نبيه بري إن نوابه فازوا بالتزكية في الجنوب، قبل ان يتقرر التمديد للمجلس، فان ذلك عائد الى ان أحدا لا يجرؤ على الترشح ضدهم».

وتابع: برغم ذلك، نحن مستعدون، على سبيل التجربة، لاعتماد النسبية الجزئية في الوقت الحاضر، في انتظار ان نعممها بعدما تصبح الدولة هي صاحبة القرار الوحيد، أما الآن فلا يوجد تكافؤ في شروط المنافسة.

وأكد السنيورة انه «وفي كل الحالات تبقى الاولوية بالنسبة الينا هي لانتخاب رئيس الجمهورية، علما ان الرئيس بري يحاول الدفع في اتجاه الاتفاق على رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب في سلة واحدة، وأنا شخصيا استبعد إمكان التفاهم على مثل هذه السلة»، مشددا على رفضه التام لأي مقايضة بين الرئاسة وقانون الانتخاب.

جنبلاط و»الحنبلية»

أما النائب وليد جنبلاط فقال لـ»السفير» إن جلسة الامس كانت مفيدة جدا، مبديا استعداده للبحث في مواصفات الرئيس وقانون الانتخاب ومشروع الجنسية، لافتا الانتباه الى ان كل شيء قابل للمعالجة والتسوية. وأضاف: انا منفتح على مناقشة كل الامور، ومنها تلك التي طرحها النائب سليمان فرنجية.

وردا على سؤال حول رأيه في النسبية، أجاب: في الاساس، لدينا مشروع انتخابي وفق النسبية، ونحن موافقون على المبدأ، وتبقى نسبة النسبية وكيفية تقسيم الدوائر.

واشار الى انه عرض نقل الحوار الى جزيرة سيشل «كمقاربة رمزية للقول انني لا أرى ان الظروف ملائمة حاليا لانتخاب رئيس الجمهورية وانه لا بد من الانتظار».

وأضاف: أما تسوية الترقيات وآلية عمل الحكومة، فكانت ضمن صلب الدستور، لكن بعض الحنبلية السياسية والدستورية أعاقتها، وأذكّر بقول الامام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: كلما ازددت علما، ازداد علمي بجهلي.

عون: النسبية أولا

في المقابل، أوضح عون بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح»، أمس، انه أشار في مداخلته على طاولة الحوار أمس الى ان هناك تراكما للأزمات في لبنان، خصوصاً في الحياة السياسيّة، جاءت من عدم احترام المسار الزمني للمراحل المختلفة لإعادة تكوين السلطة نتيجة التمديد مرتين لمجلس النوّاب في ظلّ عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات.

وتساءل: ماذا ننتظر في لبنان لنعود إلى الشعب، ومن قال إنّه يجب انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتخابات النيابية؟ مشيرا الى انه لا يوجد أيّ مصدر قانونيّ يحدّد انتخاب الرئيس قبل إجراء الانتخابات النيابيّة.

واعتبر ان بداية الحل يجب أن تكون في الاتفاق على قانون جديد للانتخابات وفقاً لنظام النسبيّة، «وقد طرحتُ اليوم (أمس) في الحوار أن تكون هذه النسبيّة على أساس 15 دائرة انتخابية التي سبق واتفقنا عليها في بكركي كنوّاب موارنة، فلاقى هذا الأمر استحساناً لدى الجميع، إلاّ البعض القليل الّذي كان ممتعضاً، ومنهم الرئيس السنيورة، ولكن الأكثرية الساحقة وجدت أن هذا هو المدخل الوحيد إلى الحلّ، وانتهى الأمر هنا، وكان أن تعينت الجلسة التالية في 6 تشرين».

واشار الى انه جرى بعد ذلك اجتماعٌ مصغر «للحديث في موضوع التعيينات، لكنه لم يكن ناضجاً بعد، وكذلك الأمر بالنسبة لسير العمل في مجلس الوزراء الّذي لم يكن ناضجاً أيضاً، لذلك اتفقنا على ان نستأنف النقاش في ما بعد» (تفاصيل الحوار ص3).

الترقيات.. والمعنويات

وفي سياق متصل، ابلغت أوساط مطلعة على مناخات المؤسسة العسكرية «السفير» انه يجب الحذر والتأني في مقاربة مخرج الترقيات، لئلا ينعكس سلبا على هرمية الجيش ومعنويات ضباطه، منبهة الى محاذير ترقية بعض الضباط الى رتبة لواء لاعتبارات سياسية، على حساب آخرين يملكون أرجحية في الاقدمية.

وحذرت الاوساط من ان اي ترقيات مفصلة على قياس مصالح سياسية من شأنها ان تشكل سابقة مسيئة للجيش وان تضرب المعايير الدقيقة المتبعة للترقية في المؤسسة العسكرية، لافتة الانتباه الى ان قائد الجيش العماد جان قهوجي ليس مستعدا لتحمل وزر إخراج هذه الصفقة ولا يقبل ان ترمى كرتها في ملعبه، وبالتالي فان المرجعيات السياسية هي المعنية بتحمل مسؤولية اتخاذ القرار وتغطيته، وعندها يتولى قهوجي تنفيذه.