IMLebanon

نقاش دقيق ومحرج في البيت الأبيض

المشهد في المكتب البيضوي اليوم يختلف عن المشهد عام ٢٠١١. وما تغيّر ليس فقط سيّد البيت الأبيض بل أيضا واقع الرئيس سعد الحريري. فالرئيس دونالد ترامب هو نقيض الرئيس باراك أوباما في السياسات الداخلية والخارجية. والحريري يدخل البيت الأبيض واثقا من انه لن يخرج رئيس حكومة مستقيلة كما حدث في المرة الماضية. إذ معه الوزير جبران باسيل الذي تلا في الرابية بيان استقالة الوزراء العشرة من الحكومة في ظلّ قرار محلّي – اقليمي بانهاء الحريرية السياسية، وخلفه تسوية سياسية بين خصوم الأمس في ظروف وحسابات متغيّرة. لكن التحديات أمام لبنان صارت أكبر، واللعبة الأميركية في المنطقة صارت أخطر.

ذلك أن لبنان ليس من دون موقع على خارطة الاهتمامات الأميركية. وآخر ما يحدّد هذا الموقع، مهما يكن حجمه، هو ما يردده عادة أصدقاء أميركا عن الديمقراطية والعيش المشترك ومختبر الحوار بين الأديان والعقائد. وأول ما يضعه على خارطة الاهتمامات والمصالح هو وجود حزب الله ودوره في حرب سوريا وفي العراق واليمن والكويت ومقاومته لاسرائيل وصواريخه الموجهة اليها، كما كانت الحال أيام منظمة التحرير الفلسطينية والوصاية السورية. ثم تأتي مواضيع النازحين السوريين، ودور الجيش من الاستقرار ومحاربة الارهاب، وأهمية موقع بيروت في تجميع المعلومات الأمنية عن كل التحركات في المنطقة، ومراقبة الخدمات التي تقدمها المصارف اللبنانية.

والكل يعرف ان النقاش سيكون دقيقا ومحرجا في موضوع حزب الله. فلا حرب حزب الله في جرود عرسال ضد الإرهاب الممثّل ب النصرة وداعش تحول دون وضعه في واشنطن على لائحة الإرهاب وتقديم ثلاثة مشاريع قوانين الى الكونغرس لتشديد العقوبات عليه. ولا اختيار السلطة نوعاً من النأي بالنفس عما يفعله حزب الله عسكرياً بحجة أنه صار قوة إقليمية أكبر من قدرتنا على المعالجة، يقنع ترامب وإدارته بحيث يتفهّم الوضع كما تفهّمه أوباما.

ومن الطبيعي ان يطلب الحريري المساعدة في إعادة النازحين السوريين الى بلادهم وتحمّل أعباء إقامتهم الحالية مع لبنان. لكن الواقع ان عودة النازحين ليست على جدول الأعمال الدولي وبالطبع الأميركي. فالأمم المتحدة ترى ان ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست متوافرة في سوريا المقطعة حالياً الى مناطق نفوذ. وبالمقابل، فإن ما على جدول الأعمال الى جانب ترتيب مناطق خفض التصعيد وتوزيع القوى المحلية، هو بقاء القوات الروسية والأميركية والايرانية والتركية في سوريا.

والممكن طبعاً هو البحث في زيادة المساعدات للجيش اللبناني لمحاربة الإرهاب، وتخفيف الضغط على المصارف، والمساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي. وليس هذا قليل الأهمية.