IMLebanon

جنوب السودان المستقل أشعله سلفا كير!

علّق المسؤول نفسه في إدارة أميركية تتعاطى مع دول المغرب العربي في “الإدارة” الأميركية على جوابي عن سؤاله بجدوى إرسال قوة بقيادة جامعة الدول العربية لوقف الحرب في ليبيا، قال: “الليبيون يرفضون أي قوة خارجية في بلادهم عربية كانت أم مصرية أم دولية. مندوب الأمم المتحدة أو ممثلها في ليبيا طلب بعد تفاقم الأوضاع فيها مئة أو مئتي عنصر دوليين لحمايته وضمان أمنه، وليس لمحاربة أحد. رفض الليبيون، وقالوا إنهم لن يقبلوا أي قوة خارجية عربية أو مُسلِمة أو دولية. على كل هم ليسوا جديين في الحوار الجاري بينهم. يتفاهمون على أمور، وبعد ذلك يشتمون بعضهم بعضاً ويتقاتلون ولا ينفِّذون ما تفاهموا عليه. في ليبيا قبائل وقذّافيون سابقون. ولا تجربة أو خبرة لهم في الحكم وفي القضايا العامة. ذلك أنهم أُقصوا عنها منذ قام في ليبيا حكم متسلِّط يقوده القذافي وحده”. علّقتُ: ربما يكون الحل الممكن والموقّت ريثما تدخل المنطقة كلها مرحلة الحلول الثابتة والنهائية، ونظراً إلى الطبيعة الانفصالية لليبيين، حصول تقسيم واقعي (Defacto Partition)، فتكون بنغازي مثلاً ولاية أو كانتوناً وطرابلس وغيرهما. لا تنسَ أن ليبيا كانت في الخمسينات فيديرالية. طبعاً الفيديرالية هي أحسن نظام في رأيي ولكن للشعوب الراقية والمتحضِّرة. أما عند الشعوب المتخلِّفة في العالم الثالث ومنها الشعوب العربية فإن الفيديرالية تُعتبر تقسيماً مقنَّعاً. وهي كذلك. سأل: “هل يعني ذلك أنك تدعو إلى تقسيم ليبيا”؟ أجبتُ: كلاّ. أنا أقول إن الحرب الأهلية ستوصل الليبيين أي كل فريق منهم إلى السيطرة على منطقة فيحكمها، وتكون متجانسة إلى أن يحين أوان الحلول. وفي انتظارها تتقاتل حيناً وتتهادن حيناً آخر. ردّ منهياً اللقاء، “ممكن ذلك. ولكن هل تعرف، وأنا أدركت ذلك مؤخراً، أن في بنغازي قبائل لها “فروع” في مصراتة؟ على كل الوضع في ليبيا معقَّد جداً. وأعتقد أن الأمور ذاهبة فيها في اتجاه مناطق يحكمها “أمراء حرب” (War Lords)”!

ماذا عن السودان في جعبة مسؤول في “إدارة” أميركية تتعاطى معه داخل الإدارة الأميركية؟

بدأتُ اللقاء بالسؤال الآتي: بعد انفصال جنوب السودان عن شماله وتأسيس دولة مستقلة فيه تعرَّض إلى مشكلات عدة، ونشبت داخله حروب إما بسبب السلطة، وإما بسبب الإتنيات المختلفة، وإما بسبب الأمرين. فما هي جذور ذلك كله؟ هل يمكن اعتبار ذلك نتيجة لمداخلات خارجية؟ وهل من دور للفريق البشير رئيس السودان الشمالي في ذلك؟ أجاب: “لم تستقل دولة جنوب السودان إلا بعد حصول اتفاق خطي على ذلك بين “الشماليين” و”الجنوبيين”. لكن اتفاق الاستقلال لم ينفّذ بكلِّيته. لم تُرسَّم الحدود. أولاً كان يجب أن يتمّ التفاهم على المناطق المنزوعة السلاح على طول الحدود بين الدولتين. لم يحصل ذلك. وبقيت المشكلة الصعبة في منطقة “أبيي” من دون حلّ. ولعل مشكلتها الكبيرة أن فيها نفطاً. ولهذا السبب لم يشأ البشير أن يشملها التفاوض مع الجنوبيين. دارفور أيضاً هي مشكلة ولكن للسودان الشمالي. ونشأت بعد ذلك مشكلات كثيرة. الدولة السودانية في الشمال تتفاوض مع الميليشيات المسلَّحة ثم تحاربها. ولا أحد يلتزم بالاتفاقات التي يتم التوصل إليها. وآخرها تمّ في الدوحة عاصمة قطر. البشير يغري زعماء الميليشيات والمناطق بالمناصب والمال و”الفيلاّت” (Villas) في الخرطوم فيوافقون على الحلول التي يقترحها. لكن شيئاً منها لا يُنفَّذ. حقيقة لم يعد للسودان الشمالي وجود في دارفور. فهي تحت سيطرة الميليشيات المسلَّحة”. سألتُ: ماذا عن الجنوب؟ ولماذا نشبت حرب أهلية داخله بعد استقلاله مباشرة إذا جاز استعمال هذا الوصف؟ أجاب: “أراد سلفا كير رئيس دولة الجنوب بعد استقلالها أن يثبِّت نفوذه وأن ينفرد بالسلطة. وكان عليه لتنفيذ مشروعه هذا الحصول على موافقة لجنة مصغّرة من حزبه. لكن أكثريتها كانت ضدَّه. لذلك حاول تجاوزها بالذهاب إلى مؤتمر أكبر موسَّع (Convention)، وبدأ التحضير له. في الوقت نفسه وقعت مشكلات داخل الحرس الجمهوري، مفتعلة ربما، مع عناصر موالية لمشّار، هو أحد أركان دولة الجنوب، كما قُتِل من قبيلة “النوير” في جوبا آلاف. فانتفض مشّار. وبدلاً من أن يذهب إلى الخارج أي المنفى ويعيش لاجئاً سياسياً ذهب إلى منطقة “النوير” الذين يقاتلون سلفا كير وبدأت الحرب بين الاثنين”.

ماذا جرى بعد ذلك؟ سألتُ؟