IMLebanon

التفكّك الحكومي يطارد الناس في خبزهم! صدامات صاخبة أيقظت خلاف بري وعون

… وما حصل أمس أيضاً لم يسبق للبنانيين ان شهدوا مثيلاً له حتى في عصر الميليشيات أسوة بما حصل في أزمة النفايات التي تتواصل الوعود بازالتها يوماً بعد يوم. لكن السابقة الجديدة تتصل بأخطر ما يمس مباشرة بصحة الناس أي بالخبز الذي نشبت حوله معركة كلامية واتهامية بين الوزارتين المعنيتين بمراقبة سلامته ومواصفاته فاذا بهما تعممان الرعب والارباك والضياع بين مؤكد وناف لوجود القمح المسرطن في ما يضيع الحقيقة. انفجرت هذه الواقعة الجديدة على وقع معارك الديوك التي دارت رحاها أمس في جلسة مجلس الوزراء التي تحولت ساحة مبارزات وسجالات حادة ومتعاقبة حول جملة ملفات ولم يخل بعضها من “عبق” طائفي حين مس الأمر بمواقع وتعيينات انطلاقا من مشكلة المديرية العامة لأمن الدولة. ومع ان الجلسة أفضت الى تسويات لبعض الملفات المتعلقة بتعيينات ديبلوماسية وادارية، فان ذلك لم يكن كافياً لستر عري حكومة وقوى سياسية تخبط خبط عشواء بالصغيرة والكبيرة في دلالة فاضحة على التفكك الذي ضرب عراها وبقايا تماسكها. اذ ان ما اصطلح على اعتباره انهاء لأزمة النفايات مع اعطاء الضؤ الاخضر “أخيراً” للشروع من اليوم “مبدئياً” في ازالة جبال النفايات وأطنانها المتراكمة والنتشرة في الشوراع وكل الأنحاء، صاحبته موجة خلافات حادة على كل ما أثير في الجلسة بدءاً بالقضية الطارئة للقمح “المسرطن”.

وأبلغت مصادر وزارية “النهار” ان جلسة مجلس الوزراء تميّزت بشكل لافت بغضب انتاب رئيس الوزراء تمّام سلام جراء تكرار سجالات عدة بين الوزراء وقال للمتساجلين: “ما دام الأمر على هذا النحو فلا داعي لإستمرار الجلسة”. وقد أدى كلام سلام الى تراجع التشنج وذهاب الوزراء الى جدول الأعمال فأنجزوا بعد عودة الهدوء بنود الجدول الـ 144. وفي المعلومات أن القضيتيّن المتفجرتيّن اللتين طرحتا من خارج الجدول هما: جهاز أمن الدولة والقمح. ففي شأن القضية الاولى وبعد مداخلات سريعة من وزير السياحة ميشال فرعون ووزراء الكتائب، إرتأى الرئيس سلام تأجيل طرح الموضوع الى الجلسة المقبلة من داخل جدول الاعمال ريثما يعدّ تصوّر للحل. ودخل على خط النقاش وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي قال انه لا يريد طرح موضوع أمن الدولة بل سيركز على فقدان التوازن في عدد من الوزارات غامزاً من قناة وزير المال علي حسن خليل. وإستدعى هذا رداً من الأخير سائلاً عما يفعله باسيل في وزارة الخارجية وسفارات لبنان، متهماً وزير الخارجية بإنه يثير ما سماه “ذمية سياسية”. وتدخل الرئيس سلام وأعلن الموقف الذي أدى الى التهدئة.

كما شهدت الجلسة سجالاً حاداً بين وزير الاقتصاد ألان حكيم ووزير الصحة وائل ابو فاعور. فبعدما عرض حكيم نتائج الفحوص التي أجرتها الوزارة وبيّنت أن لا مواد مسرطنة في القمح، رد ابو فاعور مفنداًأقوال زميله مما أفضى الى تأجيل بت الموضوع الى وقت آخر.

وفي أحد بنود جدول الاعمال المتصل بتجديد تراخيص الاذاعات رفض وزير الاعلام رمزي جريج التجديد لإذاعة ضبية التي لا تزال تبث بإسم “صوت لبنان” على رغم الحكم القضائي الصادر على هذا الصعيد. وإنقسم الوزراء في الاراء مما إستدعى تأجيل بت البند، خصوصاً ان هناك إذاعات عدة تبث بأسماء لا صلة لها بالتراخيص المعطاة لها.

النفايات

ومن خارج جدول الاعمال أيضا طرح الرئيس سلام موضوع النفايات، فقال إنه في ضوء مشاوراته مع حزب الطاشناق تقرر إدخال تعديلات في الصياغة اللغوية على خطة طمر النفايات على أن يشرع رسمياً اليوم في تنفيذ الخطة بعد إبلاغ شركتيّ “سوكلين” و”سوكوم” بإنجاز الخطة، علماً إن الأعمال لرفع النفايات بدأت أمس في بعض المناطق.

وقد وقّع الوزراء مرسوم تعيين القضاة والديبلوماسيين الجدد نزولاً عند إلحاح وزراء حزب الكتائب وبناء على مقايضة بعدما اشترطوا التزامن مع توقيع مرسوم تعيين المراقبين في وزارة المال الذين فازوا في مباراة بمجلس الخدمة المدنية أثارت جدلاً، إذ كانت المباراة باللغة العربية في حين أن المتقدمين إليها من المسيحيين درسوها بالفرنسية والإنكليزية فلم ينجح منهم سوى 10 في المئة. في حين أن الناجحين المعينين في وزارة الخارجية يتوزعون مناصفة، وفي السلك القضائي 60 في المئة من المسيحيين و40 في المئة من المسلمين.

لكن السجال بين وزيري الصحة والاقتصاد لم يتوقف بعد الجلسة اذ اتهم الوزير حكيم زميله ابو فاعور ” بالاستخفاف بعقول الناس”، مؤكداً ان الفحوص التي اجرتها وزارة الاقتصاد على عينات من القمح بينت خلوها من أي مادة مسرطنة. وردت وزارة الصحة عليه مؤكدة بدورها ان أربع عينات اخذتها من مرفأ بيروت اثناء تفريغ كميات من القمح أجرت عليها تحاليل جاءت غير مطابقة للمواصفات وتحتوي على مادة مسرطنة. ودعا الرئيس سلام الوزراء حكيم وأبو فاعور وأكرم شهيب الى اجتماع الاثنين المقبل لبت هذه القضية.

كما لوحظ ان تبادلاً للحملات الحادة حصل مساء بين قناة ال”ان بي ان” للتلفزيون الناطقة باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري ومحطة “او تي في” الناطقة باسم “التيار الوطني الحر”. واتهمت الاولى الثانية بالتحريض الطائفي والمذهبي “وفتح الهواء بهدف تشويه الحقائق وصب الزيت على النار من خلال برنامج ساقت من خلاله “الاو تي في” ادعاءات مفادها ان الرئيس بري يعتبر ان المجلس هو له كما تضمن كلاماً طائفياً ومذهبياً يحاول النيل من وزراء لحركة امل”.

مجلس الأمن

في غضون ذلك، كرر مجلس الأمن بعد اطلاعه أمس على تقرير منسقة شؤون الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ حول تنفيذ القرار 1701 قلقه من الشغور الرئاسي المستمر منذ 21 شهراً والركود السياسي الذي تعانيه الحكومة الامر الذي يحول دون قدرة لبنان على مواجهة التحديات الامنية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية التي تواجه البلاد. ودعا الزعماء السياسيين الى التصرف بمسؤولية وانتخاب رئيس للجمهورية وناشدهم وضع أمن لبنان ومصالحه فوق الاعتبارات السياسية، كما دعا الى مواصلة الدعم الدولي للقوات المسلحة اللبنانية عبر مزيد من المساعدات لمحاربة الارهاب وحماية الحدود. وثمن المجلس أهمية النأي بالنفس الذي يعتمده لبنان حيال الازمة السورية مبديا قلقه من تأثير وجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان.

الراعي: لا ندعم مرشحاً

واسترعى انتباه أوساط مراقبة كلام للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تحدث فيه عن حملة على الكنيسة. وقال الراعي خلال جولة له على معهد القديس يوسف عينطورة: “نعلم ان هناك حملة ممولة ضد الكنيسة ولبنان الذي يعاني أزمات عدة لا تزال الكنيسة (فيه) ثابتة والغرض هو ضربها”. اما في ما يتعلق بالأزمة الرئاسية، فقال الراعي إن البطريركية: “لا تدعم ولا تزكي أي مرشح بل تدعو دائماً الى التوجه الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للبلاد”.