IMLebanon

تصعيد زاحف عشية ذكرى التحرير والفراغ حوار “المستقبل” و”حزب الله” مهدّد جدّياً

أحكمت ملامح التصعيد السياسي قبضتها على المشهد الداخلي عشية الذكرى الـ15 لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي في 25 ايار، والتي ستخترقها بقوة هذه السنة ذكرى طي سنة على بدء أزمة الفراغ الرئاسي وقد تطغى عليها. ذلك ان مجمل التحركات السياسية الكثيفة التي شهدها الاسبوع الجاري، ولا سيما منها جولة وفود “التيار الوطني الحر” على القيادات السياسية والكتل النيابية، لم تفض الى وقائع من شأنها أن تبدّل أي شيء في الواقع المأزوم لأزمة الفراغ الرئاسي، وإن يكن يسجل لهذه الحركة انها أعادت إحياء شيء من النقاش الداخلي حول الظروف الجامدة للازمة وامكان تطوير الانفتاح الذي ساد اللقاءات بين الوفود العونية والقيادات الى مرحلة أكثر تعمقا في محاولة فتح الافق المسدود.

كما ان المناخ الآخر المتصل بالتصعيد الاعلامي والسياسي المتجدد بعنف بالغ بين “حزب الله ” و”تيار المستقبل” بات في رأي أوساط سياسية معنية يرسم أشد علامات القلق على المرحلة المقبلة خصوصا ان هذا التصعيد يرتبط بعاملين من شأنهما ان يؤثرا سلبا على استمرار الحوار بين الفريقين الذي انطلق بينهما في 5 كانون الثاني الماضي ويهدده جديا هذه المرة.

العامل الاول يتعلق بموضوع عرسال الذي تقول الاوساط ان ثمة معطيات تشير الى ان “حزب الله” لن يتراجع عن الالحاح على طرحه في مجلس الوزراء مدعوما من حليفه “التيار الوطني الحر” كما من قوى 8 آذار كلها التي يبدو انها بدأت عملية استدراك لموقفها “البارد” في الفترة السابقة من هذا الموضوع، بما يعني ان مجمل هذه القوى لن تترك الغطاء العوني لـ”حزب الله” منفردا في موضوع الدفع نحو تغطية حكومية لمسار عسكري جديد في جرود عرسال، خلافا لما يتمسك به أفرقاء 14 آذار والمستقلون في الحكومة. وهو أمر ينذر بتعريض الحكومة لهزة حادة، لان المعارضين لتوريط الجيش في ما يتجاوز الدور الدفاعي الصارم الذي يقوم به والذي تتبعه قيادة الجيش لا يبدون اي تساهل حيال أي محاولة لتبديل هذه الاستراتيجية العسكرية بقرار سياسي مغاير.

أما العامل الثاني المهدد لحوار “حزب الله” و”تيار المستقبل” فبرز من خلال التداعيات الحادة التي أثارها كلام رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد متضمنا ما اعتبر تهديدا لوزير العدل اللواء أشرف ريفي والامين العام لـ”تيار المستقبل” احمد الحريري. وكان آخر فصول هذه التداعيات البيان الذي أصدرته امس “كتلة المستقبل” النيابية، معتبرة ان هذا الكلام “يضرب عرض الحائط كل المواثيق والاعراف والتقاليد التي عاش عليها لبنان”. وقالت ان “هذا التهديد الذي يشكل اعتداء على السلم الاهلي هو الوجه الآخر لحركات التشدد والتطرف والارهاب التي تتفشى في المنطقة بسبب الطريقة التي تتصرف بها ايران وتملي على التابعين لها التصرف على أساسها”. وبعدما حمّلت “حزب الله” مسؤولية “ما قد يتعرض له الامين العام لـ”تيار المستقبل” ووزير العدل، شددت على ان “حساب “حزب الله” سيأتي في ما بعد مع الشعب اللبناني والطائفة الشيعية الكريمة بوجه خاص التي يورطها الحزب في عداوات مع اللبنانيين وشعوب المنطقة العربية”.

وقالت الاوساط المطلعة لـ”النهار” ان الامر المثير للاستغراب يتمثل في ان الاندفاع التصعيدي للحزب يشكل انتهاكا واضحا للبند الاساسي الذي استند اليه حوار عين التينة في جولاته الـ12 التي عقدت حتى الآن والمرتكز على موضوع تخفيف الاحتقان السني – الشيعي بما يثير شكوكا عميقة في حقيقة نياته والتزاماته لاستمرار الحوار والحؤول دون انهياره.

في المقابل، لوحظ ان محطة تلفزيون “أو تي في” الناطقة باسم “التيار الوطني الحر” بثت امس معلومات عن لقاء عقد مساء الخميس بين العماد ميشال عون ومستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري. وقالت إن خوري نقل عرضا لعون حاول فيه الجمع بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية في سلة واحدة على قاعدة ان قيادة الجيش ليست مركزا اداريا بل سياسي بامتياز وان الاتفاق عليه لا يتم الا من خلال رزمة او ما يشبه معادلة نبحث في قيادة الجيش مقابل تخليكم عن الرئاسة كما أوردت المحطة. وأشارت الى ان عون رفض الخوض في العرض.

وعلمت “النهار” أن النواب المسيحيين في “كتلة المستقبل” تبلغوا موعدا لزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر الثلثاء المقبل للإعراب عن موقف يشدد على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي الذي مضت عليه سنة.

اللقاء التشاوري

كما علمت “النهار” أن “اللقاء التشاوري” الذي يضم وزراء الكتائب الثلاثة ووزراء كتلة الرئيس ميشال سليمان الثلاثة والوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون سينعقد في وقت قريب جداً لمتابعة قضايا الموازنة العامة والقلمون والشغور الرئاسي وغيرها من أجل توحيد الرؤية في شأنها والتعامل معها في مجلس الوزراء. وكان اللقاء الذي انبثق في آذار الماضي على خلفية النقاش في موضوع آلية عمل الحكومة تقرر أن يبقى جاهزا لمتابعة القضايا المهمة في حينها.

سلام والحريري

في غضون ذلك، استنكر كل من رئيس الوزراء تمام سلام والرئيس سعد الحريري حادث التفجير الذي تعرض له أحد المساجد في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.

وقال الرئيس سلام: “ان الجريمة الوحشية التي تعرض لها مصلون أبرياء انما تدل على عقل اجرامي أسود لا يقيم وزناَ للحرمات ولا صلة له بالاسلام والمسلمين ويهدف الى القتل المجاني بغرض ايقاع الفتنة السوداء بين ابناء البلد الواحد” . وأضاف: “اننا واثقون من ان القيادة السعودية ستتعامل بما هو معروف عنها من حكمة وحزم مع هذه الجريمة النكراء ومن يقف وراءها بما يحفظ أمن بلاد الحرمين الشريفين ووحدة ابنائها”.

ورأى الحريري “ان هذا الاعتداء الاجرامي مكشوف بأهدافه ونياته، لأنه حلقة في سلسلة خبيثة ترمي الى اثارة الفتنة بين أبناء المملكة، وتهديد الاستقرار الذي سيبقى، بإذن الله، علامة فارقة من علامات القوة والوحدة والتماسك الوطني حول الدولة السعودية وقيادتها”. وقال “إن الملاذ الذي تمثله السعودية في هذه المرحلة من حياة المنطقة، هو هدف لكل المتضررين من دورها ومكانتها، وهي التي تتقدم الصفوف في محاربة الارهاب والفتن، وتتصدى بأرواح شبابها وابنائها لمشروع الاستيلاء الإيراني على القرار العربي. وأقل ما يمكن ان يقال في التفجير الذي وقع في منطقة القطيف، انه يؤدي خدمة مباشرة لأولئك المتضررين ويتقاطع مع الميليشيات الحوثية وسائر الميليشيات التي تعمل في خدمة ايران، في تقديم الخدمات المجانية لمشاريع الهيمنة الخارجية واثارة الفتن في البلدان العربية”.