IMLebanon

سجناء تدمر” قنبلة دعائية تفجّر الشكوك فضيحة مالية تُسابق عرسال في مجلس الوزراء   

إذا كان المشهد الداخلي اتسم أمس بتداخل كبير للملفات السياسية والامنية الخلافية والتي بالكاد تمكن مجلس الوزراء من تجاوز انقسامه حيال أبرزها ولا سيما منها موضوع عرسال وجرودها، فان ذلك لم يحجب “قنبلة” صادمة لا أحد يدري الجهة أو الجهات التي فجّرتها قبل التثبت من الحقيقة المتصلة بها. هذه الصدمة تتعلق بموجة “المعلومات” التي وزّعت أمس بطريقة شديدة الالتباس عن إفراج مزعوم عن 27 سجيناً ومعتقلاً لبنانياً منذ أكثر من 35 سنة في سجن تدمر المركزي بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة السورية الاثرية وان بين هؤلاء خمسة “نصارى”. وسرت الأنباء عن هذا التطوّر المزعوم قبل التثبّت من حقيقته سريان النار في الهشيم محدثة ذهولاً واسعاً وخصوصاً في صفوف أهالي المعتقلين في السجون السورية قبل ان تبدأ الموجة بالتراجع في ظل ارتسام شكوك عميقة في صحة الخبر وإعلان الجهات المعنية من جمعيات تعنى بملف المعتقلين والمخطوفين أو منظمات حقوق الانسان فضلا عن وزارة الداخلية أن أي معلومات ذات صدقية في هذا السياق لم تتبلغها أي جهة معنية رسمية داخلية أو خارجية. ولعل ما عمق هذه الشكوك في الخبر ان معلومات ترددت عن اخلاء قوات النظام السوري سجن تدمر قبل أيام من انسحابها من المدينة، كما ان الجهات المعنية بملف المعتقلين تملك معلومات نقل المعتقلين منذ زمن بعيد من هذا السجن الى مكان معتقل آخر. وقد طالبت هذه الجهات المراجع الرسمية بتحريك المساعي الاقليمية والدولية اللازمة لجلاء صحة ما تردد من معلومات وشائعات في هذا الصدد.

في غضون ذلك، حال رئيس الوزراء تمام سلام لليوم التالي دون طرح ملف عرسال على مجلس الوزراء في ظل اصرار وزراء “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” على طرحه في ما يعتبره وزراء قوى 14 آذار والمستقلون محاولة لاستدراج قرار حكومي مغاير للاستراتيجية العسكرية التي يتبعها الجيش في مواجهة التطورات الميدانية الحاصلة حالياً في معركة القلمون. وقد برز حذر الرئيس سلام من هذه الاتجاهات بتأكيده أمس رداً على اثارة الوزير الياس بو صعب موضوع دور الجيش في جرود عرسال ان “الجيش يقوم بواجباته وطرح الموضوع يحتاج الى تقارير امنية وعندما تجهز يمكن طرحه”. كما ان نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل أكد ان الجيش يقفل الحدود من عرسال الى رأس بعلبك واذا طلب منه أكثر من ذلك فانه يتبع السلطة السياسية، وقال انه سيعرض على مجلس الوزراء عقد اجتماع في اللبوة “لمعرفة كيف يتصرف الجيش وماذا يفعل”.

وفي موازاة هذا النقاش، انفجرت في الجلسة فضيحة قانونية مالية تمثلت في اثارة قضية نزاع بين الدولة وشركة طيران خاصة كانت وزارة الاشغال طلبت عام 2009 من المديرية العامة للطيران المدني إلغاء رخصتي ملاحة لها. وتبين ان هذه الشركة أقامت دعوى امام مجلس شورى الدولة فأبطل قراري الغاء الترخيص، وتطالب الشركة بناء على ذلك بتعويض للربح الفائت يقدر بملياري دولار وباتت الدولة أمام خيارين: إما ان تدفع المبلغ الكبير واما ان تلجأ الى التحكيم الدولي وفي كلا الحالين سيترتب عليها ان تدفع مبالغ طائلة لا تقل عن 180 مليون دولار. واثارت القضية جدلاً واتهامات داخل الجلسة وقرر مجلس الوزراء في النتيجة التفاوض واجراء محاولة أخيرة مع الشركة للتسوية قبل التحكيم.

الحريري

غير أن موضوع عرسال الذي يبدو كأنه ينذر باثارة عاصفة سياسية واسعة لم يقف عند حدود التأجيل المتكرر في مجلس الوزراء اذ ان الرئيس سعد الحريري حمل بعنف امس على “حزب الله” معتبراً ان “عرسال ليست مكسراً لعصيان الحزب على الاجماع الوطني”. وشدد على أن “كل المحاولات لزج الجيش في معارك يحدد زمانها ومكانها حزب الله لن تمر ولن نسكت عنها”، مضيفاً: “قبل ان يتوجهوا الى عرسال بأي سؤال ليسألوا انفسهم ماذا يفعلون في القلمون”.

كما ان السخونة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” اتخذت بعداً اضافياً مع الاصداء الحادة التي اثارها تصريح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أول من أمس متوعداً الامين العام لـ”تيار المستقبل” بقوله “حسابه بعدين”. وأوضح المنسق العام للإعلام المركزي في “المستقبل” عبد السلام موسى لـ”النهار” أن كلام رعد “يؤخذ على محمل الرد ولا يمكن التعامل معه على أنه مزحة”، رابطاً “خطورة كلام رعد باغتيالات سابقة ارتبطت بحزب الله”، وواصفاً هذا الكلام بأنه “تهديد علني مباشر من رئيس كتلة نواب حزب الله ومسؤول قيادي في حزب عناصره متهمون باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.

25 أيار

الى ذلك أبلغت مصادر وزارية “النهار” أن يوم 25 أيار الذي يحتفل به لبنان عيدا للتحرير سيكون يوماً لإحياء ذكرى الشغور الرئاسي، متوقعة تحركات سياسية في هذا الاطار في مقدمها لقاء يجمع الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان. وكان الرئيس الجميّل زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وأبلغه قراره عدم الترشح مجدداً لرئاسة حزب الكتائب اللبنانية. وكانت مناسبة للبحث في الاستحقاق الرئاسي وسط معطيات عن الدوران في حلقة مفرغة في الاستحقاق والمبادرات. وفي هذا المجال اقترحت المصادر مبادرة النواب الذين ينزلون الى مجلس النواب لإنتخاب الرئيس بالتوجه في 25 أيار الجاري الاثنين المقبل، الى بكركي لتكوين مشهد ضاغط في اتجاه الحث على إنجاز الاستحقاق.

ولوحظ في هذا السياق ان الرئيس الجميل والرئيس سليمان ركّزا في مواقفهما أمس على التحذير من خطورة تمادي الفراغ الرئاسي بما يؤدي الى مؤتمر تأسيسي. وقال الجميل ان “أخشى ما اخشاه اذا استمر الوضع على ما هو ان يدفع ذلك الى المؤتمر التأسيسي وكل المغامرات”. كما ان الرئيس سليمان الذي رأس “لقاء الجمهورية” شدد على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية “بدلا من التسويق للمؤتمر التأسيسي المزعوم او السعي الى أي شكل من أشكال التقسيم او مبادرات وبدع او هرطقات دستورية”.

وفي موضوع التعيينات للمواقع القيادية الأمنية علمت “النهار” من مرجع رسمي أن رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون تبلغ موقف “تيار المستقبل” عبر رسالة شفوية نقلها إليه موفد للرئيس الحريري، فحواها أنه لم يعارض دقيقة واحدة تعيين العميد شامل روكز في القيادة العسكرية، لكنه قطعاً لن يقبل بتعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لأن من حق الرئيس العتيد – أياً يكن هذا الرئيس – أن يكون له رأي في هذا الموضوع ولا يُفرض عليه سلفاً.