IMLebanon

مقاطعة عونية “أولية ” لمجلس الوزراء ماذا بعد هجوم المشنوق على “السرايا”؟

ليس خافياً ان ثمة مناخات تصعيدية عادت تظلل المشهد السياسي الداخلي وتبدو بمثابة “مقبلات ” تمهيدية لاستحقاقات أيلول المفصلية ولا سيما منها المحطة الحوارية المقبلة التي ستعني الكثير بالنسبة الى رسم الخط البياني للأزمة السياسية بشقيها الرئيسيين المتصلين بمسألة الفراغ الرئاسي وبقانون الانتخاب. ذلك ان ملامح التسخين السياسي التي برزت في الايام الاخيرة، وكان آخر حلقاتها الحديث التلفزيوني للامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله مساء الجمعة بنبرة حادة حيال “تيار المستقبل” بعيد تفجير وزير الداخلية نهاد المشنوق قنبلته التي أثار فيها موضوع “سرايا المقاومة” ناعتاً اياها بـ”سرايا الفتنة والاحتلال”ـ لفحت المشهد السياسي برياح حارة بات يصعب معها استبعاد تأثيراتها القريبة المدى على المحطات الحوارية الآتية سواء في ما يتصل بالحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” أم في ما يتصل بالاستحقاقات الاكبر لجهة الازمة الرئاسية الموصومة بالانسداد. ولم يكن ينقص هذه اللوحة عنصر تصعيدي اضافي جديد، فاذا به يطل عبر تلويح “التيار الوطني الحر” بخطوات تصعيدية في المقلب الحكومي من زاوية ترجمة اعتراضه على التمديد للقيادات العسكرية في الجيش عقب صدور قرار وزير الدفاع سمير مقبل السبت بتأجيل تسريح الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير.

هل يقاطع فعلاً وزيرا “التيار الوطني الحر” جبران باسيل والياس أبو صعب جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل كما لمح نواب ومسؤولون في “التيار” في الايام الاخيرة؟

مصدر في “تكتل التغيير والاصلاح” أبلغ”النهار” مساء امس ان ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي فتح الباب أمام اهتزاز عمل الحكومة، وثمة تالياً اتجاه الى مقاطعة وزيري “التيار” جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، مرجحاً ان ينضم وزير حزب الطاشناق اليهما، علماً ان القرار النهائي في هذا الصدد سيتخذ في اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح” غداً الثلثاء. لكن المصدر سارع الى التوضيح ان هذه الخطوة لا تعني اعتكافاً ولا استقالة من الحكومة بل هي “جرس انذار للجميع” كما قال، مشيراً الى ان الجو سيتدرج تصعيداً “وهي مناسبة لنقول اننا موجودون واستعادة الدور تبدأ باستعادة دور المؤسسات التي نحن شركاء فيها”. وفيما رفض المصدر تحديد طبيعة الخطوات التصعيدية المقبلة، أكد ان “اي تحرك شعبي لن يكون الا من باب ان يمسك الشعب بقراره وفي مواقيته”. وأضاف ان ما حصل في موضوع تأجيل تسريح الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع بالاضافة الى موضوع الاستحقاق الرئاسي الذي تفيد معطيات ان بشائره قد تأجلت الى اوان غير محدد يعنيان انه من الطبيعي ان يتم التصعيد في صورة متدرجة في انتظار جلسة الخامس من أيلول الحوارية وجلسة 7 ايلول المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية “اذا كانت لا طعم لها ولا لون ولا أفق منظورا لها كسابقاتها”.

في أي حال، علمت “النهار” ان موضوع التعيينات العسكرية سيغيب عن الجلسة العادية لمجلس الوزراء الخميس. وفي تقدير مصادر وزارية في هذا الاطار انه من المستبعد حصول تشنجات تهدد إستمرار الحكومة إنطلاقاً من مصالح “التيار الوطني الحر” في الحكومة وكذلك إنطلاقا من المواقف الاخيرة للسيد نصرالله من حيث دعوته الى تفعيل العمل الحكومي. ولفتت الى ان الاهتمام الداخلي منصب على متابعة التطورات الاقليمية وخصوصاً اللقاء الذي سيعقد هذا الاسبوع في جنيف بين وزيريّ الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف ويستمر يوميّن والذي ينتظر أن يكون موضوع لبنان مطروحاً فيه من زاوية الحرص على عدم إمتداد الارهاب الى هذا البلد.

بري

ولا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري يعرب عن اطمئنانه الى الحكومة وعدم انفراط عقدها على رغم كل ما تعانيه. وهو يردد امام زواره انها حكومة مستقيلة وتسير أوضاعها بصعوبة على رغم كل الجهود التي يبذلها الرئيس تمام سلام. ولم يتوقع بري حصول استقالات في صفوفها وخصوصاً بعد اعتراض وزيري “تكتل التغيير والاصلاح” على عدم السير بالتعيينات الامنية.

وسئل عن تأثير السجالات الاخيرة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، فأجاب: “أمام الطرفين طريق واحدة بعد هذا السجال: التصادم أو التوافق ومتابعة حوارهما”.

من جهة أخرى، شدد بري على أهمية السلة التي قدمها على طاولة الحوار وان “لا حل لازمتنا الا عبرها ومهما حصلت تطورات في الخارج ومهما جاء منه”. وقيل له إن ثمة من يعول على تقديمك طرحا جديداُ في ذكرى الامام موسى الصدر في 31 من الجاري، فأجاب: “لا جديد في الافق وهل تحولت ماكينة لتوليد الحلول؟. على الجميع ان يعوا خطورة ما ينتظرنا من أوضاع اقتصادية ومالية صعبة بح صوت وزير المال علي حسن خليل من هذا الامر ولا نلمس الاهتمام المطلوب بهذه القضية عند الكثيرين”.

المشنوق

أما بالنسبة الى موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الاخير في الشبانية مما يعرف ب”سرايا المقاومة”، فأخذ ابعاداً سياسية متنوعة عزته أوساط قريبة من الوزير الى أكثر من سبب:

أولاً: المناسبة وهي تكريم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والحضور البيروتي المميز والمتعدد الديني والسياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي الذي شارك فيه والذي استجاب ورحب بكلام المشنوق.

ثانياً: حرص المفتي دريان، في كلمته التي اعقبت كلمة وزير الداخلية، على الاشادة ثلاث مرات بالمشنوق معتبرأ انه بمواقفه يعبر عن “وجدان وضمير كل واحد موجود بيننا… وهويتكلم باسم الحضور جميعاً”.

ثالثاً: توقيت كلام المشنوق بعد كل التسريبات عن النقاشات الداخلية في “تيار المستقبل” المتعلقة برئاسة الجمهورية والخيارات المطروحة وتميز مواقف المشنوق حيال هذا الموضوع واعتبار البعض إياه انه قريب من العماد ميشال عون من جهة ومتمسك بالحوار مع “حزب الله” من جهة اخرى.

رابعاً: رغبة المشنوق في وضع “بعض النقاط على بعض الحروف”. ولا تخفي أوساط الوزير انفعاله من مضمون ما جاء على لسان أحد كوادر “سرايا المقاومة” واستغرابه للكلام الذي لا يخلو من الاثارة والاستفزاز وقت يحاول هو والقريبون من الرئيس سعد الحريري ابقاء شعرة معاوية من خلال الاستمرار في الحوار من أجل درء الفتنة ومحاولة الحد من التشنج وابقاء القنوات مفتوحة لايجاد مخارج من حال الجمود السياسي الذي يحمل في طياته مخاطر امنية واقتصادية كبيرة.

خامساً: محاولات الحشر و الاستفزاز المستمرة التي قد تدفع هذه المجموعة وفي مقدمها المشنوق الى التخلي عن صبرها انطلاقاً من لكل شي ء حدوداً وان الانفتاح على التسوية يجب عدم تفسيره ضعفاً أو استسلاماً وتالياً الاقدام على كسر حال الانتظار والذهاب الى اتخاذ قرارات حاسمة والخيارات فيها مفتوحة حكومةً وحوارأ ثنائياً كان أم جامعاً.