IMLebanon

عشاء بنشعي يبرّد “حمى الأربعاء” ولا يبدّدها

اذا كانت “حمى الأربعاء” فعلت ما فعلته في الساعات الأخيرة فأقامت الدنيا ولم تقعدها في موجة رهانات وتقديرات وتوقعات استباقية لم يسبق لها مثيل في كل فصول أزمة الفراغ الرئاسي، فكيف لو مر الموعد “المتوهج” غداً ولم ينتخب لا العماد ميشال عون ولا سواه رئيسا للجمهورية؟

الحال ان ما جرى أمس، والذي يتوقع استتباعه في الساعات المقبلة امتداداً الى موعد الجلسة الـ45 لمجلس النواب غدا لانتخاب رئيس للجمهورية، تجاوز كل المألوف والمعتاد مما كان يسبق بعض المحطات السابقة. اكتسب التوهج الاعلامي الذي تسابقت معه مواقع اخبارية الى زيادة حمى التوقعات بعداً استثنائياً بدا من خلاله بوضوح ان عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت قبل يومين اشعلت لدى الاوساط العونية وبعضها الآخر حمى الرهانات الى ذروة غير مسبوقة على “استدارة” حريرية تحمل رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد عون الى قصر بعبدا ربطاً بعودة الحريري قبل أيام قليلة من موعد جلسة غد.

وقبل ان “يباغت” الرئيس الحريري الجميع مساء بزيارته لبنشعي التي زادت بطابعها المفاجئ بل المباغت توهج المناخ السياسي والاعلامي، كانت الأجواء بلغت درجة فائقة من البلبلة بفعل ستار الصمت والكتمان والغموض الذي ضرب حول أي تحرك محتمل في “بيت الوسط ” الذي لم يعلن عن اي أستقبال شهده علناً، فيما علم ان لقاء عقد أمس بين الرئيس الحريري والرئيس فؤاد السنيورة. هذا السكون في “بيت الوسط” سرعان ما خرقه وصول الرئيس الحريري مساء الى بنشعي يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري والوزير السابق الدكتور غطاس خوري وعقد لقاء مع النائب سليمان فرنجية في حضور وزير الثقافة روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة وطوني سليمان فرنجية ويوسف فنيانوس اعقبه عشاء. وصدر على الاثر بيان مقتضب جاء فيه: “لبى الرئيس سعد الحريري دعوة رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه الى منزله في بنشعي، وقد تركز البحث على الاستحقاق الرئاسي وكل السبل الآيلة الى ضرورة احقاقه، حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر، واتفق الجانبان على ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع كل القوى السياسية في سبيل انتخاب رئيس جمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية”.

وبدا واضحاً من المعطيات المتوافرة لدى “النهار” من مصادر وثيقة الصلة بلقاء بنشعي ان الرئيس الحريري اطلق محركات المشاورات السياسية مع مختلف الافرقاء السياسيين سعيا الى مناخ جديد يهدف الى كسر الجمود المتحكم بالازمة الامر الذي من شأنه تبريد “حمى الاربعاء” من دون تبديدها تماماً. وقالت المصادر لـ”النهار” ان الرئيس الحريري بدأ هذه المشاورات بحليفه النائب فرنجية وسيستكملها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وسائر القيادات. واذ استرعى الانتباه ان المصادر نفسها لم تنف امكان ان تشمل حركة الرئيس الحريري لاحقا العماد عون اوضحت ان زيارة الرئيس الحريري لبنشعي “لم تكن لابلاغه قرارات كما تردد بل نحن نتشاور حول ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي وتوسيع رقعة المشاورات مع الجميع”. وأكدت ان فرنجية “حليف ومسؤول مثلنا والجو معه كان جيداً”. وشددت على انه “لم يعد ممكنا ان تبقى الامور على حالها ولا بد من البحث في كل الاتجاهات”.

في أي حال، بدت الأجواء المتصلة بالبيت “المستقبلي” سلبية حيال الانفتاح على خيار عون الى حدود قيل معها إن معادلة “إما نحن وإما عون” ترددت على السنة نواب في كتلة “المستقبل” خلال تداول كل الخيارات الممكنة لاختراق الازمة الرئاسية. لكن الكتلة بدت واثقة من ان الرئيس الحريري يزن الامور “بدقة الجوهرجي” كما قال مصدر بارز فيها لـ”النهار” مع اشارته الى ان معظم الخيارات تبدو صعبة ولا يمكن ان ترمى الكرة في ملعب الرئيس الحريري وتيار “المستقبل”.

وعلى رغم كل هذه الاجواء الملبدة بدت الرابية في مناخ ارتياح مع ترداد كلام عن تلقيها اشارات ايجابية في الساعات الاخيرة من دون الحديث عن حسم ما اذا كان النصاب سيتوافر غداً أو في الجلسة التي ستليهاً علما ان الرابية ترصد بدقة البيان الذي سيصدر اليوم عن اجتماع كتلة “المستقبل” على أمل تبين علامات انفتاح على عون.

لا جلسة حكومية؟

الى ذلك بدا من المؤشرات المتصلة بالمأزق الحكومي ان ثمة استبعاداً لدعوة رئيس الوزراء تمام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس. وعلم في هذا السياق ان الرئيس سلام لا يزال يلتزم التريث في توجيه الدعوة الى جلسة هذا الاسبوع افساحاً لمزيد من المشاورات وسط ترجيح عدم توجيه الدعوة لترك الباب مفتوحاً لعودة وزراء “تكتل التغيير والاصلاح” عن مقاطعة الجلسات. كما فهم ان الرئيس بري ابلغ الرئيس سلام تمنيه عدم توجيه دعوة الى جلسة هذا الاسبوع.

قزي

وأبلغ وزير العمل سجعان قزي “النهار” انه لن يحضر جلسة مجلس الوزراء الخميس اذا وجهت الدعوة اليها “حرصاً على كرامة مجلس الوزراء، اذ لا يجوز للوزراء الذين صمدوا حفاظاً على الحكومة أي الشرعية الباقية ان يعيشوا على وتيرة “يدعو او لا يدعو” الرئيس سلام الى الجلسة و”يحضر أو لا يحضر” “التيار الوطني الحر” و”يحضر او لا يحضر “حزب الله”.