IMLebanon

بدأ العد العكسي: شهر الحسم لخيار عون

بصرف النظر عن الاجتهادات والتفسيرات التي اطلقت حيال ترحيل الجلسة الـ 46 لانتخاب رئيس للجمهورية الى 31 تشرين الاول المقبل وما يمكن ان تكتسبه من دلالات ورسائل، فان ذلك لم يحجب واقعا سياسيا “سقط ” بقوة ثقيلة على مجمل المشهد السياسي الداخلي وحرك فيه حيوية فائقة السخونة. يمكن القول بلا تردد عقب التطورات المتلاحقة الناشئة عن ادارة المحركات الحريرية في شتى الاتجاهات ان مهلة الشهر المحددة للجلسة الـ46 ستكون بمثابة مهلة مصيرية تماما لما يمكن تسميته “خيار عون ” الذي وضع في شكل واضح في مقدم الخيارات التي تشكل صلب حركة المشاورات الجارية بحيث بدأ مع انضمام الجلسة الـ45 أمس الى سابقاتها في مسلسل الاخفاق في انتخاب رئيس للجمهورية العد العكسي للجلسة المقبلة كأنها جلسة حسم أزمة الفراغ سلبا او ايجابا وأيا تكن التطورات المحتملة التي ستفصل عن نهاية هذا العد التنازلي. واذا كان صحيحاً ان مهلة شهر تشرين الاول بكامله لا تعتبر نهائية اذ يمكن رئيس مجلس النواب نبيه بري ان يقرب الموعد في أي لحظة تكتمل فيها “صفقة ” التفاهمات التي يدأب على التذكير بها ممراً الزامياً لانتخاب رئيس للجمهورية كما فعل أمس أمام النواب، فان الصحيح أيضاً ان ثمة أوساطاً كثيرة معنية رأت ان تحديد بري موعد 31 تشرين الاول للجلسة المقبلة ينطوي على رسائل مخففة من غلواء التوهج السياسي كأنه يستشرف طريقًا شاقاً أمام الحريري وأمام خيار انتخاب العماد ميشال عون من جهة ويوحي تاليا بان مهلة الشهر كافية لاتاحة الفرصة أمام “سلة التفاهمات” التي يطرحها والتي ينتظر ان تشكل جوهر لقائه الوشيك مع الحريري.

وفي أي حال لم تأت الجلسة الـ45 لانتخاب رئيس للجمهورية والتي حضرها 51 نائباً منزوعة العصب هذه المرة كسابقاتها. بل اتسمت بحرارة لافتة عكست الى حد بعيد المناخ السياسي الناشئ وتميزت بترجمة “استنفار ” برز بقوة لدى كتلة “تيار المردة ” التي اطلقت مع هذه الجلسة ما يبدو انه طلائع رد واسع على طرح خيار المنافس الاول والوحيد للنائب سليمان فرنجية في السباق الى قصر بعبدا. ودخل عضو كتلة “المردة” النائب اسطفان الدويهي مكلفا من النائب فرنجية قاعة الجلسات مع النواب الذين دأبوا على الحضور ليكسر أول حاجز أمام مقاطعة كتلته للجلسات في رسالة سياسية واضحة برسم الحلفاء والخصوم. ثم اكمل الدويهي مهمته بتلاوة بيان شدد فيه على الاستمرار في ترشيح فرنجية مؤكداً أيضاً ان زعيم “المردة ” لا يزال مرشح الرئيس الحريري. أما ذروة هذا الاستنفار فجاءت من خلال “التغريدة ” الحادة للنائب فرنجية التي عاد عبرها الى الحقبة الاولى في المسار السياسي للعماد عون فكتب عبر “تويتر”: “اذا اتفق سعد الحريري مع عون وسماه لرئاسة الجمهورية فسيحصد النتيجة نفسها التي حصدها الرئيس (امين) الجميل عندما سمى عون رئيسا للحكومة عام 1988”. وعكست مداخلة لاذعة اخرى لرئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون في مجلس النواب دعا فيها الى ابراز “شهادة طبية للمرشح الرئاسي الذي يبلغ الثمانين من العمر” مزيدا من التوهج السياسي في صفوف مناهضي “خيار عون”، في حين ان النائب جورج عدوان أطل بالموقف “القواتي” الاول المنوه بتحرك الحريري.

في غضون ذلك، مضى الحريري في تحركه، فالتقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في البيت المركزي للحزب في الصيفي، ثم انتقل الى دارة الرئيس امين الجميل في بكفيا. ومساء كان لقاء في “بيت الوسط” بين الحريري ورئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب وليد جنبلاط والوزير وائل ابو فاعور واستكمل البحث الى مائدة العشاء.

وأكدت مصادر سياسية واكبت تحرك الرئيس الحريري لـ”النهار “أنه لم يبلغ من التقاهم من السياسيين اتخاذه قراراً بدعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، بل أوضح لهم عزمه على السير إلى الآخر في محاولة للتوصل إلى حل لأزمة الفراغ الرئاسي”.

وركزت مصادر أخرى على أن الحريري لم يحسم خياره بعد، لكنه منفتح على كل الخيارات بما فيها دعم ترشيح عون، وهذا الاحتمال وارد عملياً. وأضافت أن عملية التفاوض مع “الجنرال” جارية، لكنها لا تزال في أول الطريق، ويُمكن أن تبرز عراقيل داخلية وخارجية وتحول في نهاية الأمر دون الوصول إلى خاتمة إيجابية بالنسبة إلى عون، خصوصاً أن من الأمور المطروحة عليه ما يشبه إعادة تموضع سياسية وتقديم ضمانات قد لا يكون القرار في شأنها في يده.

وتقاطعت هذه المعلومات مع تأكيد قيادي من حزب الكتائب لـ”النهار” أن زيارة الرئيس الحريري للصيفي وبكفيا لم تكن من أجل تسويق قرار بدعم عون، وقد سمع من المسؤولين الكتائبيين الموقف التقليدي وهو أن الحزب يعارض أي مرشح لا يحمل مشروعاً سيادياً وطنياً، سواء أكان العماد عون أم غيره، وهذا الموقف ليس شخصياً.

التمديد المزدوج

في سياق آخر، وفيما لم يدع مجلس الوزراء الى جلسته الاسبوعية اليوم، من المتوقع ان يعلن نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل في مؤتمر صحافي يعقد ظهر اليوم قرارين يتناول الاول تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي سنة اضافية، فيما يتناول الثاني استدعاء رئيس الاركان اللواء وليد سلمان من الاحتياط كضابط برتبة لواء نظراً الى عدم تعيين رئيس جديد للاركان مع انتهاء مدة خدمته وقبل ساعات من احالته على التقاعد منتصف الليل.