IMLebanon

تشريع يُطلق القمقم الاجتماعي المحتقن

فتحت الجلسة التشريعية الأولى لمجلس النواب ضمن العقد الاستثنائي الحالي قمقم الابعاد الاجتماعية والمطلبية لأزمات تراكمت طويلاً بفعل تهميش متماد من جهة واشتباك دائم بين وجهي الانفاق المالي الرسمي والمتطلبات الحيوية المطلبية من جهة أخرى. وبدا انعكاس هذا الاشتباك واضحاً في انعقاد الجلسة التشريعية في يومها الثاني أمس على وقع سلسلة اعتصامات متلاحقة لفئتين معنيتين بالبنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة وهما المتعاقدون في وزارة الاعلام وقدامى المستأجرين، علماً ان الملفين الخاصين بهاتين الفئتين يتسمان بتراكم مزمن زاده تعقيداً وتهميشاً الانقطاع الطويل في النشاط التشريعي لمجلس النواب. واذا كانت انطلاقة المجلس مجدداً في معالجة القضايا ذات الطابع الاجتماعي والمطلبي تعد مؤشراً ايجابياً من شأنه بدء وضع حد لتفاقم تداعيات ملفات حساسة وحيوية مثل قانون الايجارات، فإن ذلك لم يحجب التعقيدات التي يمكن ان تنشأ عن حسابات الحكومة والدولة والتشريع المكيف مع المتطلبات المالية والسقوف المطلبية التي لا تكفيها هذه المتطلبات، وبرز هذا الاشتباك في حركة الاعتصامات التي واكبت الجلسة والتي رفعت أسبوعاً الى الخميس المقبل قبل ان تفرغ من درس كل جدول أعمالها.

متعاقدو الاعلام
ولم تمرّ بسهولة إعادة مشروع إفادة المتعاقدين في الوزارات الى الحكومة لدرسه، فاعتصم المتعاقدون في “الوكالة الوطنية للاعلام” و”إذاعة لبنان” ومديرية الدراسات ومصلحة الديوان أمام مبنى اللعازارية قرب مجلس النواب، وتوقف البث في الوكالة والإذاعة طوال النهار، وأصدر العاملون في وزارة الإعلام بياناً تلته مديرة الوكالة لور سليمان، طالبوا فيه مجلس النواب بإعادة درس الموضوع وبته سريعاً لأنه لا يكلف الخزينة أي أعباء إضافية، وهو حق لهم وُعدوا به منذ سنين. وعلم أن رئيس الوزراء سعد الحريري الذي طلب تأجيل بت الموضوع شهراً، تسلّم ثلاثة تقارير عن كلفته تباينت أرقامها، مما أثار حفيظته أكثر.
وكان لافتاً أن وزير الاعلام ملحم الرياشي برز كداعم أساسي للمشروع، وأكد أكثر من مرة أنه سيبلغ خواتيمه السعيدة. لكنه لم يحضر جلسة المساء، إذ كان يحاضر والنائب ابرهيم كنعان في الكسليك في ذكرى “تفاهم معراب”. ولمّح وزير المال علي حسن خليل الى إمكان فصل مشروع متعاقدي الاعلام عن سائر المتعاقدين في الادارات وإقراره سريعاً، على أن يُبحث لاحقاً في إنصاف الآخرين. وتعاود اليوم الوكالة الوطنية للاعلام” و”إذاعة لبنان” بثهما، على أن يبت مصير المشروع في جلسة الخميس المقبل بعدما استجاب المتعاقدون لتمني وزير الاعلام في هذا الشأن.

قانون الايجارات
أما في ما يتعلق بالتعديلات على قانون الايجارات الجديد التي أنجزتها لجنة الادارة والعدل، فاحتدم النقاش النيابي طويلاً بين مؤيدي التعديلات والمعترضين عليها نظراً الى أهمية الملف الذي يطاول شريحة واسعة من المواطنين أكانوا مستأجرين أم مالكين. وأقرت التعديلات على القانون الجديد مع تعليق موضوع انشاء حساب دعم لذوي الدخل المحدود من المستأجرين أربعة أشهر تعهد الرئيس الحريري ان ينشأ خلالها هذا الحساب في مجلس الوزراء وتؤمن الموارد المالية له. وقد أعيدت صياغة المواد التي سبق للمجلس الدستوري ان أبطلها بما يتماشى مع احكام الدستور ووفقا للقانون الصادر عام 2014 وانشئت لجنة ذات طابع قضائي للنظر في الاحكام المتعلقة بتطبيق الزيادة على بدلات الايجار كما خفض بدل المثل من نسبة 5 في المئة الى 4 في المئة ووسعت مروحة المستفيدين من حساب ذوي الدخل المحدود من المستأجرين ليشمل من لا يتجاوز دخلهم الشهري العائلي ثلاثة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور كلياً. لكن التعديلات لم ترض المستأجرين الذين تظاهرت مجموعات منهم في وسط بيروت رفضاً لهذه التعديلات في حين اعتبرتها نقابة المالكين انجازاً على طريق استعادة التوازن في العلاقة بين المالكين والمستأجرين.

التوافق والاحزاب
وسط هذه الأجواء ظل مأزق قانون الانتخاب الغائب – الحاضر القوي في المشهد السياسي، خصوصاً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلق موقفاً جديداً أمس من هذا الاستحقاق تضمن بعدين لافتين. فهو شدد على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها “وفق قانون يتوافق عليه اللبنانيون” الأمر الذي فسرته أوساط معنية بان رئيس الجمهورية لن يقبل الا بتوافق واسع يواكب رفض العودة الى قانون الستين كما رفض أي تمديد ثالث لمجلس النواب تحت أي ذريعة. كما ان الرئيس عون اتخذ موقفاً لافتاً ومثيراً للجدل بتشجعه “الاقتراع للأحزاب وليس للأفراد لأنهم (الأفراد) قوة ضائعة وغير فاعلة ضمن مجلس النواب”، معتبراً ان النائب “وحده ليس لديه القدرة على التخطيط او فرض تخطيط معين“.
في غضون ذلك، أعلن رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط في تغريدة عبر “تويتر”، ان قانون الانتخاب “يجب أن يؤمن التوازن الدقيق في التمثيل السياسي والمناطقي”. وأضاف: “أملنا كبير بالرؤساء الثلاثة ومعهم القوى السياسية المختلفة، في تفهم مطالب اللقاء الديموقراطي المنسجمة مع الطائف“.
وفي ما اعتبر اشارة انطلاق رسمية لانجاز ترتيبات اجراء الانتخابات النيابية، وجه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس كتاباً الى جميع المحافظين دعاهم فيه الى اعطاء تعليماتهم للكشف على مراكز الاقتراع والتثبت من قدرة استيعابها لاجراء الانتخابات والاسراع في انجاز هذه المهمة في مهلة لا تتجاوز العشرين يوماً. وأولى المشنوق عناية خاصة لتسهيل اقتراع ذوي الحاجات الخاصة.

الخطف
في سياق آخر، لم تقتصر حركة الاعتصامات أمس على الطابع المطلبي بل شهدت جانبا متصلا بظاهرة الخطف التي كان آخر ضحاياها في البقاع المواطن سعد ريشا الذي خطفه مسلحون ملثمون في وضح النهار أول من أمس من أمام متجره عند تقاطع قب الياس – شتورة. ورداً على خطفه واقتياده الى بريتال قطع أقرباء المخطوف السبعيني ومواطنون بقاعيون وزحليون الطرق التي تربط زحلة بجوارها والطريق المؤدي الى ضهر البيدر كما هددوا لاحقاً بيوم اضراب وقطع طرق اليوم ما لم يفرج عنه. وإذ أفادت معلومات ان هوية الخاطفين كشفت لدى الجيش والأجهزة الأمنية، طوق الجيش احياء من بريتال بحثاً عن المخطوف وتردد انه حقق مع والد أحد المشتبه فيهم في عملية الخطف. كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري أوفد المسؤول التنظيمي في حركة “أمل” في البقاع بسام طليس لاجراء الاتصالات والوساطات من اجل اطلاق المخطوف. وبلغت الضغوط الامنية والمساعي المبذولة ذروتها ليلاً حيث تردد انها اقتربت من اطلاق ريشا في أي لحظة.