IMLebanon

المعادلة – المأزق: قانون جديد أو الفراغ

بين كلام تضمن موقفاً حاداً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام مجلس الوزراء لجهة رفضه قانون الستين الانتخابي والتمديد لمجلس النواب الى حدود تفضيله الفراغ المجلسي صراحة، واجتماع رباعي اكتسب دلالات من شأنها اثارة مزيد من التوهج خصوصا أنه انعقد في القصر الجمهوري، تصاعد أمس المناخ السياسي حول ملف قانون الانتخاب موحياً بأن الاسبوعين المقبلين سيشهدان تطورات استثنائية في هذا المسار. وبدا واضحا ان موقف الرئيس عون شكل “رأس جبل الجليد” او أول الغيث في اندفاع الملف الانتخابي الى درجات عالية من السخونة وربما التصعيد، كما وصفه مصدر سياسي بارز معني بالمشاورات الكثيفة الجارية على مختلف المستويات سعيا الى بلورة مخرج للمأزق الذي يحاصر ملف قانون الانتخاب. واذ لاحظ المصدر ان الاجتماع الرباعي الذي عقد بعد الظهر في قصر بعبدا اقتصر على ممثلي “التيار الوطني الحر ” و”تيار المستقبل ” وحركة “امل” و”حزب الله” ولم يضم ممثلين للحزب التقدمي الاشتراكي وحزب “القوات اللبنانية”، كشف ان الاشتراكي بعث برسائله الى المعنيين مع الوزير علي حسن خليل والسيد نادر الحريري بمضمون واضح مفاده رفضه التام للنسبية ووجوب تطبيق الطائف لجهة اعادة رسم التقسيم الاداري واستطراداً انشاء محافظة الشوف عاليه. واعتبر المصدر ان الكلام الذي يصدر عن بعض الجهات ملمحا الى تحرك في الشارع في حين تستمر المشاورات في شأن قانون الانتخاب أثار استغراباً لانه في غير محلّه ويخالف التوافق الذي أحاط انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة.

والواقع ان قلّة من الوزراء كانت على علم بأن اجتماعاً رباعياً سيعقد في قصر بعبدا للبحث في قانون الانتخاب. وما ان انتهت، جلسة مجلس الوزراء حتى عاد وزير المال علي حسن خليل الى قاعة مجلس الوزراء، فيما دخلها مجدداً وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري وممثل “حزب الله” النائب علي فياض.

وفيما أحيط الاجتماع بتكتم كبير وأبعد عن عدسات المصورين، كان شبه اجماع من المشاركين فيه على أنه “اجتماع تشاوري وليس حلفاً أو جبهة “. وقال الوزير حسن خليل: “نحن لسنا حلفاً ولا جبهة بل نتشاور بَعضُنَا مع البعض ونضع الأفكار ولدينا اتصالات مع الأطراف الآخرين بدلاً من استمرار الكلام ثنائياَ.هناك تتمة ولن تكون فقط بالموجودين بل بمشاركة أفرقاء آخرين ومن المبكر البحث في رؤية موحدة او نهائية. وهذا الاجتماع أشار اليه الرئيس عون عندما حكى في الجلسة عن ان قوى تبحث بعضها مع البعض في قانون انتخاب جديد”.

وقال النائب فياض بدوره: “ندرس بكل جدية وإصرار وباجتماعات متلاحقة صيغاً عدّة بهدف تقريب وجهات النظر. وأهمّ ما يميّز هذه الاجتماعات هو جديتها العالية والأهم في الموضوع ايضاً ان هذا الاجتماع ليس اقصاء لأحد وليس لديه أي طابع تحالفي انما مجرد اطار يمهّد للتواصل أيضاً مع الآخرين لمتابعة النقاش معهم”. واشار الى ان الاجتماع المقبل سيعقد غداً الجمعة.

أما نادر الحريري فقال: “هناك تداول لعدد من الصيغ والقاسم المشترك انه لن يكون هناك قانون فيه إقصاء لأحد”.

وتوقعت مصادر مواكبة لهذه المشاورات أن ينضم الى الاجتماع المقبل ممثل للحزب التقدمي الاشتراكي، وان تكون الصيغة الأقرب الى التوافق هي التأهيل على الأكثري والانتخاب على النسبي سواء في الدائرة الواحدة القضاء أو على دورتين في القضاء ثم في المحافظة، على أن تكون طمانة النائب وليد جنبلاط بجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة. لكن كل ما يتم تداوله لا يزال افكاراً تحتاج الى مزيد من البلورة وتوسيع مروحة التشاور حيالها.

وفي المقابل أوضح النائب وائل ابو فاعور “أننا لسنا جزءاً من هذه الحلقة ولم ندع الى أي اجتماع ومع تقديرنا للجهود التي تبذل فان أي قانون انتخاب لا يقر الا بنصاب وطني مكتمل “.

عون ومجلس الوزراء

وكان الرئيس عون لوح في جلسة مجلس الوزراء الى أنه قد يوصل مجلس النواب الى الفراغ اذا تمّ وضعه بين خياري التمديد للمجلس أو الفراغ، جازماً بأن الاولوية هي لوضع قانون انتخاب جديد، “ولا مشكلة في المهل القانونية الملزمة، طالما أن هناك بحثاً بين القوى السياسية عن صيغة قانون جديد “.

والتشدد الذي اظهره رئيس الجمهورية لم يقتصر على قانون الانتخاب، اذ علم انه لدى البحث في قرض من البنك الدولي لوزارة التربية بمئة مليون دولار، تعمّد لفت الوزراء الى ان التفاوض في شأن الاتفاقات الدولية هو من صلاحية رئيس الجمهورية حصراً ولا يمكن تالياً ان يتولى الوزراء هذه المهمة الا بتفويض من رئيس الجمهورية فيما إبرام الاتفاقات هو من مسؤولية رئيسي الجمهورية، والحكومة والمصادقة عليها هي من مسؤولية مجلس النواب.

ورفض الرئيس عون تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات كما رفض أن “يهدده أحد أو أن يتم زركه بين الفراغ والتمديد، لأنه لا يخشى الوصول الى التمديد”، موحياً بانه لن يسير بأي تمديد بامتناعه عن توقيع المرسوم في مثل هذه الحال، بحيث يصبح التمديد باطلاً.

وأوضحت مصادر وزارية لـ”النهار” أن وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب البحث في موضوع الهيئة من أجل طرح الأسماء العشرة المقترحة للتعيين. فردّ الرئيس عون: “أنا حكيت معك أمس (الثلثاء) لكنني لست موافقاً على طرح موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات لأن من واجباتنا وضع قانون انتخاب قبل البحث في هذه الهيئة”. وأضاف: “اذا خيرت ما بين التمديد للمجلس او الفراغ فموقفي واضح في هذا الموضوع وسأختار الفراغ. انا أقسمت على الدستور وأديت اليمين واتفق كل الفرقاء السياسيين على إعداد قانون انتخاب،واذا لم نتوصل بعد ثماني سنوات الى وضع قانون انتخاب جديد فأين فعاليتنا وصدقيتنا ؟”

وسأل وزير الداخلية عن المهل القانونية التي نقترب منها، فكان ردً رئيس الجمهورية بأنه “يمكن معالجتها في وقت لاحق، ولنترك المجال الآن للبحث في قانون انتخاب جديد، طالما ان القوى السياسية تجمع على انها تريد قانوناً جديداً وهناك مشاورات تجري لهذا الهدف”.

وفي الموضوع الامني، ناقش مجلس الوزراء الاجراءات الامنية الواجب اتخاذها لوقف عمليات الخطف ولاستباق أي عمل ارهابي قد تعمد اليه خلايا نائمة. وعلم ان وزراء “حزب الله” وحركة “أمل” اجمعوا على ان لا غطاء على أحد وعلى الاجهزة الامنية القيام بواجباتها بتنفيذ الاجراءات الامنية المقررة سابقاً ولا حاجة الى خطة امنية جديدة بل الى تطبيق الخطة الموضوعة سابقاً. كما تمً تأكيد ضرورة قيام الدولة بواجباتها بطريقة عادلة دون استثناءات وبعيداً من قيام أي محميات امنية.

مبادرة الشفافية

اما القرار البارز الذي اتخذه مجلس الوزراء، فكان في ملف النفط اذ وافق على اعادة اطلاق الدورة الاولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام الى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعة الاستخراجية والتي تشكل معيارا لادارة موارد النفط والغاز والمعادن في البلدان المنضمة الى هذه المبادرة. واعتبر هذا القرار خطوة مهمة في اطار مساعي الحكومة لتحصين الملف النفطي واتباع المعايير العالمية في الشفافية. وجاءت الخطوة وقت اظهر المؤشر الجديد لمدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2016 والذي اعلنته امس الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لافساد بقاء لبنان في مرتبة متقدمة اذ احتل المرتبة الـ136 من اصل 176 دولة يستشري فيها الفساد!