IMLebanon

آلية جديدة لقانون الانتخاب بعد الموازنة

وسط المراوحة التي تحاصر أزمة قانون الانتخاب التي دخلت أمس مرحلة تجاوز المهل القانونية مع كل ما يعنيه ذلك من تشريع للاحتمالات السلبية المفتوحة، بدأ استحقاق اقرار مشروع الموازنة لسنة 2017 يتقدم الاولويات الآنية للحكومة في طريقها الى انهاء مناقشته واقراره في جلستي مجلس الوزراء اليوم وغداً.

وطبقاً للتوقعات التي واكبت مرور موعد 21 شباط، وقع رئيس الوزراء سعد الحريري أمس مرسوم توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة الذي كان أحاله عليه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بما يستتبع حكماً رفعه الى رئاسة الجمهورية وفق الاصول. لكن توقيع الحريري للمرسوم مرّ وسط أجواء هادئة من غير ان يعني ذلك ان المأزق الانتخابي مقبل على اختراقات على رغم الاجتهادات التي حرصت على اظهار الامر بأنه في اطار توافق ضمني بين رئاستي الجمهورية والحكومة.

وقالت مصادر سياسية بارزة مواكبة للمشاورات السياسية الجارية في شأن الازمة المفتوحة لـ”النهار” إن أياً من الافرقاء السياسيين لا يبدو في وارد افتعال اشتباك سياسي اضافي على خلفية مرور مهلة 21 شباط من دون التزامها، خصوصاً أن أي اعتراض على ذلك سيحسب في خانة تأييد المعترضين ضمناً لقانون الستين النافذ، الامر الذي لا ينطبق على الواقع بعدما صار رفض هذا القانون بمثابة عامل اجماع نادر بين القوى السياسية يفترض ان يبنى عليه للتوافق على قانون جديد. ولذا أشارت المصادر الى ان الفترة المقبلة قد تشهد تطوراً بارزاً لجهة تبديل آليات المشاورات الجارية لأنضاج توافق سياسي على قانون جديد يمكن من خلالها استعجال بت الازمة التي لم تعد تحتمل الاستغراق في آليات أثبتت فشلها مثل تجربة اللجنة الرباعية التي استولدت مشاريع عدة متعاقبة ولم تنجح في التوصل في أي منها الى حد أدنى من التوافق. ولم تستبعد المصادر عقب سقوط المهلة الأولى التي ينص عليها القانون النافذ ان تسلك المعالجات طريقا سريعا نحو خيارين تردد انهما يطرحان في الكواليس قبل بلوغ “المهلة الافتراضية” الثانية في 21 آذار وهما اما توجيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الدعوة الى حوار أقطاب في قصر بعبدا، واما الاتفاق مع رئيس الوزراء على تخصيص جلسات متعاقبة لمجلس الوزراء بعد انتهائه من اقرار الموازنة لبت ملف قانون الانتخاب. ورأت المصادر ان الوقت الداهم سيحمل أركان الحكم والحكومة على استعجال انهاء حال المراوحة التي تحكم هذا الملف لأن المضي في الحلقة المفرغة بات يهدد بتداعيات سلبية على مختلف الصعد.

ويشار في هذا السياق الى ان الرئيس عون أكد أمس تكراراً ان مهلة دعوة الهيئات الناخبة لا تنتهي في 21 شباط لان ولاية مجلس النواب تنتهي في 20 حزيران المقبل ما يعني ان هناك فرصة لاقرار قانون انتخاب جديد، وشدد على انه لا يزال متشبثا بالوصول الى نتيجة ايجابية في اسرع وقت قائلاً: “إن المعركة السياسية اليوم هي معركة للتغيير ركنها الاساسي هو قانون الانتخاب وسنبذل قصارى جهدنا لبلوغ الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا وهو تمثيل جميع اللبنانيين في الندوة البرلمانية تمثيلاً عادلاً بحيث لا يعتمد أي قانون يسحق الاقليات بين الطوائف وفي داخلها”. وبرز في هذا السياق أيضاً دخول بكركي على خط المشاورات من خلال لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس وزير الاعلام ملحم الرياشي والنائب ابرهيم كنعان، إذ تركز اللقاء على موضوع قانون الانتخاب. وصرح الرياشي بان “هناك عملاً جدياً على قانون الانتخاب وعلى مجموعة أفكار منطلقها الاساسي القانون المختلط او النسبي مع الاكثري”.

وفي المقابل، أبلغ رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط بعد زيارته أمس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الاليزيه مراسل “النهار” في باريس انه من “الافضل ان نتفق على قانون انتخاب وان تكون الانتخابات في موعدها”. وذكر بأنه قدم الى رئيس مجلس النواب نبيه بري “أفكار تسوية وننتظر عودته من طهران وضمن هذه الافكار مخرج للجميع”.

الموازنة

في غضون ذلك، تتصاعد ملامح الاعتراضات على مشروع الموازنة الذي يعاود مجلس الوزراء جلساته اليوم وغداً في محاولة لانجازه. ورسمت هذه الاعتراضات صورة معقدة أمام مسعى الحكومة ورئيسها لانجازها بسرعة وخصوصاً في ظل تنامي الاعتراضات داخل الحكومة على السلة الضريبية من جهة وعدم الاتفاق بعد على مخرج لفصل سلسلة الرتب والرواتب عن مشروع الموازنة. وبرز ذلك من خلال الاضراب الواسع الذي دعت اليوم هيئة التنسيق النقابية اليه والذي ستتخلله تظاهرة تتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء للمطالبة باقرار السلسلة ورفض الضرائب، في حين تتكثف تحركات الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف أيضاً اعتراضاً على اتساع السلة الضريبية على القطاع المصرفي. وعلم ان اقاء جمعية المصارف ووزير المال علي حسن خليل أمس لم يفض الى نتائج ايجابية وأعاد خليل تذكير المصارف بأن كل الاقتراحات المطروحة اليوم على بساط البحث كانت أقرتها سابقاً في الهيئة العامة لمجلس النواب عام 2014 عندما كان المجلس يدرس قانون سلسلة الرتب والرواتب، كاشفاً أن كل الكتل النيابية الممثلة للقوى السياسية وافقت على هذه الاقتراحات ولم يعد يجدي العودة عنها.

وقال الرئيس الحريري في لقاء جمعه والهيئات الاقتصادية أمس إن النقاش في موضوع فرض رسوم وضرائب جديدة “يسير في شكل ايجابي داخل مجلس الوزراء وهو يأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين مصلحة المواطنين والقطاعات الاقتصادية وتوفير موارد اضافية لتمويل الموازنة”. وأوضح ان اقرار سلسلة الرتب والرواتب “لا بد من ان يربط بجملة اصلاحات ومن دونها لا يمكن اقرار السلسلة”.