IMLebanon

لبنان يواجه القضم الإسرائيلي للنفط

أضافت التهديدات الاسرائيلية الطارئة للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وحدودها البحرية وسط الاستعدادات الاجرائية التي باشرها لبنان لاطلاق دورة التراخيص للتنقيب عن النفط استحقاقاً داهماً الى مجموعة الاستحقاقات الداخلية التي يواجهها الحكم والحكومة. واكتسب هذا الملف خطورة استثنائية مع التوقيت الملتبس الذي أقدمت اسرائيل في ظله على اثارة النزاع حول البلوكات البحرية العائدة الى السيادة اللبنانية بما يوحي بنزوعها الواضح الى عرقلة عمليات التراخيص واستكمال دورة التلزيمات اللبنانية للشركات المرشحة لدخول المناقصات أقله من باب اثارة مخاوف الشركات ومحاولة تعطيل العمليات الاجرائية اللبنانية. وبرز هذا البعد من خلال نقل اسرائيل النزاع فوراً الى الامم المتحدة الامر الذي أثار مواجهة ديبلوماسية بين لبنان والدولة العبرية في المنظمة الدولية.

وأفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان لبنان رفض منازعات اسرائيل وتهديداتها في شأن ملكية أجزاء واسعة من المنطقة الإقتصادية الخالصة البحرية الحدودية، وخصوصاً المربعات ذات الأرقام 8 و9 و10 التي قررت السلطات اللبنانية فتح عروض استثمارية فيها.

وكان رفض لبنان أول من أمس رداً على رسالة وجهتها البعثة الإسرائيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة مؤرخة 2 شباط الماضي الى مكتب الأمين العام للمنظمة الدولية، وكذلك في ظل ما يشاع عن خطط لدى الحكومة الإسرائيلية لإستصدار قانون من الكنيست بضم هذه المناطق اللبنانية الغنية بالنفط والغاز وغيرها من الموارد الطبيعية الى المياه الإقليمية الإسرائيلية. وتساءل ديبلوماسيون ومسؤولون في الأمم المتحدة أنه إذا كانت اسرائيل تعتبر هذه المناطق ملكاً لها، لماذا إذاً تسعى الى ضمها بقانون من الكنيست؟

وتحدثت الرسالة الإسرائيلية عن “هواجس حكومتنا الخطيرة في شأن تقارير حديثة أن الحكومة اللبنانية تفكر في طرح مناقصة لمنح تراخيص في المناطق البحرية التي تعود ملكيتها الى دولة اسرائيل”، مشيرة الى المربعات 1 و2 و3 في خريطة التراخيص الإسرائيلية المؤرخة كانون الأول 2016، والتي يسميها لبنان المربعات 8 و9 و10. وأرفقت الرسالة الإسرائيلية بخرائط لهذه المناطق. وذكرت أيضاً برسالة قدمتها الحكومة الإسرائيلية الى الأمانة العامة للأمم المتحدة في 12 تموز 2011 عن “لائحة الإحداثيات الجغرافية لترسيم الحدود الشمالية للمياه الإقليمية والمنطقة الإقتصادية الخالصة لدولة إسرائيل”. وأكدت أن الحكومة الإسرائيلية “ترفض النشاط الإقتصادي اللبناني غير المتوافق عليه في المناطق البحرية العائدة الى إسرائيل، ولن تسمح بأي نشاط اقتصادي غير مسموح به، بما في ذلك ضمن أمور أخرى، منح حقوق من دولة أخرى لأي طرف ثالث، أو نشاطات تنقيب، أو حفر، أو استغلال موارد طبيعية في مناطق بحرية تؤكد اسرائيل حقوقها السيادية وسلطانها القضائي عليها”، مطالبة الحكومة اللبنانية بـ”الإمتناع عن المضي في أي نشاطات غير متوافق عليها”، وطلبت من “كل الجهات المعنية عدم مد يد العون لعمل محظور وغير مسموح به كهذا”. غير أن الرسالة الإسرائيلية عبرت عن “انفتاح على الحوار والتعاون مع الدول المجاورة المعنية” بهذا الشأن.

ورد الجانب الرد اللبناني برسالة لبعثة لبنان الدائمة في نيويورك مؤكداً أن “الحكومة اللبنانية ترفض المنازعات والتهديدات من الحكومة الإسرائيلية”. وأفادت أن “لوائح الإحداثيات الجغرافية لترسيم المنطقة الإقتصادية الخالصة بين لبنان وفلسطين أرسلتها الجمهورية اللبنانية الى مكتب الأمين العام في 14 تموز 2010 و19 تشرين الأول 2011” وهي تتضمن أن المربعات 8 و9 و10 “موجودة في مناطق يملكها لبنان”، مذكرة بأن لبنان اعترض رسمياً على اتفاق ترسيم الحدود بين قبرص واسرائيل في 17 كانون الأول 2010 وعلى الإحداثيات الجغرافية للحدود الشمالية للمنطقة الإقتصادية الخالصة التي تدعي اسرائيل ملكيتها”. وإذ أكد لبنان كامل حقوقه في هذه المناطق، رد على “تهديدات اسرائيل بتكرار التزامه القانون الدولي وبالتحديد بنود معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار في شأن ترسيم الحدود البحرية”.

بري

وفي بيروت حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اضطلع بدور محوري في الاتصالات مع الجانب الاميركي في شأن الملف النفطي قبل انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من هذا “الامر الخطير” الذي تعمل اسرائيل على تسويقه بغية الاستيلاء على شريط تقدر مساحته بـ863 كيلومتراً مربعاً في البحر من ملكية لبنان المتنازع عليها مع اسرائيل. ولكنه قال إن الجهات الرسمية المعنية في لبنان تقوم بالواجبات المطلوبة منها على كل المستويات “ولا قلق لدينا في هذا الشأن”. واضاف: “تتحمل اسرائيل مسؤولية خطورة أي قضم لحقوق لبنان وملكيته البحرية حتى لو كان بمساحة شبر واحد”. وحذر من انها “اذا سارت في مخططها الاستيلائي في الحكومة والكنيست فهذا يعني ان شرارة حرب تظهر في الأفق ونحن من جهتنا في لبنان لن نسكت ولن نقبل بأي تنازل عن حقوق شعبنا في هذه الثروة”، معتبراً “انها مزارع شبعا البحرية وسنتصدى لأي اعتداء اسرائيلي يهدد ثروات لبنان في البر والبحر”.

الحريري في القاهرة

في غضون ذلك، بدأ رئيس الوزراء سعد الحريري زيارته الرسمية للقاهرة التي تشكل محطته العربية والخارجية الاولى منذ تسلمه مهماته. ومن المقرر ان يلتقي اليوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد محادثات يجريها مع نظيره المصري شريف اسماعيل تتوج بانعقاد اللجنة العليا اللبنانية – المصرية. ويرافق الحريري وفد وزاري كبير.

وتحدث الحريري في مقابلة مسهبة الى صحيفة “الاهرام” عن العلاقات بين لبنان ومصر، مشدداً على “عمقها ومتانتها وضرورة ان ترتقي العلاقات الاقتصادية الى مستوى هذه العلاقات”. وقال إن هناك تواصلا بين المسؤولين الامنيين في البلدين على أعلى المستويات لتنسيق الجهود في مواجهة الخطر الارهابي. واذ شدد على ان “امن الدول العربية مرتبط بعضه بالبعض”، رفض “استعمال لبنان كمنصة لاستهداف أي دولة عربية”. وفي الشأن الداخلي قال الحريري إن “الظروف غير ملائمة لعقد لقاء بينه وبين الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وان ما يجمع بينهما راهناً هو المشاركة ضمن الحكومة والاجماع على رفض الفتنة المذهبية”.