IMLebanon

عون يتقن فن المباغتة

يشهد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون طول الاناة والصبر متى اقتضت الضرورات دون الوصول الى المحظورات، علماً ان البعض من اخصامه السياسيين لم يستسيغوا طبعه الهجومي في مناسبات عديدة كونه يسمي الاشياء باسمائها تصريحاً لا تلميحاً، والدليل على صبره انه الرجل الذي حفر بالابرة جبل الرئاسة الاولى وفق ما قاله الوزير السابق ميشال اده ولعل اكثر ما يقلق السياسيين او بعضهم ان عون يطبق مقولة العلم العسكري «افضل وسائل الدفاع الهجوم» وهو مبدأ سار عليه في مسيرته العسكرية والسياسية فهو ضابط مدفعية من الطراز الرفيع لا تخطئ قذائفه ولو اخطأت الاحداثيات على حدّ قول اوساط واكبت عون في مسيرته الطويلة، فالرجل الذي نفي الى فرنسا 15 عاما عاد بعدها الى الوطن «تسونامي» وفق ما وصفه به رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي يعاني وفق الوقائع من هبوب رياح التغيير بعد انقلاب المعادلات اثر وصول الجنرال الى بعبدا.

يتقن الجنرال الرئيس ادارة الملفات كما المعارك العسكرية ايام حروب العبث، واذا كانت المباغتة عنصرا اساسيا في تحقيق الانتصارات العسكرية، فانها ايضاً عنصر اساسي في كسب المعارك السياسية، فقد فاجأ الجميع بانه يفضل الفراغ على اجراء الانتخابات وفق قانون الستين او التمديد للمجلس في وقت كان فيه وزير الداخلية نهاد المشنوق يعد لدعوة الهيئات الناخبة وتعيين هيئة الاشراف على الانتخابات، الا ان عون رفض ذلك على قاعدة انجاز القانون الانتخابي اولاً وفق الاوساط نفسها حيث المهل حشرت الجميع واذا ما حصلت معجزة تخرج القانون من عنق الزجاجة فان التمديد تقنياً للمجلس لا بد ان يحصل بحيث تجرى الانتخابات في ايلول من العام الجاري بدلاً من 21 ايار.

وتشير الاوساط الى ان عون يعني جيداً الوصول الى الفراغ في المجلس النيابي اذا لم يتم انتاج قانون انتخابي يعتمد النسبية وما يقلق بعض اللاعبين على الحلبة السياسية ان يطبق نفس المعادلة الشغور الرئاسي حيث صمد لعامين ونصف من الفراغ في القصر الجمهوري حتى انتخابه رئيساً في مسألة المجلس النيابي اذا لم يقر القانون الجديد الذي سيكون شبيهاً «للقانون الارثوذكسي» الذي طرحه عون ايام رئاسته لتكتل «الاصلاح والتغيير» ووافقه الرئىس نبيه بري آنذاك و«حزب الله».

وتضيف الاوساط انه عشية ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري استغرب المراقبون ما طرحه وزير الخارجية جبران باسيل بأن هذه الحكومة ليست حكومة العهد الاولى بل حكومة المرحلة الانتقالية وان اولى حكومات العهد العوني تبدأ عملها بعد اجراء الانتخابات النيابية وولادة مجلس نواب جديد يدعوه عون لاجراء المشاورات الملزمة التي تسمي رئىس الحكومة العتيد، ووفق المقربين من «التيار الوطني الحر» ان المتضررين من وصول الجنرال الى الكرسي الاولى يعملون في الخفاء في محاولة لتفريغ العهد من الداخل بعدما فشلوا في منع عون من الوصول الى بعبدا، ومن هذه الزاوية فان ضمانة نجاح العهد تكمن في انتخاب مجلس نيابي جديد وفق قانون يعتمد النسبية ويبرز بوضوح الاحجام والاوزان ويوصل المرشحين المسيحيين باصوات قواعدهم الشعبية لا باصوات بقية الطوائف كما كان يحصل في زمن الوصاية السورية حيث همش الدور المسيحي وبات ممثلو المسيحيين في المجلس النيابي مفروضين عليهم من قبل بقية الطوائف في معظم الدوائر الانتخابية، ولا يخفي المقربون من «التيار البرتقالي» قلقهم من تحالف مصالح بين من اداروا البلد في فترة الوصاية السورية مدعومين بقرار دولي واقليمي من فرض الانتخابات في موعدها وفق قانون الستين مع اضافة بعض «الماكياج» عليه.